إن المجتمع المدني في مصر يأخذ أشكال متعددة؛ حيث هناك الجمعيات الأهلية، والنقابات المهنية، والنقابات العمالية، ونادي القضاة، وجمعيات رجال الأعمال، والغرف التجارية والصناعية، والحركات الاجتماعية. وفيما يلي سوف يتم تناول أبرز مكونات المجتمع المدني المصري التي تتمثل في:

<!-- الجمعيات الأهلية

هي عبارة عن تجمعات منظمة تقوم علي العمل التطوعي ولا تهدف إلي تحقيق الربح وتعمل في المجالات الاجتماعية لتحقيق النفع العام، وتعتبر الجمعيات الأهلية حلقة الوصل بين الفرد والدولة حيث تعمل على تجميع الجهود الفردية من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن أبرز سمات الجمعيات الأهلية أن لها ملامح مؤسسية متمثلة في وجود لوائح منظمة لعملها والخصوصية فيها، كما أنها تقوم علي التطوع ولا تهدف إلي تحقيق ربح وتتبني أهداف اجتماعية واقتصادية، كما تتبع قانون ينظم تكوينها وتأسيسها وتوجد ثلاث أشكال رئيسية للجمعيات الأهلية:

<!--جمعيات خيرية تسعي إلى توفير الخدمات الاجتماعية للمحتاجين مثل محو الأمية وإنشاء مدارس ومستشفيات تقدم خدمات طبية مجانية وخدمات ثقافية، ومعظم هذه الجمعيات ذات طابع ديني إسلامي ومسيحي.

<!--الجمعيات التنموية هي جمعيات تعمل في مجال التنمية حيث تعمل علي نصرة الفئات المهمشة وتساعد في كسب القدرات والخبرة والاعتماد على النفس، من أهم الأدوار التنموية التي تقوم بها مكافحة الفقر، وتطوير التعليم، والخدمات الصحية والدينية.

<!--الجمعيات الدفاعية والحقوقية تسعي هذه الجمعيات للدفاع عن قضايا معينة مثل: حقوق الإنسان وحماية البيئة والدفاع عن المرأة وقد ظهرت هذه الجمعيات حديثاً، حيث تم تأسيس أول جمعية في مصر عام 1975م وهي الجمعية المصرية لحقوق الإنسان، وتعد هذه الجمعيات أكثر الجمعيات تأثيراً على السياسات الحكومية وتواصلاً مع العالم الخارجي، ويبرز دور هذه الجمعيات في الإشراف على الانتخابات ورصد الأحداث التي تقع خلالها وتصدر تقارير عنها، كما أنها تقوم بمراقبة أعمال الحكومة وتصدر تقارير عنها.

من أهم المؤسسات الحقوقية والدفاعية الموجودة في مصر: الجمعية المصرية لحقوق الإنسان والمؤسسة العربية لحقوق الإنسان والمؤسسة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، المركز المصري لحقوق المرأة.

<!-- النقابات المهنية

تعد النقابات المهنية مكون أساسي ومهم من مكونات المجتمع المدني وذلك نتيجة الأدوار التي تستطيع القيام بها؛ حيث أنها تلعب دورًا كبيرًا في العملية الإنتاجية والخدمية، وتمتاز عضويتها بأنها تضم الشرائح الأكثر تعليمًا.

هذا إلى جانب أنها تستطيع أن تمارس دورًا سياسيًا من خلال التأثير علي الدولة والضغط عليها لتحقيق المطالب بوسائل مختلفة أهمها الإضراب العام، إلى جانب قدرتها على مناقشة مختلف القضايا الداخلية والخارجية وان يكون لها اتصالات بمؤسسات على الصعيد الدولي.

وفي مصر النقابات المهنية تمارس وظيفتين أساسيتين وهما الدفاع عن حقوق أصحاب المهنة، وتطوير المهنة والعمل على حمايتها، ومع أتباع النظام السياسي للتعددية السياسية زادت عدد النقابات المهنية في مصر بشكل واضح وأصبحت تمارس دورًا سياسيًا.

وكانت بداية ظهور النقابات المهنية في مصر مع تشكيل نقابة المحاميين أمام المحاكم المختلطة عام 1876م، ثم نقابة المحاميين أمام المحاكم الأهلية عام 1912م، ثم نقابة المحاميين أمام المحاكم الشرعية عام 1916م، ويوجد في مصر حاليًا 25 نقابة مهنية من أبرزهم: نقابة الصحفيين (1941م)، ونقابة المهندسين (1946م)، ونقابة الأطباء (1949م) ونقابة الصيادلة (1949م).

<!-- النقابات العمالية

إن الجذور التاريخية للنقابات العمالية تعود إلى مطلع القرن العشرين عندما تم تأسيس أول نقابة عمالية وهي نقابة عمال لف السجائر عام 1900م، وبلغ عدد النقابات العمالية في مصر عام 1931م حوالي 38 نقابة عمالية ولكن تلك النقابات لم تحصل على شرعيتها إلا بعد صدور قانون رقم 85 لعام 1942م، ويوجد حاليًا في مصر23 نقابة عمالية.

والتنظيم النقابي في مصر يأخذ الشكل الهرمي الذي على قمته يوجد الاتحاد العام لنقابات عمال مصر الذي تأسس في يناير 1957م، وفي قاعدة الهرم يوجد اللجان النقابية للمنشآت المختلفة، وبين تلك اللجان والاتحاد العام يوجد 23 نقابة عمالية. وهذا التنظيم النقابي يعمل وفق مبدأ الواحدية والمركزية؛ حيث أن يوجد لجنة واحدة ونقابة واحدة لكل منشأة وصناعة إلى جانب وجود اتحاد عام واحد لنقابات العمال.

وإذا نظرنا إلى الدور الذي يمارسه التنظيم النقابي العمالي فسوف نجد أن دور تلك النقابات العمالية في الدفاع عن مصالح العمال يتسم بالضعف، وهذا ما كان يدفع العمال إلى تجاوز التنظيم النقابي وممارسة الاحتجاجات والإضرابات والمظاهرات وتنظيم أنفسهم في حركة عمالية من أجل توصيل مطالبهم المختلفة إلى الحكومة، وهذا الأمر الذي جعل التنظيم النقابي يتهم تلك الحركات بالتآمر. أما بالنسبة إلى دورها في التأثير على القوانين والسياسيات ذات الصلة بالعمال فسوف نجد أن هذا الدور لم يتخطى أكثر من إبداء الرأي والمقترحات للحكومة. وهناك أشكال أخرى للمجتمع المدني في مصر، أبرزها ما يلي:

<!-- نادي القضاة

 يمثل إحدى صور المجتمع المدني التي ظهرت للمرة الأولي في 10 فبراير عام 1939م عندما اتفق 59 من رجال القضاء والنيابة على تأسيس النادي وأن يكون مركزه الرئيسي في محافظة القاهرة، ويسمح بإنشاء فروع له في كافة المحافظات طبقا للائحة يضعها مجلس الإدارة. وقد ظهر نادي القضاء بصورة كبيرة في أحداث 1969م عندما سعى النظام السياسي إلي ضم القضاة إلى عضويه الاتحاد الاشتراكي فتصدي له نادي القضاة.

<!-- جمعيات رجال الأعمال

 ارتبطت تلك الجمعيات بالسياسة الاقتصادية التي تم أتباعها في مصر عام 1974، وبناءً عليه فقد تم إنشاء أو جمعية رجال أعمال عام 1975 التي عرفت باسم المجلس المصري الأمريكي، وقد وصل عدد تلك الجمعيات إلى 16 جمعية عام 1999 تضم 15 ألف عضو موزعين على مختلف الجمعيات.

وتتسم تلك الجمعيات بوجود درجة عالية من التجانس الناتج عن صغر عدد الأعضاء واشتراكهم في طبقة اجتماعية واحدة وخلفيات اقتصادية واجتماعية متشابهة، وتأسيس تلك الجمعيات ليس له نظام ثابت حيث أن بعضها تأسس بناءً علي قرار جمهوري والأخر بناءً علي قانون الجمعيات الأهلية، وتمتلك تلك الجمعيات قدرة عالية علي التأثير في عملية صنع القرارات الاقتصادية والسياسية إلي جانب سعيها إلي التأثير علي الشعب وتغيير الصورة النمطية لرجل الأعمال في ذهن المصريين من خلال إقامة مشروعات خدمية والتواجد المكثف في مختلف وسائل الإعلام.

<!-- غرف التجارة والصناعة

هي عبارة عن “هيئات تمثل المصالح التجارية والصناعية لدى سلطات الحكومة” وتتسم باتساع حجم عضويتها نتيجة الطابع الإجباري للعضوية، وقد ظهرت لأول مرة في تاريخ مصر مع إنشاء أول غرفة تجارية بالإسكندرية عام 1880م، ويبلغ عدد الغرف التجارية في مصر 26 غرفة بواقع غرفة تجارية في كل محافظة ماعدا محافظة الأقصر، ويبلغ عدد الغرف الصناعية 16 غرفة صناعية مثل: غرفة صناعات مواد البناء، وغرفة الصناعات الغذائية، وغرفة السينما، وغرفة الأدوية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطيبة، وغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وغرفة الصناعات الهندسية.

 

<!-- الحركات الاجتماعية

تُعرف الحركات الاجتماعية على أنها: التيار العام الذي يدفع طبقة من الطبقات أو فئة معينة اجتماعية إلى تنظيم صفوفها بهدف القيام بعمل موحد لتحسين حالتها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو تحسينها جميعًا”. وقد نشطت ظاهرة الحركات الاجتماعية في مصر على الساحة السياسية في القرن الواحد وعشرين بعد حالة من الركود السياسي في أواخر القرن العشرين.

وبناء على ما سبق فإنه يمكن القول، أن المجتمع المدني في مصر ظهر منذ بناء الدولة الحديثة، ومنذ تلك اللحظة مر بالعديد من المراحل التي من خلالها حدث تطور كبير للمجتمع المدني ومر بمراحل ازدهار ومراحل تراجع وفق الظروف السياسية الموجودة، ولكن بشكل عام فإن مصر عرفت المجتمع المدني بمختلف أشكاله؛ حيث شهدت تواجد الجمعيات الأهلية والنقابات العمالية والمهنية والحركات الاجتماعية وغيره، واستطاع المجتمع المدني أن يلعب دورًا كبيرًا في الساحة السياسية المصرية.

 

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 14 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,912,458

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters