تنعكس خطورة اتجاه الشباب إلى الإلحاد على الشباب انفسهم و على المجتمع حيث يفقد الإنسان هويته و انتماءه العقائدي و يصبح ضائع الروح مشتت فاقد الدعم و السند الروحي و الاسري و الاجتماعي، و على المستوى الاجتماعي يتحرر الملحد من كل القيود الدينية والأخلاقية، و يتجه نحو ممارسة كل أشكال الحرية و قد يصل إلى ارتكاب المحرمات و يتعدى على الأموال والأعراض، حيث لا يوجد في اعتقاده بعد الموت ثواب أو عقاب.
لقد أدى الانفتاح الإعلامي إلى انتشار فكر الإلحاد بين ابناء الأسر المتدينة خاصة مع وجود فكر تكفيري متشدد تدفع الاحداث الساخنة فط العالم كله إلى ابرازه و تغطيته، و تبني بعض المؤسسات العالمية نشر الإلحاد في الأوساط العربية والإسلامية، ودعم هذه المؤسسات للكثير من الحسابات الموجودة في شبكات التواصل الاجتماعي وفي مقدمها «فيس بوك» و«تويتر» و انستجرام، و غيرها من المنصات، التي تشجع على اثارة الكلام و النقاشات مع الشباب و تخلب بيئة حرة لطرح الاسئلة و الافكار دون ان يجد هؤلاء الشباب الردود المقنعة على بعض الشبهات العقدية، ما يدفع الشباب ان يرى أن الدين يقف عائقا دون تحقيق رغباته و احتياجاته،
وفي اعتقادي أنه لا بد من مواجهة كلا الانحرافين (التكفير - الإلحاد) وتقع المسؤولية في الدرجة الأولى على الدولة بما تملكه من إمكانيات ومؤسسات. فلا بد من تفعيل دور الإعلام بكل وسائله لمحاربة هذه الأفكار، كما ينبغي أن تدرج في المناهج الدراسية كيفية مواجهة هذه الأفكار وتوضيح بطلانها.
https://www.alraimedia.com/article/781562/مقالات/خطر-الانحراف-الفكري-التكفير---الالحاد
،،
"الفكر الإلحادي المعاصر في ضوء علم الأديان العصبي.. دراسة تحليلية نقدية" هو عنوان رسالة الدكتوراه، التي ناقشها قسم بحوث ودراسات الأديان بكلية الدراسات الآسيوية العليا جامعة الزقازيق، بحضور كوكبة من العلماء؛ حيث ضمت لجنة الحكم والمناقشة كلًا من: الأستاذ الدكتور محمد محمود هاشم أستاذ الحديث النائب السابق لرئيس جامعة الأزهر"مناقشًا"، والأستاذ الدكتور حسن محمد حماد أستاذ الفلسفة العميد الأسبق لكلية الآداب جامعة الزقازيق "مشرفًا"، والأستاذة الدكتورة هدى محمود درويش رئيس قسم الأديان المقارنة العميد الأسبق لمعهد الدراسات والبحوث الآسيوية جامعة الزقازيق.
أعد الدكتور عبداللطيف أبوبكر رسالته، بعد تنامي تيارات الفكر الإلحادي المعاصر في العالم، وتعالى صوته متسلحًا بكل ما يخدع من الادعاءات الكاذبة والوعود الخادعة، والعناوين البراقة، ودعوات انتسابه للعلم، ما جعل قطاعًا عريضًا من الشباب يقع في حبائله، بل لقد استطاع رموز الإلحاد من المتخصصين في علوم الأعصاب والبيولوجيا وغيرها، العمل على الكتابة العلمية في طرحهم لقضية الإلحاد بأسلوب شعبي وسهل عبر سلاسل فكرية؛ وذلك لتمكين الناشئة والشباب من الإقبال على الإلحاد، فانتقلت إليهم الأفكار الإلحادية بعدما كانت حبيسة في دوائر نخبوية ضيقة، حتى لقد رأينا من يحضون على الإلحاد ويمنحون الجوائز العالمية لانصاره وحوارييه، حتى وصل الأمر الآن إلى إنشاء جمعية «النّشْر الْإلْحادية» في الهند، وهذه الجمعية حديثة التكوين، وتركّز نشاطها في المناطق الإسلامية.
وحيال هذه المشكلة وما تمثله من تهديد صارخ لثوابت الأمة وطمس لهويتها، وحيال ما يدعيه تيار الفكر الإلحادي المعاصر من انطلاقه ابتداء من دائرة العلم ومختبراته ونظرياته، وحيال كل المحاولات الرامية لهزيمة فكرة الإيمان والتدين في نفوس أصحابها؛ ليقروا أن حقهم باطل، وأن باطل غيرهم حق، تصدت رسالة العالم التربوي عبداللطيف أبوبكر للرد على كل أولئك باللغة التي يتحدثون، وبالمنطق الذي يعرفون، وبنفس السلاح الذي يحاربون به، ويزعمون زورًا وبهتانًا وزيفًا ونكرانًا، أنه يؤيدهم في مسعاهم، ألا وهو سلاح العلم بعدما ثبت لكل ذي عقل أن الفكر الإلحادي المعاصر هو آخر ما تعطى إليه الكلمة ليتحدث باسم العلم.
وتشير الدراسة إلى أن علم الأديان العصبي علم مثير حقًا ويمكنه المساهمة في دراسة الظواهر الدينية دراسة علمية بالاعتماد على التطورات الحديثة في علوم الأعصاب، ومن ثم يمكن تعريفه بأنه أحد العلوم الحديثة المعنية بإحكام الصلة بين قضايا الإيمان والاعتقاد من جانب، وإفرازات العلم ومعطياته من جانب آخر، ودراسة الظواهر الدينية وتقديم تفسيرات لها اعتمادًا على التطورات الحديثة المتصلة بنتائج علوم الأعصاب، مضيفة أن إرهاصات علم الأديان العصبي ظهرت مع بدايات الألفية الجديدة عندما قام "راما شندران" عالم الأعصاب الأمريكي من أصل هندي بأبحاث في هذا المجال، وكذلك في كندا ظهر عالم آخر هو "مايكل بيرسنجر" الذي اخترع ما أطلق عليه "خوذة الرب"، أو "خوذة الله"، يلبسها المفحوص، وهذه الخوذة تولد مجالًا مغناطيسيًا ضعيفًا من شأنه أن يستحث الفصين الصدغيين في الدماغ، وكانت النتائج التي توصل إليها تشير إلى أن (80%) من المفحوصين قد أعلنوا أنهم خبروا واستشعروا خبرات دينية وروحية، وأن هناك شيئًا محسوسًا أكبر منه يحيط به، ويتجاوزه في حدود الزمان والمكان، ليزعم بير سينجر بأن هذا هو الذي تدعوه الأديان "الله".
وتمثلت أهداف الدراسة المهمة في بيان خطورة تيار الفكر الإلحادي المعاصر على سلامة المجتمعات الإسلامية ووحدتها، كذلك بيان التطورات التاريخية التي مر بها الفكر الإلحادي المعاصر وصولا إلى المرحلة التي ظهر عليها الآن في دول العالم وبلاد المسلمين، فضلًا عن دحض الشبهات التي يطرحها ويروج لها من ينتمون إلى هذا الفكر، بالإضافة إلى بيان أهمية توظيف إفرازات العلم ومعطياته المتصلة بعلم الأديان العصبي في تأكيد قضية الإيمان في النفوس، وإحيائها في القلوب، لتفكيك الخطاب الإلحادي المعاصر، ونقد مضامينه العلمية والفلسفية وأبعاده التاريخية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية.
واتضحت أهمية البحث في تأكيد دور العلم في التكريس لقيم الحق والخير والجمال وفي مقدمتها قيمة الإيمان بالله، علاوة على تقديم طرح جديد للأجيال يمكنهم من خلاله تدعيم حقيقة التوحيد ودحض شبهات الملاحدة الجدد، ناهيك عن بيان مدى قابلية تطبيق التصورات والرؤى القائمة على علم الأعصاب والمنبثقة من معطيات العلم، وذلك من خلال الاعتماد على المنهج التكاملي القائم على مجموعة من مناهج البحث المختلفة ومنها: المنهج التاريخي القائم على رصد الظاهرة من حيث البعد الزمني لنشأتها، والتحولات التاريخية للفكر الإلحادي، والمنهج التحليلي الاستنباطي الذي يعمل على تحليل البيانات والمعلومات والمعارف ونقدها، بالإضافة إلى المنهج المقارن القائم على الموازنة بين الفكر الإلحادي القديم والمعاصر، وبيان أوجه الشبه والاختلاف في منطلقات كل منهما، والشبهات التي يثيرها كل منهما.
وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج، ومن أهمها: فض الاشتباك فيما يتعلق بإشكالية المصطلح الخاص بمفهوم الملحد والمصطلحات المتداخلة معه مثل الربوبي، واللاديني، والمتشكك، ومن هو ضد الدين، وكذلك تم التوصل إلى الجذور الفكرية لنشأة الفكر الإلحادي المعاصر، والتطور الذى لحق بهذا الفكر، بالإضافة إلى استخلاص أهم الأسباب التي أدت إلى انتشاره.
وحددت الدراسة أهم المرتكزات الفكرية التي يقوم عليها الفكر الإلحادي المعاصر، والوسائل التي يتبناها للتبشير بأفكاره والتي من أهمها: الحماسة في الدعوة للإلحاد، ومن مظاهر هذه الحماسة تأليف سيل من الكتب الإلحادية وتصدرها قوائم الكتب الأكثر مبيعًا، حتى كتب الأطفال لم تنجُ من هذه الموجة، منتهيًا إلى أهم سبل الوقاية من الفكر الإلحادي المعاصر، والتي يأتي في مقدمتها: التزام سبيل الحكمة والدعوة بالموعظة الحسنة إلى توحيد الله سبحانه، وقيام المؤسسات الدينية بمهامها الدعوية المنوطة بها على أكمل وجه، وبث قنوات تلفزيونية لنشر الوعي الديني، حتى لا يقع الشباب المسلم في شباك التنظيمات الإلحادية.
وفي الختام أوصت الدراسة بأهمية تحري الصدق والعدل والموضوعية في معالجة قضية الإلحاد، وعدم تسطيح الظاهرة، وتجديد الخطاب العقدي لعلاجه؛ لأن الإلحاد المعاصر آخذ في التطور معتمدا على ركائز جديدة، لا يصلح معها العلاج القديم، ولابد من الاستفادة من العلوم العصرية لإبطال شبهات الملاحدة، مع إقامة دورات تدريبية لفرق عمل بحثية من الشباب؛ بهدف فهم الظاهرة الإلحادية، وسبل التعامل مع الشباب الملحدين؛ لأنهم يكونون أقرب إليهم وأقدر على تقديم المساعدة دون إشعارهم بالسلطوية أو الفوقية التي يمكن أن تكون عائقا عند تعامل الكبار معهم، فضلًا عن الاهتمام بالتواصل الإلكتروني؛ حيث يتركز نشاط شباب الملحدين عليه نظرا لتخوفهم من الظهور، وذلك يستدعي عمل مواقع للمساعدة والرد على التساؤلات الباحثة عن اليقين، وعلى الشبهات والشكوك دون التورط في جدالات عقيمة، وكذلك إطلاق حملات توعوية وقائية في وسائل الإعلام للشباب الذي لم يقع بعد في دائرة الإلحاد