بقلم د. ربيع عبدالعظيم رمود مقدمة:
الجودة عبارة عن مجموعة المعايير والإجراءات التي يهدف تبنيها وتنفيذها إلى تحقيق أقصى درجة من الأهداف المحددة للمؤسسة والتحسين المتواصل في الأداء والمنتج وفقاً للأغراض المطلوبة والمواصفات المنشودة بأفضل طرق وأقل جهد وتكلفة ممكنين، (حسن الببلاوي، سعيد سليمان،رشدي طعيمه، 2000).
فالجودة في التعليم هي مجمل السمات والخصائص التي تتعلق بالخدمة التعليمية وتفي باحتياجات المتعلمين،إذن هي جملة الجهود المبذولة من قبل العاملين في مجال التعليم لرفع وتحسين نوعية الخدمة التعليمية، وبما يتناسب مع رغبات المستفيد ومع قدرات وسمات وخصائص المنتج التعليمي.
كما تعني الجودة في التعليم القدرة على تقديم خدمة تعليمية بمستوى عال من النوعية المطابقة للمواصفات المتميزة، من خلال توظيف الموارد المتاحة لتلبية احتياجات ورغبات عملاء المؤسسة التعليمية (الطلبة، أولياء الأمور، أصحاب العمل، المجتمع، وغيرهم)، وبالشكل الذي يتفق مع توقعاتهم ويحقق الرضا والطموح لديهم.
ويذكر "ديمنج" "أن الجودة هي الوفاء بحاجات المستفيد حاليا ومستقبلا" ، ويرى"جوران" "إنها ما يتلاءم مع استخدامات المستفيد" ، ويؤكد"ايشكاوا" "المنتج الجيد هو المنتج الأكثر اقتصادية والأكثر فائدة والذي يرضى المستفيد دومًا".(أحمد سيد، محمد مصيلحي،2002)
لذا أرى أن الجودة في التعلم الإلكتروني تجمع بين الكفاءة Efficiency والفعالية Effectiveness.
وقد شهد بداية القرن الحادي والعشرين جهودًا متواصلة من أجل الارتقاء بمستوى جودة العملية التعليمية في المدارس والجامعات، وامتدت هذه الجهود رأسيًا لتشمل جودة تعلم الفرد منذ التحاقه برياض الأطفال وحتى بلوغه نهاية السلم التعليمي بالدرجة الجامعية وما بعدها، كما امتدت هذه الجهود أفقيًا لتشمل جودة جميع عناصر العملية التعليمية بدءاً من المبنى الدراسي ومرافقه، والمناهج الدراسية وتحديثها، ومستحدثات تقنيات التعليم وتطويرها، والمعلم وبرامج إعداده وتدريبه، وإدارة العملية التعليمية وإصلاحها. (ياسر الهنداوي، 2009)
واستمر التربويون في البحث عن أفضل الطرق والوسائل لتوفير بيئة تعليمية تفاعلية لجذب اهتمام الدارسين وحثهم على تبادل الآراء والخبرات، وتحسين التعليم والتعلم. وظهر واضحاً أن توظيف تقنية المعلومات ممثلة في الحاسب الآلي والإنترنت، وما يلحق به ما من وسائط، يمكن أن يسهم في توفير هذه البيئة التعليمية الثرية؛ حيث يستطيع الطلاب أن يطوروا معرفتهم بمواضيع تهمهم من خلال الاتصال بزملاء وخبراء لهم نفس الاهتمامات، وتقع على المتعلمين مسئولية البحث عن المعلومات وصياغتها مما ينمي مهارات التفكير لديهم، كما ينمي مهارات الكتابة واللغة الإنجليزية، كما يمكن للمعلم الوصول إلى خبرات وتجارب تعليمية يصعب الوصول إليها بطرق متعددة. (عبدالله الموسى، 2001)
ومما لاشك فيه أن التعلم الإلكتروني يعد من أهم المستحدثات التقنية في العملية التعليمية المعاصرة وأنه في أصبح سمة أساسية لكثير من المؤسسات التعليمية، إلا أن الكثيرين ممن أصابهم الجنون التقني قاموا بكسر الحواجز وتحرروا من الزمام لينتجوا برمجيات عالية التصميم من حيث الوسائط التي تبهر أعين المتعلمين، ولكنها لا تغذى عقولهم بمعلومات مهمة، ومعظم هذه البرامج لا تستند إلى معايير تصميمية علمية سليمة في علم التربية؛ لأنها لم تستطع استيعاب الكيفية التي يتعلم بها المتعلم، كما أغفلت الهدف التعليمي من وراء تطبيق التعلم الإلكتروني؛ لأن التعليم والتعلم هو الغاية من كل الأنظمة والوسائل التعليمية التي اعتمدها الإنسان عبر العصور،السيد عبد المولى أبو خطوة (2011).
وتشير الهيئة القوميّة الأستراليّة للتّدريب (Australian National Training Authority,2003) إلى وجود عدة عوامل أدت إلى زيادة التركيز على تطوير المحتوى الإلكتروني، منها:أن التعليم والتعلم عبر الانترنت يتطلبان أشكالاً مختلفة من التفاعلات، وتوفير مجموعة من الأنشطة المناسبة، وإثارة الدافعية، والفاعلية التربوية، وإتاحة التواصل و التّفاعل بين الطلاب، وتوظيف التقنيات بفاعلية.
والتعلم الإلكتروني ليس تعليماً يقدم بطريقة عشوائية مع التعليم النظامي في المدارس أو الجامعات بل هو منظومة يخطط لها وتصمم تصميماً جيداً، فهو تعليم له مدخلات وعمليات ومخرجات وتغذية راجعه، وليس تعليم قائم على الاجتهادات الفردية من الأشخاص أو الشركات القائمة على تصميم البرامج والمواقع التعليمية، ولا يمكن أن نعتمد على تعليم مصمم من طرف واحد؛ فنجاح التعلم الإلكتروني يعتمد على مدى التصميم الجيد لعناصره وترابط جوانبه لكي يحقق الهدف منه.(ربيع رمود، 2012)
فالتعلم الإلكتروني يهدف إلى إيجاد بيئة تفاعلية غنية بالتطبيقات المعتمدة على تقنيات الحاسب الآلي والشبكة العالمية للمعلومات، وتمكّن المتعلم من الوصول إلى مصادر التعلم في أي وقت ومن أي مكان .
معاييرجودة التعلم الإلكتروني:
- يجب أن يتصف التعلم الإلكتروني بمعايير أساسية لتوفير النوعية وضمان الجودة فيه ومراقبتها، ومنها:
- توفير شروط أساسية في المتعلمين الملتحقين بهذا النوع من التعليم لضمان مدخلات تعلمية مناسبة تمتلك الامكانات النفسية والعقلية والجسمية.
- تخطيط البرامج التعليمية بحيث تقوم بنيتها على المعارف المعاصرة والمعلوماتية، وتقنيات الاتصالات المرتبطة باحتياجات المجتمع.
- توفير شروط نوعية التعليم والتعلم في المادة التعليمية، والوسائط التعليمية، والمعلم، وكافة البرمجيات.
- تطوير أداء أعضاء هيئة التدريس؛ لما لذلك من أثر إيجابي على جودة المخرجات من المتعلمين.
- اخضاع نظام التعلم الالكتروني إلى إجراءات التقييم من أجل تشخيص نقاط القوة والضعف لتعزيز الأولى ومعالجة الثانية بصورة شاملة وموضوعية لتكون متوازنة مع المستجدات الثقافية والاجتماعية.
وتوصلت دراسة "فريدنبرج"(Frydenberg, 2002) إلى تسعة مجالات لمعايير جودة التعلم الالكتروني،هى:
1. التعهد المؤسسيInstitutional Commitment ويتضمن الالتزام المالي، والتخطيط المادي، والامتثال القانوني، والدعم التقني.
2. التقنيةTechnology البنية التحتية التقنية ضرورية؛ لتوصيل برنامج التعلم الالكتروني بجودة عالية،حيث توفر فرص للتفاعل التزامني بين المعلم والمتعلم، وكذلك توفر عامل الأمان والمحافظة على البيانات والاتصالات.
3. خدمات المتعلمStudent Services ويتضمن خدمات قبل الالتحاق بالبرنامج واثناؤه وبعد الانتهاء منه وتقدم أقسام خدمة المتعلم المساعدات المنتظمة لنصح وارشاد المتعلمين في المراحل الثلاثة السابقة.
4. التصميم التعليمي وتطوير المقررInstructional Design and Course Development: يعتمد تصميم التعليم على شبكة الانترنت على نماذج تزامنية منظمة للتحدث، مما يتطلب توافر عناصر إدارية متعددة المهارات، ولديهم القدرة للوصول إلى الحلول المبتكرة في الوقت المناسب.
5. التعليم وخدمات المعلمInstruction and Instructor Services: ويتضمن خدمات تقديم معلومات متقدمة المتعلمين عن متطلبات المقرر والتجهيزات،والتدريب الفني والدعم من خلال المقرر، وإتاحة المكتبة الالكترونية وفرص البحث، والتوجيه الأكاديمي،ويجب أن يشعر المعلم بالراحة في الاستفادة من الوسائط، وبالتالي قد يحتاج إلى التدريب والتوجيه. ويجب أن يكون الفنيين في المؤسسة جاهزين لمساعدة المعلمين على حل القضايا ذات الطابع التكنولوجي.
6. التوصيل Delivery: ويعني توصيل البرنامج المتعلمين وضمان النزاهة الأكاديمية، وتنقيح المحتوى والمتابعة المستمرة.
7. التمويلFinances: تتطلب إدارة التعلم الالكتروني عبر الويب في المؤسسات التعليمية تكاليف مالية ضخمة.
8. الانتظام والشرعيةRegulatory and Legal Compliance: وتتضمن مراعاة التغيرات السريعة في البيئة حول حقوق الملكية الفكرية، والموازنة بين الاحتياجات، ووضع برامج لمقابلة الاحتياجات؛ والحماية ضد الأخطاء غير المقصودة.
9. برامج التقويمProgram Evaluation: وتعني بالتقويم الشامل لبرنامج التعلم الإلكتروني، من خلال محكات مثل مدى فعالية البرنامج التعليمي، وتتضمن معلومات وبيانات عن الالتحاق، والتكاليف، والاستخدامات المبتكرة للتكنولوجيا، ومراجعة نواتج التعلم المقصودة بانتظام .
عناصر جودة المقرر الإلكتروني:
يرى كل من"جونج،"را"(Jung & Rha,2000, 57) أن التصميم الجيد للمقررات الإلكترونية يعمل على تحقيق أهداف التعلم، كما يؤثر في تفاعل المتعلم ورضاه عن التعلم.
وتتعددعناصر جودة المقرر الإلكتروني، ويمكن الحكم على جودة كل عنصر طبقا لمعايير جودة تصميم المقرر الإلكتروني والتي توصلت لها (حنان حسن ، 2008) على النحو التالي:
أ- مرجعية المقرر:
- تحديد اسم المؤسسة التعليمية المقدمة للمقرر.
- تحديد بيانات المؤلف ومؤهلاته.
- تحديد بيانات فريق العمل وخبراتهم.
- تحديد المراجع والمصادر التي استخدمت في بناء محتوى المقرر.
- تقييم المقرر المقدم بشكله النهائي واعتماده من قبل الجهات المسئولة.
- مراعاة حقوق الملكية الفكرية.
ب- معلومات عن المقرر:
- تحديد عنوان المقرر الدراسي.
- تحديد أهداف المقرر.
- تحديد بيانات الالتحاق بالمقرر.
- تزويد المقرر بسجل خاص يسجل فيه الطالب بياناته.
- تحديد المتطلبات القبلية لدراسة المقرر.
- تضمين المقرر على خريطة تعرف بالمقرر وتوضح جميع عناصره.
ج- تصميم المحتوى:
- ارتباط المحتوى بالأهداف التعليمية للمقرر.
- تركيز محتوى المقرر على الكفايات المعرفية والمهارية المحددة.
- التنظيم والتواصل المنطقي في عرض محتوى المقرر.
- سلامة المحتوى من الناحية العلمية واللغوية.
- تنظيم المحتوى في شكل متتابع وفق خطوات منظمة.
- تجزئة المحتوى إلى فقرات قصيرة مترابطة تحقق أهداف التعليم.
- مناسبة محتوى المقرر مع خصائص المتعلمين.
د- تصميم الوسائط المتعددة:
يجب مراعاة المعايير التصميم لجميع عناصر الوسائط المتعددة وهى، النصوص، الصور والرسوم الثابتة، لقطات الفيديو والرسوم المتحركة، الصوت، تصميم أدوات الابحار في المقرر، تصميم الروابط، الموضوعية، الاتساق، المساعدة والتوجيه.
ه- التفاعلية والتحكم:
- يبدأ المقرر بعبارات ترحب بالمتعلم وتتمنى له التوفيق.
- حرية اختيار نمط التفاعل بين المتعلم ومحتوى المقرر.
- تزويد المقرر بوسيلة تلقي استفسارات المتعلمين والتواصل بينهم وبين المعلم.
- السماح للمتعلم ينبنشر أفكارهم ومقترحاتهم على زملاءهم والمعلم.
- تحكم المتعلم في تسلسل عرض المحتوى.
- توفير الاتصال الجماعي بين المتعلمين وبعضهم.
- الاتصال بالدعم الفني للمساعدة اثناء التعلم.
- توفير فرص للتعلم التعاوني.
- توفير الوقت الكافي للمتعلم ليقدم استجابته.
و- الدقة:
- تحديد الأنشطة داخل المقرر بدقة.
- تصميم مقرر سهل التشغيل والاستخدام.
- دقة تسجيل بيانات المعلم والمتعلمون حتى يسهل التواصل والتفاعل معهم.
- دقة التصميم والبرمجة.
- دقة توظيف الرسوم والأصوات ولقطات الفيديو.
ز- الأمان:
- مواقع الارتباط آمنة لا تسبب مشكلات لنظام التشغيل أو متصفح الانترنت.
- توفير نظاما أمنا لكي يتحقق من شخصية كل متعلم.
- الاهتمام بطلب البيانات التي تميز كل طالب عن زملاؤه.
- تقديم التوجيهات التي تؤكد على سرية البيانات.
- عدم السماح بتعديل البيانات داخل المقرر دون كتابة الرقم السري الخاص بالمتعلم.
- توفير درجة كافية من الأمان للمتعلمين والمعلمين.
ح- الحداثة والمعاصرة:
- تحديد أخر مرة تم فيها تحديث المقرر
- مراعاة الحداثة في محتوى المقرر.
- توضيح عدد مرات التحديث والتنقيح.
- مصادر التعلم المستخدمة من روابط وكتب ومواقع علمية حديثة ومعاصرة.
- تعديل وتغيير وتحديث المحتوى بصورة منتظمة.
- التحقق من صلاحية الروابط وما إذا كانت انتهت صلاحية بعضها أو تحركت.
ط- التكلفة:
- تتناسب تكلفة الفنيات المستخدمة في تصميم ونشر المقرر مع العائد التعليمي منها.
- عدم وجود مقابل مادي لاستخدام المقرر.
- الحصول على المواقع والمصادر العلمية المرتبطة بالمقرر مجانا.
- إمكانية تحميل مراجع مجانية وبرامج مساعدة تحتاجها ملفات المقرر.
المراجع:
- أحمد سيد مصطفى، محمد مصيلحي الأنصاري (2002). برنامج إدارة الجودة الشاملة وتطبيقاتها في المجال التربوي. الفترة من: 23- 26/6 الدوحة: المركز العربي للتدريب التربوي لدول الخليج.
- السيد عبد المولى أبو خطوة (2011). معايير ضمان الجودة في تصميم المقررات الإلكترونية وإنتاجها، المؤتمر الدولي الثاني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، 21-23 فبراير، جامعة الملك سعود: المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد.
- حسن حسين الببلاوي، سعيد أحمدسليمان، رشدي أحمد طعيمه (2000).الجودة الشاملة في التعليم بين مؤشرات التمييز ومعايير الاعتماد، عمان: دار المسيرة.
- حنان حسن خليل (2008). قائمة معايير جودة التعلم الإلكتروني لتصميم المقررات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعة المنصورة.
- ربيع عبدالعظيم رمود (2012). تقنيات التعليم الالكتروني، جدة: مكتبة خوارزم العلمية للنشر والتوزيع.
- عبدالله بن عبدالعزيز الموسى (2001). التعلم الإلكتروني: مفهومة، خصائصه، فوائده، عوائقه، ندوة مدرسة المستقبل، 22-23 أكتوبر، جامعة الملك سعود، الرياض، متاح على الانترنت: www.Ksu.edu.sa/seminare/future،) 14/2/2004)
- ياسر فتحي الهنداوي (2009). أسس الجودة في التعلم الإلكتروني، متاح على الانترنت:www.yasserhendawy.net، 8/3/2012.
- Australian National Training Authority(2003). Developing e-learning content Australian Flexible Learning Framework Quick Guides series, Available at: http://flexiblelearning.net.au/projects/sharingknowledge.htm#guides, 9/3/2012.
- Frydenberg, J. (2002). Quality Standards in E-Learning: A matrix of analysis. International Review of Research in Open and Distance Learning. Vol. 3, No.2,
- Jung, I. &Rha, I. (2000) . Effectiveness and Cost- Effectiveness of Online Education: A Review of the Literature. Educational Technology, Vol. 40, No 4.