خصائص الموازنة العامة للدولة

 The state general budget 

إعداد الباحث

أحمد السيد كردي 

2016م

<!--[endif]-->

 

محاور البحث:

 

  •        أولا: مفهوم الموازنة العامة للدولة وأهميتها.
  •        ثانيا: مبادئ الموازنة العامة.
  •        ثالثا: أنواع الموازنة العامة.
  •        رابعا: المراحل المختلفة للموازنة العامة.
  •        خامسا: موارد الموازنة العامة المصرية.
<!--[if !supportLists]-->

 

تمهـيد        

واجه الاقتصاد المصري تحديات بالغة على الصعيد السياسي والاجتماعي والأمني خلال الأعوام الثلاثة الماضية. وتحقيق الرخاء الاقتصادي يجب أن ينعكس على فرص متزايدة للتشغيل وخفض لمعدلات البطالة وتوزيع أكثر عدالة لثمار النمو. كما أن تحقيق السلام الاجتماعي مدعوم بسياسات اقتصادية رشيدة هو شرط ضروري لبناء الثقة في الاقتصاد المصري مجدداً.

واتساع نطاق دور الدولة وازدياد درجة تدخلها في مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية أدى إلى ظهور ما يسمى المالية الوظيفية, وأصبحت الموازنة أداة من أدوات السياسة المالية تلجأ إليها الدولة لتحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسة. حيث يمكن زيادة النفقات العامة أو الحد منها، ورفع أسعار الضرائب أو تخفيفها وعقد القروض وسدادها تبعًا لأوضاعها العامة.

تعد الموازنة العامة للدولة الاداة الرئيسية في تحقيق انجازات الأداء العام, والوسيلة التي تستخدمها السلطة التشريعية للاستدلال على كفاءة اجهزتها سواء التشريعية أو التنفيذية والرقابية, من خلال النظر الى مدخلات ومخرجات هذه الموازنة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

في المالية الحديثة قد اتسع دور الدولة وازدادت درجات تدخلها في مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية على إقليمها, فلم يعد هناك مجال للحديث عن حياد الميزانية بل أصبحت الميزانية أداة من أدوات السياسة المالية تلجا إليها الدولة لتحقيق أهداف السياسة الاقتصادية التي تأخذ بها المعنى الواسع في الرأسماليات المتقدمة وفي ظل الوظيفة المالية, والأسباب والمبررات التي تكمن وراء ظاهرة الازدياد المستمر في النفقات العامة وهو الواقع الذي أصبح يقابله ويوازيه في اتجاه مسار تدخل الدولة المستمر في مختلف الأمور العامة والخاصة, وهكذا فلم يعد المهم الحفاظ على توازن جانبي الإيرادات والمصروفات في الميزانية السنوية بل أصبح ما يستأثر بالاهتمام هو التوازن العام الاقتصادي والاجتماعي للاقتصاد القومي ككل وليس التوازن المالي والحسابي للميزانية ومن ناحية أخرى فان التوازن السنوي لم يعد أمر تلتزم الدولة بتنفيذه.

وضيق تدخل الدولة واتساعه يتعلق بأنواع النشاط الاقتصادي الذي تقوم به فتغير هذا النطاق بين الضيق والاتساع يعني بالضرورة تغير حجم ميزانية الدولة بين الصغر والكبر, إذ أن هذا الأخير لا يتوقف فقط على مدى الدور الاقتصادي للدولة, فإن كبر حجم الاقتصاد القومي مع تطوره يؤدي إلى كبر حجم ميزانية الدولة إذ يزداد إنفاقها, وبالتالي إيرادها حتى مع بقاء عدد النشطات الاقتصادية التي تقوم بها على حاله.

 

أولا: مفهوم الموازنة العامة للدولة وأهميتها.

كان المصطلح المستخدم للموازنة العامة لدى الأجهزة التنفيذية إلى وقت قريب يطلق عليه (الميزانية العامة) ولكن تم استبدال هذه التسمية باسم (الموازنة العامة) لأنها تعتبر أكثر دلالة في هذا الشأن، على وجود حالة من التوازن بين الموارد والاستخدامات، اللتين تتكون منهما الموازنة العامة، ومن ناحية أخرى فقد قصد منها الفصل بين مفهوم الموازنة وبين الميزانية التي تعدها المشروعات التجارية، وقد عرف بعض الباحثين، الموازنة العامة بأنها تعبير رقمي عن مصروفات وايرادات الدولة عن السنة المقبلة.

وهناك من يعرفها بأنها: برنامج عمل متفق عليه، مبين فيه تقدير لإنفاق الدولة ومواردها خلال فترة مقبلة وتلتزم به الدولة وتكون مسئولة عن تنفيذه.

وتعبر الموازنة العامة عن الخطة المالية للدولة في فترة زمنية مستقبلية عادة ما تكون سنة، وتتضح سياسة الدولة المالية من خلال تحكمها في إيراداتها ونفقاتها العامة، وتتوقف درجة التحكم هذه على درجة سيادتها على مواردها المالية المختلفة.

والموازنة هي عملية سنوية تتركز على التخطيط والتنسيق ورقابة استعمال الاموال لتحقيق الأغراض المطلوبة بكفاءة فهي أساسا عملية اتخاذ القرار بطريقة يمكن أن يقوم بها الموظفون الرسميون على مختلف المستويات الادارية, بالتخطيط والتنفيذ لعمليات البرامج بطريقة مخططة, للحصول على أفضل النتائج من خلال التوزيع والاستخدام الاكثر فعالية للمواد المتاحة.

ويعرف قانون الموازنة العامة المصري رقم 53 لسنة 1973 الموازنة العامة على النحو التالي (الموازنة العامة للدولة هي البرنامج المالي للخطة عن سنة مالية مقبلة, لتحقيق أهداف محددة, وذلك في إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية, وطبقا للسياسة العامة للدولة).

وعرفها القانون الأمريكي (بأنها صك تقدر فيه نفقات السنة المالية ووارداتها بموجب القوانين المعمول بها عند التقديم ,واقتراحات الجباية المبسوطة فيها).

وعرفها قانون المحاسبة العمومية في لبنان (بأنها صك تشريعي تقدر فيه نفقات الدولة ووارداتها عن السنة المقبلة وتجاز بموجبه الجباية والإنفاق).

ومن كل هذه التعاريف نستخلص أن الميزانية هي عبارة عن توقع وإجازة لنفقات الدولة العامة في فترة زمنية مقبلة سنة في المعتاد وتعبر عن أهدافها الاقتصادية والاجتماعية.

والنظر للموازنة العامة على أنها مجرد صورة رقمية، يجافى الحقيقة، حيث أن تقديرات النفقات العامة تعبر عن سياسات الدولة المختلفة التي تنوى أن تنفذها خلال السنة المالية سواء أكانت سياسة العمال الحكومية أم السياسة التعليمية أم الصحية أم الزراعية أم الصناعية, وهكذا لباقي أنواع سياسات الدولة، التي يتطلب تنفيذها اعتمادات للإنفاق عليها كما أن تقديرات الايرادات العامة، تعبر عن سياسة الدولة الضريبية وسائر الموارد التي ينتظر أن تتحقق خلال السنة المالية التي تظهر بالموازنة العامة كالرسوم وأثمان الخدمات التي تبيعها الدولة للغير والقطاع العام (الأعمال). باعتبار أن فائض وحداته يؤول للدولة ويظهر ضمن إيراداتها العامة كما أن تنفيذ الموازنة العامة للدولة، يمس جميع مواطني الدولة، لأن كل مواطن يعود عليه من الخدمات العامة للدولة، أو يدفع ضرائب تظهر في موازنة الدولة أو يكون الاثنين.

كما أن مناقشة مشروع الموازنة العامة سنويا يعتبر من أهم وظائف السلطة التشريعية، وقد يؤدى الاقتراع على الموازنة العامة الى طرح الثقة بالحكومة وسحب هذه الثقة أحيانا، إذا لم تحظ سياسات الحكومة المبينة بالموازنة العامة بموافقة السلطة التشريعية.

ويعتقد أن الموازنة العامة قانون، لأنها تمر بكافة اجراءات إصدار القوانين كما تعطى دساتير الدول أهمية كبيرة للموازنة، والموازنة لها جوانب عديدة مالية وقانونية وسياسية وإدارية وتمويليه واجتماعية ورقابية، وتقيم العدالة الاجتماعية بأدواتها المالية وتأدية الخدمات العامة المقررة بالخطة، وهناك من الباحثين من يطالب بتطوير الموازنة الرقمية الى موازنة برامج وأهداف.

 ويختلف تعريف الموازنة العامة للدولة حسب الوظيفة التي تمارسها أو الإطار القانوني الذي يحكم الآثار والعلاقات التي تحدثها، فهناك تعريفات ركزت على الوظيفة المحاسبية لها وأخرى اهتمت بالوظيفة المالية، كذلك منها ما ركز على الإطار القانوني الذي يحكمها، وتم ملاحظة أن تطورا واضحًا قد حدث في تعريف الموازنة العامة للدولة بناء على تطور الوظيفة والدور الذي تلعبه في النظام المالي والاقتصادي.

لذلك تتمتع الموازنة العامة بأهمية كبيرة من خلال تحقيقها لأهداف الدولة المختلفة تبعًا لحاجات المجتمع المتغيرة عبر الزمن، فمنها أهداف اجتماعية حيث تتضمن الموازنة العامة سياسات لإقامة مشاريع تنموية، ورفع مستوى الخدمات الصحية والإسكانية، وتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار، وزيادة تمويل الطبقة الغنية لخزينة الدولة العامة، وكذلك فهي تعمل على تحقيق أهداف علمية لتشجيع البحث العلمي، وتحسين عملية التخطيط، إضافة إلى أنها مصدر للمعلومات، أما على الجانب الاقتصادي فتحقق الموازنة العامة أهدافًا اقتصادية متعددة، كتوزيع موارد الدولة حسب أولوياتها، واستخدامها كأداة للرقابة على المال العام، وتوجيه الاقتصاد الوطني والاستثمارات حسب السياسات العامة للدولة، لتخفيض عجز الموازنة العامة ونسبة الدين العام وتوازن الميزان الجاري لميزان المدفوعات.

وفي ظل التطور الحادث في النظام المالي والاقتصادي في العصر الحديث أصبح مفهوم التوازن هو التوازن الاقتصادي الموضوعي دون الاهتمام بتوازن النفقات العامة مع الإيرادات العامة كما هو في الفكر التقليدي، حيث بدأ الأخذ بفكرة تدخل الدولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وقبول وجود عجز في الموازنة، والاتجاه نحو الاقتراض كأحد مصادر التمويل في الموازنة، ويأتي ذلك دفاعًا عن عدم التوازن في الموازنة وتقليلا من مخاطر الاقتراض والإصدار النقدي، فإنه يمكن القول أن ذلك لا يعتبر دعوة للتخلي عن قاعدة توازن الموازنة ولكن يتطلب العمل بهذه القاعدة وفق المفهوم الحديث لفكرة التوازن، لأن أي توازن كمي بين النفقات والإيرادات في الموازنة العامة لن يؤدي إلى أي نفع يذكر ما لم يكن هناك توازن اقتصادي واجتماعي يلبي متطلبات العامة.

 

ثانيا: مبادئ الموازنة العامة.

1- ضرورة اعتماد الموازنة من السلطة التشريعية:

تمر الموازنة العامة بمراحل عديدة عند إعدادها، ابتداء بتقدير الموازنة من القواعد المختلفة الحكومي لتصب في الوزارات المختصة، فوزارة المالية، فمجلس الوزراء، ثم تعرض على السلطة التشريعية (مجلس الشورى ومجلس الشعب). وبموافقة مجلس الشعب، وصدور ونشر القانون الخاص بربط الموازنة ) يتم تنفيذ الموازنة، على مستوى الدولة وفروعها.

وهناك استثناء بين الحصول على موافقة السلطة التشريعية، في الظروف الاستثنائية (الحروب- الكوارث- الخطأ المادي في إعدادها) وفى هذه الحالات، التي قد تظهر أثناء تنفيذ الموازنة، فإن القانون يبيح للحكومة الصرف من الاعتمادات الإضافية على أن تحصل الحكومة على موافقة السلطة التشريعية، لتصحيح الاعتمادات أو إضافة اعتمادات جديدة بالرغم من الموافقة النهائية على الموازنة.

2- سنوية الموازنة:

تقضى هذه القاعدة أن تعد الحكومة الموازنة سنويا، وذلك لتقديمها للسلطة التشريعية، قبل بداية السنة المالية، لإصدار القانون اللازم بهذه الموازنة، وله هدفان، أولهما ضمان دقة التقديرات لقلة المدة (سنة)، بعكس المدد الطويلة، حيث تتغير القواعد التي بنيت عليها وثانيهما، سرعة اكتشاف الانحرافات والسلبيات من جانب رقابة السلطة التشريعية.

3- وحدة وشمول الموازنة:

تعنى أعداد وإصدار الموازنة في قانون واحد وفى مجلد واحد، أما بعد شمول الموازنة، فهو القاعدة التي تحتم على الحكومة تسجيل كافة الإيرادات والمصروفات في هذا المجلد وعدم إجراء مقاصة بين أي مصروف وايراد.

وهذا المبدأ يتيح أيضا لأعضاء السلطة التشريعية، معرفة حجم الموازنة بسهولة، كما أن إصدار الموازنة في قانون واحد يوفر جهدا ومشقة، قد يتعرض لها أعضاء السلطة التشريعية، إذا ما قدمت الموازنة في عدة مجلدات وعلى عدة مراحل.

إلا أن هناك مجموعة من الاعتبارات القوية التي تحتم الاستثناء من هذه القاعدة لتحقيق مزايا جوهرية معينة كما هو الحال في جمهورية مصر العربية، إذ توجد عدة موازنات أخرى ملحقة أو مستقلة، ويتحدد نوع كل موازنة حسب طبيعة الغرض الذي تم من أجله فصل هذه الموازنات عن الموازنة العامة، ولكن لابد من إيجاد موارد خاصة وغير عادية لتمويل النفقات الواردة في غير الموازنة العامة الرئيسية حيث إن الإيرادات المقدرة والمتوقعة في الموازنة العامة تكون في حالة توازن مع النفقات الواردة بها، كما لجأت بعض الدول للخروج عن هذه القاعدة إلى إنشاء مؤسسات عامة ذات استقلال مالي وإداري ولها موازنات خاصة بها، وموازنات ملحقة وحسابات سلف وأمانات ونقدية مستقلة لا تدخل ضمن حسابات الموازنة العامة.     

 

ثالثا: أنواع الموازنة العامة.

إن التطور الذي حدث في مفهوم الموازنة العامة على مر العصور والتطور في وظيفتها والهدف منها، تسبب في ظهور أنواع عدة للموازنات العامة، وهي على النحو التالي:

1. الموازنة التقليدية:

تعتمد الموازنة التقليدية (موازنة البنود) "على الموارد المالية البشرية المتاحة في اعتماد المصروفات دون التمحيص في الهدف من تلك المصروفات، هذا بالإضافة إلى أنها تعتمد في تقدير مصروفات السنة القادمة على الإنفاق الفعلي لثلاث سنوات سابقة والجزء المنتهي من السنة التي يجري في خلالها التقدير، وهذا الأسلوب في التقدير لا يمثل الاحتياجات الفعلية والأولويات التي تسعى إليها الحكومة تمثيلا صحيحًا".

2. موازنة الأداء والبرامج:

يعتبر هذا الأسلوب اتجاهًا متطورًا في إعداد الموازنات، وعرف بالاتجاه الإداري مما أدى إلى أن يطلق عليها "موازنة الإدارة"، وأول ما ظهر هذا الأسلوب في قطاع الأعمال، حيث تركز موازنة البرامج والأداء على قيمة الأعمال والأنشطة المنجزة للتعرف على كفاءة المستويات الإدارية التنفيذية، ويعرف هذا النوع من الموازنات بأنه مجموعة الأهداف التي يجب على أجهزة الحكومة ووحداتها المختلفة تحقيقها خلال فترة زمنية مقبلة بعد تفصيلها تبعا للبرامج والأنشطة والجهود اللازمة لذلك، على أن يتم تحديد التكلفة المقدرة لتنفيذ كل برنامج أو نشاط، ووضع المعايير التي يتم قياس الإنجاز والكفاءة على أساسها، وتعتمد موازنة الأداء والبرامج على المخرجات المراد الوصول إليها، والأهداف المطلوب تحقيقها وأثرها على المجتمع، وتساعد في توفير البيانات التي تحدد طبيعة وماهية المخرجات وتكلفتها المالية مع ربطها بالمنفعة التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها، وبذلك تكون قرارات توزيع الموارد مدعمة بالبيانات اللازمة.

3. موازنة التخطيط والبرمجة:

وهي من أحدث صور الموازنة العامة للدولة، وأول ما اسُتخدمت في أمريكيا عام 1968م، ثم انتقلت إلى فرنسا وبريطانيا وباقي الدول الأوروبية، وتجمع بين التخطيط والبرمجة، بحيث تساعد عملية التخطيط على التنبؤ بالأهداف والطرق البديلة لتقييمها، وتساعد البرمجة في الاختيار بين الوسائل، لذلك تعتبر موازنة التخطيط والبرمجة ترجمة علمية للاختيار بين البدائل في شكل برنامج إنفاق قابل للتنفيذ، واستخدم هذا النوع من الموازنات لربط البرامج الحكومية بالخطة العامة للدولة، لاسيما وأن موازنة البرمجة والتخطيط تهدف إلى الربط بين الاعتمادات وبين تحقيق الأهداف المخططة كما تستخدم للمفاضلة بين البرامج البديلة والمتنافسة لتحقيق أهداف معينة، وهكذا تعطي لوظيفة التخطيط الأولوية على كل من وظيفة الرقابة على الصرف أو إدارة النشاط الحكومي من خلال البرامج، وبذلك فهي تجمع بين الأبعاد الثلاثة للموازنة (تخطيط، تنفيذ، رقابة).

وهناك سببان جوهريان يحددان الفلسفة الرئيسية التي تنبني عليها فكرة موازنة التخطيط والبرمجة، أما الأول فهو ندرة الموارد المتاحة أمام الحكومة في مواجهة الطلب عليها لإشباع الحاجات المختلفة، وأما الثاني فهو ضرورة أن تعمل الحكومة على الاختيار الرشيد بين البدائل تحقيقًا للمصلحة العامة.

4. الموازنة الصفرية:

يقتضي هذا النوع من الموازنات تحليل أهداف الأنشطة المنوي القيام بها وتقييمها، في سنة الموازنة، وبيان أولويات تنفيذها، وتعمل الموازنة الصفرية على مبدأ مشاركة كافة الإدارات الحكومية المختلفة لتحليل أنشطتها ووصفها، وتحمل مسئولياتها وتحديد الأولويات تحقيقًا لأداء أفضل، فالموازنة الصفرية تركز على المبادرة والإبداع في رسم السياسات العامة في تحديد تكاليف كل نشاط وتقدير الإيرادات المتوقعة منه، لإتاحة فرصة الاختيار الأفضل من بين البدائل المقترحة، كما تتميز الموازنة الصفرية بانعدام الروتين وعدم تكرار أنشطة سابقة.

5- الموازنة التعاقدية:

يمكن اعتبار الموازنة التعاقدية هي الموجه الاخيرة من موجهات اصلاح وتطوير الموازنة العامة للدولة ولقد كانت اول محاولة لتطبيق الموازنة التعاقدية في وزارة المالية النيوزلندية في عام 1996م. أما مفهوم الموازنة التعاقدية فهو أن تكون العلاقة بين الاجهزة التنفيذية والحكومية علاقة تعاقدية يتم بمقتضاها تنفيذ مهام محددة قابلة للقياس الكمي مقابل مبالغ محددة تدفعها الحكومة قبل واثناء وبعد تنفيذها على ما اتفق عليه اي انها نظام لعقد صفقات بين جهة منفذة والحكومة. وبموجب هذا المفهوم تقوم الحكومة بطرح مشاريعها وبرامجها المستقبلية لغرض الفوز بمتعاقدين ينفذون تلك المشاريع والبرامج باقل كلفة ممكنة وفي الوقت المناسب بشرط أن تحقق تلك البرامج والمشاريع الاهداف المخطط لها.

ويرى البعض أن عملية إعداد الموازنة ترتكز على ثلاثة عناصر رئيسية تبدأ بالتخطيط ثم الإدارة لتنتهي بالرقابة، والتي تعتبر في ما بينها منظومة متكاملة لمتابعة وتقييم الأداء، وان التوازن بين هذه العناصر من الأهداف الأساسية لنجاح الموازنة في القيام بدورها المطلوب، وبناء على هذه التصنيفات الثلاثة جاء تطور أساليب إعداد الموازنة واختلاف أنواعها بحيث يركز كل نوع على أحد هذه العناصر مع عدم إهمال العنصرين الآخرين وعليه ظهرت ثلاثة أنواع رئيسية للموازنة العامة وهي: موازنة الرقابة، موازنة البرامج والأداء، وموازنة التخطيط والبرمجة.

 

رابعا: المراحل المختلفة للموازنة العامة (دورة الموازنة العامة):

الموازنة العامة عملية سنوية متكاملة المراحل، تبدأ بمرحلة الإعداد والتحضير مرورا بمرحلتي الاعتماد والتنفيذ وانتهاء بمرحلة المراجعة والرقابة، بحيث تتكامل الموازنة العامة مع عملياتها السنوية الأخرى في إطار حركة النشاط الاقتصادي العام، وتتميز كل مرحلة من هذه المراحل بإجراءات وتدابير خاصة بكل مرحلة وتقوم بذلك جهات متخصصة تعمل وفق إطار قانوني معين.

1. مرحلة الإعداد والتحضير:

إن معظم الدول في الوقت الحاضر تحصر مسؤولية إعداد الموازنة العامة بالسلطة التنفيذية، وأن تكتفي السلطة التشريعية بالمناقشة والمراقبة في أكثر الأحيان، وهكذا أصبحت الصلاحيات بصدد الموازنة موزعة بصورة واضحة، فالحكومة تعد الموازنة، والبرلمان يقرها، والحكومة تنفذ الموازنة، والبرلمان يراقب ما إذا كان التنفيذ متفقًا مع الإجازة التي أعطاها، وفي هذا الصدد فإن في المملكة المتحدة يتمتع وزير الخزانة (المالية) بصلاحيات واسعة في إعداد الموازنة، فوحده المختص بتقدير الإيرادات في سرية تامة، كما له حق قبول أو رفض أو تعديل تقديرات النفقات التي يتقدم بها الوزراء باستثناء نفقات الدفاع حيث يعرض الخلاف الناجم عنها إلى مجلس الوزراء، وبذلك فإن وزير المالية يحضر الموازنة ويقوم بعرضها على مجلس العموم باسم السلطة التنفيذية ومنها يستمد سلطته.

وتمر عملية إعداد الموازنة بعدة خطوات تبدأ بإصدار تعليمات وزارة المالية لكافة الوزارات للعمل على تحضير موازناتها وفق الأسس الواردة في ذلك الإصدار، تليها عملية تجميع الموازنات لمختلف الوزارات، ليتم تحليلها في وزارة المالية، وتقديمها بشكلها النهائي لمجلس الوزراء تمهيدًا لعرضها على البرلمان لإقرارها.

2. مرحلة اعتماد الموازنة (المصادقة عليها):

تكون هذه المرحلة في كافة دول العالم الحديث من اختصاص السلطة التشريعية التي تمارس بدورها الرقابة على السلطة التنفيذية (الحكومة)، وتكون أولى خطوات الاعتماد بعد تقديم الموازنة بشكلها النهائي من قبل وزير المالية حيث يقوم بإلقاء مشروع الموازنة العامة على السلطة التشريعية (البرلمان أو مجلس الشعب) موضحًا أهداف السياسة الاقتصادية والمالية للدولة ومدى ملائمة الموازنة لذلك.

وليس بالضرورة إذا ما عرضت الموازنة العامة على السلطة التشريعية أن يتم اعتمادها فيمكن أن يتحقق ذلك ويتم إصدار قانون الموازنة، ويمكن أن يتم رفضها، أو إدخال بعض التعديلات عليها، وهنا لا بد من موافقة السلطة التنفيذية وهي الجهة المسئولة عن إعداد وتحضير الموازنة، يأتي ذلك من منطلق أن السلطة التشريعية تمثل الشعب وبالتالي تتركز أهدافهم على إرضاء ناخبيهم بزيادة الإنفاق، ولكن في المقابل فإن الحكومة عند إعدادها للموازنة راعت الوضع المالي والاقتصادي للدولة وعليه جاءت موافقة السلطة التنفيذية على التعديلات شرطًا لقبولها لأنها الأكثر دراية بإمكانيات الدولة والتزاماتها.

3. مرحلة تنفيذ الموازنة:

جاء في تعريف الموازنة في الفكر الحديث آنفًا أن الموازنة تنطوي على تقديرات مفصلة لكل من النفقات العامة والإيرادات العامة لسنة قادمة، كما أننا بينا أن السلطة التنفيذية هي الجهة المختصة بتنفيذ بنود الموازنة سواء جانب الإنفاق العام أو تحصيل الإيرادات العامة، وفي هذه المرحلة تلتزم الحكومة بما تم اعتماده في الموازنة العامة، فلا يجوز تجاوز البنود المعتمدة في جانبي الموازنة إلا بعد الرجوع للسلطة التشريعية لاعتماد التجاوز قبل تنفيذه.

4. مرحلة المراجعة والرقابة والحساب الختامي:

إن عملية المراجعة والرقابة غاية في الأهمية لأنها تضمن سير السلطة التنفيذية وفق ما تم اعتماده في قانون الموازنة العامة للدولة، ويختلف المتخصصون في المالية العامة في بداية هذه المرحلة، فمنهم من يرى أنها تتزامن مع مرحلة التنفيذ، بهدف إلزام السلطة التنفيذية بالتطبيق الصادق لبنود الموازنة العامة وحفظ المال العام من أي تلاعب وضمان تحقيق الأهداف المختلفة للموازنة.

ويرى آخرون أن الرقابة المالية على الموازنة تواكب جميع مراحلها من مرحلة الإعداد ثم التنفيذ للتأكد من التزام الحكومة بالخطة، المالية للدولة سواء في تنفيذ النفقات أو الإيرادات العامة وفق ما جاء في قانون الموازنة العامة وهنا لابد من التمييز بين الموازنة والحساب الختامي، فالموازنة هي بيان تقديري، وعند اعتمادها من السلطة التشريعية يصدر قانون بربطها، ويسمى ذلك بقانون ربط الموازنة، وتبقى إمكانية زيادة ربط بعض بنود الموازنة واردة إذا ما اقتضت الظروف ذلك، وفي حالة تخصيص اعتماد إضافي لبعض البنود يظهر ما يسمى بالربط المعدل للموازنة، وأما الحساب الختامي فيعبر عن نتائج التنفيذ الفعلي للموازنة.

وبالنسبة للحساب الختامي، فتقوم الدوائر والهيئات العامة في الدولة بعد انتهاء السنة المالية بإعداد حساباتها الختامية التي تبين فيها الأرصدة الفعلية لكلٍ من الإيرادات العامة والنفقات العامة مبينًا فيها مدى الانحراف عما جاء في الموازنة العامة قبل بدء السنة المالية، ويمر الحساب الختامي بدورة مشابهة لدورة الموازنة بداية بالإعداد وصولا للاعتماد من السلطة التشريعية (البرلمان).

 

خامسا: موارد الموازنة العامة المصرية.

(1) الموارد الذاتية المتاحة.

الموارد الذاتية هي المصدر الرئيسي لتمويل الإنفاق العام الجاري والرأسمالي وعلى أساسها تتحدد الموارد المفترضة في صورة القروض وأذون وسندات الخزانــة وبالتالي فهي تحدد حجم الدين الداخلي والخارجي وما له من تأثير على مــعدلات التضخم والإنتاج والنمو وغيرها  وتتحدد حجم الموارد الذاتية على أساس الطاقة الإيرادية للمجتــمع وحركة النشاط الاقتصادي.

وتتمثل الموارد الذاتية للدولة في:

1- فوائـض الجهاز الإداري للدولة:

وهى تمثل حوالي 45% من الموارد الذاتية المتاحة للدولة وتتــمثل في الفوائض الذي تحققها الوحدات الإدارية الحكومية والمصالح التابعـــة للـــجهاز الإداري للدولة وأهمها الضرائب والجمارك والرسوم والإتاوات في صورة موارد سياديــة تفرضها الدولة بصفتها السيادية ومنهــا:

أ) الضـرائـب:

تمثل حوالي 40% تقريبا من الإيرادات السيادية للدولة وتتحدد على أساس الطاقــة الضريبية للمجتمع وبمراعاة العدالة الضريبية وتتمثل في الضرائب العامة على الدخول والأرباح والأشخاص الطبيعية والاعتبارية من شركات الأشخاص والأموال والذي تفرض عليهم بصورة مباشرة بإضافة إلى ضريبة الدمغة وتتوقف هذه الحصيلة على الطاقة الضريبية للمجتمع وقانون الضرائب المؤثر على الوعاء الضريبي وعلى توسيع المجتمع الضريبي ونظم العمل في الجهاز الضريبي وكفاءة التحصيل

ب) الجمـــارك:

تمثل حوالي 20% من الإيرادات السيادية للدولة وتتوقف زيادة الحصيلة على قانون الجمارك المعمول به وآثره على تشجيع الصادرات والواردات ونظم الإعفاء ومدى السيطرة على التهرب الجمركي ونظم التحصيل الجمركي.

ج) الضرائب على المبيعات:

تمثل حوالي 30% من الإيرادات السيادية للدولة وهي الضرائب الغير مباشرة الذي تفرض على السلع والخدمات والذي يتحمل عبئها النهائي مستهلك السلع أو الخدمات الخاضعة لها. وتتوقف حصيلتها على حالة الاقتصاد السوقي والتجاري من ناحية ومن ناحية أخرى على كفاءة الجهاز الضريبي ونظم العمل به والثقافة الضريبية في المجتمع

د) موارد سيادية أخرى:

تمثل حوالي 10% من الإيرادات السيادية للدولة وتتمثل فى الإتاوات والرسوم التي تفرضها الدولة مثل رسم تنمية الموارد وإتاوات قناة السويس والبترول ومعظمها تنفق على تنمية الخدمات للمواطنين وتحسينها.

2- فوائض وأرباح الهيئات الاقتصادية والشركات والبنوك:

وتمثل حوالي 15% من الموارد الذاتية المتاحة للدولة وهى الفوائض والأرباح الذي تؤول للخزانة العامة للدولة باعتبارها صاحبة حق الملكية في العديد من الهيئات الاقتصادية والشركات العامة والبنوك, وأهمها:

- فوائض هيئة قناة السويس وهيئة البترول وتمثل حوالي 50% من هذه الفوائض.

- فائض البنك المركزي والبنوك العامة وتمثل حوالي 25% من هذه الفوائض. وهى عبارة عن فوائد القروض الممنوحة من الدولة لبعض الجهات والقروض المعاد إقراضها عن طريق الخزانة العامة للدولة وأرباح الشركات والمؤسسات العامة المملوكة للدولة.

  3- الموارد الذاتية الأخـرى:

- وتمثل حوالى 7% من الموارد الذاتية المتاحة للدولة في صورة مخصصات واحتياطيات تكونها بعض الجهات وذلك لاستعاضة واستبدال ما تم اهلاكه من الآلات والمعدات والأثاث بالإضافة إلى القيمة التخريدية لهذه الآلات والمعدات.

- وأيضا حصيلة الخصخصة الناتجة عن بيع الأصول العاطلة المملوكة للدولة حيث يدخل من قيمتها حوالى 50% كمورد ذاتي للخزانة العامة للدولة.

- بالإضافة الى أي معونات ومنح خارجية أو داخلية من جهات ومنظمات ودول أجنبية

4- الأقساط المحصلة:

تمثل حوالى 3 % من الموارد الذاتية المتاحة للدولة وتتمثل في أقساط القروض السابق منحها من الدولة لبعض الجهات الداخلية والخارجية أو المعاد إقراضها عن طريق الخزانة العامة.

5- حصيلة الأوعية الادخاريـة:

تمثل حوالى 7% من الموارد الذاتية المتاحة للدولة وتتمثل في نتائج الأوعية الادخارية المملوكة للدولة من صناديق التأمينات الحكومية وصناديق توفير البريد وشهادات الاستثمار وغيرها.

(2) الموارد المقترضة المتاحة: 

وتمثل حوالى 25 % تقريبا من الموارد المتاحة للدولة والمستقدمة في سد عجز الموازنة لعامة للدولة, وتتمثل في:

  1- أذون وسندات الخزانة العامة:

تمثل حوالى 10% من الموارد المقترضة المتاحة للدولة وهى عبارة عن أذون خزانة وسندات خزانة تصدرها الخزانة العامة للدولة بسعر فائدة وشروط معينة وتستخدم لسد العجز الجارية نظرا لطبيعتها الزمنية.

  2- القروض والتسهيلات الائتمانية المحلية والخارجية:

وتمثل حوالى 15% من الموارد المقترضة وتتمثل معظمها في القروض من بنك الاستثمار القومي وبإضافة الى القروض والتسهيلات الائتمانية المحلية من بعض البنوك الأخرى. وإلى القروض والتسهيلات الائتمانية الخارجية.

ahmedkordy

(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ)

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 3175 مشاهدة
نشرت فى 25 يونيو 2016 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,261,166

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters

هل تعرف أن بإمكانك التوفير بشكل كبير عند التسوق الالكتروني عند إستعمال اكواد الخصم؟ موقع كوبون يقدم لك الكثير من كوبونات الخصم لأهم مواقع التسوق المحلية والعالمية على سبيل المثال: كود خصم نمشي دوت كوم، كود سوق كوم وغيرها الكثير.

..
تابعونا على حساب

أحمد الكردى

 موسوعة الإسلام و التنميه

على الفيس بوك

ومدونة
أحمد السيد كردى
على بلوجر