أشكال الاستثمار في المصارف الإسلامية
تقوم المصارف الإسلامية بعمليات مختلفة تهدف جميعها إلى تدعيم التنمية في المجتمع ويأتي الاستثمار في مقدمة العمليات وللاستثمار الإسلامي طرقا وأساليب متميزة وعديدة تهدف كلها إلى تحقيق الربح الحلال ومن أبرز هذه الأساليب والأشكال
أولا: المضاربة:
تعتبر المضاربة هي الوسيلة التي تجمع بين المال والعمل بقصد استثمار الأموال التي لا يستطيع أصحابها استثمارها . كما أنها الوسيلة التي تقوم على الاستفادة من خبرات الذين لا يملكون المال.
والمقصود بالمضاربة: عقد بين طرفين أو أكثر يقدم أحدهما المال والأخر يشارك بجهده على أن يتم الاتفاق على نصيب كل طرف من الأطراف بالربح بنسبة معلومة من الإيراد.
وهناك عدة أشكال أو صور للمضاربة نذكر منها:
المضاربة الخاصة: بمعنى أن المال والعمل مقدمان من شخص واحد.
المضاربة المشتركة: يتعدد فيها أصحاب الأموال وأصحاب العمل.
المضاربة المطلقة : وهي التي لا يقيد فيها صاحب المال المضارب بنوع محدد من الاستثمار أو التجارة وإنما يكون له مطلق الحرية في اختيار النشاط الذي يراه مناسبا.
المضاربة المقيدة: وهي المضاربة التي يلزم فيها صاحب رأس المال المضارب باستخدام الأموال في نشاط أو تجارة معينة من قبله.
شروط المضاربة:
1 _ يجب أن يكون رأس المال المضارب به نقدا ومعلوما.
2_ إن المضارب لا يضمن رأس المال المضارب به في حالة الخسارة إلا إذا أثبت صاحب المال أن تقصير المضارب هو السبب وراء هذه الخسارة.
3_ يمكن للمصرف أن يطالب بضمان يقدمه المضارب يحفظ فيه حقه في حالة تقصيره عن تنفيذ الشروط التي تم الاتفاق عليها.
4_ يجب أن يتم تحديد نصيب كل طرف من الأرباح كنسبة من الأرباح ولا يجوز أن يكون الربح مقدارا محددا لأنه قد تكون الأرباح المتحققة أقل من ذلك
5_ يجوز الاتفاق على وقت المضاربة ومكانها.
ثانياً : المشاركات
المشاركة هي صورة قريبة من المضاربة والفرق الأساسي بينهما أنه في حالة المضاربة يتم تقديم رأس مال من قبل صاحب المال وحده . أما في حالة المشاركة فإن رأس المال يقدم بين الطرفين ويحدد عقد المشاركة الشروط الخاصة بين الأطراف المختلفة
وتعرف المشاركة : بأنها عقد بين طرفين يقدم كل منهما مقدارا معلوما من رأس المال ويكون فيه الحق بالتصرف في المال تصرفا كاملا باعتباره شريكا ومالكا له ويتم توزيع الربح حسب ما يتم الاتفاق عليه ببن الطرفين . أما الخسارة فتوزع حسب نسبة المشاركة برأس المال.
ويمكن أن تقسم المشاركة إلى نوعين رئيسيين :
المشاركة المتناقصة :
تقوم المشاركة بين طرفين أحدهما المصرف وأي طرف أخر سواء كان فردا أم شركة يكون فيها الحق للشريك أن يحل محل المصرف في ملكية المشروع المشترك بينهما وذلك أما دفعة واحدة أو على دفعات . على أن لا يتم دفع نصيب الفرد أو الشركة من الأرباح المتحققة كجزء من استرداد قيمة حصة المصرف أي أن الشريك في النهاية سيتمكن من تملك المشروع بعد أن تمكن من رد التمويل إلى المصرف([7] ) .
المشاركة الثابتة :
قد يأخذ المشروع المعول شكلا قانونيا ثابتا مثل شركة مساهمة أو التوصية البسيطة أو توصية بأسهم أو تضامن حسب صيغة المشروع وحجمه،وهنا يقوم المصرف الإسلامي بتمويل جزء من رأس المال لمشروع معين يجعله شريكا في إدارته والإشراف عليه وشريكا في الربح حسب النسبة المتفق عليها، وتبقى حصة كل شريك من الشركاء ثابتة لحين الانتهاء من مدة المشروع أو الشركة التي حددت في الاتفاق([8] ) .
بعض أنواع الشركات في الفقه الإسلامي
1_ شركات الأملاك
اشتراك شخصين أو أكثر في ملك عين معينة ذات قيمة مالية.
2_ شركات العقود
عقد بين طرفين أو أكثر على الاشتراك في رأس المال والأرباح الناتجة عن استثماره وتقسم شركات العقود إلى:
آ_ شركات العنان : وهي أحد أنواع شركات العقود التي تم الاتفاق فيها بين الأطراف المتشاركة على عدم تصرف أي شريك إلا بإذن صاحبه .
ب _شركة المفاوضة : وهي الشركة التي يتساوى فيها الشركاء في كل شيء .
وتعتبر شركة العنان من أنسب الصيغ الاستثمارية في المصارف الإسلامية مثل المشاركة الدائمة والمشاركة المنتهية بالتمليك([9] ) .
ثالثا: المرابحة
هي البيع بالثمن الذي اشتريت به السلعة مع ربح معلوم واتفق الفقهاء في المذاهب المختلفة على أمرين بالنسبة للمرابحة( [10] ) .
الأول : بيان الثمن وما يدخل فيه ويلحق فيه .
الثاني : زيادة ربح معلوم على الثمن . ومن شروط المرابحة :
1- أن يكون ثمن السلعة معلوما.
2- أن يكون الربح معلوما للبائع والمشتري .
3- أن يكون المبيع عرضا فلا يصح بيع النقود مرابحة.
4- أن يكون العقد الأول صحيحا . فلو كان فاسدا لم تجر المرابحة لأنها بيع بالثمن الأول مع زيادة الربح.
أنواع البيوع
تصنف البيوع إلى أنواع متعددة هي :
1 ) بيع المقايضة : وهو مبادلة عين بعين بدون نقد وقد كان هذا البيع شائعا قبل استخدام النقود.
2) بيع الصرف: وهو بيع الثمن بالثمن سواء كان الثمن عاجلا أو أجلا ويشمل :
آ _ بيع السلم : ويتم بدفع الثمن مال مع تأجيل تسليم المبيع.
ب_ بيع الأجل : ويتم بتسليم المبيع مالا مع تأجيل دفع الثمن .
ج_ بيع المساومة : ويتم دون معرفة المشتري لتكلفة السلعة على البائع فلا يعرف المشتري مقدار ربح البائع أو خسارته ويجوز هذا البيع إذا لم يكن من البيوع غير المشروعة كبيع المسترسل.
د_ بيوع الأمانة : ويتم فيها البيع بمعرفة المشتري كلفة السلعة على البائع ويتم تحديد الثمن بينهما بناء على ذلك([11] ) .
رابعاً : بيع السلم
وهو بيع شيء يقبض ثمنه مالا وتأجيل تسليمه إلى فترة قادمة وقد يسمى بيع السلف .
فصاحب رأس المال يحتاج أن يشتري السلعة وصاحب السلعة يحتاج إلى ثمنها مقدما لينفقه سلعته حتى يصفها. وبهذا نجد أن المصرف أو أي تاجر يمكن له أن يقرض المال للمنتجين ويسدد القرض لا بالمال النقدي لأنه سيكون (قرض بالفائدة)، ولكن بمنتجات مما يجعلنا أمام بيع سلم يسمح للمصرف أو للتاجر بربح مشروع ويقوم المصرف بتصريف المنتجات والبضائع التي يحصل عليها وهو بهذا لا يكون تاجر نقد وائتمان بل تاجر حقيقي يعترف الإسلام بمشروعيته وتجارته . وبالتالي يصبح المصرف الإسلامي ليس مجرد مشروع يتسلم الأموال بفائدة لكي يوزعها بفائدة أعلى ولكن يكون له طابع الخاص حيث يحصل على الأموال ليتاجر ويضارب ويساهم بها .
وهكذا يمكن أن يكون عقد السلم طريقا للتمويل يغني عن القرض بالفائدة . فأصحاب السلع والبضائع يمكنهم أن يحصلوا من المصرف على ثمن بضائعهم مقدما على أن تسلم للمصرف مستقبلا ليتاجر بها كما يمكن للمصرف أن يستخدم بيع السلم في بيع تجارته([12] ) .
مشروعية السلم :
إن المستند الشرعي قوله (صلى الله عليه وسلم) ((من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم)) ولأن السلم على غير القياس فقد وضع العلماء شروط وقيود تحفظ للسلم إباحته ومنها([13] ) :
1) بيان الجنس والنوع والصفة في الثمن تجنبا للنزاع .
2) بيان جنس ونوع وصفة المسلم فيه(السلعة)
3) أن يكون المسلم فيه مؤجلا إلى أجل معلوم .
4)أن يكون المسلم موجودا عند حلول الآجل .
5) يشترط في المسلم فيه أن لا يكون من جنس الثمن وأن لا يكون متفقا معه في على ربوية
6)البعض اشترط بأن لا يقل الأجل عن شهر واحد ذلك لأن الشهر أقل مدة يمكن أن تتحقق فيها الفائدة من بيع السلم.
7) يجب أن يكون الثمن معجلاً .
خامساً : الاستصنا ع
ومعناه طلب الصنعة كأن يطلب من شخص أن يصنع لك حذاء أو حقيبة أو غير ذلك فإن هذا الأمر هو ما يعرف بالاستصناع . وبعض الفقهاء قالوا أنه يجب أن يوضع الاستصناع من حيث محل العقد وصفته ووزنه...... الخ . ويذكر أن الناس تعاملوا بهذا العقد منذ زمن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي استصنع خاتما وقيل أنه استصنع منبرا. ومن فوائد الاستصناع أنه يشجع الإنتاج والعمل وتشغيل الأيدي العاملة ويزيد النشاط الاقتصادي ويؤمن عملية التسويق.
هذا ويمكن للمصارف الإسلامية الآن الدخول في عمليات الاستصناع، كمثال يمكن لها أن تجعل عقود استصناع عن طريق امتلاكها المصانع والقيام بالتصنيع أو أن تكون صانعا ومستصنعا في نفس الوقت وهو يعرف ب (الاستصناع الموازي) وهذا النوع هو الأكثر ملائمة لعمل المصارف الإسلامية([14] ) .
شروط الاستصناع ( [15] ) :
1) أن يكون محل العقد معلوم الجنس والنوع والصفة والقدرة وهذا التحديد الدقيق يجعل الوقوع في النزاع والخلافات بين الصانع والمستصنع في أضيق الحدود.
أن يكون محل العقد مما يجعل فيه التعامل بين الناس استصناعا مثل الأحذية والملابس والأثاث.(2
أن يقدم الصانع مستلزمات الصناعة . (3
سادساً : القرض الحسن
عرفنا أن المصارف الإسلامية لا تمنح المتعاملين معها قرضا بالمعنى الذي تقوم به المصارف التقليدية كما أنها لا تقوم بخصم الكمبيالات كما هو الحال في المصارف التقليدية،وذلك لأنه لا يجوز للمصرف تقاضي أية زيادة عن المبالغ الممنوحة في هذه الحالة فأيما قرض جرمنفعة فهو ربا.
ولكن هناك حالات يكون فيها المتعامل مع المصرف الإسلامي مضطرا للحصول على نقد لأي سبب من الأسباب فقد يحتاج نقودا للعلاج أو للتعليم أو للسفر وغيرها وليس من المعقول أن لا يلبي المصرف الإسلامي حاجة هذا الزبون لسببين هما:
1_ إن مصلحة هذا الزبون مرتبطة بالمصرف الإسلامي فهو يودع نقوده فيه ويشتري منه ويتعامل معه في جميع أموره المجدية مما يعني استفادة المصرف من الزبون.
2_ أن هناك مسؤولية اجتماعية تقع على عاتق المصرف وهو مد يد العون والمساعدة للمجتمع الذي يعمل فيه وأهم ما يمكن أن يقحمه لأعضاء هذا المجتمع هنا هو إبعادهم عن الاقتراض بالفائدة لذلك يتم منح أي فرد من أفراد المجتمع المسلم هذا القرض سواء كان زبون المصرف أم لا([16] ) .
مصادر تمويل صندوق القرض الحسن
1_ يتم تمويل صندوق القرض الحسن من أموال المصرف الخاصة .
2_ الأموال المودعة لدى المصرف على سبيل القرض (حسابات الائتمان).
3_ الأموال المودعة من قبل الجمهور في صندوق القرض الحسن التي يفوضون المصرف بإقراضها للناس قرضا حسنا([17] ) .
[1] المصنف ، جاسم ، ويوسف محمد محمود، (1990) ، الاتجاهات الحديثة في محاسبة البنوك ، الكويت ، ص341.
[2] عبد الحميد محمود البعلي ، أساسيات العمل المصرفي الإسلامي ، واقع والآفاق، ص68.
[3] الحسيني ، فلاح حسن ، الدوري ، مؤيد عبد الرحمين ، (2000)، إدارة البنوك ، مدخل أستراتيجي معاصر، دار وائل للنشر ، عمان ، الأردن ، ص201.
[4] فلاح حسن الحسيني ، مؤيد عبد الرحمن الدوري ، إدارة البنوك ، ص202.
[5] فلاح حسن الحسيني، مؤيد عبد الرحمن الدوري، إدارة البنوك، ص202.
[6] الحناوي،محمد صالح، عبد السلام سعيد فتاح،(2000)، المؤسسات المالية البورصة والبنوك التجارية، الدار الجامعة، القاهرة،مصر، ص406.
[7] فلاح حسن الحسيني، إدارة البنوك ، مدخل استراتيجي معاصر، ص202.
[8] شبرا، محمد عمر وآخرون، (1990)، نحو نظام نقدي عادل ، طبعة 2 ، دار البشير للنشر والتوزيع، عمان ، الأردن ، ص44.
[9] حسين محمد سمحان ، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، ص44.
[10] محمد صالح الحناوي ، المؤسسات المالية البورصة والبنوك التجارية ، ص407.
[11] حسين محمد سمحان، ص72.
[12] محمد صالح الحناوي ، المؤسسات مالية البورصة والبنوك التجارية ، ص411.
[13] حسين محمد سمحان ، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، ص71.
[14] حسين محمد سمحان،العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)، ص75.
[15] حسين محمد سمحان ، ص75.
[16] حسين محمد سمحان، العمليات المصرفية الإسلامية (مفهوم ومحاسبة)،ص 98.
[17] حسين محمد سمحان ، ص99.