مفهوم الجودة الشاملة في التعليم:

تُعَدُّ الجودة أداة فعالة لتطبيق التحسين المستمر لجميع أوجه النظام في أية منشأة. ويقدم معهد الجودة الفيدرالي بالولايات المتحدة الأمريكية تعريفاً للجودة الشاملة هو "القيام بالعمل بشكل صحيح ومن أول خطوة مع ضرورة الاعتماد على تقييم العمل في معرفة مدى تحسين الأداء" (القحطاني، 1993، ص17). ويعرف تنز وديتورو الجودة بأنها "استراتيجية عمل أساسية تسهم في تقديم سلع وخدمات ترضي بشكل كبير العملاء في الداخل والخارج، وذلك من خلال تلبية توقعاتهم الضمنية والصريحة" (Tenner & Detoro, 1992, p.31). وهذه الاستراتيجية تستخدم مهارات العاملين وقدراتهم الذاتية لصالح المنشأة بشكل خاص، والمجتمع بشكل عام. كما أنها تسهم في دعم الوضع المالي للمسهمين.

وحدد جوتشر وزميله كوفي مفهوم الجودة بأنه "تلبية احتياجات العملاء بأقل تكلفة ممكنة" (Gaucher & Coffey, 1993, p.36). واتفق معهما في هذا التعريف مورجن وزميله مورجا ترويد اللذان عرفا الجودة بأنها "عملية تلبية احتياجات العميل ومتطلباته المشروعة بالقدر المطلوب" (Morgan & Murgatroyed, 1994, p.90). ويشير بعض الباحثين أن الجودة قد يتسع مداها لتشمل جميع النشاطات داخل المؤسسة إلى جانب جودة المنتج نفسه، ومنها جودة الخدمة، وجودة المعلومات والتشغيل، وجودة الاتصالات، وجودة الأفراد، وجودة الأهداف، وجودة الإشراف والإدارة (مور، ومور، 1991، ص21).

توضح تلك التعاريف أن الجودة مفهوم متعدد الجوانب يصعب حصره في دائرة ضيقة لاشتماله على أبعاد مختلفة تتضمن مفاهيم فنية وإدارية وسلوكية واجتماعية، لعل أبرزها المساواة، والفعالية، والملاءمة، وسهولة المنال، والقبول، والكفاية (Shaw, 1996, p.11). ونظراً لتعدد مفاهيم الجودة الشاملة، فقد حاول العلماء والمتخصصون التمييز بين خمسة مداخل لتعريف الجودة الشاملة هي: المدخل المبني على أساس التفوق، والمدخل المبني على أساس المستفيد، والمدخل المبني على أساس القيمة، والمدخل المبني على أساس المنتج، والمدخل المبني على أساس التصنيع (ابن سعيد، 1997، ص ص48-49).

مفهوم الجودة الشاملة في التعليم له معنيان مترابطان: أحدهما واقعي والآخر حسي. والجودة بمعناها الواقعي تعني التزام المؤسسة التعليمية بانجاز مؤشرات ومعايير حقيقة متعارف عليها مثل: معدلات الترفيع ومعدلات الكفاءة الداخلية الكمية، ومعدلات تكلفة التعليم. أما المعنى الحسي للجودة فيتركز على مشاعر وأحاسيس متلقي الخدمة التعليمية كالطلاب وأولياء أمورهم، ويعبر عن مدى رضا المستفيد من التعليم بمستوى كفاءة وفعالية الخدمة التعليمية. فعندما يشعر المستفيد أن ما يقدم له من خدمات يناسب توقعاته ويلبي احتياجاته الذاتية، يمكن القول بأن المؤسسة التعليمية قد نجحت في تقديم الخدمة التعليمية بمستوى جودة يناسب التوقعات والمشاعر الحسية لذلك المستفيد، وأن جودة خدماتها قد ارتفعت إلى مستوى توقعاته.

وهذا يتطلب من مديري التعليم والمشرفين التربويين ومديري المدارس التأكد من توافق مواصفات الخدمة التعليمية مع توقعات المستفيد المتلقي لها. وفي حالة وجود فجوة بين المواصفات والتوقعات يجب تحديد أبعاد هذه الفجوة وأسبابها والعمل على تجاوزها باتخاذ كافة الإجراء التصحيحية المناسبة. فالجودة في الاقتصاد المعاصر "لا تعني إنتاج سلعة أو خدمة أفضل من نظيرتها المتاحة، وإنما تعني رضا المستفيدين عن السلعة أو الخدمة" (مور، ومور، 1991، ص20). وفي إطار المشروع البريطاني للجودة في التعليم العالي ظهرت عدة خصائص للجودة الشاملة في التعليم منها (Nightingale & Oneil, 1994, pp.65-72):

أ -  إن الجودة تساوي المقاييس المرتفعة مهما اختلفت الفروق بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والإداريين في التعليم.

ب -  إن الجودة تركزعلى الأداء بصورة صحيحة من خلال تنمية القدرات الفكرية ذات المستوى الأعلى، وتنمية التفكير الابتكاري والتفكير الناقد لدى الطلاب.

ج -  إن الجودة تعني التوافق مع الغرض الذي تسعى إلى تحقيقه المؤسسة التعليمية.

د -  إن الجودة تشير إلى عملية تحويلية ترتقي بقدرات الطالب الفكرية إلى مرتبة أعلى، وتنظر إلى المعلم على أنه مسهل للعملية التعليمية، وإلى الطالب على أنه مشارك فعال في التعليم.

ثالثاً: معايير الجودة الشاملة في التعليم:

يعمل النظام التعليمي كأي نظام إنتاج آخر وفق استراتيجية معينة تراعي الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالنظام، والبناء الثقافي السائد داخل النظام، والمناخ التنظيمي والتقدم التقني والمصادر المادية والبشرية التي يوفرها النظام، وحاجات ورغبات ممولي النظام. لذا فإنه يهتم بأن تكون مخرجاته متفقة والمواصفات العالمية لضبط جودة الإنتاج من خلال السعي الدائم إلى استخدام معايير لقياس الجودة وضبطها.

3/1     معايير كروزبي:

حدد فليب كروزبي Crosby أحد مستشاري الجودة على المستوى العالمي أربعة معايير لضمان الجودة الشاملة للتعليم تم تأسيسها وفقاً لمبادئ إدارة الجودة الشاملة (T.Q.M.) وهي (Crosby, 1979, p.19):

1 -  التكيف مع متطلبات الجودة من خلال وضع تعريف محدد وواضح ومنسق للجودة.

2 -  وصف نظام تحقيق الجودة على أنه الوقاية من الأخطاء بمنع حدوثها من خلال وضع معايير للأداء الجيد.

3 -  منع حدوث الأخطاء من خلال ضمان الأداء الصحيح من المرة الأولى.

4 -  تقويم الجودة من خلال قياس دقيق بناءً على المعايير الموضوعية والكيفية والكمية.

3/2     معايير بلدرج:

طور مالكوم بلدرج M. Baldrige نظاماً لضبط الجودة في التعليم، وتم إقراره كمعيار قوي معترف به لضبط الجودة والتميز في الأداء بالمؤسسات التعليمية بالتعليم العام، وذلك حتى تتمكن المدارس من مواجهة المنافسة القاسية في ضوء الموارد المحدودة للنظام التعليمي ومطالب المستفيدين منه.

ويعتمد نظام بلدرج لضبط جودة التعليم على (11) قيمة أساسية توفر إطاراً متكاملاً للتطوير التعليمي وتتضمن (28) معياراً ثانوياً لجودة التعليم وتندمج في (7) مجموعات هي (عبدالجواد، 1991، ص26-28):

1 -  القيادة (90 نقطة): وتمثل الإدارة العليا ونظام القيادة والتنظيم، ومسؤولية المجتمع والمواطنة.

2 -  المعلومات والتحليل (75 نقطة) وتشمل: إدارة المعلومات والبيانات والمقارنة بين المعلومات، وتحليل واستخدام مستويات التحصيل المدرسي.

3 -  التخطيط الإجرائي والتخطيط الاستراتيجي (75 نقطة) وتشمل: التطوير الاستراتيجي، وتنفيذ الاستراتيجيات.

4 -  إدارة وتطوير القوى البشرية (510 نقطة) وتشمل: تقويم وتخطيط القوى العاملة، ونظام تشغيل الهيئة التدريسية، ونظام تطوير الهيئة التدريسية، والرضا المهني للهيئة التدريسية.

5 -  الإدارة التربوية (50 نقطة) وتشمل: تصميم النظام التربوي، والخدمات التعليمية، ودعمها، وتوصيلها، وتصميم البحوث التربوية، وتطوير إدارة تسجيل وإلتحاق الطلبة، والنظر إلى الإدارة التربوية كعمل اقتصادي.

6 -  أداءالمدارس ونتائج الطلبة (230 نقطة) وتشمل: نتائج الطلبة، والمناخ المدرسي وتحسين المناخ المدرسي والنتائج، والأبحاث في مجال أداء المدارس، والنظر إلى أداء المدارس كعمل اقتصادي.

7 -  رضا الطلبة وممولي النظام التربوي (230 نقطة) وتشمل: حاجات الطلبة الحالية والمستقبلية، والعلاقة بين ممولي النظام التعليمي والإدارة التربوية، ورضاء الطلبة وممولي النظام التعليمي الحالي والمتوقع، ومقارنته مع باقي المدارس أو النظم التربوية الأخرى.

ويوضح الشكل رقم (1) التفاعل بين مجالات معايير بلدرج لضبط جودة أداء النظام التعليمي.

 

 

الشكل رقم (1). التفاعل بين مجالات معايير جودة التعليم

3/3    معايير التقويم الشامل:

قدمت حركة التقويم الذاتي الشامل للتعليم بعض المعايير التي وتضمن شموله، وطور أنصارها خمسة وأربعين معياراً مقسمة على عشرة مجالات يعتقدون أنها تغطي تقويم مختلف جوانب كفاءة الأداء في المؤسسة التعليمية وهذه المعايير بعد إعادة صياغتها هي (Miller, 1980, pp.7-10):


أ -  الأهداف:

1 -  مدى صلاحية الأهداف لأن تكون مرشداً فعالاً لتوجيه حاضر المؤسسة التعليمية ومستقبلها.

2 -  مدى تناغم الأهداف الفرعية مع الأهداف العامة ومساهمتها في إنجازها.

3 -  مدى توفر القدرات التخطيطية الكافية كماً والملائمة نوعاً لصياغة الخطط اللازمة لإنجاز الأهداف.

4 -  مدى انسجام سياسات وإجراءات القبول في المؤسسة التعليمية.

5 -  مدى قدرة أهداف المؤسسة التعليمية على إبراز هويتها المميزة لها من غيرها.

ب -  تعلم الطلاب:

1 -  مدى تقويم الطلاب لنظام الإرشاد والإشراف الذي توفره لهم المؤسسة التعليمية.

2 -  مدى مستوى تسرب الطلاب من المؤسسة التعليمية.

3 -  مدى توفر برامج ومصادر للتعليم الفردي أوالتعويضي للطلاب.

4 -  مدى فاعلية إدارة شؤون الطلاب.

5 -  مدى توفر شواهد على وجود تقدم مقبول نحو تحقيق أهداف التعليم.

ج -  الهيئة التعليمية:

1 -  مدى ملاءمة الإجراءات والسياسات الحالية لتقويم أداء الهيئة التعليمية.

2 -  مدى تحقيق البرامج الراهنة المتعلقة بتحسين التدريس وتطوير الهيئة التعليمية لأهدافها.

3 -  مدى تقبل السياسات والإجراءات الحالية المتعلقة بشؤون الهيئة التعليمية.

4 -  مدى ملاءمة مرتبات الهيئة العلمية للمنافسة.

5 -  مدى كفاءة الأداء الوظيفي للهيئة التعليمية.

د -  البرامج التعليمية:

1 -  مدى توفر سياسات وإجراءات مناسبة لبناء البرامج الجديدة لدى المؤسسة التعليمية.

2 -  مدى مساعدة سياسات وإجراءات مناسبة لفحص وتقويم البرامج القائمة لدى المؤسسة التعليمية.

3 -  مدى مساعدة محتويات برنامج الإعداد العام على الإثارة والتحفيز الفكري للطلاب.

4 -  مدى كفاءة وانسجام البرامج التعليمية مع أهداف المؤسسة التعليمية.

5 -  مدى تقديم المكتبة خدمات جيدة للهيئة التعليمية والطلاب.

هـ -  الدعم المؤسسي:

1 -  مدى ملاءمة المبنى التعليمي لحجم الطلاب وطبيعة البرامج التعليمية.

2 -  مدى توفر خطط طويلة المدى لتطوير المباني والأجهزة التعليمية.

3 -  مدى مساهمة المرتبات والمخصصات المقدمة للعاملين في مجال الخدمات المساندة في جذب العناصر الجيدة لهذا المجال.

4 -  مدى توفر الإجراءات الملائمة لتقويم أداء العاملين في مجال الخدمات المساندة.

و -  القيادة الإدارية:

1 -  مدى اهتمام القيادة الإدارية في المؤسسات التعليمية بالتخطيط.

2 -  مدى تكوين علاقات عمل فعالة بين المدير والإداريين في المؤسسة التعليمية.

3 -  مدى ضمان السياسات والإجراءات الإدارية لفعالية إدارة المؤسسات التعليمية.

4 -  مدى توفر الإجراءات والسياسات المناسبة لتقويم أداء الإداريين وتطويرهم مهنياً.

5 -  مدى تحسين مبادئ تكافؤ الفرص والعدالة والموضوعية في سياسة التوظيف الحالية.

ز -  الإدارة المالية:

1 -  مدى تكافؤ ميزانية المؤسسة التعليمية مع المؤسسات المماثلة الأخرى.

2 -  مدى توفر نظام فعال للتقارير المالية والمحاسبية لدى المؤسسة التعليمية.

3 -  مدى تكافؤ التكاليف والمصروفات مع نظيرتها في المؤسسات المماثلة.

4 -  مدى استثمار المؤسسة التعليمية لمصادرها وممتلكاتها المادية والمالية بطريقة جيدة.

5 -  مدى حرص المؤسسة التعليمية على الاستخدام الأمثل لمصادرها المالية والبشرية.

م -  مجلس إدارة المؤسسة التعليمية:

1 -  مدى مساهمة الإجراءات والسياسات في كفاءة سير الأعمال بهذا المجلس.

2 -  مدى فهم أعضاء المجلس للفرق بين صياغة السياسات وتطبيقها.

3 -  مدى تفاعل الأعضاء مع الجمهور الخارجي.

4 -  مدى مساهمة هذه المجالس بفاعلية في تطوير المؤسسة التعليمية.

ط -  العلاقات الخارجية:

1 -  مدى مساهمة أنشطة المؤسسة التعليمية في الرقي بالأوضاع الاقتصادية والثقافية والصحية والاجتماعية للسكان في البيئة المجاورة لها.

2 -  مدى تمتع المؤسسة التعليمية بعلاقات جيدة مع الجهات الإشرافية العليا.

3 -  مدى ارتباط المؤسسة التعليمية بعلاقات فعالة مع الجهات الحكومية التي تتأثر بقراراتها.

4 -  مدى قدرة المؤسسة التعليمية على تأمين مستوى مقبول من الدعم المالي من القطاع الخاص.

ي -  التطوير الذاتي للمؤسسة التعليمية:

1 -  مدى دعم المؤسسة التعليمية لجهود الابتكار والتجريب.

2 -  مدى توفر الاتجاهات الإيجابية نحو التطور الذاتي لدى منسوبي المؤسسة التعليمية.

3 -  مدى توفر إجراءات ملائمة للتطور الذاتي لدى المؤسسة التعليمية.

والشكل رقم (2) يوضح معايير التقويم الشامل.

شكل رقم (2). معايير التقويم الشامل

3/4    أساليب تطبيق معايير الجودة في التعليم:

يتم تحديد جودة التعليم من خلال تطبيق المعايير العالمية المعروفة باسم (ISO) من خلال عدد من الأساليب للرقابة الداخلية والخارجية، ومن أهم تلك الأساليب التقويم الذاتي، والدراسات الذاتية، وتقويم التحصيل الأكاديمي للطلاب.

3/4/1 التقويم الذاتي للمؤسسات التعليمية:

إجراء مهم لكفاءة أي مؤسسة وشرط رئيسي لعملية اعتمادها، وتقوم به المؤسسة ذاتياً وبشكل رسمي للوقوف على مواطن القوة ومواطن الضعف، وعلى الرغم من عدم توفر تفاصيل معينة على عملية التقويم الذاتي، إلا أن التقويم الشامل الذاتي لمؤسسات التعليم يستند إلى الافتراضات التالية (الزهراني، 1998، ص674):

أ -  إن التقويم الذاتي جزء أساسي من عمليات مؤسسات التعليم.

ب -  إن التقويم الذاتي في مؤسسات التعليم يتم بطرق مختلفة، وبفئات متعددة من الأفراد.

ج -  إن الهدف العام من التقويم الذاتي هو التطوير والتحسن الأكاديمي.

د -  إن الكفاءة أو الجودة الأكاديمية من المفاهيم التي يمكن تحديدها وقياسها.

هـ -  إن كفاءة المؤسسة التعليمية تتكون من مجموعة عناصر متشابكة ومعتمدة على بعضها البعض.

وتستند علمية التقويم الذاتي إلى الأسس التالية (Dressel, 1978, pp. 42-422):

أ -  إن التقويم الذاتي مسؤولية داخلية يقوم بها نخبة من المعلمين والإداريين.

ب -  إن التقويم عملية مستمرة.

ج -  إن التقويم عملية شاملة لمدخلات وعمليات ومخرجات المؤسسة التعليمية والعوامل الخارجية المؤثرة فيها.

د -  إن التقويم أساس جوهري لضمان جودة برامج المؤسسة التعليمية وتحقيق كفاءتها وفاعليتها.

هـ -  إن التقويم أساس لاتخاذ القرارات الرشيدة.

و -  إن التقويم أساس للتخطيط المستقبلي.

ز -  إن التطوير هو الهدف النهائي من التقويم.

ي -  إن التطوير عملية مفيدة لبناء الفهم المشترك داخل مؤسسات التعليم حول أهدافها ونقاط قوتها وضعفها.

3/4/2 الدراسات الذاتية:

أدى ترسيخ مفهوم التقويم الذاتي الشامل في مؤسسات التعليم إلى توسيع نطاق الدراسات الذاتية وتعميقها، وإلى تزايد الحاجة الى دراسة ذاتية شاملة ومستمرة وإدراك النقص الحاد في البيانات التي تتطلبها عملية اتخاذ القرارات الرشيدة والتخطيط السليم (Dressel, 1978, p.429). واستجابة لهذا النقص قامت معظم مؤسسات التعليم باستحداث نظام كامل يقوم بالجمع المستمر للبيانات وإنشاء مراكز اللبحوث التي تعنى بالبحوث المؤسسية من خلال سلسلة من الدراسات والبحوث المستمرة أو الدورية التي تعنى بجمع وتحليل البيانات المتعلقة بكفاة المشكلات والعقبات الكبيرة التي تواجه التعليم.

وتسعى الدراسات الذاتية إلى التأكد من إنجاز الأهداف الخاصة بالمؤسسة التعليمية التي تزيد من فعاليتها وكفاءتها وحيوتها ومنها:

1 -  تحسين برامجها وزيادة فاعليتها.

2 -  رفع قدراتها على التعامل الإيجابي مع التغيير.

3 -  بناء قاعدة معلومات أساسية تنطلق منها جهود التخطيط.

4 -  رفع درجة مساهمة الهيئة التعليمية والإدارية في تحديد المشكلات ووضع حلولها وتطبيقها، وردم الفجوة الحاصلة بين الأهداف الشخصية والمؤسسية.

5 -  تحقيق الاتصال المفتوح بين أعضاء ووحدات المؤسسة التعليمية مما ينتج عنه تعزيز للثقة والتفاهم وفاعلية التعاون الجماعي على حل المشكلات.

6 -  الاسهام في إبراز بعض القدرات القيادية لمنسوبي المؤسسة التعليمية.

7 -  الفحص المستمر للسياسات والإجراءات والعمليات والسجلات، وإعداد التقارير والوثائق المفيدة في تعزيز طلبات الميزانية، والحصول على دعم المستفيد من الخدمة التعليمية.

3/4/3 تقويم التحصيل الأكاديمي للطلاب:

لا شك أن الإنجاز الأكاديمي للطلاب له تأثير كبير في تطوير التدريس الذي تقدمه المؤسسات التعليمية، ومعرفة نوعية التعليم الذي يقوم الطلاب بتحصيله سواء من هم على وشك التخرج أو الخريجين، وتحديد سمات البرنامج الفعال من حيث ارتباطه بالأهداف التعليمية واحتياجات الطلاب ومطالب خطة التنمية، ومعرفة مدى إنجاز هيئة التدريس في الدعم الكامل لتحقيق الجودة الشاملة في المؤسسة التعليمية.

والتقويم الناجح لتحصيل الطلاب الأكاديمي يعتمد على استخدام مقاييس متعددة لتقويم البرنامج التعليمي، ويقدم تغذية مرتدة للطلاب وأولياء أمورهم وللإدارة التربوية، ويساعد في تحقيق التحسن في الأداء والجودة. علماً بأنه يمكن للمؤسسة التعليمية تنفيذ خطة تقويم التحصيل الأكاديمي للطلاب من خلال الإجابة عن التساؤلات التالية (لجنة التقييم العالي ومدارس الشمال، 2001، ص259):

1 -  إلى أي درجة أوضحت المؤسسة التعليمية أن الخطة مرتبطة بأهدافها وأغراضها لتعليم الطالب وإنجازه الأكاديمي؟

2 -  ما دليل المؤسسة على أن هيئة التدريس قد شاركت في وضع خطة المؤسسة وأن مفهوم الخطة معلوم على مستوى المؤسسة بالكامل؟

3 -  كيف توضح الخطة احتمال أن يؤدي برنامج التقويم إلى تحسين المؤسسة عند تنفيذها؟

4 -  هل الخط الزمني لبرنامج التقويم مناسب؟ واقعي؟

5 -  ما الدليل على أن الخطة تقدم الإدارة المناسبة لبرنامج التقويم؟

رابعاً: نماذج الجودة الشاملة:

4/1      نموذج جوران:

يستند هذا النموذج الى أن الجودة تعني الملاءمة في الاستعمال، لذا يؤكد جوران Jouran أن المهمة الأساسية للجودة "تتركز في تنمية برنامج للإنتاج أو الخدمات يقابل احتياجات العملاء" (البيلاوي، 1996، ص5). وهذا المدخل يستخدم على نطاق واسع ويتضمن الخطوط العريضة التالية (Lam et. al., 1991, pp.5-8):

1 -  إيجاد قناعة بالحاجة إلى التطوير.

2 -  وضع أهداف التطوير واتخاذ التنظيم اللازم لتحقيق الأهداف ويتم (بناء مجلس للجودة - تحديد المشكلات - اختيار المشروعات - تحديد فرق العمل - تحديد التسهيلات).

3 -  التدريب.

4 -  تنفيذ المشروعات من أجل حل المشكلات، وإعطاء التقديرات وتسجيل التقدم وتوصيل النتائج.

5 -  إجراء الاصلاحات بصفة دورية في النظم والعلميات التقليدية في المنظمة.

ويركز جوران على ثلاثة عناصر للجودة هي (Juran, 1992, pp.14-15):

أ -  تخطيط الجودة: ويتم التركيز فيها على تحديد العملاء واحتياجاتهم، وتطوير نوعية المنتج واتخاذ القرارات اللازمة لإشباع احتياجات العملاء وتوقعاتهم، ومن ثم حصر الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لإنتاج السلعة أو الخدمة.

ب -  مراقبة الجودة: وتركز على وحدات القياس وتكرار عمليات المراقبة واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة لإشباع متطلبات العملاء، ويتم فيها التقويم الفعلي للمنتجات ومقارنتها بالمواصفات التي رغب فيها العميل وحل أي مشكلات تكشف عنها عملية التقويم.

ج -  تحسين الجودة: وتركز على وضع الآليات المساندة لاستمرار الجودة من خلال توزيع الموارد وتكليف الأفراد بمتابعة مشاريع الجودة وتوفير التدريب اللازم لهم وتشكيل هيكل دائم يتولى متابعة الجودة والمحافظة على المكاسب المحققة.

4/2    نموذج ديمنج:

يستند هذا النموذج الى أن الجودة الشاملة مسؤولية الجميع، لذا يرى ديمنج Deming أن كل فرد له علاقة بعملية الإنتاج أو الخدمات ينبغي أن يساهم في تحقيق النتائج المرجوة وهي إرضاء العملاء (الهلالي، 1998، ص152 ). ويشير ديمنج إلى أن الجودة نسبية وليست مطلقة وأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالإنتاجية، وتتألف فلسفته في الجودة الشاملة من أربعة عشر عنصراً منها سبعة عناصر إيجابية وسبعة عناصر أخرى سلبية يمكن إيجازها فيما يلي (Deming, 1988, pp.25-36):

1 -  إيجاد نوع من الاستقرار يؤدي إلى التطوير عن طريق البحث والإبداع.

2 -  تبني الفلسفة الجيدة للتطوير يتطلب تحديث الإدارة.

3 -  التحسين المستمر للإنتاج والخدمات من خلال إرشادات الإدارة، وتكوين فرق العمل، واستمرارية عملية التطوير.

4 -  مواصلة التدريب على رأس العمل بواسطة مدربين أكفاء من أجل التنميةالذاتية لكل فرد.

5 -  دعم القيادة وتعميم الممارسات الحديثة.

6 -  الإيمان بأن التأهيل والتدريب استثمار في البشر.

7 -  ضرورة التخطيط طويل المدى من أجل التطوير.

8 -  توقف الاعتماد على التفتيش لتحقيق الجودة.

9 -  القضاء على المعوقات التنظيمية بين الأقسام.

10-    التخلص من الشعارات والمواعظ ونقد العاملين.

11-    إزالة المعوقات التي تحرم العاملين من التباهي ببراعة أعمالهم.

12-    طرد الخوف.

13-    تجنب فلسفة الشراء اعتماداً على انخفاض السعر.

14-    التخلص من الاعتماد على النسب الرقمية لتحديد الأهداف والقوى العاملة.

4/3    نموذج ايشيكاوا:

يعد إيشيكاوا من رواد الجودة في اليابان وإليه يعود الفضل في تطبيق حلقات الجودة Quality Circles، ونشر مفهوم الجودة بين العاملين، ويرى أن الجودة الشاملة تبدأ بعملية التدريب والتعليم وتنتهي أيضاً بالتدريب والتعليم للموظفين، وينظر إلى الاستثمار في تدريب الموظفين أثناء الخدمة باعتباره من أهم النشاطات الإدارية التي يجب أن تركز عليها الإدارة العليا، خاصة وأن التوظيف في اليابان لا يتحدد بسنوات معينة وإنما يستمر الفرد في الوظيفة مدى الحياة (بن سعيد، 1997، ص171).

ويعتقد ايشيكاوا أن مفهوم الجودة متعدد الجوانب ويشمل التحول من برنامج مراقبة الجودة المستند الى التفتيش إلى برنامج شامل يعتمد على العمليات والنشاطات الداخلية التي تراعي العملاء بوصفهم جزء لا يتجزأ من تحسين الجودة، وتحدي مجالات الجودة في السلعة أو الخدمة التي يتقبلها العميل وتطبيق الأساليب الإحصائية في مراقبة الجودة. ويلخص ايشيكاوا المبادئ الأساسية لمراقبة الجودة فيما يلي (Ishi Kawa, 1985, p.45):

1 -  إن الجودة مبنية على وجهة العميل.

2 -  إن الجودة هي جوهر العملية الإدارية، ويفضل أن ينظر إليها على أنها استثمار طويل المدى بدلاً من التركيزعلى الأرباح في مدة قصيرة من الزمن.

3 -  إن الجودة تعتمد اعتماداً كلياً على المشاركة الفاعلة من قبل العاملين والموظفين، كما يتطلب تطبيق أسلوب إدارة الجودة إزالة الحواجز بين الأقسام المختلفة.

4 -  استخدام البيانات والمعلومات بواسطة الوسائل الإحصائية للمساعدة في عملية اتخاذ القرارات.

ولعل أبرز اسهامات ايشيكاوا في تطوير نظام إدارة الجودة الشاملة يتمثل في زيادة حجم مشاركة العمال وزيادة قوة التحفيز وإثارة الدوافع من خلال توفير جو عمل يستطيع العاملون من خلاله العمل باستمرار على حل المشكلات.

4/4    نموذج تاجوشي:

يستند النموذج إلى أفكار ومفاهيم الجودة والفعالية أثناء مرحلة التصميم السابقة للتصنيع. ويركز على جودة تصميم المنتج أو السلعة بدلاً من التركيز على العملية الإنتاجية. ويرتبط نموذج تاجوشي يمفهومين مهمين للجودة هما (Taguchi, 19800, p.97):

أ -  دالة الخسارة Loss Function.

ب -  خصائص التصميم Design Characteristics.

والشكل رقم (3) يوضح فكرة دالة خسارة، ويمكن تفسيرها على أساس أنه كلما اتجهت قيمة التكلفة إلى الهدف انخفضت التكلفة، ويشير إلى وجود رغبة لدى العملاء إلى الشراء وأن المنتج يتناسب مع توقعاتهم، وعندما تتجه النقاط بعيداً عن الهدف ترتفع قيمة التكلفة الاجتماعية مما يشير إلى عدم رضا العملاء عن هذا المنتج.

 

 

شكل (3). دالة تاجوشي للخسارة

كما أدخل هذا النموذج فكرة مراقبة الجودة غير الخطية التي تستند إلى تصميم العملية والمنتج، وهذا يتطلب تطوير المواصفات الخاصة بالعمليات وتصاميمها والمنتج، ويشتمل نموذج تاجوشي على النقاط التالية (بن سعيد، 1997، ص ص176-177):

1 -  إن التصميم الجيد للعملية والمنتج يسهم بشكل فاعل في جودة المنتج وتقليل التكاليف.

2 -  تتطلب عملية تحسين الجودة تخفيضاً مستمراً في الانحرافات الخاصة بأداء العملية أو المنتج.

3 -  يمكن تحديد المقاييس والمعايير الخاصة بالعملية أو المنتج، وذلك عن طريق استخدام التجارب الاحصائية.

4 -  يمكن تخفيض انحراف الأداء عن طريق استخدام التأثيرات غير الخطية بين مقاييس العملية وخصائص أداء المنتج.

وباستقراء تلك النماذج يمكن

المصدر: ورقة عمل مقدمة إلي مشروع الطرق المؤدية الي التعليم العالي محمود احمد محمود
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 163/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
53 تصويتات / 14275 مشاهدة
نشرت فى 24 أكتوبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,878,460

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters