الإدارة هي علم وفن يتعامل مع تنظيم وإدارة الموارد البشرية والمواد والمال والوقت والمعلومات لتحقيق الأهداف المحددة. وتشمل مهام الإدارة تخطيط الأعمال وتنظيمها وتنفيذها ومراقبتها وتقويمها.

كما أن الإدارة هي المسئولة عن توجيه تصرفات الأفراد وسلوكهم، من أجل تحقيق الأهداف، وضمان استمرار نشاط الكيان الذي ينتمون إليه. ويتم التمييز بين الإدارة الناجحة والإدارة غير الناجحة، في أن الأولى هي التي تدفع بالكيان أو المنظمة إلى النمو والتوسع والتقدم، وهي التي تدفع أفراد هذا الكيان إلى العمل وبذل أقصى طاقاتهم وإمكاناتهم، عن طريق رفع حالتهم المعنوية، وتهيئة البيئة وظروف العمل المناسبة لهم، وهي التي تجعل مكان العمل أشبه بخلية نحل، يؤدي كل فرد واجبه بإتقان وانتظام، فالإدارة هي العقل المدبر والقلب النابض للكيان الموجودة فيه.

وتعتبر الإدارة أساسيًا في جميع المنظمات، سواء كانت تجارية أو غير تجارية، وتستخدم الإدارة أدوات وتقنيات متنوعة لتحقيق الفعالية والكفاءة في العمليات المختلفة. كما تهدف الإدارة إلى تعزيز التنمية المستدامة للمنظمة وتحقيق الربحية والنمو والتنافسية في السوق.

وتتضمن مهارات الإدارة القدرة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والتحكم واتخاذ القرارات، بالإضافة إلى الاتصال والتفاوض وحل المشكلات والتحليل الاستراتيجي والتفكير النقدي. وتعتبر القيادة والإلهام والعمل الجماعي والتفكير الإبداعي والابتكارية أيضًا جوانب هامة في مهارات الإدارة.

إن القرآن الكريم دستور هذه الأمة وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ومأثورات خلفائه الراشدين وأئمة وخلفاء المسلمين في مختلف عصور الدولة الإسلامية لترينا بوضوح سمو الفكر الإداري الإسلامي وتحدد لنا كنه وماهية الإدارة في الإسلام.

وقد جاء للفظ الإدارة في موضعٍ واحد في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ ﴾. [البقرة: 282]. واللفظ الذي استخدمه المسلمون للدلالة على معنى الإدارة هو لفظ التدبير، كما ورد لفظُ التدبير في آياتٍ كثيرة، منها: ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾. [السجدة: 5].

قبل أن نأتي إلى تعريف مفهوم الإدارة في الإسلام، نَوَدُّ هنا أن نورد بعض تعاريف الإدارة، التي أوردها الرواد الأوائل، وبعض المختصين في الإدارة في الغرب، فنجد فردريك تايلور: يعرف فَنَّ الإدارة بأنَّه: المعرفة الصحيحة لما تريد من الرجال عمله، ثُمَّ التأكد من أنَّهم يقومون بأعمالهم بأحسن طريقة وأرخصها".

ويعرفها هنري فايول: فيقول: "إنَّ معنى أن تدير هو أن تتنبأ، وتخطط، وتنظم، وتصدر الأوامر، وتنسق، وتراقب".

ويقول الدكتور كامل المغربي بأنَّ الإدارة هي عملية التنسيق بين جميع عوامل الإنتاج البشرية وغير البشرية، باستعمال وظائف التخطيط والتنظيم، والقيادة، والإشراف، والرقابة، حتى يمكن التوصل إلى الهدف المطلوب، وبأقصى كفاية ممكنة.

كما يعرف الدكتور محمود عساف الإدارة منطلقا من طبيعتها، ومسترشدًا بالآية الكريمة من سورة الزخرف: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا. [الزخرف : 32].

وعلى هذا الأساس، فالناس في تركيبتهم الاجتماعية ينقسمون فئتين مديرين، ومنفذين، بحيث يقوم المديرون بالأعمال القيادية والتخطيط والتوجيه والتنظيم والمراقبة في سبيل الوصول إلى الهدف المرسوم، لهذا يرى أنَّ تعريف الإدارة هو الهيمنة على الآخرين، لجعلهم يعملون بكفاءة، تحقيقا لهدف موقوت منشود.

ومن الضروري الإشارة إلى نوعين رئيسيين من أنواع الإدارة، حيث غالبا ما يتم الإشارة إليهما وهما:

<!-- الإدارة الخاصة

أي إدارة الأعمال والتي تعرف بأنها النشاط الذي يؤدي إلى تحقيق الكفاية في المنشآت ذات الطابع الاقتصادي والتي تعمل على إشباع الحاجات المادية أو المعنوية للمجتمع بصفة عامة ولبعض القطاعات الاقتصادية بصفة خاصة وما يميز إدارة الأعمال هو أن الهدف الرئيسي فيها هو تحقيق الربح. 

<!-- الإدارة العامة

وتعني تنسيق جهود الفرد والجماعة لتحقيق السياسة العامة، وهي كل القوانين والأنظمة والممارسات والعلاقات والمبادئ والعادات في أي وقت وفي أي تشريع تهدف إلى تحقيق وتنفيذ السياسة العامة، كما تشمل الإدارة العامة السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية.

<!-- مفهوم الفكر الإداري الإسلامي

 الفكر الإداري الإسلامي هو مجموعة الآراء والمبادئ والنظريات التي سادت حقل الإدارة، دراسةً ومُمارسةً عَبْرَ العصور والأزمنة، ويُعَدُّ تشريعا إسلامياً ما يصدر من هذه الآراء والمبادئ والنظريات بالاستناد إلى توجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية.

كما أن التشريع الإسلامي تشريع مستقل بذاته يختلف عن التيارات الفكرية الأخرى، حيث أنَّه فكر لا يتَّجه نحو الفكر المادي في الإدارة، ولا يتطرف نحو الاتجاه الإنساني في الفكر الإداري المعاصر، بل نجده فكرًا يُحقق التوازن والانسجام والتوافق بين مصالح الفرد والجماعة، فلا فردية مطلقة، ولا جماعية مطلقة، فالمصالح متكافئة، بحيث لا تطغى بعضها على بعض، إنَّما تُكمل بعضها البعض.

أمَّا الإدارة الإسلامية، فيلاحظ أنَّ لفظ [إدارة] لَم يرد في الكتب الإسلامية بهذه الصِّيغة، على الرَّغم من كثرة الكتب والبحوث في هذا المجال، ولقد ذكر الدكتور حزام المطيري أنَّ لفظ إدارة مشتق من الفعل [أدار]، وقد جاء للفظ الإدارة في موضعٍ واحد في القرآن الكريم، حيث قال تعالى :﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ ﴾. [البقرة: 282]. واللفظ الذي استخدمه المسلمون للدلالة على معنى الإدارة هو لفظ [التدبير].

كما ورد لفظُ التدبير في آياتٍ كثيرة، منها: ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾. [السجدة: 5]. وقوله تعالى: ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ۚ ﴾. [يونس : 3]. كما يرى أنَّ لفظ [تدبير] أكثرُ شمولاً وعمقًا، مُؤيدًا في ذلك رأيَ محمد المبارك الذي يرى أنَّ لفظ [تدبير] أشملُ وأعمُّ، ويشتمل على ضرورة التمعن والتفكير في الأمور، والحرص على اختيارِ أفضل الطُّرق لتأدية الأعمال، وبما أنَّ لفظةَ إدارة لفظة مَحدودة الاستعمال، وتعني التنفيذ، لذا كان يطالب باستخدام لفظة [تدبير]، كمصطلح إسلامي للإدارة الإسلامية، إلاَّ أنَّ الدكتور المطيري وَجَد أنَّه لا حَرجَ من استخدام لفظة [إدارة]، لأمرين:

ثانيًا: مرونة الإدارة الإسلامية، واستخدامُها عباراتٍ وألفاظًا يصعب تَجاهُلها، مع التأكيد على استرجاع معنى التدبُّر، أو التدبير، والإشارة إلى ذلك في الكتابات الإدارية، وأرى أن ما ذكره الدكتور المطيري صحيحٌ، وخاصَّة أن كلمة الإدارة والإداري ومشتقاتها أصبحت كلمة معروفة ومتداولة، ويصعب تغييرها، وخاصة في كتب ومراجع الإدارة.

وهناك تعريفاتٌ كثيرة للإدارة الإسلامية، منها تعريف الدكتور حزام المطيري، حيث يقول: "هي تلك الإدارة التي يتحلَّى أفرادُها، قيادةً وأَتْباعًا، أفرادًا وجماعات، رجالاً ونساءً، بالعلم والإيمان عند أدائهم لأعمالِهم الموكلة إليهم، على اختلافِ مُستوياتهم ومَسؤولياتِهم في الدولة الإسلامية، أو بمعنى آخر: "هي الإدارةُ التي يقوم أفرادُها بتنفيذ الجوانب المختلفة للعملية الإدارية على جميعِ المستويات، وفقًا للسياسة الشرعية".

ويعرف الدكتور النحوي الإدارةَ الإسلامية بأنَّها: "الاستفادةُ من جميع القواعد الإيمانية، لتوفيرِ أكبر قَدْر من الإنتاج على أعلى مُستوى من الإتقان في أقلِّ وقت مُمكن، ليكونَ العمل كله عبادة لله".

ومن هنا يمكننا القول بأن الإدارة الإسلامية بهذه الشمولية هي عقيدة وعلم وفن فهي عقيدة لأن تلك المبادئ والقواعد والقوانين التي تعتمد عليها، مستندة إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأن تلك الموهبة والقدرة على استخدام هذه المبادئ والقوانين، تضع نصب أعينها مخافة الله تبارك وتعالى، والحرص على إتباع أوامره واجتناب نواهيه، للوصول إلى النتائج التي ترضي الله تعالى ورسوله . ﷺ . والمؤمنين.

وهي علم لأنها تحوي مجموعة من المبادئ والنظريات، التي تمثل في مضمونها حقائق جوهرية وأساسية يمكن الاعتماد عليها.

وهي فن لكونها تعتمد على موهبة الشخص، وقدرته على استخدام ذكائه في الطريقة المثلى التي يتم فيها إخضاع تلك المبادئ والنظريات للوصول إلى أفضل النتائج.

فالإدارة هي أكبر دليل على تطور الدول ونموه و ارتقائه والفشل الإداري يؤدي إلى تخلف البلدان وتأخرها التكنولوجي والثقافي والصناعي، وهي مقياس مهم يقاس به مدى الارتفاع والانخفاض بالنسبة للتقدم والتخلف، لأن الإدارة تشمل جميع أسس النجاح مثل التخطيط والتنسيق والقيادة والعلاقات الإنسانية مع التناسب بين الدخل والقيم.

فلذلك كان من المهم بالنسبة للدول المتقدمة والمتمدنة أن تضع بين نصب عينيها موضوع الإصلاح الإداري، ومراجعة أنظمتها الإدارية بين الحين والأخر لفترة محددة ومعينة مرسومة وفق قواعد ثابتة.

وقد نزل الدين الإسلامي دين شامل لجميع أسس وأنظمة حياة الإنسان اليومية ولم يترك أي شيء إلا وقد بينه لنا، وقد وللإسلام أعداء كثر ومعادين لأنظمته وأحكامه، وسوف أبين حقائق دور الإسلام ونظرته اتجاه الإدارة بحكم خبرتي الشخصية اتجاه هذا المجال الواسع.

إن الجميع في تطلع أن يتم اكتشاف البرامج الإدارية في مجال الحياة اليومية في الإسلام، والأسس التي تستند إليها، لأنه بعد كل تغيير في المجتمع يبدأ الحديث عن إدارة الشؤون الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية.

ويعلم كل من له معرفة ودراية بالقرآن الكريم بأن الأسس العامة للإدارة قد وضحها الإسلام لنا، ومن خلال تتبع ودراسة هذه الأسس سوف يكون بإمكاننا تنظيم أسس الإدارة في الإسلام.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 72 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,696,322

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters