يراقب الآباء دائماً الجوانب الفذة في شخصية أطفالهم، فما إن يجدوا بعض الصفات التي تؤهل الطفل إلى أن يكون قائداً حتى يبدؤوا بتنميتها وتشجيعه على ذلك

وعلى الآباء أن يدركوا من البداية ويعملوا على تشذيب جوانب شخصية أطفالهم القيادية من بعض الصفات السالبة كالتحكم في زملائهم والتعالي على الآخرين والأنانية وفرض الرأي والفكر. وان ينمّوا فيهم الروح القيادية السليمة التي تهتم باحترام الذات والآخرين والثقة بالنفس وتحمل المسئولية والقدرة على الإدارة والتأثير الإيجابي على الآخرين.


ولكن المشكلة لا تكمن في هذه الهبة والصفات الفطرية وإنما في كيف يمكن للأبوين أن يستخرجا أجمل وأحسن ما عند أطفالهم حتى يتأهلوا لدور القادة. لأن مهمة تربية وإعداد طفل يتميز بالسمات القيادية، له دور في مجتمعه الصغير والكبير تعتبر مهمة صعبة تواجه كل أسرة، فيمكن لكل أسرة أن تصنع طفلاً عادياً وبدون مجهود يُذكر أما أن تكون الآمال معقودة لخلق شخصيات قيادية وفذة من الأطفال فهذا يعتبر تحدياً كبيراً للأسرة.


من المهارات التي يجب أن يعمل عليها الآباء هي تنمية إبداء الرأي والتعبير عن الذات عند أطفالهم وذلك بتوفير الاستقرار الأسري والأمان النفسي والعاطفي. وان يكون الآباء قدوة حسنة لأبنائهم في تحليهم بالصفات الحميدة كالصدق والأمانة وحب الناس وحب الخير لهم ومساعدتهم. ثم تربيتهم على تحمل المسئولية دون إرهاق كاهلهم وتحميلهم ما لا يطيقون، وتشجيعهم على الاشتراك في النشاطات الاجتماعية لاكتساب مهارة التفاعل مع الناس.


ومن أهم ما يمكن عمله أيضاً لغرس الصفات القيادية وقوة الشخصية لدى الطفل هو تشجيع الأبوين له في كل خطوة يخطوها كي يصبح قائداً، ثم تعزيز ثقته بنفسه حتى يكتسب القدرة على الثبات وامتلاك المؤهلات الضرورية للحفاظ على هويته غير المنفصلة عن هوية مجتمعه وبذلك لا يكون تابعاً لأحد بل مستقلاً بشخصيته. ثم تعريفه أن لا شيء يمكن أن يحول بينه وبين مقدراته ومواهبه التي حباه الله بها.


ومن المهم كذلك لتنمية الشخصية القيادية للطفل هي وضع الأهداف نصب الأعين، وبما أن لكل طفل يطمح في أن يكون قائداً أهداف معينة وأحلام كبيرة فالخطوة التالية تكون في السعي لتحقيق هذه الأهداف بالتخطيط الذي يرتبط باحترام الوقت وعدم إهداره فيما لا ينفع. وعندما يتعود الطفل على التخطيط في أشيائه الصغيرة يكون هذا هو ديدنه في حياته عموماً، ويجب أن نلفت نظر الطفل أن الطريق نحو تحقيق الانجازات ليس مفروشاً بالورود فقد تتعثر خطواته وقد يقع في أخطاء كثيرة ولكن المهم هو كيف يستفيد من أخطائه ويتحمل المصاعب التي قد تواجهه بالإصرار والعزيمة على تحقيق آماله. ذلك أن العمل علي إعداد طفل قائد يثق بنفسه ويتحدي العقبات التي تعترض طريقه هدف ضروري في تربية الجيل القادم.

كيف تقوم الأسرة بتشكيل خصائص القائد لدى طفلها ؟

لكي يصبح الطفل مؤهلاً للقيام بدور القائد في المستقبل على الأسرة الاهتمام بما يلي: -
 
1- منح الطفل فرصة للتعبير عن نفسه..
 فكثيراً ما تخطئ الأسرة حين تصطنع محاولات لقمع أشكال التعبير التي يقوم بها الطفل ، وتحويله إلى كائن متلقي فقط سواء لأجهزة الإعلام وما تبثه أو تعليمات الوالدين ، دون إتاحة أدنى فرصة له للتحدث أو اللعب للتعبير عن أفكاره واحتياجاته ..
 
ولكي يتحقق ذلك يجب على الأسرة القيام ببعض الإجراءات منها : -
 
 أ- إشراك الطفل في جلسات أسرية للتحدث معه حول ما يشغله وتبسيط بعض المعلومات له بحيث يمكنه فهمها.
فهذه اللقاءات بالإضافة إلى تأثيرها النفسي على إحساس الطفل بالأمان في حالة وجوده مع أفراد أسرته من الناحية النفسية .. فإنها أيضاً تنمى قدرته على التفكير .
 
ب - تقبل أسئلة الطفل وتشجيعه عليها
.
 بحيث نغطى ما يدور في ذهنه حتى يبنى نظاماً معرفياً ، ليس ذلك فقط بل إن تشجيعه على طرح الأسئلة وصياغتها يمده بنوع من الثقة بالنفس ، والمبادأة ، وبالطبع يزيد من ذلك اهتمام الأسرة بالإجابة على أسئلته .
 
 ج - وضع الطفل في موقف " الراوي" أو "المتحدث"
 بحيث يلقى هو على الأسرة فكرة ما أو موضوع ما، حتى ولو كانت كلماته قليلة وتستغرق لحظات، فهذا أيضاً يشعره بالثقة ويمنحه القدرة على التحدث أمام الآخرين .. كما يمكننا تدريجياً نقل ذلك إلى نطاقات أوسع فتكون أمام أفراد العائلة الأكبر أو أصدقاء الأسرة .
 
2- السعي لاكتشاف ميول الطفل ومواهبه ..
  فكل طفل لديه بعض المواهب أو الاستعداد لموهبة أو قدرة ما ، بحيث إذا ما أتيحت له فرصة للتدريب عليها أصبحت مهارة .
 فالميول هي استعدادات يجب صقلها، وأهمية هذه الميول أو الاستعدادات والتدريب عليها تكمن في أنها تشعر الطفل بالتميز وتدفعه معنوياً للانشغال بعدة مجالات .
  
3- مساعدة الطفل وتوجيه للاعتماد على النفس ..
فاعتماد الطفل على نفسه بصورة تدريجية يمكنه من استثارة كافة إمكاناته ، باعتبار أن الحاجة أم الاختراع .
وإذا ما شعر الطفل أن عليه مسؤولية فسوف يستنفر كل طاقته لتأديتها ، فقد أثبتت معظم الدراسات التي أجريت على الأطفال في الأسر المختلفة أن الأطفال في الأسر التي تفرض نوع من الحماية الزائدة على أطفالها ، فتقضى هي لهم كافة الطلبات ، دون أدنى اعتماد على النفس ، أقل مهارة في كافة الجوانب من هؤلاء الأطفال في الأسر التي تحمل أطفالها بعض المسؤولية في قضاء احتياجاتهم بما يتناسب مع مرحلتهم العمرية .
  
4- الاهتمام بالدعم النفسي والوجداني للطفل من خلال تشجيعه..
و ذلك بالاهتمام بايجابياته وإبرازها ، ودفعه لتحقيق طموحه ، شريطة أن يكون طموحه هو ، وبما يتناسب مع قدراته
 فكثيراً ما تخطئ بعض الأسر حينما تعتبر طفلها وسيلة لتحقيق طموحاتها هي ، ويكون تشجيعها ودفعها لهذا الطفل مشروطاً بسيره في طريق تحقيق طموح الأسرة ، فتشجعه وتدفعه حينما يفعل ما تريد وما تطمح وليس ما يطمح هو ..  فاحترام رغبات الطفل واهتماماته جزء من إعداده وتكوين هويته ..
  
5- تدريب الطفل منذ الصغر على وضع هدف والتخطيط لتحقيقه .
 فالتخطيط يدرب الطفل على التوقع ، وعلى شحذ إمكاناته كذلك إدارة الوقت بحيث يمكنه من الاستفادة منه على نحو مناسب.. فنبدأ بتدريبه على وضع هدف بسيط ، ثم نعلمه أن يحدد الإجراءات العملية لتحقيق هذا الهدف في ترتيب حدوثها ، وكذلك تحديد الوقت المتطلب لتحقيق كل إجراءات بحيث يصبح ذلك نظام للحياة يتبعه في كل هدف يسعى لتحقيقه مهما بدا بسيطاً ..
  
6- الاهتمام بالجانب الجسمي والصحي للطفل ..
 فالإنسان منظومة واحدة تتكامل لتكوين شخصية الفرد المتفردة ..
لا يمكن فيها عزل الجانب النفسي عن الاجتماعي عن الجسمى .فسلامة الجسم وصحته أساس للتكوين عليه أو البناء من خلاله ، ويمكن تحقيق ذلك من خلال وضع الغذاء المناسب ، والاهتمام بممارسة الرياضة ، وهذه لأخيرة ( الرياضة) لا تهدف فقط لتحسين حالته الصحية ولكنها تكسبه نوعاً من الهدوء النفسى والتحكم في الطاقة الجسمية وتنظيم احتياجاته .
  
7- الاهتمام بتكوين الجانب القيمي والروحي والأخلاقي لدى الطفل..
 وقد أخرتها لتكون أخر نقطة نوجهها للأهل.. لأنها لا تحتاج إلى خطوات إجرائية محددة.. فهي تحتاج إلى نظام حياة.. فالطفل يتعلم منا دون أن ندرى ، بالمحاكاة ، والقدوة، وعلى هذا فلا يمكن أن نضع خطوات محددة لتعليمه الصدق ونحن لانفعل، ولا يمكننا أن نصطنع مواقف لتعليمه الأمانة وهو يرانا لا نحافظ عليها.. ولهذا فإن تنمية الجانب الروحي والأخلاقي والقيمي.. يحتاج أن يعيش الطفل في بيئة تذكى هذه القيم وتعمل بها وترتكز عليها..

 وأخيراً.
. نذكر بأن القيادة يمكن التدريب عليها ، والإسلام يعطينا المثل.. حينما عين الرسول صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد قائداً على كبار الصحابة وهو لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 80/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
26 تصويتات / 3959 مشاهدة
نشرت فى 14 مارس 2011 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,768,823

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters