( ٨)
لغز الورد
لن يأتيك المفقود حتى تمتن للموجود، و الموجود تراه دائما لا يستحق الامتنان و تظل تبحث، و لا تجد، ، هشام ليس سعيدا، لكنه يتجاوز كل ما يمر به سريعا و يستطيع ان يلقي وراء ظهره كل شيء و يبدأ من جديد،
يستعد للذهاب إلى عمله، و بهدوء يغادر المنزل، تتعجب امال من رد فعله اللا مبالي بعد مقابلة عمها، الوقت ثقيل لا يمر، تجتر ذكرياتها، و كيف انه يحتل اولويات حياتها و هي تجد نفسها لا شيء في حياته، حتى انه لم يحاول ان يناقش المشكلة،
تخبر عمها بما حدث، فينصحها بالتحدث معه بهدوء،
تتصل به لا يرد،، تكرر الاتصال لا يرد، و اغلق تليفونه،
تتصل بمي و تبكي، تحاول مي ان تهديء الوضع، يأتيها كلام مي دائما ليدفعها في اتجاه اختيارين فقط، مزيد من المحاولات المذلة لاسترضائه او الطلاق، و هما امران كلاهما مر،
و تبدو مي متصالحة تماما مع نصائحها لآمال، لدرجة انها ترى ان تصاعد المشكلة مع هشام افضل وسيلة لتثبيت العلاقة بقوة او انهائها تماما، لذلك هي راضية تماما عن باقة الورد التي ارسلتها بلا توقيع إلى بيت هشام لتساعد مي على تطوير نفسها، وحسم العلاقة بالاختبار ،!! نعم مي هي التي ارسلت الورد و هي تعلم ان كل الشكوك ستتجه الى سهيلة، هي وضعتهم في هذا الاختبار السريع الحاسم! و اما ان تقوى العلاقة، او تنتهي لصالح علاقة جديدة أفضل، تستمتع بصناعة الحكاية ببطولة تستحق المتابعة،
يؤدي هشام عمله اداء مثاليا كأن شيئا لم يكن،
يعود للبيت، يدخل حجرته، تدخل آمال خلفه لتسأله هل فكر في كلام عمها لوضع اسلوب حياة افضل، اخبرها ببساطة انه ابلغ عمها ان هذا هو اسلوبه و واقعه و ليس لديه اسلوب اخر او وضع مالي افضل، و عليها ان تختار، تعجبت، اعترضت على حسمه المستفز ببقاء الوضع على ما هو عليه لأنه وضع يؤذيها، بهدوء شديد قال لها، هذا وضعي و انتِ طالق،
غادر هشام البيت و هي في صدمة، لم تكن تتوقع ذلك ابدا، تتصل بمي تخبرها ما حدث تبدي مي انفعالها و غضبها و ان هشام لا يستحقها و انه صعب الطباع جدا، و انها ستبلغ شهير ليتدخل للاصلاح،
يذهب هشام إلى بيت ابيه المغلق منذ وفاة الاب ، يفتح و يجلس في هدوء،
يتصل به صديقه تامر للاستفسار عما حدث، يؤكد له ان امال هي التي طلبت الطلاق و تذمرت و اشتكت و انه لم يعد يطيق البقاء معها بعد اللوم الذي تلقاه من عمها و امها، هو يريد ان يعيش في استقرار و سلام و لا يجده ،
يصر تامر على مقابلته، يقابله بشرط الا يتحدثا في هذا الموضوع،
تتصل مي بآمال لتخبرها ان هشام لا يريد أن يتدخل احد، تتأكد امال ان هذا هو افضل اختيار لكنها في حزن شديد و ترقب لواقع غامض، كيف ستكمل حياتها كمطلقة، و أم لطفلة صغيرة، في مجتمع لا تمتلك مهارات التعامل معه،
يأتي شهير من عمله محاولا التدخل، يرفض هشام ذلك تماما، و يتم مع امال و عمها إجراءات الطلاق،
تتلقف سهيلة الخبر بفرحة عارمة، و تبدأ في اظهار الدعم و المساندة،
تتقرب مي من هشام، تراه شخصية بطولية مؤثرة، يفعل دائما ما يريد، يلاحظ ذلك، و يقدر حجم ذكاء مي، هي تريده احد الادوات التي تحركها لصالح حياتها، و سيطرتها، مشكلة حياة امها مع ابيها جعلتها تحذر كل شيء، و تستبق الاحداث، بل و تصنعها، تحاوط شهير تماما، لدرجة انه اصبح باهتا بلا طعم يدور في مدارها و فقط، و ربما ان سفره الدائم هو سر نجاحها في ذلك، لدرجة ان شهير نفسه لا يلاحظ تغيره و انسياقه وراءها ، تريد ان تسيطر على هشام، حتى تسد كل الثغرات التي يمكن ان تحدث للتأثير على شهير، تريد ان يلجأ اليها كما يلجأ الاخرون، تريد ان تتحكم بحياته، بما لا يتعارض مع وجود شهير كزوج، يفهم هذا النوع من النساء، لكنه دائما لا يعطيها ما تريد، يظل غامضا يبتعد و يقترب وفق اجازات صديقه، و مي لا تخسره لكنها تظل مشغولة بأمره و تعرض عليه أكثر من صديقة للزواج، لتبعده عن سهيلة، و لا تدري لماذا! مشاعرها متوترة لكنها تسير في حياتها بثبات، معذبة بالآخرين، و متشابكة جدا معهم بالتدخل الناعم الاملس في شئونهم، بل ان هشام لم يستبعد ان تكون حواراتها مع آمال احد الأسباب وراء الطلاق، هي نوع من البشر يدخل حياتك بنعومة كمنقذ، ليوقظك على حقائق صادمة، و اذا سلمته امرك يقودك دائما للهاوية،
تتكرر لقاءات الأصدقاء في بيت شهير مع زوجته و امها و صديقتها، يبدو السيناريو محكما و جاهزا للتفيذ خاصة بعد طلاق سهيلة،
يحبط هشام مشاعر سهيلة، لا تستطيع كتمان غضبها المتصاعد منه، يخبرها شهير انه من المؤكد سيعود لزوجته و ابنته، تبذل مزيدا من جهد القرب و اغراءاته بلا جدوى، لدرجة انها اصبحت تفكر في الانتقام،