- التعليم عن بعد يلعب دورًامهمًّا وفعَّالاً في تنمية قدرات المرأة المسلمة
- التعليم يساعد المرأة المسلمةعلى تحسين أوضاعها والتكيف مع المتغيرات الحادثة
- التعليم يلعب دورًا جوهريًّا فيتنمية وتطوير قدرات المرأة المسلمة
تزايد الاهتمام بالتعليم عن بعد في البلادالمتقدمة والعديد من البلاد النامية ليصبح جزءًا من أنظمة التعليم فيها لما يمتلكهمن قوة كامنة.. يمكن أن يساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد نبعذلك الاهتمام العالمي بهذا النوع من التعليم بسبب التطورات الهائلة التي تحدث فيحقل تقنية المعلومات والاتصالات.
تحديث المهارات
هذا هو ما أكدته الدكتورة سعاد عبد العزيزالفريح- الأستاذ بكلية التربية جامعة الكويت- والتي أضافت أن الاهتمام بالتعليم عن بعد يرجع أيضًا إلى الحاجة الملحَّة لتحديث مهارات الكوادر البشرية العاملة لتحقيق التنمية البشرية، فتلك التقنية أصبحت أداةَ المجتمعات الفاعلة لتحقيق التنمية البشرية المستديمة في ظل اقتصاد عالمي يرتكز على المعرفة، فمن خلال تلك التقنية أصبح من الممكن الوصول السريع لمصادر المعلومات عبر الربط الشبكي الذي تُيسره والذي يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية للمجتمعات المختلفة، بل ويتجاوز تلك الحدود حتى ضمن نطاق المجتمع الواحد بشرائحه المتعددة.
إن التعليم عن بُعد أصبح الأداةَ التي يتطلَّع إليها متخذو القرار في جميع القطاعات العاملة في المجتمعات.. من تربويين أو مسئولي القطاع الخاص للنهوض بجميع شرائح تلك المجتمعات؛ بسبب المزايا العديدة التي يتضمنهاهذا النوع من التعليم ودورها في المجال التنموي، ويمكن للتعليم عن بعد أن يساهم في تنمية شريحة النساء في البلدان النامية على وجه الخصوص.. تلك الشريحة التي عادةً ماتعاني من معوقات كثيرة بسبب عوامل متعددة: منها الأمية، وانخفاض المستوى التعليمي،والضغوط الاجتماعية.
تنمية المرأة
وتؤكد الدكتورة الفريح أن التعليم عن بعد يلعب دورًا مهمًّا في تنمية المرأة بشكل عام والمرأة العربية على وجه الخصوص، سواءٌ كانت امرأةً عاملةً أوربةَ بيت، وتقول: تستخدم الأدبيات التربوية الكثير من المسميات عندالإشارة لمفهوم التعليم عن بعد، فالمعاني والتعريفات تتباين بالنسبة للمفهوم بحسب النظرة له والفهم لجوانبه، وتتبنى منظمة اليونسكو تعبير التعليم المفتوح عندالإشارة لمفهوم التعليم عن بُعد؛ للإشارة إلى التعليم الذي يكون فيه المتعلم بعيدًامكانيًّا عن مكان تعلمه.
ويرجع استخدام تعبير "التعليم المفتوح" منذ بداية ظهوره إلى نهاية القرن التاسع عشر؛ بسبب فتح الفرص أمام الأفراد للدراسة،بغض النظر عن مواقعهم الجغرافية أو حالتهم الاقتصادية والاجتماعية، وتشير اليونسكوإلى أن المقصود بالتعلم عن بُعد أو التعليم عن بُعد هو "أنه عملية تربوية يتم فيها كل أو أغلب التدريس من شخص بعيد في المكان والزمان عن المتعلم، مع التأكيد على أن أغلب الاتصالات بين المعلمين والمتعلمين تتم من خلال وسيط معين، سواءٌ كان إلكترونيًّا أو مطبوعًا.
أما الجمعية الأمريكية للتعلم عن بُعد فتعرفه على أنه "عملية اكتساب المعارف والمهارات بوساطة وسيط لنقل التعليم والمعلومات،متضمنًا في ذلك جميع أنواع التكنولوجيا وأشكال التعلم المختلفة للتعلم عن بُعد.
وتكرر الدكتورة سعاد الفريح على أهمية هذاالنوع من التعليم للمرأة فتقول: يعتبر التعليم عن بُعد للمرأة أمرًا ضروريًّا وخصوصًا التعليم العالي؛ وذلك لتحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية، ولمساعدتهاعلى التكيف مع التغيرات الحادثة من حولها ولحمايتها من الاستغلال؛ حيث إن تيسيرالأمور بالنسبة للمرأة سوف يفتح أمامها الفرصة الوظيفية ولا يجعلها حكرًا على النساء القادرات من اللاتي خدمتهن ظروفهم الاقتصادية أو الاجتماعية.
فمن الواضح أن الدول النامية إن لم تقم بالاهتمام بتعليم المرأة والاهتمام بصحتها فإن التخلف سيصيب رأس المال البشري،وسيعاني الاقتصاد من التعثر بسبب قلة الإنتاجية وانخفاض مستوى الرخاء العائلي وارتفاع النمو السكاني، ويشير تقرير اليونسكو المخصص للتعليم إلى أن تعليم النساء والفتيات يعتبر من أفضل الاستثمارات للمستقبل، وسواءٌ أكان الهدف هو تحسين الحالة الصحية للأسر أو زيادة عدد الأطفال المسجلين في المدارس أو تحسين الحياة الاجتماعية فإن جهود المجتمعات لن تكلل بالنجاح إلا عن طريق تعليم الأمهات وتحسين أوضاع المرأة بوجه عام".
تحديات
وعن التحديات التي تحول دون استكمال المرأة لمرحلة التعليم العالي تقول الدكتورة سعاد الفريح إن من أبرز التحديات التي تواجههاالمرأة العربية أمام استكمال تعليمها العالي هو نقص الموارد المالية؛ بسبب انخفاض المستوى المعيشي وثقل المسئوليات الأسرية التي تجعلها في خوف دائم من عدم القدرةعلى الموازنة بينها، سواءٌ كانت زوجةً أو أمًا أو بنتًا أو أختًا، بالإضافة إلىالنظرة الدونية لتعليم المرأة وتبني فكرة أن التعليم مهم للرجل أكثر منه للمرأة.
والحقيقة أن التعليم عن بُعد له مزايا عديدة،فهو يتيح للمرأة البقاء في منزلها، سواءٌ كانت زوجةً أو أمًا دون أن يأخذها هذاالنوع من التعليم بعيدًا عن الزوج أو الأطفال، كما يتيح الاستفادة الذاتية للمرأةمن خلال تحقيق ما تصبو إليه من نموٍّ وتطلعات وزيادة الثقة بالنفس عند التعامل معالآخرين، وكذلك استفادة أطفال الأسرة في كون الأم قدوةً يمكن أن يُحتذى بها فيتنظيم عاداتها الدراسية، كما يتم تبادل الخبرات مع نساء أخريات والاستفادة منتجاربهن المماثلة في الحياة، كما لا يجب أن ننسى أن التعليم عن بُعد يعين المرأة فيالتخلص من القلق والمخاوف التي تساورها في أن تكون طالبةَ علم تعود مرةً أخرىلمقاعد الدراسة.
كما أن هناك مزايا أخرى يمكن أن تستفيد منهاالمرأة حتى بعد استكمال تعليمها، ومن أبرز تلك المزايا استفادتها من التعامل معالتكنولوجيا، وما يمكن أن توفره لها من الالتحاق بمهنٍ تكنولوجية يمكن أن تُدرَّعليها عائدًا ماليًّا مُجزيًا، فيمكن للمرأة- ومن خلال تواجدها في منزلها وتعاملهامع حاسوبها الشخصي- أن تمارس مهنًا متعددةً، كالطباعة والإخراج الفني وبناء المواقعالإلكترونية وغيرها من المهن التي لا تتطلب التواجد الدائم للموظف في مكتب معينوالتزامه بساعات عمل محددة.
جهود مبذولة
وتشير الدكتورة سعاد الفريح إلى وجود جهودمتناثرة للدول العربية منذ الستينيات للدخول إلى عالم التعليم المفتوح والتعليم عنبُعد، وتقول: رغم أن هذه الجهود تعتبر متواضعةً إذا ما قورنت بما يدور على الساحةالعالمية.. إلا أن العديد من هذه الدول تحاول اللحاق بركب الدول المتقدمة فيمايتعلق بتبني فلسفة التعليم المفتوح والتعليم عن بُعد؛ حيث يأخذ التعليم عن بُعدأنماطًا متنوعةً في العالم العربي، فهناك جامعاتٌ متخصصةٌ في التعليم المفتوح، مثلجامعة القدس المفتوحة، والجامعة المفتوحة بليبيا، وجامعة السودان المفتوحة، وكذلكالجامعة العربية المفتوحة بفروعها المتعددة، والتي مقرها الرئيسي الكويت، وتماثلالدراسة في هذه الجامعات نمط الجامعة المفتوحة في بريطانيا.
كما أن هناك الجامعات التقليدية التي أخذت بالنموذج المختلط والتعليم التقليدي، ويقصد هنا التعلم عن بُعد بنماذجه المختلفة.. من استخدام مؤتمرات الفيديو التعليمية إلى التعلم الإلكتروني الذي يوفر المرونةالتامة للمتعلم في استكمال تعليمه، فيوجد في جامعة الكويت مثلاً مركز التعلم عنبُعد والذي يُشرف على توظيف الفيديو بشكل أساسي لنقل المحاضرات لكليات الجامعةالمتناثرة؛ مما ساهم في توفير الوقت والجهد والمال؛ بالإضافة إلى مساهمته في تطبيققانون منع الاختلاط الذي تسعى جامعة الكويت إلى تعميمه على جميع الكليات. كمايستخدم العديد من أساتذة جامعة الكويت التقنيات الحديثة في التواصل مع طلبتهم،ولمنظمة اليونسكو جهودٌ واضحةٌ في مجال نشر التعليم عن بُعد في الدول العربية،تتمثل في الدعم الذي يقدمه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالنسبة لبعض البلادالعربية؛ حيث بدأ البرنامج (UNDP,2004 ) جهودَه بمشروع تمهيدي في ثلاثة مواقعبالمملكة العربية السعودية، هي الرياض والدمام وجدة، وظهر المشروع تحت مسمى التدريبعن بُعد للنساء السعوديات المهنيات "للاستفادة من التطورات السريعة للإنترنت كوسيطللتعلم، وكانت مدة المشروع سنةً وموجهةً على وجه الخصوص لمجموعة معينة منالمتعلمات، وهن النساء المهنيات المنخرطات في قوة العمل السعودية.
ويهدف المشروع إلى تزويد المشارِكات باحتياجاتهن من المهارات الإدارية وفي مجال تقنية المعلومات لتطوير أدائهن بماينعكس بشكل إيجابي على المؤسسات التي يعملن بها، كما افتتح برنامج الأمم المتحدةالإنمائي في مارس 1999م بجمهورية مصر العربية ثلاثة مراكز لتعليم تقنية المعلومات،وتلك المراكز موجَّهةٌ لخدمة مؤسسات المجتمع المدني والأفراد من ذوي الدخل المحدودبما فيهم النساء؛ لتمكينهم من التعامل مع تقنية المعلومات؛ مما سيوفر لهن حق التعليم مدى الحياة والحصول على العمل المناسب الذي يمدهن بالحياة الكريمة.
التعليم عن بُعد
والحقيقة أن التعليم عن بُعد إذا أُحسن تطبيقه بأنماطه المختلفة يمكن أن يلعب دورًا جوهريًّا في تنمية وتطوير قدرات المرأةالمسلمة في البلدان العربية، خاصةً وأنها تنتمي إلى شريحة عادةً ما تكون منسيةًعندما يتصل الأمر بموضوع التنمية البشرية، غير أن هذه التنمية لا يمكن أن تحدث دونأن تكون هناك إستراتيجية واضحة وخطة شاملة للتعلم عن بُعد بالعالم العربي ويكون للمرأة النصيب الأوفر منها، خاصةً لمن لم تخدمها الفرص في إتمام تعليمها.. إن الاهتمام بالمرأة يعني الاهتمام بالأسرة برمَّتها، فهي المحور الرئيسي الذي تتمركزحوله الأسرة وتستمد منه قوتها واسمرارها وتماسك كيانها، فوجود تلك الإستراتيجية أصبح ضرورةً حتميةً لمساعدة النساء على عبور الفجوة الرقمية الخاصة بنسبة تعليم الرجال إلى النساء في العالم العربي.
تحسين أوضاع المرأة
وهناك مجموعةٌ من التوصيات يجب أن توضع فيالحسبان عند توظيف التعليم عن بُعد لتحسين أوضاع المرأة، وهى أن تتواصل جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالمرأة مع المنظمات الدولية، وخاصةً منظمة الأمم المتحدة،ممثلةً ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتوفير برامج إنمائية للمرأة في مجالالتكنولوجيا في كل البلاد العربية بما يتناسب واحتياجات سوق العمل فيها، وكذلك لابد من توفير الدعم المادي والمعنوي للمرأة، سواءٌ من الجهات الحكومية أو مؤسسات القطاع الخاص في كل البلاد العربية لاستكمال تعليمها العالي في المؤسسات التعليمية،التي تتبنَّى فلسفة التعلم عن بُعد.
كذلك يجب تطوير برامج دراسية وتدريبية تقدمبأسلوب التعلم عن بُعد بالتعاون مع مراكز خدمة المجتمع والتعليم المستمر فيالجامعات موجهة لشريحة النساء ومستنبطة من احتياجاتهم الفعلية أو احتياجات سوقالعمل للمساهمة في توفير المهن الإلكترونية التي تؤهلهن للعمل من منازلهن.. أيضًا يجب تشجيع مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالمرأة على بناء منتديات إلكترونية ثقافية خاصة بالنساء، تدعمهن في شئونهن الحياتية، وتهيئ لهن فرصة المشاركة بمجتمع المعلومات، بما يكفل حمايتهن من الاستغلال وتبصيرهن بكيفية حماية أبنائهن من مساوئالتكنولوجيا.
ولا بد من توفير الدعم والإشراف الحكوميبمختلف أشكاله، سواء كان ماليًّا أو إداريًّا أو علميًّا لتأمين الاعتراف بالشهاداتالعلمية الصادرة من المؤسسات التعليمية التي تتبنى فلسفة التعليم المفتوح أوالتعليم عن بُعد كنظام تعليمي، سواءٌ كانت من مؤسسات عربية أو أجنبية، ويمكن أن يتمذلك من خلال وضع البرامج التعليمية والمقررات الدراسية والشهادات التعليمية التييتم اجتيازها أو الحصول عليها، وفقًا لنظام التعليم المفتوح أو التعليم عن بُعد،بما فيها التعلم الإلكتروني.
كما يجب ألا ننسى أهمية وضع خطط إعلامية فاعلة للمساهمة في تغيير الاتجاهات نحو تعليم المرأة في المناطق التي تعاني فيها منالتسلط الأسري، عبر نشر سبل إقناع ترتبط بما تيسره التكنولوجيا من مرونة التعليمولتوضيح أهمية أن يكون للمرأة دخلها الخاص الذي يمكِّنها من دعم دخل العائلة،وتحسين مستواها الاقتصادي والاجتماعي، ومن ثم تنمية مجتمعها الإسلامي، بل إنها سوفتتمكن من التصدي لمحاولات أعداء الأمة الإسلامية التي تستهدف التأثير على المرأةالمسلمة وعلى معتقداتها وفكرها خلال السموم التي يبثونها عبر مخططاتهم الخبيثة؛ حيثيدركون أنهم يستطيعون النيل من هذه الأمة، لو أنهم تمكنوا من السيطرة على عقل المرأة المسلمة فهي أساس الأسرة المسلمة وكيان المجتمع كله
|