( ٧)
تأملات نيرفانا
الحياة رحلة مشاعر، و افكار، يختبرها هشام مراقبا و شريكا سطحيا، لا متفاعلا في نص طويل، يختبرها دون ان يغرق فيها،. يسعى الى الارتواء، لا عطش و لا غرق، و هذا رائع جدا، الا ان من حوله قد يغرقون،
هكذا تكاشف لقطات الفيديو نيرفانا و هي تجلس في الاستوديو المجاور لبيتها، تشاهد نسخة من فرح مي و تلاحظ وحدة آمال وسكونها التام، و حيرتها بعد ان علمت من مي بمشكلتها، يا للنساء في قصص تتكرر، هو محور حياتها، تتعلق عيونها به، و قلبها لا يطمئن، تجلس لتنتظر، فلا يأتي، انتبهي، انتبهي، لا يعود الرجال لمثلك انتبهي، صرخت نيرفانا في وجه امال عبر الشاشة، و تلاحظ مرونة هشام تجاه مطاردة سهيلة التي تبدو خبيرة في اختيار من تطارد، بفنون الاغواء كما ورثته مع تحديثات عصرية بسبطة ، قرأت استعداده ، بل و شغفه، هشام في حركة دائمة لا سكون فيها و كل من حوله كذلك، لا توازن، و لا يلتقي السكون التام الراكد مع الحركة الدائمة، الا بانتباه الطرفين و قرارهما معا ،،
تلاحظ ام مي حين دخل طليقها ابو مي كيف اظهرت قوة و تألقا و انتصارا، تلاحظ تامر و خضوعه للأحداث و تعاونه الكبير مع الجميع، تلاحظ شهير وسامته و هدوءه الشديد، تلاحظ مراقبة مي لكل التفاصيل،
نيرفانا الابنة الصغرى، لها اختان متزوجتان، سمعت الكثير من الحكايات، لا تتفاجأ بأي قصة ، تعلمت ان كل الاحتمالات ممكنة، تستمتع بعملها في التصميم و التصوير و الإخراج ، تعشق اليسر و البهجة، حين وجدت نفسها تقضي وقتا كبيرا ممتعا في مجالها الذي كان مجرد هواية تركت الهندسة رغم رفض الأسرة في البداية، حققت نجاحا كبيرا و اسما معروفا بين الشباب، دخلت في علاقة خطبة، كانت تعتقدها حبا مع زميل من الجامعة، انهتها بعد اختبارات من الألم، و المفاجأت، تناقضات، و ضغوط، شروط و تحكم، لا توازنات، فماذا بقي للبهجة، بل للحياة، اتخذت قرارها، و بعدها لم ترتبط حتى الان و هي في مقتبل الثلاثينيات، تؤمن ان الارتباط بشريك له قواعد خاصة بها، لا تضع شروطا قاسية لكنها لن تتزوج الا بشريك الروح، انسجام و سلام مع شغف التشابك و انجازات رسالة الحياة، لها عائلة روحية كبيرة من الأصدقاء و الاساتذة في مجالات كثيرة درستها، هي مصدر الانس و البهجة لوالديها،
لديها يقين ان رحلة الحياة بها متناغمون منسجمون، و انها كما تلتقي بهم ستلتقي بشريك و ان لم تجده فستعيش احتمالا من الف احتمال اكثر راحة من شريك غير مناسب،
تظل نيرفانا مع لقطات فرح مي فتكبر وجه امال، و ترى ألمها و شكوكها، لا يعتقد هشام انه يتورط في ايذائها، و لا ترى سهيلة نفسها كذلك، آمال تؤذي نفسها، و تستمر كضحية، الضحايا شركاء في صناعة واقعهم، و يسمحون بتلقي ضربات الأذي الموجعة، و يشتكون ، يمنحون ادوار البطولة لصناع الأذى و المنصتين للقصة، يتألمون، و احيانا يكون الألم ضرورة للانتقال إلى درجة افضل في الوعي بالحياة، لكن هل تملك آمال الرغبة في التغيير؟ لا يمكن، هي تسعى فقط لتغيير الواقع، و تحلم ان يكون الآخرون اكثر رحمة،
تتجول نيرفانا بين وجوه الناس في الفرح، تنشغل بهم إلى درجة تقلقها، ترصدهم كأنهم جزء في قصتها، تضع نفسها مكانهم، و لا ترتاح للفكرة، لكنها تلح عليها، ، هم غارقون في علاقات مخدرة، مطاردات، و هروب ، توحد، و تشابك، هم فقط متفقون على الاستمرار،
لا يسمون الأشياء باسمائها، مشكلة امال من وجهة نظر نيرفانا انها تسعى للاتساق بين الظاهر و الباطن في مكان غير ملائم، و قد تجاوزت الشك إلى احساس اليقين بجرح الخيانة، باللوم و الذنب و الألم مع استمرار الاحتياج و التعلق،
تتأمل نيرفانا اللقطات، و تفكر، وقت لقاء الروح لا خيانة، لا تخون الروح المحبة الروح المحبوبة، بل تلقاها في تناغم و سلام، حرية و امان،،
في الرحلة يختار الإنسان، علاقاته، و يحدد درجات القرب، وفق رغباته هو و ليس الآخرون مهما حاولوا، العلاقات اختبارات، هدايا، و متفجرات، رسائل و مسىئوليات، في الرحلة يختار الإنسان بين ان يتعلم،. ليفك اشتباكات قديمة لعقد تحيطه ، ام يتجه لصناعة عقدة جديدة،!
قررت نيرفانا ان تتخلص من كل عقدة ورثتها في مجتمعها او اسرتها، لن ترث عقد الأجداد، و لن تورث للعالم عقدا جديدة ستنقي محيطها و عالمها ستنقي سيرتها فيما تملكه من مسيرتها و ما تستطيع،، اما ما لا تستطيع فسيعينها الله عليه،
اخذها الفرح و هي تشاهد لقطاته المحذوفة في المونتاج بعد ان سلمته لتامر و هشام نحو تفكير عميق. كانت تنتظر مكالمة آمال، بل حضورها بعد مكالمة مي، لكنها لم تتصل، و لم تحضر، و جاء لها هشام و تامر، تحمد الله انها لم تفعل و الا ازداد موقف امال توترا، و مع ذلك كانت قد حذفت من اجل خاطرها بعض اللقطات،