يتناول هذا المقال موضوعين على قدر كبير من الأهمية وهما المشروعات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) وحماية حقوق المؤلف (Copyright Protection). وهذان موضوعان بالرغم من تناولهما في مقالات أخرى، كل منهما على حدة، إلا أن مناقشتهما مجتمعين يؤدى إلى ظهور أفكار جديدة ذات آثار هامة بالنسبة لكل منهما. وبمسح الأدبيات نجد ان هناك العديد من الدراسات التى تناولت موضوع حماية حقوق المؤلف وأكدت أهميته بالنسبة للإبداع الذهني والفكري. بالإضافة إلى ذلك فهناك العديد من الدراسات التى ربطت بين درجة التنمية ومدى حماية حقوق المؤلف وتوصلت هذه الدراسات على نتائج ليست على قدر كبير من الصلابة. فكما اوضح Watt "وبشكل عام يمكن القول أن الآثار الاقتصادية الحقيقية لعملية القرصنة مازالت غير مفهومة" (Watt, 2000) أو كما أقر Maskus فإن إصلاح أنظمة الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية قد تؤدى إلى الزيادة أو النقصان في معدل النمو الاقتصادي، بالرغم من ان العلاقة قد تكون معقدة أكثر مما هو متصور ومتوقفة على الظروف المحيطة (Maskus 2000). وعلى الصعيد الآخر، هناك حجم هائل من الأدبيات يتناول موضوع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالرغم من حداثة هذه الأدبيات والتى تعتبر مازالت في المهد وذلك بسبب كثرة المشاكل المتعلقة بعدم وجود تعريف متفق عليه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وعدم تجانس هذه المشروعات وصعوبة الحصول على بيانات دقيقة لهم. وهكذا نجد أن الدمج بين الموضوعين أو دراسة أثر حماية حقوق المؤلف على المشروعات الصغيرة والمتوسطة مازال مفتقرا إلى حد كبير وتحاول هذه المقالة سـد هـذا النقصان.

المقال مقسم على ستة أجزاء اضافة الى المقدمة. الجزء الأول يتناول اهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية مع التركيز على حالة مصر والدول العربية. الجزء الثاني يوضح ماذا نعنى بصناعات حقوق المؤلف. الجزء الثالث يوضح الحالات التى تكون المشروعات الصغيرة والمتوسطة مالكة فيها لحقوق المؤلف بينما يتناول الجزء الرابع الحالات الأخرى التى تكون المشروعات الصغيرة والمتوسطة مستخدمة فيها لحقوق المؤلف. الجزء الخامس يحاول إيجاد إجابة للسؤال المتعلق بمدى الحماية الأمثل لحقوق المؤلف لتحقيق بيئة عمل أفضل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة كي تتمكن من الازدهار. الجزء السادس يختتم المقالة ويسرد بعض المقترحات المتعلقة بالسياسات المطلوبة في هذا المجال. هناك أيضاً ملحق في آخر المقالة يعطى نظرة عامة عن قوانين حماية المؤلف في بعض البلاد العربية المختارة.

1-         أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في البلدان النامية مع التركيز على حالة مصر والبلدان العربية

تمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة نسبة كبيرة من المنشآت الصناعية في العديد من دول العالم في مراحل نمو مختلفة. كما انها تمثل المستوعب الأساسي للعمالة وتساهم بفعالية في التصدير وزيادة قدرات الابتكار. ففي المتوسط تمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة أكثر من 90% من المنشآت في بلدان العالم المتقدم والنامي. فعلى سبيل المثال توضح الإحصاءات المتاحة عن بعض دول العالم العربي أن عدد المنشآت الصناعية التى تشغل أقل من عشرة عمال تمثل 95%(2) في مصر و42% في تونس و50% في المغرب

(Galling 2001). وتوضح البيانات المتاحة أن الأمر لا يختلف كثيراً في بقية دول العالم.

وقد بدأت حكومات بلدان العالم المتقدم والنامي على حد سواء ان تعى اهمية الدور الذى تلعبه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في اقتصادياتها. وبالتالي بدأت الحكومات مساندة هذه المشروعات من خلال وضع عدد من السياسات والقوانين واللوائح والتى تساعد المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الازدهار والعمل في بيئة اقتصادية صحية. وذلك لأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعانى في الأغلب من مشاكل تختلف في طبيعتها عن تلك المشاكل التى تواجهها المنشآت الكبيرة الحجم. وقد أوضحت الأدبيات ان هناك ثلاثة مشاكل رئيسية خاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

مشاكل متعلقة بصغر الحجم:  والتى تمنع المشروعات الصغيرة والمتوسطة من الاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير التى يتمتع بها امثالهم من المنشآت الكبيرة.

مشاكل متعلقة بصعوبة الحصول على مدخلات الانتاج:  فالمنشآت الكبيرة قد يكون لها فرص نفاذ أفضل لأسواق المدخلات والائتمان والعمالة والبنية المعلوماتية والتكنولوجيا مقارنة بالحال بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. والسبب في هذا أن موردى مدخلات الانتاج يجدون التعامل في المنشآت الكبيرة ايسر وارخص واكثر اماناً من التعامل مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

مشاكل متعلقة بالتحيز في السياسات الحكومية:  في العديد من البلدان وخاصة في البلدان النامية نجد أن سياسات الحكومة متحيزة لصالح المنشآت الكبيرة(3). فنجد ان الأنظمة القائمة والقوانين واللوائح المطبقة تميز المنشآت الكبيرة. ومع وجود بيروقراطية غير كفء نجد ان تكلفة المعاملات تزداد بشكل كبير مما يعني ان المنشآت الكبيرة فقط هى القادرة على التعامل مع مثل هذه التكلفة (Lau, 2000).

المشاكل السابق ذكرها دفعت المشروعات الصغيرة والمتوسطة للتخصص في انشطة اقتصادية معينة حيث تستطيع التغلب على العديد من المشاكل السابق ذكرها والتمتع بمرونة كافية وقدرة على تعظيم الاستفادة من مزايا حجمها الصغير. واحدى هذه الأنشطة الاقتصادية كان مجال الصناعات المتعلقة بحقوق المؤلف

(Copyright Industries).

2-   ما هي الصناعات المتعلقة بحقوق المؤلف

الصناعات المتعلقة بحقوق المؤلف أو كما يطلق عليها أحياناً "الصناعات الثقافية" تنقسم بشكل عام الى قسمين أساسيين من الصناعات هما صناعات محورية (core) وصناعات غير محورية (non-core).

الصناعات المحورية تتضمن صناعات نشر الكتب والجرائد والدوريات والطبع والإعلان والبث الإذاعي والتليفزيوني وتسجيل الأغاني والأعمال الخاصة بالصوتيات والمرئيات والرسوم المتحركة والأفلام وصناعة البرمجيات. كل من هذه الصناعات يتعلق بخلق منتج محمي بواسطة حقوق المؤلف، وبنشر وتوزيع هذا المنتج.

الصناعات الغير المحورية تتضمن الأنشطة التى تعتمد على حقوق المؤلف بشكل ما وتتضمن الصناعات التى تتعلق بانتاج المعدات اللازمة لاستخدام منتج يتطلب الحماية الفكرية كاجهزة الراديو والتليفزيون والحاسب الآلي والتسجيل والاستماع والطابعات والورق وأجهزة الطباعة الأخرى والتى تساهم في ناتج الصناعات المتعلقة بحقوق المؤلف ومؤسسات معينه كالمكتبات والمسارح الخ (Alikhan, 2001).

في الحقيقة الصناعات المتعلقة بحقوق المؤلف ليست جديدة، فتاريخ هذه الصناعات يرجع الى النصف الأول من القرن العشرين حيث قام كل من ثيودور ادورنو Theodor W. Adorno وماكس هورخايمرMax Horkheimer ووالتر بينجامين Walter Benjamin والذين ينتمون إلى مدرسة فرانكفورت في فترة الثلاثينيات والأربعينات بصياغة مفهوم "الصناعة الثقافية". وقد قصدوا بهذه الصياغة أساساً الصناعات الناشئة وهى الراديو والأفلام والموسيقى وتسجيل الموسيقى. ومصطلح الصناعة الثقافية بالنسبة لهم كان يحمل في طياته بعض المتناقضات بين الحفاظ على الهوية والقيم الثقافية من خلال تنميط الانتاج الثقافي والذى يتم على نطاق واسع وقوى من حيث التحول والتغير في السلوك والتى يحملها مفهوم الثقافة في طياته (Footer and Gaber, 2000). والآن تلعب الصناعات الثقافية دوراً هاماً في اقتصاديات البلدان المتقدمة والبلدان النامية. فعلى سبيل المثال، تقديراتها تتراوح من 1% إلى أكثر من 5% من الناتج المحلي الإجمالي لعدد كبير من الدول.  في الدول العربية، والتى لها تاريخ حافل في مجال الثقافة، نجد صناعتى نشر الكتب والموسيقى لهما رواسخ ثابتة وقديمة. وبعض البلدان كمصر سميت "بهوليود العالم العربي" لما لها من صيت عظيم في مجال صناعة الأفلام. وحديثاً حدث تقدم ملحوظ في نمو صناعة البرمجيات في بعض البلدان العربية.     

سوف نركز هنا على أربع صناعات محورية وهى نشر الكتب وتسجيل الموسيقى والبرمجيات وصناعة الأفلام. وسوف نحاول التركيز على العلاقة بين التشريعات الصغيرة والمتوسطة وهذه الصناعات الأربع. الفرضية الأساسية التى نبدأ بها التحليل هى أن الارتباط بين هذه الصناعات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة هو ارتباط ظاهر وقوى. إذا اتضح أن هذه الفرضية صحيحة، فإن هذا يعنى ضرورة التحرك بسرعة على مستوى السياسات لمواجهة المشاكل الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى تعوقها في النمو. وسوف يقوم التحليل بمحاولة معرفة المستوى الأمثل لحماية حقوق المؤلف اللازم للسماح بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالازدهار.

3-   الحالات التى تكون المشروعات الصغيرة والمتوسطة فيها مالكة

إن نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الأربع صناعات المحورية هى نسبة عالية في المتوسط بالمقارنة بصناعات أخرى، ثقافية وغير ثقافية، بسبب الطبيعة الخاصة لهذه الصناعات والتى تعتمد بدرجة عالية على القدرة الشخصية على الابتكار والابداع.

بالنسبة للحـالـة المـصـرية

صناعة نشر الكتب:  إن المنشآت التى تقوم بنشر الكتب ليس بالضرورة أن تكون مشروعات صغيرة ومتوسطة. فعلى سبيل المثال هناك فئتين اساسيتين لدار نشر الكتب هما الدار الكبيرة  التى توظف من 70-80 عامل والدار الصغيرة والتى توظف في المتوسط 15 عامل.

صناعة تسجيل الموسيقى:  في هذه الصناعة أيضاً، ليس بالضرورة أن تكون المنشآت صغيرة او متوسطة الحجم. فعلى النقيض الآخر، نجد أن هذا المجال يسيطر عليه شركات عملاقة في البلدان المتقدمة. في البلدان النامية كمصر نجد أن السوق مقسم بين الشركات كبيرة الحجم والشركات المتوسطة الحجم التى تشغل 25 عامل في المتوسط.

صناعة انتاج الأفلام:  هذه الصناعة تشهد الان موجه من الاندماجات والاستحواذات والتكامل الطولي. ومع ذلك نجد في مصر أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة مازالت تمثل الأغلبية من الشركات العاملة في هذا المجال بمتوسط 15 عامل في كل شركة.

صناعة البرمجيات:  تتكون من منشآت كبيرة ومشروعات صغيرة ومتوسطة.  في مصر متوسط عدد العاملين في المنشآت الصغيرة والمتوسطة هو 5 افراد.

كممتلكين لحقوق المؤلف تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة مشاكل محددة تتعاظم آثارها بسبب طبيعة المنتج في هذا المجال والذى يتميز بأنة منتج غير ملموس (non-tangible) وبسبب صغر حجم المنشآت ذاتها. بالاضافة الى هذه المشاكل نجد أن التقدم التكنولوجي وما صاحبه من انجازات هائلة في مجال الاتصالات على مستوى العالم (كالأقمار الصناعية وشبكة الانترنت) يسر وزاد من انتشار المنتجات المتعلقة بحقوق المؤلف (Copyright Products)، وبالتالي زاد من صعوبة قدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على تتبع انتشار منتجاتها.

 كثير من المشاكل الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى تم توضيحها في الجزء الأول تتضخم بسبب طبيعة المنتجات في هذا المجال. فعلى سبيل المثال عدم القدرة على الحصول على التمويل اللازم كان من اكبر العوائق التى تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الحالات المتعلقة بحقوق المؤلف (سواء كانت المنشآت كبيرة او صغيرة الحجم). فالبنوك، وخاصة في البلدان النامية تتردد في تمويل المشروعات التى تنتج منتجات غير ملموسة كأفكار تنشر في كتاب أو إبداعات تترجم لفيلم يعرض في السينما. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تعمل في مجال الصناعات الثقافية من المحتمل ان تواجه درجة انكشاف أعلى بالنسبة للمشاكل القانونية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية نتيجة لطبيعة منتجاتهم والتى هي عرضة بدرجة أكبر للقرصنة. ووضعهم كمشروعات صغيرة أو متوسطة يزيد الأمر سوءاً لأنهم في معظم الحيان يكونوا غير قادرين على ادخار جزء من أموالهم وتجنيبه لمواجهة المشاكل المحتملة في هذا الشأن. وهذا مما يعقد الأمور بدرجة أكبر ويزيد من تدهور ميزتهم التنافسية في مجال الصناعات الثقافية، بالرغم من تمتعهم بميزة نسبية طبيعية في هذه الصناعات.

إنه من الممكن الجزم بان هناك قوتين متضادتين تواجهان المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى صفتها كمالكة لحقوق المؤلف.  القوة الأولى تساند ميزتهم النسبية وتدعمها حيث أن الكثير من الصناعات الثقافية تعتمد بصفة جوهرية على المواهب الفردية، والابداعات الشخصية والقدرة على الابداع دون الحاجة الى رأس مال مادى كبير. القوة المضادة والتى تقلل من ميزتهم التنافسية تتمثل في طبيعة المنتجات والتى تتميز بأنها غير ملموسة مما يعقد الأمور خاصة فيما يتعلق بقدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في النفاذ إلى أسواق مدخلات الانتاج وكذلك درجة الانكشاف العالية لمنتجاتهم فيما يتعلق بتعرضها للقرصنة.

4-   الحالات التى تكون المشروعات الصغيرة والمتوسطة فيها مستخدمة لحقوق المؤلف

تمثل الحالات التى تكون المشروعات الصغيرة والمتوسطة فيها مستخدمة لحقوق المؤلف الوجه الآخر من العملة.  فالصناعات الأربعة المحورية والتى ذكرت بعاليه هى أمثلة واضحة لحالات تكون فيها المشروعات الصغيرة والمتوسطة معتمدة اعتماداً أساسياً على منتجات متعلقة بحقوق المؤلف كمدخلات في عملياتها الانتاجية. فعلى سبيل المثال تعتمد صناعة تسجيل الموسيقى على الاغاني والألحان كمدخلات انتاج أساسية، وهذه المدخلات هى منتجات متعلقة بحقوق المؤلف. وهذا ما ينطبق أيضاً على الصناعات الأخرى كصناعة انتاج الأفلام، وصناعة نشر الكتب وصناعة البرمجيات. ان التعريف الرسمي للحقوق المجاورة لحقوق المؤلف (Neighboring Rights) تتضمن حقوق الأداء العلني للممثلين والموسيقيين وحقوق المنتجين لشرائط الكاسيت والاسطوانات وحقوق هيئات البث في برامج الإذاعة والتليفزيون.  والبعض قد يعتقد أنه طالما أن هذه الصناعات تعتمد بشكل أساسي على المنتجات المتعلقة بحقوق المؤلف وطالما أن حماية أكبر لحقوق الملكية الفكرية تعنى ارتفاعا في أسعارها، فإنه قد يكون من الأفضل أن تكون حماية الملكية الفكرية في هذه المجالات ليست قوية حتى تتمكن المشروعات الصغيرة والمتوسطة العاملة في هذا المجال من الحصول عليها بأسعار رخيصة مما يدعم قدرتها التنافسية.

ولكن هل هذا صحيح؟ إن الإجابة على مثل هذا السؤال أكثر تعقيداً مما تبدو لأول وهلة نتيجة تشابك الآثار المتعلقة بحماية الملكية الفكرية. ولتوضيح مدى التعقد، والذى سوف يتم مناقشته بالتفصيل في الجزء القادم، نعطى مثالاً افتراضياً. فلنقل ان لدينا شركة تسجيل موسيقى (أ) تعانى من ارتفاع أسعار مدخلاتها المتمثلة في منتجات متعلقة بحقوق المؤلف كالأغاني والألحان على سبيل المثال وتتمنى هذه الشركة ان تنخفض أسعار مدخلاتها ربما من خلال حماية أقل لمنتجات الملكية الفكرية بشكل عام. ولنتتبع أثر الحماية الأقل لحقوق الملكية الفكرية على الشركة (أ).  الحماية الأقل لحقوق الملكية الفكرية قد تؤدى إلى انخفاض أسعار المنتجات المتعلقة بحقوق المؤلف والتى تستخدم كمدخلات في العملية الانتاجية للشركة (أ).  في الأجل القصير جداً قد تتمتع الشركة (أ) بمستويات أرباح أعلى. ولكن هل هذه هى نهاية القصة؟  بالطبع لا، فالمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الصناعات المرتبطة بالشركة (أ) والتى قد تكون مغذيه لها بمدخلات الانتاج سوف تتردد في الابتكار والابداع حيث أن الريع الاحتكاري الذى كانت تحصل عليه سوف يقل نتيجة ارتفاع معدل القرصنة. وبالتالي فأن عرض منتجاتهم سوف يتجه للانخفاض، وسوف تقل المنافسة وتكون المحصلة النهائية انخفاض حجم مدخلات الانتاج المتاحة للشركة (أ) ومثيلاتها. وأخيراً سوف تنخفض أرباح الشركة (أ) ومثيلاتها وتخرج المنشآت من السوق.

وتتعقد المشكلة بشكل أكبر بسبب ان الصناعات المحورية تعتمد بشكل كبير على منتجات الأفراد والمشروعات الصغيرة والمتوسطة كمدخلات انتاج. وحيث أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الغالب تتعرض بشكل أكبر لمشاكل الحماية الضعيفة لحقوق الملكية الفكرية، فأن ذلك يعنى أن الآثار السيئة للحماية الضعيفة سوف تزداد وتستفحل عند مرورها بسلسلة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى تفتقر في العادة للقدرة على حماية حقوق المؤلف بشكل فعال نتيجة للمشاكل السابق ذكرها في الجزء الأول.

وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن الحجم الأمثل لحماية حقوق المؤلف والذى يمكن المشروعات الصغيرة والمتوسطة من الازدهار والنمو كمالكة وكمستخدمة لحقوق المؤلف، وهو ما نتطرق إليه في الجزء الخامس.

5-         الحجم الأمثل لحماية حقوق المؤلف لتوفير بيئة عمل أفضل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة كى تتمكن من الازدهار

الإجابة عن الحجم الأمثل لحماية حقوق المؤلف لتوفير بيئة عمل أفضل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لكى تتمكن من الازدهار ليست سهلة لعدة أسباب بالرغم من وضوح المفهوم.

كل دولة عليها تحديد الحجم الأمثل بناء على عاملين أساسين هما حجم السوق والقدرة على الابداع.  إن تحقيق التوازن بين هذين العاملين وبالأخص بين تشجيع انشطة الابداع من ناحية وتوفير النفاذ بشكل اقتصادي للأعمال المبتكرة يتوقف على المدى والفترة الزمنية والقدرة على انتقال حقوق المؤلف.  المدى الجغرافي الذى تنتشر فيه هذه المنتجات له أهمية كبيرة أيضاً (Acheason and Maule, 2000).  ويرى كثير من المتخصصين في هذا المجال أنه بما أن البلدان النامية تعاني من محدودية السوق وانخفاض القدرة الابداعية فإن الحماية الأقل لحقوق الملكية الفكرية قد تكون أفضل لها ولجهودها التنموية (Mccuuoh, Winters and Cirea, 2002).  وجهة النظر هذه بالرغم من سهولة الاعتراض عليها، قد تتمتع بشىء من الحقيقة في مجالات عديدة تكون فيها البلدان النامية مستورد صافي (مثل حالات براءات الاختراع في مجال الأدوية). ولكن في مجال حماية حقوق المؤلف فإن وجهة النظر هذه بحاجة إلى المراجعة. والسبب في ذلك أنه فيما يتعلق بالمنتجات ذات الصلة بحقوق المؤلف فإن الأمر يختلف كثيراً. مع استثناء مجال تطبيقات البرمجيات النمطية، فإن بقية الصناعات الثقافية المحورية (والغير محورية) في البلدان النامية لديها منتجات لا تمثل الافتراضات العامة بضعف القدرة الابداعية ومحدودية السوق. إن النكهة الثقافية لكثير من المنتجات ذات الصلة بحقوق المؤلف والمشاركة القوية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في انتاجها قد تؤدى بنا إلى نتائج خاطئة لو اتبعنا الاعتقاد السائد بصحة الافتراضات المذكورة أعلاه.

 على النقيض تماماً، فالسوق ضخم ويتسع للعديد من المنتجات المتنوعة ذات الصلة بحقوق المؤلف والتى تقوم بانتاجها البلدان النامية والدليل على ذلك حجم السوق الكبير للأفلام الهندية والأغنية المصرية على مستوى العالم وذلك على سبيل المثال وليس الحصر، وهو ما يدفعنا على رفض تلك الافتراضات بأن البلدان النامية هى بلدان مستوردة صافية للمنتجات ذات الصلة بحقوق المؤلف. فعلى العكس تماماً قد تكون البلدان النامية صافي منتجين بل ومصدرين لتلك المنتجات.  بالإضافة إلى ذلك في العديد من الحالات، باستثناء صناعة البرمجيات[1]، فإن القدرة الابتكارية والإبداعية ليست بالضرورة متوقفة على التقدم التكنولوجي (حيث تتمتع البلدان المتقدمة بميزة نسبية)، بل متوقفة في المقام الأول على خزين التراث الثقافي والمواهب الشخصية.  كما أن استحواذ المشروعات الصغيرة والمتوسطة على العدد الأكبر من المنشآت العاملة في هذه المجالات يعنى ضرورة توخى الحذر والدقة عند حساب المكاسب والخسائر من حماية قوية للملكية الفكرية والتى في حالة اتباعنا في حسابها للطرق التقليدية قد ننتهى بنتائج غير صحيحة.

إن حماية ضعيفة للملكية الفكرية قد تؤدى إلى أسعار منخفضة للمنتجات ذات الصلة بالنسبة للمستهلك النهائى ولكنها في النهاية سوف تؤدى الى التقليل في تنوع المنتجات وانخفاض جودتها حيث تنعدم الحوافز لمنتجيها.

أما عن وجود نظام قوى وفعال لحماية الملكية الفكرية فهو امر هام بالنسبة لمنتجي المنتجات ذات الصلة بحقوق المؤلف وخاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتى تمثل الغالبية العظمى من المنتجين في هذه الصناعات في البلدان النامية.  وبالنسبة لضعف المقدرة المالية لدى المشروعات الصغيرة والمتوسطة فهى قد تضخم من الأثر السلبي للحماية الضعيفة وتقتل المبادرات التنافسية وتعرقل الإبداع والقدرات الابتكارية. إن حماية قويه للملكية الفكرية في هذا المجال من المتوقع أن يكون لها أثر إيجابي على المستهلكين طالما حافظنا على السلوك التنافسي بين المنتجين.

وجوب دراسة كل حالة على حده

صناعة نشر الكتب

إن معدل القرصنة المنخفض نسبياً للكتب المنشورة باللغة المحلية في البلدان النامية (مثل اللغة العربية في مصر) مقارنة بالكتب المنشورة بلغات أجنبية يوضح أن المشكلة تكمن في اتباع سياسات تسعير خاطئة. ارتفاع التكلفة الحدية لاستنساخ أو قرصنة كتاب مكتوب باللغة المحلية يوضح أن المشكلة لها شقين أساسيين.. الشق الأول مرتبط بالسعر المعتدل للكتاب المنشور بصورة قانونية والذى يجعل النسخة المقرصنة مرتفعة الثمن نسبياً في حالة استنساخها والشق الثاني متعلق بالمقدرة على الحصول على هذه الكتب بسهولة ويسر. هذا يعكس الحال بالنسبة للكتب الأجنبية المستوردة خاصة المتعلقة بالمراجع العلمية في مرحلة التعليم الجامعي والتى تعاني من ارتفاع معدلات القرصنة بسبب صعوبة الحصول عليها لعدم توافر نسخ أصلية منها بكثرة في المكتبات وانخفاض التكلفة الحدية لإعادة استنساخها والذى يرجع في الأصل لارتفاع ثمن النسخة الأصلية.  وتتشابه حالة برامج الحاسب الآلى المستوردة مع حالة الكتب الأجنبية إلى حد كبير وذلك بسبب سياسات التسعير الخاطئة في المقام الأول والتى تؤدى إلى ارتفاع اثمان النسخ الأصلية مقارنة بحجم الدخل للمستهلك المتوسط في البلدان النامية.

صناعة تنمية البرمجيات

صناعة تنمية البرمجيات تعاني من القرصنة ولكن ليس بالطريقة التقليدية من خلال نسخ البرامج ذاتها ولكن من خلال سرقة الأفكار بواسطة العاملين. إن التقدم الحادث بشأن حماية حقوق المؤلف لم يمتد الى الحقوق المتعلقة بالأفكار ذاتها.  فقد توقفت حماية حقوق المؤلف عند الحدود الخاصة بالتعبيرات (expressions).  هذا قد يؤثر سلبياً على المنشآت القائمة بالفعل سواء كانت كبيرة أو صغيرة الحجم.. والسبب في ذلك أن قراصنة الأفكار سوف يقومون في الغالب ببدء مشروع جديد وسف يستخدمون الأفكار المسروقة وهو ما يؤدى في النهاية إلى انشاء المزيد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة.  وبالتالي نجد ان الأثر النهائى مختلط. إن العاملين في صناعة تنمية البرمجيات لديهم أساليب أخرى لحماية حقوقهم الفكرية والتى تعتمد في الأساس على التكنولوجيا. فهم قادرين على تتبع ومراقبة زبائنهم أو ادخال مواصفات فنية متخصصة تضمن أن عملهم لن يتعرض للقرصنة.

وبالتالي يمكن الجزم بأنه في حالة التركيز على الصناعات المتعلقة بحقوق المؤلف في البلدان النامية والتى تتمتع فيها بميزة نسبية وفى حالة انتشار المشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذه المجالات فإنه من الأجدر اتباع حماية قوية للملكية الفكرية إذا كان الهدف هو تحقيق مستوى رفاهية أعلى للمستهلكين والمنتجين على حد سواء.  حماية حقوق المؤلف ضرورية للغاية للإبداع الإنساني وذلك من خلال إعطاء المبدعين الحوافز اللازمة في شكل الاعتراف والضمان لإبداعاتهم وتوفير التعويض الاقتصادي المناسب لها.  هذا بدوره يؤدى إلى زيادة القدرة على الحصول والتمتع بالتراث الثقافي والمعرفة في جميع انحاء العالم.

6-   النتائج وبعض المقترحات المتعلقة بالسياسات في هذا المجال

إن ادراك الطبيعة الخاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وحاجتها إلى معاملة مختلفة أمر يجب تقديره جيداً. ولكن تبقى العديد من الموضوعات المتعلقة بحقوق المؤلف والتى لم يتم تناولها بشكل كافي سواء على مستوى البحث الأكاديمي أو على مستوى السياسات المفعلة في هذا المجال.  نجد أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة فى البلدان النامية منغمسة بشدة في هذه الصناعات سواء كمالكة أو مستخدمة للمنتجات ذات الصلة بحقوق المؤلف مما يعقد من عملية التحليل لمكاسب وخسائر الحماية القوية لحقوق الملكية الفكرية ومع ذلك يظل افتراضنا المبدئى بوجود علاقة قوية بين المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبين الصناعات المتعلقة بحماية حقوق المؤلف قائم.

المشروعات الصغيرة والمتوسطة تواجه مشاكل متعلقة بالحجم الصغير والاختلالات الموجودة في الأسواق وسياسات الحكومة المتحيزة ضدهم.  طبيعة الصناعات الثقافية تعقد الأمور وخاصة فيما يتعلق بخصائص المنتجات ذات الصلة بحقوق المؤلف الموضحة اعلاه وخاصة فيما يتعلق بأنها غير ملموسة مادياً. وحيث ان هذه الصناعات تنتشر فيها المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخاصة في البلدان النامية فإن هذا يعني ضرورة زيادة اهتمام الحكومات بها. وهناك عدة عوامل تؤدى إلى خلق الحوافز اللازمة لحكومات البلدان النامية للعمل في هذا الاتجاه من خلال: 1) الصحوة الحالية على مستوى العالم أجمع للاهتمام بالتعددية الثقافية والحفاظ على التراث الثقافي لكل بلد وهنا نجد دور هام للصناعات الثقافية؛ 2) مشكلة البطالة المزمنة ودور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في معالجتها. ومما يدعى للتعجب ان تقوية النظام الخاص بحماية الملكية الفكرية قد يوفر الحل اللازم لهذه المشكلة في حالة غياب ضامن للحصول على قرض من المؤسسات التمويلية لتمويل المشروعات الخاصة والابداع الفكري. وبمعنى آخر نظام أكثر حماية للملكية الفكرية من الممكن أن يساعد في حل مشاكل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فدور حقوق الملكية الفكرية يساعد في خلق قيمة للأصول والتى لم تكن لها قيمة في حالة وجود نظام ضعيف لحماية الملكية الفكرية هو دور هام يجب التأكيد عليه. هذا بدوره سوف يدعم بالتأكيد وضع المشروعات الصغيرة والمتوسطة عند تقدمها بطلب للحصول على تمويل، وهو يساعد على حل مشكلة مزمنة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وخاصة في البلدان النامية.

إن ازدهار البحث الأكاديمي في كلا الموضوعين مازال منقسم (اقتصاديات حقوق الملكية الفكرية واقتصاديات المشروعات الصغيرة والمتوسطة) بالرغم من الحاجة الملحة لتزاوج هذين الفرعين في الأدبيات والبحوث.

المطلوب هو شيئين أساسيين

سوف تتيح أجنده ابحاث غنية تدمج فرعي الأدبيات الموجودة معاً فهم أفضل للطبيعة الخاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وبالذات عند ادخال حقوق الملكية الفكرية في الحسبان مع التركيز على الأمور ذات الصلة بحقوق المؤلف والتى لها اهمية خاصة لكل من البلدان النامية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

إن اطار منظم بشكل جيد للسياسات والمؤسسات والذى يقلل من التحيز ضد المشروعات الصغيرة والمتوسطة نحن في حاجة اليه لكى نتمكن من معالجة احتياجاتهم الخاصة وبالذات في الأمور ذات الصلة بحقوق الملكية الفكرية بشكل عام وحقوق المؤلف بشكل خاص. وبنية أساسية مؤسسية مكملة هى أمر في غاية الأهمية.  فعلى سبيل المثال، لتحاشى وجود ريع احتكاري أو استخدام سيئ للسيطرة على السوق بسبب نظام صارم لحفظ حقوق الملكية الفكرية، فإن الحاجة إلى سياسة منافسة ولأى تنظيمات قطاعية والتى تكون مصممة بدقة ومنفذة بكفاءة هى أمر أساسي. بالإضافة على ذلك، يجب الاهتمام بزيادة الوعى لدى الرأى العام بأهمية حماية حقوق الملكية الفكرية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وهذا قد يتطلب إقامة مؤسسات مهمتها القيام بهذه الوظيفة. وتفتقر الدول النامية لمثل هذه المؤسسات والتى إن وجدت فيكون من الصعب على المشروعات الصغيرة والمتوسطة الوصول اليها.

نظرة عامة على قوانين حماية حقوق المؤلف في بعض الدول العربية المختارة

لـبنان

قانون حماية حقوق المؤلف اللبناني يحمي جميع حقوق المؤلف في كل المجالات ذات الصلة دون استثناءات صريحة. حقوق المؤلف تمنح لمدى الحياة بالنسبة للمؤلف زائد خمسون عاماً في حالة المنتجات ذات الصلة بحقوق المؤلف والتى انتجت بواسطة شركات. هذه المدد الزمنية متسقة مع المعايير الدولية في هذا المجال. حقوق المؤلف تمنح حقوق مطلقة لانتاج وبيع نسخ الأديب المكتوب والإبداع الفني لمبدعيها    (Maskus, 2000).

في قطاعات الترفيه والإعلام (الأفلام، الموسيقى، النشر، والبث) حماية المؤلف هي عامل أساسي في عملية الإبداع. بالرغم من محدودية تطبيق هذه الحقوق في الواقع، فإن لبنان لديها تاريخ طويل في الإبداعات المتعلقة بحقوق المؤلف مثل الأفلام ونشر الكتب وتسجيل الموسيقى. المصدر الأساسي لهذه الابداعات وتميز لبنان فيها هو وجود حشد كبير من المواهب التى تتمتع بالقدرة على الخلق والابداع في لبنان. وتنتشر في لبنان قرصنه شرائط الفيديو وتسجيلات الموسيقى كما يعاني الناشرون من ارتفاع معدل القرصنه للكتب التى يقوموا بنشرها في لبنان والدول المجاورة (Maskus, 2000).

مـصـر

استجابة للمطالبات بتحسين الحماية القانونية للأعمال ذات الصلة بحقوق المؤلف، قامت الحكومة بتمرير القانون رقم 38 لعام 1992 والمكمل للقانون الخاص بحماية حقوق المؤلف لعام 1954. وتعتبر اتفاقية برن والتى انضمت اليها مصر عام 1997 نافذة بموجب الدستور المصري. هذا يعني أن مالكى حقوق المؤلف الدوليين قد يلجأون مباشرة الى أحكام اتفاقية برن في المحاكم المصرية في المجالات التى لا يتناولها القانون المصري الخاص بحماية حقوق المؤلف أو في الحالات التى يشوبها غموض في التفسير.

وفي مارس 1994 قامت الحكومة بتعديل عدة أحكام في القانون رقم 38 لعام 1992 لضمان تمتع برامج الحاسب الآلى بنفس درجة الحماية الموفرة للأعمال الابداعية الأخرى (أى اتاحة خمسون عام من الحماية). بالإضافة الى ذلك، صدر قرار وزارى في أبريل 1994 لتوضيح ماهية المقصود بحقوق الإيجار وحقوق العرض العام، حماية التسجيلات الموسيقية، ومفهوم الاستخدام الشخصي. ومع ذلك مازالت القرصنة منتشرة وتؤثر على جميع المجالات ذات الصلة بحقوق المؤلف. ولكن هناك تقدم ملحوظ في تقليص معدلات القرصنة المرتفعة في جميع المجالات باستثناء مجال البرمجيات حيث تنتشر القرصنة في السوق المحلي مع وجود  بعض المنتجات المقلدة الواردة من لبنان وبعض دول الخليج العربي.

وقد أقر البرلمان المصري مؤخراً قانون جديد شامل لحماية حقوق الملكية الفكرية يتسق مع متطلبات اتفاقية التريبس TRIPS. وقد اتخذت إدارة حقوق المؤلف التابعة للمجلس الأعلى للثقافة خطوات جادة في تشجيع وتنمية الأنشطة الإبداعية وحماية الملكية الفكرية. ونتيجة لهذه الجهود تطورت صناعة انتاج الموسيقى في مصر بشكل كبير في التسعينات حيث تشير الإحصاءات الى ارتفاع المبيعات من 11 مليون وحدة عام 1992 بقيمة اجمالية 13.3 مليون دولار الى 20.1 مليون دولار عام 1997 بقيمة اجمالية 42.8 مليون دولار (Global anti-piracy watch, 2001). وفي مصر سوق للبرمجيات قدر بحوالي 50 مليون دولار عام 1999 وينمو بمعدل نمو سنوي يصل الى 35% (Harvard Computing Group, 1999).

الجزائر

المكتب القومي لحقوق المؤلف التابع لوزارة الثقافة والسياحة فى الجزائر كان له دور هام في زيادة الحماية لحقوق المؤلف وبالتالي انتعاش الصناعات المرتبطة بحقوق المؤلف بشكل عام. وتتميز الجزائر بأنها من أكثر الدول العربية التى لديها مجتمع منظم لحقوق المؤلف.

الأردن

تعيش الاردن الآن صحوة لتطبيق أفضل لقوانين حماية الملكية الفكرية. وهذا يساعد على نمو صناعة البرمجيات بشكل ملحوظ وتحظى هذه الصناعة بالمساندة الكاملة من قبل الحكومة. وقد وقعت الأردن مؤخراً اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية وقبلت تطبيق أكثر صرامة للقوانين المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية كشرط أساسي للدخول في هذه الاتفاقية.

المغرب

تقوم الادارة القومية لحقوق المؤلف والتى تتبع وزارة المعلومات فى المغرب بتنشيط ودعم الأنشطة والصناعات المتعلقة بحماية حقوق المؤلف.

السودان

السودان عضو في العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في مجال الملكية الفكرية. وتقوم الادارة القومية لحقوق المؤلف والتابعة لوزارة الثقافة بدعم الحفاظ على حقوق المؤلف وتنشيط الصناعات الثقافية (Alikhan, 2000).

المراجع

Acheson, Keith and Christopher J. Maule (2001), "Copyright and Related Rights: The International Dimension", Canadian Journal of Communication Vol. 19 No. 3-4, available at http://cjc-online.ca/title.php3?page=8&journal_id=18&document=1

Alikhan, Shahid (2000), Socio-economic Benefits of Intellectual Property Protection in Developing Countries, Geneva: WIPO.

Footer, Mary E. and Christoph Beat Gaber (2000), "Trade Liberalization and Cultural Policy", Journal of International Economic Law, pp. 115-144.

Gallina, Andrea (2001), "SME Contribution to the Creation of the Euro-Mediterranean Region", ERF Working Paper No. 0106, Cairo: Economic Research Forum for Arab Countries, Iran and Turkey (ERF).

Ghoneim, Ahmed Farouk (2002, forthcoming), "The Cultural Industries in Egypt" Report submitted to the WIPO.

Global anti-piracy watch (2001), available  at http://www.ifpi.org.

Harvard Computing Group (October, 1999), "A Development Plan for the Egyptian Software Industry".

Lall, Sanjay (2000), "Strengthening SMEs for International Competitiveness", ECES Working Paper No. 44, Cairo: Egyptian Center for Economic Studies.

Maskus, Keith E. (2000a), "Strengthening Intellectual Property Rights in Lebanon", in Bernard Hoekman and Jamal Zarrouk (eds.),  Catching Up with Competition: Trade Opportunities and Challenges for Arab Countries, Michigan: University of Michigan Press.

Maskus, Keith E. (2000b), Intellectual Property Rights in the Global Economy, Washington D.C.: Institute for International Economics.

McCulloch, Neil, L. Alan Winters and Xavier Cirera (2002), Trade Liberalization and Poverty: A Handbook, CEPR and DFID

Sisken, Daniel S. (1996), "Beyond Informality: The Importance of Macro and Local Level Environments in the Development of Small Firms in Egypt", ERF Working Paper No. 9634, Cairo: Economic Research Forum for Arab Countries, Iran and Turkey (ERF).

Watt, Richard (2000), Copyright and Economic Theory Friends or Foes, Edward Elgar Publishers.


*  أحمد فاروق غـنيم هو مدرس الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة كما يشغل منصب نائب مدير مركز الدراسات الاقتصادية والمالية بجامعة القاهرة. وهو ايضاً باحص مشارك بمنتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية وإيران وتركيا. ويعمل مستشاراً لعدد من الهيئات الدولية كالبنك الدولي ومنظمة حقوق الملكية الفكرية العالية. يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد ودوائر اهتماماته البحثية تتركز في المجالات المتعلقة بالسياسة التجارية، التكامل الاقليمي، والنظام متعدد الأطراف واقتصاديات حقوق الملكية الفكرية. وقد شغل عدة مناصب تتعلق بتنفيذ السياسات آخرها كان مستشار لوزير التجارة الخارجية في مصر.

 [1]               4) صناعة البرمجيات لها خواص معينه مثل خارجيات الشبكة Network Externalities مما يعقد التحليل في الوصول إلى الدرجة المثلى من الحماية لحقوق المؤلف

المصدر: دكتور/ أحمد فاروق غـنيم*
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 1093 مشاهدة
نشرت فى 23 يونيو 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,867,031

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters