مشوار العمل في قضية المخدرات والإدمان والتحديات

edit

 

مشوار العمل في قضية المخدرات والإدمان والتحديات!!

 

 

·   التزمت كاريتاس – مصر، بالعمل في مجال مكافحة المخدرات والإدمان عليها، منذ عام 1981. دعم هذا الالتزام تضامن كاريتاس  Caritas – Freibourg،ودفعها لتفعيل هذا  العمل الذي يتطلب جهداً ومبدأ وتعاوناً مع الجهات المعنية في المجتمع المصري.

 

·        مشكلة المخدرات والإدمان عليها، لها دوافع ومصالح على المستوى الدولي وعلى المستوي القومي.

 

·   أشير في هذا العرض إلى نقاط محورية لمواجهة هذه الظاهرة. ورغم كل النوايا الحسنة، إلا أن العمل لمواجهة هذه الظاهرة يتطلب المزيد من تضافر كل الجهود.

 

 

أولاً : حجم مشكلة المخدرات

وتزايد الإنتاج عالمياً ومحلياً

 

هناك جهوداً دولية مضنية من أجل مكافحة المخدرات نظراً للآثار السلبية المتعددة لتلك الظاهرة، إلا أن معظم التقارير الدولية تشير إلى تنامي أنشطة المخدرات على مستوى العالم، فهناك تزايد في الإنتاج العالمي، وانتشار له في العديد من لدول، فضلاً عن تزايد  معدلات التعاطي والإدمان، وارتباط جرائم المخدرات بالعديد من صور الإجرام المنظم، مما أدي لزيادة حجم الظاهرة الإجرامية عالمياً وإقليمياً ومحلياً.

 

كل ذلك يرجع للزيادة المستمرة في حجم المواد المخدرة، التي تسعى عصابات الإنتاج والتهريب إلى انتشارها لتحقيق الربح، ونشير –هنا- إلى تلك الزيادة حسبما ورد بتقارير الأمم المتحدة الأخيرة على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي.

 

على المستوى العالمي:

تشير التقارير الصادرة عن الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات خلال السنوات الأخيرة إلى تزايد الإنتاج العالمي من المخدرات والمؤثرات العقلية غير المشروعة، حيث يقدر إنتاج الأفيونات بسبعة آلاف طن، والكوكايين ثمانمائة وخمسة وستين طناً، بينما بلغ مخدر الحشيش قرابة ستة آلاف طن، والأمفيتامينات إلى أربعة آلاف طن والأكستاسي بنحو تسعين طناً, وكذا تزايد تعاطيها ومخاطرها بشكل مقلق في أغلب دول العالم، وأن إجمالي تقديرات المتعاطين للمخدرات على مستوى العالم بلغ نحو 200 مليون نسمة يمثلون 4.8% من سكان المعمورة، معظمهم من الشباب من سن 15 – 74 منهم:

 

·        أكثر من 162 مليون نسمة يتعاطون القنبيات (الحشيش – البانجو).

·        قرابة 35 مليوناً يتعاطون أنواع الأمفيتامينات (الأمفيتامين -  الإكستاسي).

·        نحو 16 مليوناً يتعاطون الأفيونات (الأفيون – الهيروين).

·        نحو 13 مليوناً يتعاطون الكوكايين.

 

كما أن القيمة المقدرة لحجم تجارة المخدرات عالمياً قد بلغت حوالي 322 بليون دولار مما يدل على أن مشكلة المخدرات والإدمان عليها لا تزال تشكل خطراً كبيراً يهدد العنصر البشرى في مختلف بلدان العالم وقاراته المختلفة. غنية أو فقيرة، كما يهدد بانهيار الكثير من حققه العالم من إنجازات، وتؤدي إلى المزيد من التخلف للمجتمعات الفقيرة. ([1])

 

ونشير –هنا- إلى أهم مناطق الإنتاج العالمية للمواد المخدرة.

 

أولاً : مجموعة الأفيون:

وتتم زراعته،واستخراج مستحضراته في مناطق عديدة من العالم أهمها:

منطقة المثلث الذهبي (ميانمار ولاوس وتايلاند) منطقة الهلال الذهبي (أفغانستان وباكستان وإيران)، والمكسيك.

 

ثانياً : مجموعة الكوكايين :

وتنتج من نبات الكوكا الذي يزرع على نطاق واسع في سفوح جبال الأنذير، التي تمتد على طول ساحل العاج الغربي لأمريكا الجنوبية، كما تزرع في حوض نهر الأمازون وبعض السهول الساحلية على المحيط الأطلنطي.

 

وتعتبر بيرو وبوليفيا وكولومبيا هي أكثر ثلاث دول منتجه للكوكايين في العالم.

 

ثالثاً : مجموعة القنب:

وتشمل نبات القنب ومستحضراته، هي أوراق وزهور الحشيش الجافة (البانجو – أو الماريجوانا)، وكذلك راتنج الحشيش وبودرة الحشيش. وبزرع القنب في أنحاء متفرقة من المغرب ونيجيريا وغانا وزائير وزامبيا.

 

رابعاً : المخدرات التخليقية:

تصنع هذه المواد في مختبرات كيميائية في صورة أقراص وكبسولات أو مسحوق أو سائل، وهي –غالباً- تنتج في دول أوروبا، ويساء استخدامها بشكل كبير في بلاد شرق البحر المتوسط خاصة قبرص وسوريا، وكذلك في بعض البلدان العربية، ومنها مصر والسعودية، وهي تهرب بعدة طرق نظراً لكونها تشبه الأدوية المشروعة، وبالتالي يمكن تهريبها بحراً وبراً وجواً م الركاب أو في شحنات.

 

على المستوى الإقليمي:

بدأت ظاهرة المخدرات تتزايد في منطقة الشرق الأوسط في الأونه الأخيرة، ويتضح ذلك من ازدياد حجم إنتاج الحشيش في دول شمال أفريقيا، وبعض بلدان غرب أفريقيا، فهناك زراعات لنبات القنب الذي ينتج منه الحشيش وراتنج الحشيش في كل من المغرب ولبنان / وبعض المناطق النائية في شبه جزيرة سيناء في مصر الذي يستخدم بحالته ولا يستخرج من الحشيش.

 

على المستوى المحلي:

تشير تقارير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وإحصاءات الضبط الحديثة إلى :

·   تعرض البلاد –بحكم موقعها الجغرافي- لمحاولات جلب المواد المخدرة أو عبورها من خلال المنافذ الشرعية والحدود البرية  والسواحل ولا سيما مخدر الحشيش.

·   تزايد الإنتاج العالمي من المواد المخدرة لاسيما العقاقير المخدرة والمؤثرة على الحالة النفسية، وكذا الأفيونات بعد تزايد زراعات الخشخاش بأفغانستان، مما أدى لزيادة تعرض البلاد لمحاولات تهريبها إليها.

·   استمرار انتشار الزراعات المخدرة غير المشروعة لنباتي القنب  والخشخاش، متخذة أبعاداً أكثر خطورة وتعقيداً بالزراعة في مناطق صعبة التضاريس، مع تصاعد احتمالات استخدام العنف ضد قوات المكافحة.

·   تزايد مخالفات بعض شركات الأدوية والصيدليات في التعامل بالعقاقير والمواد والمستحضرات المؤثرة على الحالة النفسية، وتفشى إساءة استعمالها.

·   عدم الاستقرار السياسي والأمني، وتفشي العنف ببعض دول الإنتاج القريبة ينذر باحتمالات ظهور أنماط وأشكال جديدة للمشكلة متمثلة في مواجهة خطوط وأساليب تهريب جديدة وأنواع مستحدثة منها وأنماط حديقة للتعاطي.

·   تزايد  تهديدات الجريمة المنظمة عالمياً وارتباطها بالعديد من الأنشطة الإجرامية الخطرة، مع ارتباطها التقليدي بأنشطة المخدرات وغسل الأموال والفساد يؤدي لزيادة حجم الظاهرة.

·   تزايد مخاطر إساءة استخدام شبكة الإنترنت في الترويج ونشر ثقافة وأنماط تعاطي وتصنيع المخدرات تؤدي لذات النتائج السابقة.

·   وكل ذلك يؤدي –بلا شك- لزيادة حجم الظاهرة على المجتمع المصري، وتفشي آثارها السلبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والأمني، مما يتطلب مضاعفة الجهود التي تبذل في هذا الشأن.

 

 

 

 

ثانياً : الآثار السلبية لظاهرة المخدرات

على المجتمع المصري

اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً

 

1-  الآثار الاجتماعية لظاهرة المخدرات:

يعد تعاطي المخدرات وإدمانها مشكلة اجتماعية خطيرة باتت تهدد أمن المجتمع وسلامته، ولا يقتصر ذلك على المجتمع المصري فقط، بل أصبحت خطراً داهماً يجتاح المجتمعات الإنسانية جمعاء، وتنعكس آثارها على المجتمع من مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية.

 

فالمخدرات آفة تصيب الفرد، وكارثة تحل بأسرته، وخسارة محققة لوطنه، ذلك أن التعاطي يعود بأسوأ النتائج على الفرد في إرادته وعمله ووضعه الاجتماعي، حيث أنه بفعل المخدرات يصبح شخصاً مفتقراً لتحقيق الواجبات العادية والمألوفة الملقاة على عاتقه.

 

والمتعاطي أو المدمن بما ينفقه من مال على تعاطي المخدرات يقتطع جزءاً كبيراً من دخل الأسرة، وهو بذلك يمثل عبئاً اقتصادياً عليها، وباستقطاع ذلك الجزء من الدخل تتأثر الحالة المعيشية للأسرة، ولا يستطيع تلبية الاحتياجات الضرورية  لأفراد الأسرة، مما يدفع الأبناء إلى الشروع في بعض الأعمال غير المشروعة، كالتسول أو السرقة  أو الدعارة، وكلها من الأمراض الاجتماعية التي تفتك بالفرد والأسرة والمجتمع، كما أن المتعاطي الذي ينفق ماله على إدمانه  للمخدرات لا يكون مقدراً للمسئولية الملقاة على عاتقه كرب أسرة ومسئول عنه، لأنه راعيها الأول، بل هو قدوة سيئة، وبالتالي ينشأ هؤلاء الأولاد وليس لديهم أي شعور بالمسئولية حيال أسرهم ومجتمعاتهم مستقبلاً.

 

وهذا الأمر خطرا على المجتمع حينما ينشأ أفراده على اتجاهات  وسلوكيات  سالبة نحو المجتمع، هذا بالإضافة إلى أن أسرة المتعاطي –دائماً- يسودها جو من التوتر والشقاق والخلاف بين أفرادها، فقد أثبتت البحوث والدراسات ارتفاع معدلات سوء العلاقات الزوجية والنزاع الدائم بين الزوجين وانفصالهما في الأسر التي يوجد بها مدمنو مخدرات، وتبعاً لذلك يرتفع معدل حدوث الاضطرابات بين الأطفال في هذه الأسر،  مما يؤدي إلى لجزء الأحداث أيضاً إلى التعاطي، وكذلك انحرافهم، وهكذا يصبح تعاطي أفراد الأسرة للمخدرات مجموعة من الحلقات المتتالية والمتشابكة التي لا تنفصل إحداها عن الأخرى، وتؤدي في النهاية إلى دمار كامل للأسرة، ومن ثّم المجتمع، فقد ثبت من المجتمع، فقد ثبت من مراجعة ملفات القضاء بكثير من محاكم الأسرة أن هناك مئات من القضايا التي تطلب فيها الزوجة الطلاق بسبب عجز الزوج عن القيام بواجباته الزوجية، كرب  عائلة، وكوالد، وكزوج، وبتحليل أسباب تلك القضايا أتضح أن أغلب الأزواج ممن يتعاطون المخدرات ويدمنونها، وبسبب ذلك ضعفت قواهم الجسمية وأصبحوا في حاجة إلى من يعولهم، بعدما فقدوا مصادر دخولهم الأصلية، أو  ثرواتهم، وأصبح ما لديهم لا يكفي لمعيشة الأسرة وسد حاجاتها الأساسية، وهنا يصبح هذا الزوج شريراً بائساً يلتمس العيس من السرقة والنهب، وهنا تتفكك الصلات والروابط بين الأفراد والعائلات وتنهدم السعادة الأسرية، وشر جناية يجنيها الأب على أولاده تكون بسبب تعاطيه المخدرات.

 

كما أن تعاطي المخدرات يعد سبباً مباشراً لوقوع العداوة والبغضاء بين الناس حتى الأصدقاء منهم، لأن المدمن حينما يستهلك المخدرات ويفقد العقل الذي يمنع الأقوال  والأفعال التي تسئ إلى الناس، يستولى عليه حب الفخر الكاذب والكبر، ويسرع إلى الغضب بالباطل، مما يدفع إلى ألوان من البغضاء والعداوة، وكثير من المشاجرات والمنازعات والمشاحنات بين المدمن وعامة الناس، فينشأ القتل والضرب والسلب والنهب وإفشاء الأسرار وهتك الأعراض، وخيانة الحكومات والأوطان، وهذه الأمراض اجتماعية تضر بالمجتمع.

 

وفي النهاية  نستطيع أن نقرر أن انتشار المخدرات سبب لكثير من الأمراض الاجتماعية كالرشوة، والسرقة، والانحرافات الخلقية التي تعكر صفو النظام العام، عن طريق العنف والفظاظة وإتلاف الممتلكات، والخيانة وغيرها من الأمراض التي تتفشى في المجتمع الذي يقع فريسة للإدمان بلا كيان، ويصبح مجتمعاً بلا وعي وبلا إبداع ([2]).

 

2-  الآثار الأمنية لظاهرات المخدرات:

تناول المخدرات –لا محالة- يؤدي إلى ضرر بالغ بالفرد والمجتمع، وتسوق شاربها إلى ارتكاب كثير من الجرائم في حق نفسه وجميع من حوله، فمتعاطي المخدرات يخالف القانون دائماً، وكثيراً ما تجد المتعاطين للمخدرات صيداً سهلاً  للعمل في حقل الإجرام كالدعارة أو الإتجار بالمخدرات أو السرقة، حيث يستغل مهربو المخدرات وتجارها المتعاطين لمعاونتهم في التهريب، وبذلك ينتقلون من مرحلة التعاطي إلى مرحلة أشد خطورة وأشد إجراماً، وغير ذلك من الأفعال في مجال الجريمة.

 

وهكذا نرى أن جريمة التعاطي للمخدرات ليست لذاتها فحسب، بل إنها تتسبب في كثير من الجرائم الأخرى، ونحن لا نتصور أن هناك خطراً يهدد سلامة  أي مجتمع وأمنه واستقراره ويثير المخاوف حول مستقبله كما تؤثر فيه المخدرات، ذلك لأنها تنشر الأمراض ، وتشيع في الأرض الفساد، وتقتل فيمن يتعاطاها طاقات النشاط المنتج، وتشل حركة التفكير المبدع، وتدفع المجتمع إلى قاع التخلف والضياع.

 

وبذلك فالنظرة إلى الإدمان على أنه ظاهرة إجرامية وظاهرة مرضية في الوقت نفسه هي نظرة صائبة تؤيدها كل الأبعاد الأخلاقية، والمدمن يعتدي على نفسه ويدمر ذهنه وقدراته ويحرم المجتمع منها، ويروع الآمنين، ويشيع الفاحشة، ويرتكب المنكرات، وكل ذلك من السلوكيات المحظورة طبقاً للقانون، ولذلك فهو مجرم في حق نفسه وأسرته ومجتمعه، وكل ذلك يؤثر سلبياً على المجتمع الذي يعيش فيه ويتعايش معه بما يضر بأمن هذا المجتمع  ضرراً بالغاً.

 

فوقاية المجتمع من مشكلة  تعاطي المخدرات بمثابة وقاية له من اقتراف كثير من الجرائم، حيث تدل كثير من الإحصائيات الجنائية في كثير من البلدان، ومنها مصر على أن الجرائم التي يرتكبها المجرمون تحت تأثير المخدرات تكون في الغالب جرائم العنف والاعتداء على الأشخاص، والجرائم  المخلة بالشرف وخيانة الأمانة، وتكون ضد الآداب العامة، وجرائم الإهمال والتشرد وغير ذلك من الجرائم، إضافة إلى جرائم القتل الخطأ والإصابات الخطأ الناتجة عن حوادث السيارات التي تقع تحت تأثير المخدرات.

 

3-  الآثار الاقتصادية لظاهرة المخدرات:

تفتك المخدرات بالجسم، وتفتك –أيضاً- بالمال، سواء كان مال الفرد أو مال المجتمع، فهي تخرب البيوت العامرة وتيتم الأطفال، وتجعلهم يعيشون عيشة الفقر والشقاء والحرمان، فالمخدرات تذهب بأموال شاريها سفهاً بغير علم إلى خزائن الذئاب من تجار السموم والعصابات العالمية.

 

والفرد الذي يقبل على المخدر يضطر إلى استقطاع جانب كبير من دخله لشراء المخدر، وعليه تسوء أحواله المالية ، ويفقد الفرد ماله الذي وهبه الله إياه في تعاطي المخدر وفي التبذير من أجل الحصول عليها ([3]).

 

والمخدرات وراء ارتفاع بعض العملات، حيث يجمعها التجار ويخربونها لشراء المخدرات، إضافة لما تحدثه من آثار صحية ضارة تجعل الفرد قليل الإنتاج، وبها –أيضاً- تخسر الدولة جزءاً من خيرة شبابها الذين  تنتهي رحلتهم سريعاً مع الإدمان  إما بالجنون أو الوفاة، وهذه خسارة كبرى وضرر فادح بالاقتصاد الوطني تتحمل سوء تبعاته الأمة جمعاء، ويؤدي بها –لا محالة- إلى التلف والضعف والإعياء.

 

ولا يقتصر الأمر على انخفاض إنتاج الفرد المتعاطي للمخدرات في عمله فحسب، بل ينخفض إنتاج المجتمع، وتتقلص جهود التنمية فيه تبعاً للأسباب الآتية:

·   انتشار تعاطي المخدرات يؤدي إلى زيادة أفراد الشرطة وموظفي السجون والمحاكم والنيابة والمستشفيات، بحيث إذا لم تكن هناك ظاهرة التعاطي، لأمكن أن يتجه هؤلاء الأفراد إلى أماكن أخرى إنتاجية أو صحية أو ثقافية بدلاً من قيمهم بمطاردة المجرمين وتجار المخدرات والمتعاطين ومحاكمتهم، وعلاج المدمنين وإعادة تأهيلهم.

·   تعاطي المخدرات يمثل عبئاً كبيراً على الدخل القومي، فهناك خسارة مادية اقتصادية تتمثل فيما يتحصل عليه المشتغلون بعلاج ومكافحة المشكلة وفي النفقات الباهظة التي تستهلكها عمليات الوقاية والعلاج والمكافحة، والمؤسسات التي تنشأ من أجل ذلك، وكذلك في عمليات المحكوم عليهم في جرائم المخدرات داخل السجون  والمستشفيات، هذه النفقات كان من الممكن – لو لم ينتشر التعاطي- أن  توجه إلى ما يرفع إنتاجية المجتمع وجهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإعطاء حوافز مجزية للمشرفين على علاجهم، ولابد أن نعي أن مكافحة المخدرات أصبح أمراً ضرورياً لشعور كثير من الدول بخطر الجريمة على الأمة، وتهديد كيان المجتمع، خاصة وأن مطلبي الأمن والاستقرار مطلبان عالميان تسعى إليهما جميع  الدول على اختلاف ثقافتها... والجريمة أثر مباشر في زعزعة الأمن والاستقرار للفرد والمجتمع.

·   المبالغ التي تنفق على المخدرات ذاتها –غالباً- ما تكون على جانب كبير من الضخامة، فإذا كانت المخدرات تزرع في المجتمع الذي تستهلك فيه، فإن معنى ذلك إضاعة جزء من الثروة القومية تتمثل في الأراضي التي كان من الممكن أن تستغل زراعتها مفيدة، وفي الجهد البشري الذي يضيع في زراعة النباتات المخدرة، وإذا كان المجتمع مجتمعاً مستهلكاً للمواد المخدرة، فإن مبالغ كبيرة تخرج من المجتمع، وتكون –عادة- في صورة عملة صعبة مهربة، أو عن طريق تهريب السلع، وعمليات المقاومة، وكان من الممكن استغلال هذه المبالغ في استيراد آلات للإنتاج أو التعليم أو للصحة، أو استغلالها في سبيل آخر للإنفاق على تحسين أوضاعنا المادية والاجتماعية والاقتصادية.

·   وكم من أبحاث أجريت في مصر حول المبالغ التي تنفق على مشكلة المخدرات، وجميعها ذكر أرقاما فلكية لو ثبت صحتها لكان لذلك تأثير كبير على الاقتصاد المصري.

 

 

ثالثاً : الإستراتيجية القومية

لمواجهة مشكلة المخدرات في مصر

 

مقدمة:

تولى وزارة الداخلية مشكلة المخدرات أهمية بالغة، ورغم أن الوزارة تختص بمواجهة مكافحة العرض من خلال سياسات وخطط مدروسة يتولى تنفيذها العديد من أجهزتها، وفي مقدمتها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالتنسيق الكامل مع مختلف الأجهزة المعنية بقطاعات الدولة، لا سيما قواتنا المسلحة، ومصلحة الجمارك،  وأجهزة وزارة الصحة المعنية بشئون الصيدلية، إلا أنها أيضاً لا تدخر وسعاً في دعم جهود خفض الطلب بالتنسيق الكامل مع كافة أجهزة خفض الطلب ولا سيما في جانب التوعية، وقد شهد شهر يونيه 2008م، إعلان المجلس القومي لمكافحة وعلاج الإدمان، إصدار أحدث تطوير للإستراتيجية القومية لمكافحة وعلاج الإدمان، التي عكفت لجنة شُكلت من ممثلين لكافة الجهات الممثلة في مجلس إدارة المجلس القومي، وبمشاركة مجموعة من الخبراء وأساتذة الجامعات على مدى عامين لمراجعة الإستراتيجية القومية لمكافحة وعلاج الإدمان القائمة، والوقوف على الأبعاد المطلوب تطويرها، والإضافة إليها في ضوء المستجدات في المحيط الخارجي، وما اعترى الظاهرة نفسها من تغيرات، واقتراح الآليات والبرامج والخطط التي تسعى الإستراتيجية القومية لمكافحة الإدمان إلى تحقيقها.

 

الجهات والمؤسسات التي تضطلع بتنفيذ إستراتيجية المواجهة:

·        وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات.

·        وزارة الدفاع "القوات الجوية – قوات حرس الحدود".

·        وزارة المالية "مصلحة الجمارك".

·        وزارة الصحة "الإدارة المركزية للشئون الصيدلية".

·        وزارة العدل.

·        وزارة الأسرة والسكان ممثلة في صندوق مكافحة وعلاج الإدمان.

·        وزارة الحكم المحلي والمحافظات والمجالس الشعبية.

·        وزارة الإعلام.

·        وزارة الزراعة.

·        الصندوق الاجتماعي للتنمية.

·        المجتمع المدني "مؤسسات العمل التطوعي".

 

وتقوم السياسات التي تنتهجها وزارة الداخلية، وتضطلع بتنفيذها الإدارة العامة لمكافحة المخدرات على عدة محاور أساسية، هي:

 

المحور الأول: مواجهة الجلب والتهريب:

تحرص الوزارة على دعم جهود مواجهة خطوط التهريب الرئيسية، عبر الحدود والسواحل لكافة أنواع المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والسلائف والكيماويات... بتعزيز القطاعات الحدودية والساحلية وفروعها بالمنافذ والمواني بالإمكانيات البشرية والمادية، وبخاصة أجهزة المساعدات الفنية والتفتيش، ووسائل الانتقال المناسبة، مع تكثيف التحريات حول خطوط ومناطق التهريب والقائمين عليها، وأنواع المخدرات المستحدثة المستهدف تهريبها للبلاد وسد الثغرات، وتقوية المواقع النائية لمواجهة استغلال عصابات التهريب للأماكن البعيدة وغير المطروقة، والمناطق الحدودية باستمرار تعزيز التعاون الدولي مع دول الجوار وأجهزة المكافحة الدولية.

 

المحور الثاني : مكافحة الزراعات المخدرة:

استمرارية متابعة الموقف الأمني بمناطق الزراعات المخدرة، وتوجيه حملات أمنية فاعلة لهذه المناطق تضمن القضاء على هذه الزراعات، وضبط القائمين عليها، ومنع تكرار زراعتها، وفرض رقابة على المحاور الحاكمة والمعابر بمناطق الإنتاج، مع مواصلة التنسيق والتعاون مع وزارة الدفاع (حرس الحدود – والقوات الجوية) لتفعيل المشاركة في حملات الإبادة، وتكثيف عمليات الاستطلاع والإبرار،  وتجدر الإشارة أن الوزارة بالتنسيق مع وزارة الدفاع تقوم بأربع حملات كبرى تمتد الواحدة منها لنحو سبعة أيام متواصلة لإبادة الزراعات المخدرة بسيناء، هذا فضلاً عن قيام الوزارة بالعديد من حملات اليوم الواحد على مدار العام بسيناء، مع تنظيم حملات تمشيطية على المناطق المحتمل وجود أنشطة زراعات غير مشروعة بها بأنحاء الجمهورية.

 

المحور الثالث : مواجهة علانية الاتجار والبؤر:

تهتم الوزارة بمواجهة البؤر الإجرامية وعلانية التعاطي بمختلف أنحاء الجمهورية، التي تنعكس آثارها سلباً على جهود أجهزة المكافحة لدى الرأي العام، من خلال تكثيف التحريات لرصد وتحديد العناصر القائمة عليها، وتوجيه حملات مكبرة للقضاء عليها، وتكثيف التواجد الأمني والمتابعة لمنع عودتها لنشاطها، والعمل على ضبط العناصر الهاربة، مواجهة إساءة استعمال العقاقير والأدوية المؤثرة على الحالة النفسية، ولجوء بعض الصيادلة للاتجار باحتياجات المرضى من الأدوية التي تمثل –بحق- الخطر المقبل على المدى القريب.

 

المحور الرابع / في مجال مكافحة التعاطي وخفض الطلب:

إن وزارة الداخلية رغم اختصاصها بجانب (مكافحة العرض) من خلال منع إنتاج المخدرات وجلبها وتهريبها والاتجار فيها، ونجاحها المشهود في هذا الميدان، فإنها لم تدخر جهداً لدعم جهود (خفض الطلب) على المخدرات والمشاركة في وضع الإستراتيجية القومية الشاملة لمواجهة مشكلة المخدرات، العلمنة في يونيو 2008، كما تؤكد حرصها الدائم على عدم دخول أشخاص جدد إلى دائرة التعاطي أو الإدمان، مع توجيه عناية خاصة لفئات الشباب والطلاب.

 

وتتمثل جهود وزارة الداخلية من خلال جهاز مكافحة (الإدارة العامة لمكافحة المخدرات) في هذا المجال في الآتي:

·   تكثيف الحملات لضبط المتعاطين، وكذا توفير خط تليفوني مباشر بالإدارة (24820001) وإعلانه بوسائل الإعلام، وذلك لتلقى البلاغات على مدار اليوم – سواء بلاغات الاتجار العلني أم الإدمان والتعاطي.

·   شن حملات موجهة على مناطق تجمعات الشباب قرب النوادي، والمصايف، والكافيتريات، وتجمعات طلاب الجامعات والمدارس، وكذا على الصيدليات المخالفة بالتنسيق مع الجهات المختصة بوزارة الصحة.

·   رصد ومتابعة كافة المحاولات والأساليب التي تستهدف نشر ثقافة الترغيب في الطلب على المخدرات بين الشباب، ومواجهتها وتوعيتهم بها من خلال النشر والإعلان.

·   إنشاء قسم بمسمي قسم الاتصال بأجهزة خفض الطلب، لتقوية قنوات الاتصال والتنسيق بين الإدارة والأجهزة العاملة في مجال خفض الطلب، وتقديم الخبرة والمعلومات اللازمة لجهود التوعية.

·   الحرص على التنسيق والمشاركة مع المجلس القومي لمكافحة وعلاج الإدمان، وصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، وكافة الأجهزة المعنية بخفض الطلب بالإسهام في جميع البرامج الخاصة بالتوعية من أخطار المخدرات بكافة الوسائل المتاحة، تفعيلاً لجهود (خفض الطلب).

·   وكاريتاس – مصر لها اتصال بكل الجهات المعنية واتفاقية يتم تجديدها تباعاً مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي.

 

 

 

 

مجدي جرس

يونيو 2011

 

 


[1] - تقرير الأمم المتحدة UNODC   يونيو 2010م.

[2] - د. محمد  زيدان "مقدمة في علم الإجرام والسلوك الإجرامي" الكويت 1987م. ص 39.

[3] - د. شاكر عبد الرحيم :"دراسة حول علم المسكرات والمخدرات في ضوء التوجيه الإسلامي" – في مجلة رسالة الخليج – الرياض 1985م – ص 245.

 

لا يوجد

Magdy

Yousri1961
رسالة كاريتاس - مصر: كاريتاس – مصر جمعية ذات نفع عام ومسجلة بوزارة الشئون الاجتماعية تحت رقم 1150 لسنة 1967 وتعمل في جمهورية مصر العربية، ورسالتها تنمية الإنسان وكل إنسان وكل الإنسان، دون التمييز بين اللون أو الجنس أو الدين، ومن أجل تحقيق رسالتها تعمل في مجالات التكوين والتأهيل والتوعية »

ابحث

عدد زيارات الموقع

4,849