القيادة الإدارية :
1 - تعريف القيادة :
هي القدرة على التأثير في الأشخاص بواسطة الاتصال لتحقيق هدف وهي عملية تأثير تتأثر مدى فاعليتها بطبيعة وشخصية القائد والتابعين له والعاملين معه وطبيعة العمل الموكول إليهم وهي فن تحقيق وتنسيق وحفز الأفراد والمجموعات لبلوغ الأهداف التي تعمل المؤسسة والتنظيم على تحقيقها ، وتحتاج الأمم والمجتمعات اليوم كثيرا آلي القادة المخلصين من ذوي الثقافة الواسعة والصدر الرحب .
والإدارة تبقى جوفاء وبدون حياة اذا لم تتوفر للعاملين فيه قيادة قادرة على بث روح التعاون داخل المؤسسة أو الإدارة .
والقيادة تتطلب قدرات شخصية خارقة من اجل بلوغ أهداف الإدارة عن طريق التأثير والنفوذ الذي يجعل المرؤوسين يتبعون قائدهم عن رضا وقناعة تامة .
2 - أهمية القيادة :
إن عملية القيادة ووجود القائد الجيد على رأس عمله أمر غاية في الأهمية ، والقيادة لا بد منها حتى تترتب الحياة ، ويُقام العدل، ويُحال دون أن يأكل القوي الضعيف. والقيادة هي التي تنظم طاقات العاملين وجهودهم لتنصب في إطار خطط المنظمة بما يحقق الأهداف المستقبلية لها ويضمن نجاحها. كما يعمل القائد بشكل دائم على تدعيم السلوك الإيجابي للأفراد والمجتمعات، وإنه يبذل قصارى جهده لتقليل السلوك السلبي، موجداً بذلك مناخاً أفضل للعمل والإنتاج الهادف، ثم إن على القائد أن لا يُستهلك بالتعامل مع الأمور اليومية والروتينية، بل إن أهم عمل له هو استشراف المستقبل، ووضع الخطط المستقبلية وتطويرها، وحل أي مشكلات مستقبلية متوقعة قد يواجهها.
3 - طرق اختيار القائد الإداري :
تتعدد طرق إختيار القادة الإداريين ، وهي كما يلي :
أ - طريقة الاختيار الحر وهي تقوم على اعتبارات شخصية تقديرية لكن هذا اللأسلوب وهذه الطريقة لم
تعد مقبولة في مجتمع اليوم حيث سيادة القانون ومساواة جميع المواطنين في شغل الوظائف العامة
ب - المركز الاجتماعي تعتمد هذه الطريقة في اختيار القادة الإداريين على اعتبار النسب أو الإنتماء إلى
طبقة اجتماعية معينة أيضا هذا الاسلوب لا ينسجم مع الإتجهات الديمقراطية المعاصرة
ج - طريقة الانتخاب :
وهي طريقة تعتمد على أسس ديمقراطية وهي متبعة في مصر بالنسبة لإنتخاب عمداء الكليات
بالجامعة وهذه الطريقة لا تصلح لإختيار القادة الإداريين كونها تعتمد على التأثير في الناخبين أو
تأييد بعض الأفراد الذين لهم مصلحة في نجاح بعض الشخصيات
د - طريقة الإعداد والتأهيل والتكوين :
وتعتمد هذه الطريقة على تدخل الإدارة العامة من أجل إعداد وتكوين الأطر القيادية من خلال
إحداث المعاهد الوطنية للإدارة العامة التي يهدف إلى التكوين العلمي والتأهيل المهني لموظفي
الإدارة العامة الذين يشغلون المناصب العليا عند تخرجهم من هذه المعاهد وهذه طريقة جيدة وعملية
أثبتت نجاحا في الدول المتقدمة .
هـ - طريقة الخبرة والممارسة :
وهي ترتكز على النظرية الشخصية لترتيب الوظائف ومن خلالها يمكن ترقية الاداريين على اساس
الأقدمية والإستحقاق من خلال التعيين عن طريق إجراء مسابقات عامة تكشف عن صلاحية
المتقدمين أو الترقية تتم على أساس نظام الأقدمية ونظام الإستحقاق عبر مسابقة للترقية لا تختلف
عن مسابقات التعيين وهذا الأسلوب جيد لإشاعة الإهتمام خلال الحياة الوظيفية .
4 - نظريات القيادة :
يختلف كتاب الإدارة في عدد نظريات القيادة ، ويمكن لنا أن نقول أن عددها هي أربع :
أ – القيادة الموروثة : وتنص هذه النظرية على أن سلوك الفرد محدد بصفات وسمات موروثة ، فالمقدرة
القيادية ماهي إلا صفة توجد في الفرد منذ ولادته نتيجة عوامل وراثية معينة، فالقدرة القيادية حسب
مؤيدي هذه النظرية هي صفة موروثة تخلق مع الفرد كغيرها من صفات الجنس واللون والجمال ، ....
إلخ .
والإنتقادات التي وجهت لهذه النظرية هي :
(1) - فشلت النظرية في إعتبار تأثير الجماعة على المواقف والسياسات الإدارية .
(2) - فشلت النظرية في تحديد الصفات القيادية الموروثة ، وذلك لصعوبة الفصل بين الصفات القيادية
الخاصة والمشتركة .
(3) - فشلت النظرية في تحديد الصفات الهامة من بين الصفات الموروثة ، كما فشلت في التعرف على
الصفات التي يتميز بها القائد الناجح والضرورية لدعم شخصيته .
(4) - فشلت النظرية في مقدرتها على تحليل السلوك الإنساني ونماذجه ، وإكتفت بوصف ذلك السلوك .
ب – القيادة المكتسبة : وهي تقوم على مبدأ أن القائد الناجح هو الذي يكتسب الصفات القيادية نتيجة لعمله
في الجماعة وممارسته قيادة أفرادها ، ونتيجة تمرسه في الأعمال القيادية .
ج – القيادة العلمية ( الإهتمام بالعمل ) : ونشأت نتيجة الحركة العلمية التي نشرها (فريدريك تايلور)
الذي يعتبر أن الوسيلة الوحيدة لزيادة الإنتاج هي من خلال التركيز على إجراءات وطرق العمل:
(1) - استغلال طاقات الأفراد والتعامل معه كأي متغير آخر في العملية الإنتاجية.
(2) - التركيز على احتياجات المنظمة بدون النظر إلى احتياجات الأفراد.
د - حركة العلاقات الإنسانية ( ألتون مايو ) :
(1) - تنحصر مهمة القائد في تنسيق جهود الأفراد واستثمار طاقاتهم في تحقيق أهداف المنظمة.
(2) - مراعاة الجوانب الإنسانية مصدر رئيسي يستمد منه القائد قوته في التأثير على الأفراد.
5 - أنواع القيادة :
هناك عدد من أنواع القيادة ، ويمكن تصنيفها في ثلاثة مجموعات :
أ – القيادة حسب سلوك القائد :
(1) - القيادة الأوتوقراطية : ويعرف أيضاً بإسم القيادة العسكرية أو الإستبدادية .
(2) - قيادة عدم التدخل : حيث يلعب القائد دور الوسيط ، ويتصف بالسلبية والتسامح والتودد تجاه أتباعه إلى درجة التخلي عن دوره في إتخاذ القرارات .
(3) - القيادة الديموقراطية : وهي حل وسط بين القيادة التعسفية وقيادة عدم التدخل .
ب – القيادة حسب الهيكل التنظيمي :
(1) – القيادة الرسمية : وهم الذين يعينون في مراكز القيادة التي يحددها التكوين الرسمي للمنظمة ، ولديهم السلطة الضرورية التي تخولها لهم تلك المناصب للقيام بتوجيه وإرشاد المرؤوسين وإصدار الأوامر لهم .
(2) - القادة غير الرسميين ( القادة الطبيعيون ) : وهم القادة الذين يظهرون داخل التنظيم بصورة طبيعية نتيجة تفاعل جماعة العمل فيما بينها .
ج - القيادة الموقفية : وهي القيادة التي نشأت نتيجة قوة شخصية لفرد ما ، بحيث يستطيع أن يجمع حوله
أتباعاً يؤمنون بأفكاره وآرائه وصحة أهدافه ومعتقداته .
صفات القائد الإداري الجيد وفق أصحاب هذه النظرية :
(1) - أن يكون ذا رأي حصيف .
(2) - أن يحاسب نفسه وتصرفاته .
(3) - أن يحرر نفسه من الذاتية والأنانية .
(4) - أن يكون ذا نزعه إجتماعية .
(5) - أن ينظر إلى مرؤوسيه على أنهم يعملون معه ولا يعملون عنده .
(6) - أن يمتلك القدرة العلمية والسلوكية على التخطيط والتنظيم .
(7) - أن يشجع المبدعين ويستفيد منهم .
(8) - لديه القدرة العقلية والنفسية والجسمية ، والقدرة على تحمل المتاعب .
(9) - أن يكون مرن بلا ضعف وقوي بلا عنف .
6 - فعالية القيادة الإدارية :
القيادة الفعالة هي عملية إبتكار الرؤية البعيدة الرحبة وصياغة الهدف ووضع الإستراتيجية وتحقيق التعاون وإستنهاض الهمم للعمل ، والقائد الناجح هو الذي : يصوغ الرؤى للمستقبل آخذاً في الإعتبار المصالح المشروعة البعيدة المدى لجميع الأطراف المعنية .
والقائد الفعال هو الذي يضع إستراتيجية راشدة للتحرك في إتجاه تلك الرؤى و يضمن دعم مراكز القوة الرئيسة له والتي يعد تعاونها أو توافقها أو العمل معها أمراً ضرورياً في انجاز التحرك المطلوب ، كما أنه هو الذي يستنهض همم النواة الرئيسة للعمل من حوله ، والتي يعد تحركها أساسياً لتحقيق إستراتيجية الحركة .
ولا توجد نظرية واحدة يمكن أن تحدد مفهوم القيادة الإدارية أو متطلبات هذه القيادة ولكن هناك مفهوم عام شامل وهو أن القائد الإداري لا بد أن يتحلى بصفات شخصية تؤهله لهذه القيادة ، مثل النشاط والطموح والاهتمام بالعمل ، وتفتح الذهن ، ولابد أن يكون القائد عملياً قوي الشخصية عميق التفكير صبوراً مثالياً واثقاً من نفسه ، لطيفاً، مهتماً بأحوال مرؤوسيه ويتصف بحب الخير لمرؤوسيه وأنه لا يرفض طلباً لأحد مرؤوسيه فيه خير له مادام لا يختلف هذا الطلب مع لوائح العمل . ومصافحتهم وإن الشعور بالمودة من قبل المدير لمرؤوسيه لابد أن يقابله محبة وولاء من مرؤوسيه له ، فالتواضع والود ومساعدة المرؤوسين يجعلهم يحبونه ويتفانون في إطاعة أوامره.
وبالإضافة إلى هذه الصفات الشخصية لا بد أن يتمتع المدير القائد بالمهارات الإدارية والمعلومات الفنية اللازمة ليتمكن من اتخاذ القرارات والتخطيط والتقييم والتوجيه وحل المشكلات.
إذاً فلا بد للقائد الإداري من صفات شخصية ومؤهلات علمية وإمكانات فنية ومهارية ليتمكن من تحقيق أهداف التنظيم.
7 - القيادة الإدارية في الإسلام :
إن للقائد الإداري المسلم صفة ليست لغيره ، فمع أنه يمكن أن يستفيد من أفكار ونظريات وأساليب نظريات القيادة التي تطورت نتيجة تطور الفكر الإداري ، إلا أن هناك صفات ومحددات ومعايير يجب أن يخضع لها القائد المسلم ، وأن يتصف بها. ونستطيع أن ندرك درجة اهتمام الإسلام بالقيادة منذ بزوغ فجر يومه الأول ، خاصة وأنه نظر إلى القيادة على أنها جزء هام من الطبيعة البشرية ، إذ أنها تشكل النظام الذي ترتكز عليه حياة الإنسان وتفاعله مع غيره من بني البشر. وقد بين لنا الإسلام أن الحياة تتطلب التفاعل الاجتماعي الذي يتم بين أعضاء المجتمع ، وبالتالي فقد شرع الإسلام القيادة التي تتولى تنظيم حياة ذلك المجتمع بشكل لا يترك أي فرصة فيه لسيادة الفوضى والجهل. ولهذا نرى أن الإسلام يفرض وجود القيادة حفاظاً على تماسك المجتمع وإستمراريته في تحقيق أهداف الفرد والجماعة .
ويمكن القول أن مفهوم القيادة الإدارية في الإسلام هو ذلك السلوك الذي ينتهجه القائد المسلم للتأثير على مرؤوسيه لآداء الأعمال الملكلفين بها كما أمر الله ورسوله ، مراعيين في ذلك مصلحة العمل لأمانة وإخلاص في ظل الضوابط الشرعية قال تعالى : {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} ( التوبة ، آية 105) .
والقائد الإداري المسلم يعي تماما أن الأعمال المكلف بها هي تكليف لا تشريف ويتطلب منه ذلك والأمانة والجد والإجتهاد والشعور بالمسئولية تجاه هذه الأعمال المكلف بها وأنه سيحاسب أمام الله لو قصر في أداء هذه الأمانة مقتديا بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال ـ لأبي ذر : " يا أبا ذر إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا على من أخذها بحقها وأدى الذي عليه " .
والقائد الإداري المسلم قائدا شورويا ديمقراطيا لاينفرد بصنع القرارات بمفرده ، بل يشاور أهل الحل والعقد امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى { وأمرهم شورى بينهم } ( الشورى، آية 38)، وقوله سبحانه وتعالى { وشاروهم في الأمر } ( آل عمران، آية 159) ، كما أن القائد الإداري المسلم كيس فطن واقعي لايتخذ قراراً دون معرفة نتائج هذا القرار وتأثيره سلبً أو إيجاباً على مرؤوسيه وسير العمل بشكل عام ، ويتطلب من القائد الإداري المسلم أن يكون قدوة حسنة للعاملين معه يطبق القرارات على نفسه أولاً قبل العاملين معه ويلتزم بكل التعليمات ليعطي نموذجاً مثالياً للإلتزام والإنضباط في العمل امتثالاً لقوله سبحانه وتعالى { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} (الأحزاب، آية 21) ، ولا ينبغي للقائد الإداري المسلم أن يكون فظاً غليظاً جافاً في التعامل مع مرؤوسيه لما لذلك من أثر سيء على العاملين معه وعلى سير العمل فالقائد الإداري المسلم يدرك جيداً أن البر والرحمة ركيزة أساسية في عمله الإداري لقوله سبحانه وتعالى { ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} ( آل عمران، آية 159).