( ٥)
شكوى
لو كان يسمعني ما شكوت لغيره، لو كان يحاورني لاستغنيت بحواره عن كل حوار، تغرق امال في مشاعر سلبية معطلة، تحاول اخفاء غضبها المستمر وسط اداء تمثيلي باهت،
هل المبادرة و المحاولة تحتكرها المرأة، تتفانى في ارضائه لكنها لا تصل،هل يمكن ان تتجه كل الآراء لادانة المرأة اذا صمت زوجها، او تجاهلها، او تعامل ببرود معها، او خانها، هل يخونها هشام؟
الإخلاص و الخيانة مشاعر خفية، يحرص الناس على اظهار الإخلاص ،. و الخيانة عار، ضعف و جبن، رقص على الحبال بين موقف معلن و موقف خفي، هشام ليس جبانا، لكنه لم يعلن لها موقفا ابدا، فبعد شهور قليلة من الزواج اصابه الصمت، اما للعقاب او للملل، هشام لا يخون، هو شجاع ، ان اراد فعل، تظل في حيرة مجهدة، مشاعر مرتبكة ، و ألم كبير لم تكن تتوقعه، تدرك امورا لم تكن تلاحظها، العلاقات كاشفة، معلمة، لكنها لا تقوى على الاحتمال، هل تستطيع أن تنهي علاقتها به، هل تحبه ام تحتاجه لإكمال المسيرة في هدوء و سلام لا تجده، هي متعلقة به، و مشاعر الإحراج من المحيطين بها تسيطر عليها، و المسافة بينهما بعيدة و تزداد مع كل موقف،
هو لم يعد يحبها، بل لم يكن يحبها، كانت فتاة جميلة جدا وجذابة و ملفتة، حين رآها مع اخته جذبته و قرر الارتباط بها فورا، هي الان تنطفئ، فلماذا يحبها و هي لم تعد تحب نفسها ؟
تصارح امها بآلامها المتزايدة، تتحدث الام مع ابنها و اخيها، يران ان الصبر و الاحتمال هو السبيل للنجاة بالاسرة،
تتكرر الشكوى،بل لا تتحدث مع صديقاتها، الا لتشكو، تحاول ان تفهم عالم الرجال، هذه التناقضات الواضحة و المعاملات المحيرة، ، كانت علاقتها بأبيها جيدة، و علاقة امها به علاقة طيبة، كان دائم السفر، يأتيهم كل عام لمدة شهر في اجازة قصيرة، مبهجة مع بعض المشادات البسيطة على امور الحياة اليومية، و يعود الهدوء للبيت حتى يسافر الاب إلى عمله، علاقة سهلة مباشرة،
تحاول ان تنفذ نصائح الصديقات بلا جدوى، الا نصائح مي التي تبدو خبيرة في الاغواء، تحدثها ان الرجال متشابهون، وفق كتالوج لا يتغير ، علاقات حميمة باغراءات انثوية و ما لذ و طاب من الطعام، وأيضا يمكن ان يخون مع كل ذلك، تحكي لها كيف كان ابوها يخون امها كل ليلة، و هي تعلم و تصبر، حتى استقوت بابنائها بعدما كبروا و طلبت الطلاق، و نجحت في الحصول على ثروة لا بأس بها منه، و ان كل رجل له دور في حياة المرأة اذا فقده اصبح وجوده بلا معنى وان دور ابيها كان الانفاق، و انتهى الدور ، اخبرتها ايضا انها لن تكتشف قوة حياتها مع زوجها و صلابتها الا بالخلاف، و ان الخلافات إيجابية تحسم العلاقات و تظهر معادن الناس، لدرجة ان البعض يصنعون خلافات لاكتشاف الاخر، تحكي لها مي حكايات عن عالم الرجال تزيدها حيرة، خاصة ان مي تعرف الكثير عن حياة هشام و خطيبته السابقة و كيف تركها عند اول خلاف حقيقي بينهما،. سألتها لماذا ترك راندا، اخبرتها انه تركها حبن فتشت في موبايله و واجهته برسائل بينه و بين عبير زميلته في العمل، و هو يؤكد انها رسائل عادية تخص العمل، و رفض ان يكمل بل انه لا يحب التحدث في هذا الموضوع، و تركها رغم انها كانت جميلة و محبة له و لأسرته،
اوصتها مي انها لابد ان تسعى لتغييره للأفضل، حتى لا تعاني كما عانت خطيبته على مدى عامين من خطبة معقدة، تستمع لها آمال بانصات و اهتمام، تحفزها لتغيير اسلوب ملابسها و قصة شعرها، تحفزها على مزيد من الاهتمام، تفعل دائما، و النتائج مؤقتة قصيرة المدى، لا تستحق كل هذا الجهد و هذا الانفاق المالي، خاصة في ظروفهما المادية الصعبة، تبدي مي تعجبا من شكوى امال من الظروف المالية، هشام ينفق علنا بسخاء كبير ، ما يزيد غضب امال، لانها تتأكد ان له وجها آخر في الانفاق ايضا،