أهمية التدريب النقابي للمرأة العاملة ودوره في تطبيق التشريعات العمالية
د. حـيــدر رشـيــد
يلعب التدريب النقابي دورا هاما في دفع مسيرة المنظمات النقابية لأنه يؤدي إلى تحقيق هدفين هامين أولهما توسيع قاعدة المنظمات النقابية وإقناع أعداد جديدة من العاملين والعاملات بالانضواء في عضوية النقابات العمالية وثانيهما زيادة الوعي النقابي لدى العمال النقابيين وتهيئتهم لاحتلال مواقع قيادية جديدة ولتقوية مواقعهم السابقة وتمكينهم من القيام بواجباتهم النقابية على أكمل وجه.
بشكل عام فإن التدريب النقابي يعتبر هاما لكلا العاملين والعاملات ولكنه من الناحية العملية يعتبر أكثر أهمية للعنصر النسائي كون هذا العنصر يعاني من ظروف صعبة سواء كان ذلك بالنسبة للظروف الاجتماعية والأسرية التي تعيشها العاملات أو بالنسبة لظروف العمل نفسه أو تبعا للقوانين والتشريعات التي تعمل العاملات في ظلها والتي هي بشكل عام أكثر تقييدا لحرية العاملات خاصة أن المرأة العاملة يمكن أن تكون في نفس الوقت في فترة الحمل أو عليها مسئوليات عائلية لا يتحملها الرجال بشكل عام وبالإضافة إلى ذلك وهذا ما يزيد من صعوبة عملها ويحملها مسئوليات اكبر وأثقل يمكن أن تكون معيلة لأسرتها سواء كانت هذه الأسرة تتشكل من أبنائها أو حتى من أخوتها ووالديها.
المرأة العاملة والمرأة النقابية:-
هنالك بطبيعة الحال كما هو معروف للجميع فرق كبير بين المرأة العاملة والمرأة النقابية ومثل هذا الفرق موجود أيضا بين المرأة النقابية والمرأة النقابية القيادية التي وصلت إلى مواقع متقدمة في النقابات العمالية الأمر الذي يحملها مسئوليات مضاعفة خاصة إذا كانت كما ذكر أما لها عائلة ومسئولة تجاه أسرتها.
تعيش المرأة بشكل عام في غالبية الدول العربية ظروفا متشابهة ولا تختلف هذه الظروف بشكل واضح إلا في الدول الأكثر فقرا في الوطن العربي كموريتانيا والصومال أو الدول الأكثر غنى حسب ثرواتها النفطية ولكنها الأكثر اختلافا في مستوى العلاقات الاجتماعية والموقف من المرأة بشكل عام كالمملكة العربية السعودية وعمليا فإن بقية الدول النفطية تتشابه ظروف عمل المرأة وحياتها فيها مع غالبية الدول العربية وذلك بسبب التطور الاجتماعي الذي وصلت له هذه البلاد وبشكل عام والذي انعكس بشكل ملموس على موقف المجتمع من المرأة مما ينعكس على التغيرات الأخرى المتعلقة بحياتها ودورها كنسبة مشاركتها في العمل الاقتصادي ودورها في الحياة الاقتصادية ومستوى التعليم الذي وصلت إليه، على أن هذه الاستنتاجات تجد لها استثناءا واضحا وهو المجتمع الفلسطيني الذي غير الاحتلال الصهيوني لمعظم أراضيه طبيعة الأمور فيه في الوقت الذي يعتبر المجتمع الفلسطيني من أكثر المجتمعات العربية تقدما من الناحية الاجتماعية ومن حيث الموقف من المرأة فإن المتغيرات الاقتصادية بسبب الاحتلال الصهيوني تضع هذا المجتمع في خانة بقية المجتمعات العربية بشكل عام من حيث مستوى التطور الاجتماعي والتطور في المتغيرات المختلفة المتعلقة بالمرأة كمشاركتها في العمل والنشاط الاقتصادي ومشاركتها في النشاط السياسي.
واقع المرأة العاملة العربية بشكل عام:-
لمعرفة واقع المرأة العاملة العربية بشكل عام يجب الاطلاع على واقع المرأة العاملة في العالم ومثل هذا الاطلاع يمكن الفرد أو الباحث من معرفة طبيعة الوضع الذي تعيشه المرأة العربية في مجال الاستخدام والبطالة تحديدا وأيضا في مجال التعليم والمشاركة في العمل السياسي والعمل الاجتماعي والتطوعي ومن ضمن ذلك العمل النقابي.
يشير التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية في يوم المرأة العالمي بعنوان اتجاهات الاستخدام العالمية للمرأة إلى أن عدد النساء العاملات في العالم يصل إلى 1.2 مليار امرأة عاملة من أصل 3 مليار عامل عام 2008 أي نسبة مقدارها 40.4% وتعتبر هذه النسبة من النسب العالية عند الأخذ بعين الاعتبار العقبات الكثيرة التي تواجه المرأة وتمنعها من دخول أسواق العمل خاصة وان عدد النساء العاملات في الاقتصاد غير النظامي يزداد بشكل مضطرد وإن النساء هم الأكثر عرضة للعمل بدوام جزئي.
أما بالنسبة لمعدلات البطالة فيشير نفس التقرير إلى أنه في الوقت الذي بلغت به معدلات البطالة بين النساء عام 2008 (6.1%) فإن معدلات البطالة بين الرجال كانت في نفس العام (5.9%) وهذه المعدلات ورغم أنها أكثر بين النساء من الرجال إلا أن الفارق بينها يبدو محدودا في حال مقارنته بالفوارق التي تسود الوطن العربي والتي سنأتي على ذكرها لاحقا أما في عام 2009 فإن التقديرات الأولية لمعدلات البطالة بين النساء كانت تشير إلى أنها ستصل إلى حوالي (7.4%) مقارنة مع (7%) المعدل المتوقع بين الرجال وهو الأمر الذي يبقي معدلات البطالة بين النساء أكثر منه بين الرجال وعمليا فإن هذه التقديرات لمعدلات البطالة بين النساء والرجال متوقعة في الوقت الذي تشير به التقديرات إلى أن معدلات البطالة بشكل عام لعام 2009 تراوحت بين (6.3%) و (7.1%) وفي هذا المجال من المهم الإشارة إلى سنة 2009 هي سنة المساواة بين الجنسين بالنسبة لمنظمة العمل الدولية علما بان نسبة النساء العاملات في أعمال مأجورة قد تزايدت من (42.8%) عام 1999 إلى (47.3) عام 2009.
في جانب آخر تشير المتغيرات المختلفة المتعلقة بالمرأة العاملة العربية بشكل عام إلى صورة مغايرة تماما لواقع المرأة العاملة في العالم حيث تظهر المسوحات والإحصاءات المتعلقة بمساهمة المرأة العربية في النشاط الاقتصادي أن هذه المساهمة لا زالت محدودة جدا في بعض الدول الأخرى حيث تتراوح المعدلات المسجلة ما بين (3.6%) في بعض الأقطار و(14%) في أقطار أخرى وهذا يعني أن متوسط المعدل العام لمساهمة المرأة على المستوى القومي لا يزيد عن (9%) وهذا المعدل يعتبر متدنيا جدا عند مقارنته بمعدل مساهمة النساء في العالم الثالث على سبيل المثال والذي يصل إلى حوالي (26%) وفي الدول المتقدمة يزيد عن كما ذكر على (40%).
تدل هذه الأرقام المتواضعة على تخلف وتواضع دور المرأة العاملة في الحياة الاقتصادية وذلك رغم أن تقدما على أوضاع المرأة بشكل عام قد تحقق خلال العقود الأخيرة سواء كان ذلك من حيث معدل التحاق الإناث بالتعليم الأساسي والتعليم المتوسط بالإضافة إلى تطور الأوضاع الصحية للمرأة على مستوى الوطن العربي وبشكل عام فيما يتعلق بمتوسط أعمار النساء.
المرأة والعمل النقابي:-
من المعروف للجميع أن الانتساب للمنظمات النقابية في كافة أنحاء العالم يعتبر تطوعيا وهذا مبدأ رئيس من المبادئ التي يقوم عليها العمل النقابي وتحترم المنظمات الدولية هذا المبدأ ولهذا السبب فإن الظروف المختلفة التي تتفاوت بين مجتمع وآخر تتحكم بحجم الانتساب إلى النقابات العمالية وهذا الحجم من المعروف انه حجم متواضع حتى في الدول الصناعية المتقدمة ولكن هذا الحجم لا علاقة له بدور هذه المنظمات وقدرتها على خدمة قضايا العمال ويلعب التشريع في هذا المجال دورا هاما ورئيسا في قوة أو ضعف المنظمات النقابية كما يلعب مدى التزام الحكومات بمعايير العمل الدولية وانسجام قوانينها وتشريعاتها مع هذه المعايير دورا كبيرا في ذلك أيضا إلا أنه يجب الإشارة إلى أن هنالك دعما واضحا من بعض الحكومات العربية للمنظمات النقابية العاملة فيها الأمر الذي ينعكس على حجم العضوية النقابية في هذه الدول ومنها على سبيل المثال الجمهورية العربية السورية.
عمليا لا تتوفر أرقام ومعدلات دقيقة حول أحجام العضوية النقابية في العديد من الدول العربية وذلك لأن هذه النقابات والعضوية فيها غير خاضعة للتعدادات الرسمية التي تجريها غالبية هذه الدول وغالبا ما تنشر أرقام ومعدلات العضوية من قبل المنظمات النقابية نفسها الأمر الذي يحتاج إلى تدقيق وعلى كل حال وإذا أخذنا بلدا مثل الأردن على سبيل المثال فإن معدل العضوية في النقابات العمالية فيه والتي تمثل العاملين في القطاع الخاص فقط يصل إلى حوالي (10%) من حجم القوى العاملة في كافة القطاعات وهذا يجعل عدد المنتسبين إلى هذه النقابات أكثر من مائة ألف ولا يتجاوز المائة وخمسين ألفا وتشير بعض التقديرات إلى أن مشاركة المرأة في نقابات العمال تصل إلى حوالي (18.8%) الامر الذي يوصل عدد العاملات المنضمات إلى نقابات عمالية بحدود 20 ألف فقط، وهذه القضية بحاجة إلى توضيح وتأكيد فبعض النقابات العمالية تتشكل قاعدتها بشكل رئيس من النساء كالنقابة العامة للعاملين في الغزل والنسيج وبعضها الآخر تصل نسبة النساء العاملات فيها إلى حوالي (50%)كنقابات التعليم الخاص والمصارف والصناعات الغذائية والنقل الجوي علما بان معدل الانتساب في بعض النقابات قد يكون متواضعا جدا وفي بعضها الآخر قد يصل إلى أكثر من (90%).
بشكل عام يبدو أن واقع المرأة في الحركة النقابية الأردنية هو النموذج الأكثر انتشارا في الوطن العربي وهذا يعني ان مشاركة المرأة في العمل النقابي هي مشاركة متواضعة بشكل عام أما بالنسبة لمشاركة المرأة النقابية في المواقع القيادية فإنها أكثر تواضعا من مشاركتها في العضوية النقابية.
بالنسبة للواقع الفلسطيني ففي الوقت الذي تشير به التقديرات إلى أن نسبة مشاركة المرأة الفلسطينية في العمل النقابي تصل من (5%) إلى (11%) فإن بعض الباحثين يردون ذلك إلى أسباب ذاتية مثل تأثير الحياة المهنية على المشاركة النقابية وضعف مساهمة المرأة في القوى العاملة المحلية والتي تتراوح بين (12-13%) فقط وضعف العمل النقابي بشكل عام وإلى عوامل موضوعية كهيكلية التنظيمات النقابية وحالة التهميش للنساء وتأثير الجماعات الانتخابية على المشاركة النقابية والخشية من الانتقام ومضايقات أصحاب العمل وكذلك تأثير المهام الاجتماعية وتقسيم الأدوار وغياب الديمقراطية والعادات والتقاليد في المجتمع الفلسطيني.
من جانب آخر يحمل بعض الباحثين الحركة النسائية جزء من مسئولية غياب دور المرأة في النقابات العمالية حيث من الضرورة أن تتحرك هذه الحركة لدعوة النساء للانتساب لعضوية النقابات العمالية على أساس برنامجها القطاعي المطلبي مع التأكيد على ضرورة الدخول في آليات التنسيق مع هذه النقابات لرعاية مصالحها ومصالح القطاع النسوي وتثقيف قاعدتها بأهمية العمل النقابي ودوره في تحسين وضع المرأة العاملة.
المنظمات النقابية ومسئوليتها في التدريب النقابي:-
عند الحديث عن التدريب النقابي أو التثقيف النقابي وهو التعبير الأكثر انسجاما ودقة في هذا المجال والأكثر ارتباطا بدور النقابات العمالية ومهماتها الرئيسية يجب التفريق بين التدريب المهني والمتعلق بزيادة الكفاءة المهنية والوظيفية للعامل أو العاملة وبين التثقيف النقابي بعلاقته الوطيدة بالمهمات النقابية وطبيعة التنظيم النقابي ودوره وآليات عمله، وبطبيعة الحال ورغم ان التدريب المهني هو مهمة رئيسية لأصحاب العمل إلا أن النقابات القوية وخاصة في الدول الصناعية والمتقدمة لها دور أساسي في المشاركة فيه ومتابعته والإشراف على مؤسساته الهامة ووضع برامجه المختلفة، في الوقت الذي يعلم الجميع فيه بأن التثقيف النقابي موجه إلى النقابيين بشكل خاص وإلى العمال بشكل عام من جل تشجيعهم على الانتساب للنقابات العمالية.
في هذا المجال وقبل الحديث عن التثقيف النقابي يجب معرفة المؤسسات أو المنظمات ذات العلاقة بهذه القضية وهذه المنظمات عمليا تتوزع ما بين منظمات وطنية إقليمية ومنظمات دولية وفي جانب آخر فإن نفس هذه المنظمات لها تشكيل آخر يأخذ شكل المنظمات المهنية الوطنية والمنظمات الإقليمية المهنية والمنظمات الدولية المهنية وبالإضافة إلى كافة هذه المنظمات المختلفة هنالك مؤسسات إقليمية ودولية ولكنها ليست منظمات نقابية بحتة بل منظمات ذات تمثيل ثلاثي وهذه المنظمات الدولية المهنية تلعب دورا رئيسا في عملية التثقيف النقابي.
المنظمات النقابية الوطنية:-
تعتبر النقابات العامة واللجان النقابية هي القاعدة الرئيسية في عملية التثقيف النقابي وعمليا فإن هذا التثقيف النقابي وعمليا فإن هذا التثقيف يمكن أن يتحقق بشكل تلقائي من خلال النشاط اليومي للنقابة أو من خلال برامج تثقيفية تنظمها النقابة من أجل زيادة وعي وثقافة منتسبيها أو العمال بشكل عام.
هذا ومن المعروف أن النقابات العمالية يمكن أن تكون نقابات عامة تمثل العاملين في مؤسسة واحدة أو نقابات عامة تضم عددا من الفروع القائمة على أساس جغرافي أو على أساس الاختصاص في الإنتاج وفي حالات عديدة فإن اللجان النقابية الموجودة في المصانع والمؤسسات المختلفة يمكن أن تقوم هي نفسها بعملية التثقيف النقابي.
في موقع أكثر أهمية من النقابات يأتي دور الاتحادات العمالية في عملية التثقيف ومن المعروف أن الاتحادات العمالية تمثل كافة النقابات الموجودة في بلد واحد ومن المعروف أيضا أن الإمكانات المالية لهذه الاتحادات أفضل بكثير من الإمكانات المالية للنقابات نفسها وفي العديد من الأحيان فإن هنالك دوائر مختصة في هذه الاتحادات تكون مسئولة بشكل مباشر عن التثقيف النقابي وذلك بالتعاون مع النقابات نفسها أو بالتعاون مع أصحاب الأعمال أو الجهات الحكومية المختلفة.
عمليا فإن بعض الدول يمكن أن تتشكل فيها اتحادات مهنية يضم كلا منها عددا من النقابات المتشابهة ومثل هذه الاتحادات تلعب دورا هاما في التثقيف النقابي خاصة وان قضاياها ومشاكل العاملين فيها مشتركة بالإضافة إلى التشابه القائم في هياكلها التنظيمية وبين بعضها البعض.
المنظمات النقابية الإقليمية:-
هذه المنظمات تشكل امتدادا إقليميا للمنظمات النقابية الوطنية سواء كانت نقابات عمالية أو اتحادات عمالية نقابية ولكنها تتشكل على أساس إقليمي وليس قطري ومن الأمثلة على هذه المنظمات (الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب) أو (الاتحاد النقابي الأفارقي) وتلعب هذه المنظمات دورا اكبر بكثير من المنظمات النقابية الوطنية في التثقيف العمالي لان لها علاقات قوية مع جهات ومؤسسات إقليمية ودولية معنية بدعم التثقيف بمختلف أشكاله وهي معنية ببناء علاقات قوية مع العمال والنقابات وبشكل عام فإن امتداد هذه المنظمات يعتبر مفيدا جدا لوحدة العمال وزيادة ثقافتهم ولتوحيد ودمج الثقافات والمفاهيم والتجارب النقابية لأن الدورات وورشات العمل التي تنظمها هذه المنظمات تضم ممثلين عن عدة أقطار ويتبادلون فيما بينهم هذه الأفكار والتجارب الأمر الذي يمثل لهم تجربة إيجابية ومفيدة.
المؤسسات الإقليمية والدولية:-
تلعب المؤسسات الإقليمية والدولية القائمة على أساس التمثيل الثلاثي الدور الأكبر في مجال التثقيف النقابي لأن نشاط وعمل هذه المؤسسات له صفة الاستمرار والثبات ولان التمثيل فيها هو للحكومات والعمال وأصحاب العمل ولأن لهذه المؤسسات موازنات مالية ضخمة تقوم على أساس التمويل من قبل الحكومات ويعتبر النشاط المتعلق بالتثقيف النقابي هو النشاط الرئيسي بالنسبة لهذه المؤسسات بالإضافة لطبيعة الحال إلى أن التوصيات والقرارات والاتفاقيات التي تصدرها مثل هذه المنظمات مدروسة ومتفق عليها وتعتبر منظمة العمل الدولية من أبرز الأمثلة على مثل هذه المؤسسات الدولية في الوقت الذي تعتبر به منظمة العمل العربية مثالا واضحا على المنظمات والمؤسسات الإقليمية.
في جانب آخر هنالك منظمات نقابية إقليمية ودولية ولكنها تعتبر امتدادا للنقابات العمالية المنتشرة في كافة دول العالم وتضم هذه المنظمات النقابات العمالية في كافة أنحاء العالم ومن الأمثلة عليها على سبيل المثال الاتحاد العربي للعاملين في المصارف والأعمال المالية (على المستوى العربي) وشبكة النقابات الدولية (UNI) التي تضم في عضويتها 168 نقابة عمالية وتلعب هذه المنظمات النقابية دورا هاما جدا في عملية التثقيف العمالي.
المرأة في القوانين الوطنية وفي إعلان
المبادئ والحقوق الأساسية في العمل:-
تعتبر المرأة من حيث المبدأ مثلها مثل الرجل فيما يتعلق بالحقوق والواجبات وذلك بشكل عام إلا أن للمرأة قضاياها الخاصة وهذا الأمر جعل من الضروري أن تأخذ القوانين والتشريعات الوطنية تحديدا قضايا المرأة بالاعتبار ومن بينها حقوقها أثناء فترة الحمل وبعد ذلك ومساواتها مع الرجل في الوظيفة والأجر على سبيل المثال، عمليا فإن القوانين والتشريعات العربية تختلف في تعاملها مع حقوق المرأة تبعا لمستوى التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي وصلت له كل دولة إلا أن التشريعات الدولية وخاصة الصادرة عن منظمة العلم الدولية وقبل ذلك عن المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بشكل عام
لقد صدر إعلان منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل في الدورة السادسة والثمانون لمؤتمر العمل الدولي في جنيف في الثامن والعشرين من حزيران عام 1998 وقد تضمن الإعلان بالإضافة إلى مقدمته التي تبرر صدوره من الناحية الموضوعية ضرورة التأكيد على أربعة مبادئ أساسية يفترض بالدول الأعضاء في المنظمة ان تحترمها وتعززها وكان أهمها البند رقم 4 والذي ينص على القضاء على التمييز في الاستخدام أو المهنة والمعني بذلك بطبيعة الحال وبشكل أساسي القضاء على التمييز ضد المرأة.
لقد جاء الإعلان العالمي للحقوق الأساسية في العمل بعد سلسلة من المبادئ والإعلانات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص ففي عام 1948 صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وينص هذا الإعلان في مادته 23 " على أن لجميع الأفراد دون أي تمييز الحق في أجر متساو على العمل المتساوي.
من جانب آخر صدرت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 1979 وعرفت بإعلان حقوق المرأة وتضمنت موادا هامة تكفل المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة وخاصة في مسائل العمل وتطبيقاته وميادينه المتعددة وفي هذا الاتجاه ظلت قضايا المراة حاضرة في أولوية جداول عمل المؤتمرات العالمية الثلاثة التي عقدت في عام 1975 في المكسيك وفي عام 1980 في كوبنهاجن وعام 1985 في نيروبي تحت شعار المساواة والتنمية والسلم وقبل ذلك كان إعلان فيلادلفيا الصادر عام 1944 قد أكد على مبدأ تكامل الفرص والمعاملة بين الرجل والمرأة في العمل.
على مستوى الأمم المتحدة أصدرت الجمعية العامة خلال تاريخها حتى الآن جملة من الإعلانات الخاصة بحقوق المرأة ومنها الإعلان العالمي بشان القضاء على العنف ضد المرأة رقم (48/104) والإعلان الخاص بالقضاء على التمييز ضد المراة الصادر عام 1961 والاتفاقية بشان الحقوق السياسية للمرأة الصادر عام 1952 واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادر عام 1981.
أهمية التدريب النقابي للمرأة:-
في ضوء كل ما ذكر تتضح لنا الصورة حول أهمية التدريب النقابي للمرأة فمثل هذا التدريب يكتسب بالنسبة لها أضعاف أضعاف أهميته بالنسبة للرجل وذلك بسبب ضعف
مساهمتها في قوة العمل وتواضع حجم حصتها في النشاط الاقتصادي وبسبب تدني مستويات التعليم بين النساء بشكل عام في كافة أنحاء الوطن العربي وكما ذكر سابقا بسبب ضعف مساهمتها ومشاركتها في النشاط النقابي وضعف دورها في المواقع القيادية النقابية بشكل عام إضافة إلى ضعف دورها السياسي في البلاد العربية وتبعيتها للرجل في كثير من الأحوال سواء كان ذلك على شكل تبعية سياسية أم تبعية اجتماعية أم تبعية اقتصادية.
إن هذه العوامل والظروف المختلفة تضع على عاتق الحكومات والمنظمات النقابية والمنظمات النسائية ومؤسسات المجتمع المدني مسئولية كبيرة وهامة من اجل تحسين أوضاع المرأة بشكل عام وإلى إدماجها في حركة النشاط الاقتصادي والسياسي والنقابي وهذا يتطلب تعاون كافة هذه المؤسسات من اجل تحقيق هذا الهدف متعدد الجوانب والأشكال.
عمليا وفي سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل والهام فإن التثقيف النقابي للمرأة العاملة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الرئيسة المتعلقة بحقوق المرأة وقد غطت اتفاقيات منظمة العمل الدولية هذه الجوانب وهذه الاتفاقيات على سبيل المثال هي:-
1. اتفاقية حماية الأمومة رقم 3 لسنة 1919.
2. اتفاقية عمل المرأة ليلا رقم 4 لسنة 1919.
3. اتفاقية العمل ليلا المرأة رقم 41 لسنة 1934.
4. اتفاقية العمل تحت سطح الأرض المرأة لسنة 1935.
5. اتفاقية العمل ليلا النساء لسنة (مراجعة) لسنة 1948.
6. اتفاقية المساواة في الأجور رقم 100 لسنة 1951.
7. اتفاقية حمية الأمومة (مراجعة) لسنة 1952.
8. اتفاقية التمييز في الاستخدام والمهنة رقم 111 لسنة 1968.
9. اتفاقية حماية الأمومة رقم 183 لسنة 2000
ويلاحظ في هذا المجال أن اتفاقيات منظمة العمل الدولية لم تتطرق او تعالج قضية التدريب النقابي وأهميته بالنسبة للمرأة العاملة والمرأة النقابية وبقيت هذه القضية محكومة للتشريعات والأحكام القانونية المتعلقة بالثقافة العمالية بشكل عام ,والتي يستفيد منها النقابيون سواء كانوا رجالا أم نساء الأمر الذي يجعل تثقيف المرأة وتدريبها نقابيا أكثر صعوبة وبشكل عام فقد تأكدت الحقوق الرئيسية للمرأة التي تضمنتها الاتفاقيات المختلفة لمنظمة العمل الدولية في المحاور الثلاثة التالية:-
1. تحقيق تكافؤ الفرص والمساواة في الحقوق الخاصة بين الرجل والمرأة.
2. تحقيق الوظيفة الاجتماعية للمرأة إلى جانب تمكينها من العمل.
3. تنظيم عمل المرأة بما يتفق مع قدراتها البدنية ووظيفتها الاجتماعية.
إن هذه المحاور الثلاثة تؤكد بأن التدريب النقابي للمرأة العاملة يعتبر أكثر أهمية من التدريب النقابي للرجل ويجب أن تكون له خصوصية الأمر الذي يجعله أكثر خصوصية أولا ويتطلب اشتراك جهات عديدة فيه على أن تأخذ بعين الاعتبار مصلحة المرأة أولا باعتبارها نصف المجتمع وباعتبارها أما وعاملة بالإضافة إلى اعتبارها عنصرا نقابيا قادرا على متابعة تطبيق التشريعات العمالية بل على تعديل هذه التشريعات.
الخلاصة:-
1. إن تحقيق هذا الهدف لا يتحقق إلا بمصادقة الحكومات العربية على اتفاقيات العمل الدولية العشرة المتعلقة بحقوق المرأة وتعديل قوانينها الوطنية بما ينسجم مع هذه الاتفاقيات.
2. إن التدريب النقابي يعتبر بالنسبة للمرأة العاملة أكثر أهمية في التدريب النقابي للرجل وذلك بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها المرأة في المجتمعات العربية.
3. إن التدريب النقابي للمرأة العاملة يعتبر ضرورة ليس فقط من أجل تطبيق التشريعات العمالية بل من أجل تعديلها للأفضل أيضا.
4. إن زيادة مساهمة المرأة في تطبيق التشريعات العمالية وتعديلها يتطلب زيادة دورها في الحياة العامة وفي السلطتين التشريعية والتنفيذية وزيادة مشاركتها في النشاط الاقتصادي وحصتها في سوق العمل.
5. إن زيادة أهمية التدريب النقابي للمرأة العاملة في تطبيق التشريعات العمالية تطلب قبل ذلك زيادة مشاركتها في هذا التدريب أولا وهذا لا يتحقق إلا من خلال زيادة مشاركتها في العمل النقابي وعضويتها في هذا العمل وتنيجة لذلك زيادة تمثيلها في المواقع القيادية في المنظمات العمالية والنقابية.
6. إن تحقيق الأهداف السابقة ليست مسئولية المرأة نفسها فقط بل هي مسئولية كافة أطراف الإنتاج الثلاثة بشكل رئيس وهي أيضا مسئولية منظمات المجتمع المدني والمنظمات النسائية والسياسية.
7. إن النقابات والاتحادات العمالية هي العنصر الأساس في تدعيم وتعزيز التثقيف النقابي للمرأة العاملة وهذا يتطلب أولا استحداث لجان للمرأة في كافة النقابات والاتحادات العمالية العربية ووضع برامج خاصة للتثقيف النقابي للمرأة العاملة في هذه النقابات والاتحادات وتطويرها بشكل دائم بما ينسجم مع المستجدات المختلفة.
د. حـيــدر رشـيــد
الأمين المساعد للثقافة والإعلام
الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن