ديل كارينجي

"الشخصية تساهم في نجاح العمل أكثر مما يساهم الذكاء الخارق"

هذه نتيجة لدراسة أجرتها مؤسسة كارنيجي للتكنولوجيا على مائة من رجال الأعمال البارزين.

فالشخصية - باستثناء التحضير - هي ربما العامل الأكثر أهمية في الخطاب. وقد قال ألبرت هابرد: "إن ما يفوز في الخطاب الجيد هو الأسلوب، وليست الكلمات".

لا تقترف الخطأ الشائع بترك التحضير والتخطيط لآخر دقيقة، وبعد ذلك العمل بسرعة جنونية، محاولًا التعويض عن الوقت المهدور. إن فعلت ذلك، فإنك ستخزن سمومًا جسدية وإرهاقًا ذهنيًّا يتحول إلى عبء رهيب تنوء من ثقله، فيمتص حيويتك ويضعف ذهنك وأعصابك.

إن كان عليك إلقاء خطاب في اجتماع لجنة، تناول غداءً خفيفًا، إذا أمكنك، وتناول المرطبات. اخلد للراحة، فهذا ما تحتاجه جسديًّا وذهنيًّا وعصبيًّا.

 

لماذا يتقدم خطيب أكثر من خطيب آخر؟

الإجابة ببساطة متناهية (احتفظ بطاقاتك حية) "لا تفعل شيئًا يستهلك طاقتك"

فالناس تتجمهر حول الخطيب المفعم بالطاقة، حول مولِّد الطاقة البشري، مثلما يجتمع النحل على زهور الورد والبنفسج.

 

ما هو تأثير الملابس على الخطيب والمستمع؟

عالم نفسي ورئيس جامعة أرسل سؤالًا إلى مجموعة كبرى من الناس، يتساءل فيه عن التأثير الذي تتركه الملابس على أنفسهم، فأجمع كل الأفراد على أنهم عندما يكونون بمظهر لائق وأنيق ويتأكدون من ذلك يشعرون بتأثير ذلك. ومن الصعب شرح ذلك الشعور، لأنه غير محدد، رغم كونه حقيقيًّا. فقد منحهم الثقة بالنفس ورفع من تقديرهم الذاتي. هذا هو تأثير الملابس على من يرتديها.

 

ما هو تأثيرها على المستمع؟

يقال: إن "المظهر يدل على المخبر"، فالطبيعة الفطرية تتطلع إلى رؤية الجمال والاستمتاع بالنظر إليه، وتنفر من القبح وتتحاشى الاقتراب منه، وهذا ما ينطبق على أي جميل في حياتنا، والأمر عندما يتعلق بالحديث إلى الناس والتأثير فيهم فهو أولى، فالخطيب تحت زجاج مكبر، والأضواء مسلطة عليه. وكل خطأ يبدو في مظهره الخارجي يبرز بوضوح مثلما تبرز قمة بايك من السهول، وتكون النتيجة ضعف الاحترام لهذه الشخصية ولما تقوله، ومن ثم يصبح كل ما يقوله هو ادعاء.

 

ما هو دور الابتسامة المشرقة؟

تقول حكمة صينية: "من لا يستطع الابتسام يجب أن لا يفتح متجرًا". أليست الابتسامة المرحبة أمام الجمهور مثلما هي وراء الآلة الحاسبة في المتجر؟ أفكر الآن بطالب معين كان يحضُر برنامج فنِّ الخطابة الذي تم تدريسه في غرفة في بروكلين للتجارة. كان دائمًا يأتي أمام الجمهور وهو يشع بجو يعبر عن محبته لكونه هناك، وأنه يحب العمل الذي أمامه. كان دائمًا يبتسم ويتصرف وكأنه سعيد لرؤيتنا، وفي الحال، يشعر المستمعون بحرارة نحوه فيرحبون به.

لكنني رأيت خطباء متقدمين يتقدمون بأسلوب بارد متكلف، وكأن عليهم القيام بمهمة مزعجة، فيحمدون الله لدى انتهائهم. ونحن أيضًا نشعر بمثل ذلك. إن هذه الأساليب تنقل العدوى.

يقول البروفسور أوفر ستريت في كتابه "التأثير بالسلوك الإنساني":

"الشبيه يولد الشبيه". فإذا وجهنا انتباهنا لجمهورنا، يحتمل أن يهتم جمهورنا بنا. وإذا تجهمنا، فإنهم سيتجهمون داخليًّا أو ظاهريًّا نحونا. وإذا كنا جبناء مرتبكين، فإنهم بدورهم سيفقدون الثقة بنا. وإذا كنا صفقاء متبجحين، فإنهم سيتفاعلون لحماية ذاتهم. وحتى قبل الشروع بالكلام، غالبًا ما يتم استحساننا أو استهجاننا. لذلك، هناك أكثر من سبب يدفعنا للتأكد من أن أسلوبنا يستدعي الاستجابة الدافئة.

 

اجمع جمهورك:

 قال هنري وارد بيتشر: "غالبًا ما يقول الناس: ألا تعتقد أن التحدث إلى جمهور كبير يولِّد إيحاءً أكثر من التحدث إلى جمهور صغير؟. أقول: كلا، يمكنني التحدث إلى اثني عشر شخصًا بأسلوب جيد مثلما أستطيع التحدث إلى ألف، شرط أن يكون الاثنا عشر متجمعين حولي وبجانب بعضهم البعض ليلامس أحدهم الآخر. لكن حتى وجود ألف شخص تفصل بين كل اثنين منهم أربعة أقدام من الفراغ، فإن ذلك يشبه الغرفة الفارغة... اجمع جمهورك، فتستطيع إثارته بنصف الجهد".

إن الإنسان وسط جمهور ضخم يفقد فرديته. حيث يصبح فردًا من الجمهور، ويتحرك بسهولة أكثر مما يكون فردًا واحدًا. وسيضحك ويصفق للأشياء التي تكاد لا تثيره حين يكون بين مجموعة صغيرة تستمع إليك.

 

دع الضوء يغمر وجهك:

إملأ الغرفة بالأنوار، واقرأ مقالات دايفيد بيلاسكو حول الإنتاج المسرحي، لتكتشف أن الخطيب العادي ليست لديه أدنى فكرة عن الأهمية البالغة للإضاءة المناسبة.

دع الضوء يغمر وجهك. فالناس يريدون رؤيتك. لأن التغيرات التي تطرأ على تعابيرك هي جزء، وجزء حقيقي، من عملية التعبير عن الذات. وهي تعني في بعض الأحيان أكثر مما تعنيه كلماتك. إذا وقفت تحت الضوء مباشرة، ربما يكسو الظل وجهك، وإذا وقفت أمام الضوء مباشرة، من المؤكد أن لا يبدو واضحًا. أليس من الحكمة إذن أن تختار قبل أن تنهض للخطاب، البقعة التي تمنحك أفضل إنارة؟

لا تختبئ وراء الطاولة. يريد الناس أن ينظروا إلى الرجل بكامله، حتى إنهم ينحنون إلى جانب الممرات ليتمكنوا من رؤيته.

إن غرف العرض لدى مختلف صانعي السيارات في برودواي هي جميلة ومرتبه، تسر النظر. ومكاتب باريس لمصانع العطور والمجوهرات مجهزة بشكل فني رائع. لماذا؟ هذا هو العمل الجيد. والإنسان يكِنُّ المزيد من الاحترام والثقة والتقدير للأشياء الأنيقة كهذه.

للسبب ذاته، يجب أن يكون لدى الخطيب خلفية مسرة. والترتيب المثالي، في رأيي، هو التخلي عن الأثاث كله. فلا شيء وراء الخطيب يجذب الاهتمام، أو على جانبيه، لا شيء سوى ستارة من المخمل الأزرق.

أولًا، يستطيع الابتعاد عن تضييع وقته سدى، وعن العبث بملابسه، والقيام بحركات عصبية تحط من قدره. أذكر مرة حين رأيت مستمعًا من نيويورك يحدق بيدي خطيب مشهور مدة نصف ساعة حين كان يخطب ويعبث بغطاء المنبر في الوقت ذاته.

ثانيًا، يجب أن يتدبر الخطيب أمر جلوس الجمهور، إذا أمكنه ذلك، لكي لا يجذب انتباههم دخول الأشخاص المتأخرين.

إن الرجل الذي يعرف كيف يجلس، يغرق في الكرسي وهو يسيطر على جسده سيطرة تامة.

 

كن متزنًا:

ذكرنا سابقًا أنه لا يجب العبث بملابسك لأنها تلفت الانتباه. وهناك سبب آخر أيضًا. فذلك يمنح انطباعًا عن الضعف وقلة الثقة بالنفس. وكل دقيقة لا تضيف إلى وجودك، تحط من قدرك. ليست هناك حركات حيادية. وهكذا، قف هادئًا، وسيطر على نفسك جسديًّا، فذلك يمنحك انطباعًا عن السيطرة الذهنية والاتزان.

بعدما تنهض لمخاطبة جمهورك، لا تبدأ بعجلة. فهذه هي السمة المميزة للمبتدئ. تنشَّق نفسًا عميقًا. تطلع إلى جمهورك للحظة، وإن كانت هناك ضجة، توقف قليلًا حتى تزول.

أبْقِ صدرك عاليًا. لكن لم الانتظار لفعل ذلك أمام الجمهور؟ لم لا تفعل ذلك يوميًا حين تكون منفردًا بذاتك؟ عندئذ يمكنك أن تفعل ذلك تلقائيًّا أمام الناس.

وماذا يجب أن تفعل بيديك؟ لا تفكر بها. فإذا انسدلتا بشكل طبيعي إلى جانبيك، يكون الأمر مثاليًّا. وإذا كانتا تبدوان كعنقود من الموز، لا تتخيل أبدًا أن أحدًا ينتبه لهما أو لديه أدنى اهتمام بهما. لأنهما ستبدوان أفضل وهما مسترخيتان إلى جانبيك، وسيجذبان أدنى اهتمام لهما. حتى أن المولع بالانتقاد لن يتمكن من انتقاد وضعك. هذا بالإضافة إلى أنهما ستكونان متحررتين للقيام بحركات تلقائية عندما يستدعي الأمر ذلك.

لكن لنفترض أنك عصبي للغاية، حتى أنك تجد أن وضعهما وراء ظهرك أو إدخالهما في جيبك أو إلقائهما على المنصة، يساعدك على التخلص من التوترات...ماذا يجب أن تفعل؟ استخدم براعتك. لقد سمعت أن عددًا من خطباء هذا العصر المشهورين يضعون أيديهم داخل جيوبهم أثناء إلقاء الخطاب، وقد فعل ذلك برايان، وتشونسي م. ديبيو وتيدي روزفلت. فإذا كان لدى الإنسان ما يستحق البوح به، ويبوح به بإخلاص وإيمان، لا يهم بالتأكيد، ما الذي يفعله بيديه ورجليه. وإذا كان عقله مليئًا وقلبه مثارًا، لن تبرز هذه التفاصيل الثانوية كثيرًا. فقبل أي شيء في إلقاء الخطاب هو الجانب النفسي فيه، وليس موضع اليدين والرجلين.

 

الإيماء:

الإيماءات التي تستحق القيام بها هي تلك المولودة في لحظتها. فالمكان الصحيح لتناولها منه هو نفسك وقلبك وذهنك واهتمامك بالموضوع، ومن رغبتك الذاتية في استمالة الآخرين لرؤية ما تراه. إن أونصة من التلقائية توازي طنًا من القواعد.

فالإيماء ليس شيئًا يُرتدى كبذلة العشاء. بل هو مجرد تعبير خارجي عن حالة داخلية، كالقبلات والمغص والضحك ودوار البحر.

يجب أن تكون حركات الإنسان، كفرشاة أسنانه، أشياء شخصية له. وبما أن الناس مختلفون، فإن حركاتهم ستكون فردية إذا ما تصرفوا بشكل طبيعي. كما لا يجب أن يتعلم شخصان الإيماء بنفس الطريقة. تخيل أن لنكولن، ذا التفكير البطيء والمطول، يقوم بحركات دوغلاس الذي يتكلم بسرعة واندفاع. إن ذلك سيكون سخيفًا.

لا تتكلف الحركات لتبدو مؤثرًا... أطلق لطبيعتك التلقائية ولشخصيتك الفريدة التألق، اترك التألق المصطنع والمظاهر المتكلفة...

تلك كانت طريقة لنكولن في الإلقاء. أما تيودور روزفلت فكان أكثر قوة واندفاعًا ونشاطًا، تتدفق المشاعر من وجهه، وتنكمش قبضته ويمتلئ جسمه كله بالتعبير. وغالبًا ما كان غلادستون يضرب الطاولة أو راحة يده بقبضته، أو يضرب قدمه بقوة بالأرض. واعتاد اللورد روز بري أن يرفع قبضته اليمنى ويلقيها على المنصة بقوة خارقة. لكن هناك قوة أولًا في أفكار ومعتقدات الخطيب، وهذا ما يجعل حركاته تلقائية. فالتلقائية والحياة هما الخير الأسمى في العمل.

لا يمكنني أن أعطيك أية قواعد للإيماء، لأن كل شيء يعتمد على مزاج الخطيب. وعلى تحضيره وحماسه وشخصيته وموضوعه، وعلى الجمهور والمناسبة.

 

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 95/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 1400 مشاهدة
نشرت فى 20 أغسطس 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,787,070

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters