التحديات التي توجه المجتمع المصري
ومواجهة مشكلة المخدرات والتعاطي
· قضية انتشار المخدرات في مصر من أهم القضايا المجتمعية، وخاصة بعد أن أشارت الدراسات إلى أن بداية التعاطي يرجع إلى سن 12 سنة، وفي بعض الحالات يبدأ التعاطي في عمر 9 سنوات (لاحظنا هذه الظاهرة من خلال تردد الأطفال بلا مأوى، على مركز الاستقبال التابع لكاريتاس – مصر، في الجيزة بجوار منطقة الأهرام، والأطفال المترددون على المركز من عمر 5 – 16 سنة).
· الخمر والمخدرات مواد تسبب مشاكل عديدة في معظم بلاد العالم وتكلف الدول خسائر بشرية واقتصادية لا حصر لها، لأنها تدمر الإنسان نفسياً واجتماعياً وجسمياً.
· ونظراً للظروف السياسية التي تمر بها مصر منذ 25 يناير 2011، وتصدع القنوات الأمنية، انتهزت مافيا الاتجار بالمواد المخدرة، وكثفوا نشاطهم وتجارتهم.
· غالباً ما يبدأ إدمان المخدرات في سن الشباب في المجتمع المصري، وأحد أهم الأسباب للبدء هو الضغط الذي يمارسه الأصدقاء على الشخص، وهناك عنصران هامان أيضاً هما الفضول وسهولة التجاوب مع الأصدقاء. وقد يستعمل الشخص المخدرات للتكيف أو التعامل مع الضغط الناتج عن عدة عوامل، مثل الخلافات العائلية، ومشكلات العلاقات الاجتماعية والبطالة، ومتى يبدأ الشخص في تناول المخدرات، فإن العامل الذي سوف يدفعه إلى الاستمرار في تناولها هو اعتياد الجسم عليها.
· نقصد بالإدمان Addiction، فعل المداومة على عادة تعاطي أو تناول مواد معينة، أو القيام بأنشطة محددة لمدة زمنية طويلة بقصد الدخول في حالة من النشوة أو بهدف أبعاد الحزن والاكتئاب. والإدمان يعني الاعتماد الفسيولوجي أو العضوي Physiological Dependence، على المواد الكيميائية، الذي يؤدي بالشخص إلى حالة لا يستطيع معها مقاومة الامتناع عن تناول هذه المواد، وتظهر عليه ا، ومن المواد القابلة للإدمان الكحول والتبغ والنيكوتين وأنواع عديدة من العقاقير المهدئة والمخدرة، والحشيش والأفيون والكوكايين والهيروين.. الخ.
· ليست هناك مراجع واضحة لمعرفة تاريخ معرفة المصريين بالأفيون. أما فيما يتعلق بالقنب (الحشيش) فيرجح المؤرخون أنه دخل إلى مصر منذ منتصف القرن الثاني عشر الميلادي، وكان ذلك في عهد الدولة الأيوبية، تأسست الدولة الأيوبية، نسبة إلى صلاح الدين الأيوبي، وحكمت مصر خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وأنه جاء إلينا من أرض الشام، ويبدو أنه أنتشر انتشارا واسعاً منذ دخوله الأراضي المصرية، كما أنه كان مثاراً للجدل منذ ذلك الوقت، بين محبذ ورافض، تنبه حكام مصر إلى أضرارا لمخدر الاجتماعية منذ ذلك الوقت المبكر، ومن ثم فقد بدأت السلطات تشن حملاتها ضده وضد متعاطيه، ولكن سياسة المقاومة هذه لم تستمر على وتيرة واحدة، بل ظلت تنشط أحياناً وتفتر أحياناً أخرى على مر السنين، وللأسف نشط سوق المخدرات كما قلنا منذ أحداث ثورة 25 يناير 2011.
· تطورت أنواع المخدرات في السوق المصري، بظهور الهيروين والكوكايين منذ عام 1980، مما دفع الدولة باتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة العرض والطلب، بكل الطرق الممكنة، وتم تشكل المجلس القومي لمكافحة المخدرات وعلاج الإدمان منذ عام 1986.
كيف يواجه المجتمع المصري مشكلة المخدرات:
1- مواجهة العرض :
تتوزع مواجهة الدولة للعرض بين ثلاث جبهات رئيسية هي :
1-1 / جهود المكافحة:
تعتبر الإدارة العامة لمكافحة المخدرات هي الجهاز المحوري في الدولة المصرية لتنظيم جهود المكافحة. وهي تقوم بعملها بالتنسيق مع عدد من أجهزة الدولة، منها قوات حرس الحدود (وزارة الدفاع)، ومصلحة الجمارك (وزارة المالية)، والإدارة المركزية للشئون الصيدلية (وزارة الصحة)، والإدارة العامة للدفاع الاجتماعي(وزارة التضامن الاجتماعي)، كما تتعاون مع عدد من أجهزة وزارة الداخلية، منها قوات الأمن المركزي، وأكاديمية الشرطة (وحدة كلاب الأمن والحراسة)، مصلحة أمن المواني، ومصلحة الأمن العام (المكتب المركزي للشرطة الجنائية الدولية)، والإدارة العامة لشرطة المسطحات المائية، والتعاون مع الأجهزة المعنية بمكافحة المخدرات بهيئة الأمم المتحدة، والتنسيق مع منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الأنتربول).
1-2 / القانون :
التشريع ميدانياً من أهم الميادين لمجابهة الاتجار في المخدرات وتعاطيها، حيث يقوم بتأثيم الأفعال المتصلة بهذا النشاط والعقاب عليها، كقوة الردع الأساسية في درء هذا الخطر.
1-3 / الاتفاقيات الدولية والإقليمية:
تعتبر الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية، بمثابة آليات تضاف إلى القوانين المحلية لتمكين الدولة من مزيد من إحكام سيطرتها على مشكلة المخدرات في البلاد، وبمرور السنوات ازدادت هذه الاتفاقيات عدداً وإحكاماً.
2 / مواجهة الطلب:
تتوزع مواجهة الدولة لمشكلة المخدرات في مصر، من زاوية الطلب بين ثلاث جبهات:
· القانون.
· الخدمات العلاجية.
· جهود التوعية.
· أهم العوامل المؤثرة في تعاطي المخدرات في المجتمع المصري:
- الانهيار الأسري:
تشير الإحصائيات الخاصة بالأوضاع الاجتماعية والسكانية في مصر، أنه هناك حوالي 4.5 أربعة مليون ونصف سيدة مطلقة، أنجبوا حوالي 7.5 سبعة مليون ونصف طفل وطفلة. ويبلغ عدد سكان مصر حوالي 85 مليون نسمة، حوالي 40% دون عمر الثامنة عشرة.
- الدخل المنخفض:
يعيش 3% من سكان مصر بأقل من دولار أمريكي يومياً (حوالي 6.00 جنيهات مصرية تقريباً)، و 45% من السكان يعيشون بأقل من دولارين أمريكيين يومياً (حوالي 12 جنيهاً تقريباً). تحتل مصر المرتبة (111) من بين (177) دولة، وفقاً لمقياس التنمية البشرية الخاص ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
- اختلال الانضباط في الأسرة:
الإنسان يحتاج إلى الأسرة، طفلاً وشاباً وراشداً ومسناً، والأسرة هي أهم عوامل التنشئة الاجتماعية والتأثير في تكوين شخصية الفرد وتوجيه سلوكه.
وقد تتخلل الحياة الأسرية مشكلات تؤدي إلى الاضطرابات النفسية والتفكك والتشرد. ومن أهم النماذج للمشكلات الأسرية كالآتي:
· اضطراب العلاقات بين الوالدين.
· الإدمان.
· عصبية الوالدين.
· القدوة السيئة.
· التنشئة الاجتماعية الخاطئة.
· اضطراب العلاقات بين الوالدين والأبناء.
· عدم احترام الوالدين.
· اضطراب العلاقات بين الأخوة.
· مركز الابن (الذكر) في الأسرة.
· أبناء الزوج السابق أو الزوجة السابقة.
· الأبناء غير الأشقاء.
· الأولاد اليتامى.
· مشكلة المرأة العاملة.
· خلفة البنات دون الذكر.
· مشكلات ذوي القرابة.
· سوء التوافق الأسري.
· تفكك الأسرة والانتهاء بالطلاق.
· تدخين السجائر قبل بلوغ عمر 12 سنة.
- التبغ هو من الأسباب المهمة للموت المبكر، وعلى الرغم من الضرر الهائل الذي يسببه التبغ لصحة الإنسان، مازالت شركات التبغ تسوق إنتاجها بقوة ولا سيما في البلدان النامية. ومن الأسباب الشائعة لبدء التدخين، الضغط الذي يمارسه الأولاد من عمر المدرسة، والتأثر بالإعلانات، والاعتقاد بأن التدخين من الرجولة وعلى الموضة. ولكن متى بدأ الشخص في التدخين، سرعان ما يصبح مدمناً، لأن التبغ يحتوى على مادة النيكوتين وهي مادة مخدرة تسبب الإدمان بشدة، أذا تمادى الشخص في التدخين.
مصاحبة أصدقاء مدمنين:
· الصداقات والصحابة، عامل مؤثر في العلاقات الإنسانية، ومن النماذج المترددة على مراكزنا التأهيلية للعلاج من الإدمان، عبرت أغلب الحالات المدمنة، أنهم تعرفوا على المخدر من خلال الشلة، والصداقات مع مدمنين سابقين.
الظروف السيئة في بيئة العمل:
· المهنة والعمل لها علاقة وثيقة بتطور ونضوج الذات والشخصية، فاختيار مهنة أو عمل معين يرتبط بالذات، والعمل يقضي فيه الفرد معظم حياته ويطورها وينمو بها، والعمل يجعل للحياة معنى ويجعل للإنسان قيمة اجتماعية، حيث يحتل أهم أدواره الاجتماعية في الحياة. وللأسف هذه الأسس لا تتفق أو تتجاوب مع اختيارات الإنسان وخاصة الشباب في مصر. فالهدف هو تأمين مصدر مالي وليس حب المهنة أو العمل. ونشير إلى البطالة في مصر تتجاوز 20% بين فئة من هم في عمر الشباب، والقادرون على العمل والإنتاج.
مجدي جرس
نوفمبر 2011