لا يجادل أحد في كون موضوع الملكية الفكرية –عموماً- من المواضيع المهمة في العصر الحاضر، تجلت أهميتها مع التقدم العلمي والصناعي والتقني أو التكنولوجي الذي يشهده العالم بأسره، ولها أثرها الواضح سلبا أو إيجابا في ازدهار الأمة ورقيها.
ومصطلح الملكية الفكرية هو مصطلح قانوني في المقام الأول، ويراد به: حق الإنسان في إنتاجه العلمي، والأدبي، والفني، والتقني، والتجاري؛ ليستفيد من ثماره وآثاره المادية والمعنوية، وحرية التصرف فيه، والتنازل عنه، واستثماره؛ كحق المؤلف في التأليف، والمترجم في الترجمة، والناشر في حقوق النشر، والرسام في الإبداع الفني والرسم والتصوير، والمهندس في المخططات والخرائط، والمخترع فيما اخترعه، ووصل إليه، وأعطته الدول الحق في تسجيله، والحصول بموجبه على براءة الاختراع.
وتنقسم الملكية الفكرية إلى قسمين:
1- الملكية الصناعية: وتشمل الاختراعات (البراءات) والعلامات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية و الاسم التجاري والعنوان التجاري.
2- ملكية أدبية وفنية: وتضم المصنفات الأدبية والفنية كالروايات والقصائد والرسوم واللوحات والصور الشمسية والتصميمات الهندسية. والحقوق المجاورة لحق المؤلف مثل منتجي التسجيلات الصوتية، وحقوق هيئات الإذاعة.
الحماية الفكرية لبرامج الحاسوب:
تتمتع برامج الحاسوب بالحماية القانونية باعتبارها "مصنفات أدبية بمعنى المادة 2 من اتفاقية برن، وتطبق تلك الحماية على برامج الحاسوب أيا كانت طريقة التعبير عنها أو شكلها ".
إن طرق التعدي على برامج الحاسوب تتلخص في ما يلي:
- القرصنة من خلال نسخ برامج الحاسوب على قرص وبيعها للمشتري، مع إخباره بأنها نسخة غير أصلية.
- القرصنة من خلال نسخ برامج الحاسوب على قرص وبيعها للمشتري مع التمويه عليه بأنها نسخة أصلية.
- إعادة البيع: تحميل برامج معينة على أجهزة الحاسب المختلفة التي تباع للمشتري. وبالتالي، لا يقوم المشتري بدفع قيمة تلك البرامج أو بدفع ثمن بخس، ويتم بيع الجهاز له متضمناً برامج غير مرخصة.
- التعدي من قبل المستخدم النهائي: وغالباً ما يتم ذلك بشراء نسخة أصلية واحدة من البرنامج واستخدامها على أكثر من حاسب واحد. فيتم استخدام البرنامج لعدة مرات دون الحصول على رخصة باستخدامه لأكثر من مرة واحدة.
- التعدي من خلال شبكة الانترنت: بحيث تقوم بعض مواقع الويب بإتاحة برامج الحاسب لنسخها دون ترخيص، ومن ثم يقوم مستخدم الشبكة بنسخ برامج الحاسب وتحميلها على جهازه، وغيرها.
الإطار الدولي لحماية برامج الحاسوب:
يقصد بالإطار القانوني الدولي: المعاهدات والاتفاقيات الدولية- ثنائية كانت أم جماعية- المبرمة لحماية حق المؤلف بكافة أبعاده على المستوى الدولي. ومنها:
اتفاقية الويبو ( WCT ) لحماية حقوق التأليف لعام 1996: والتي جاءت كاتفاق خاص وفقا للمعنى الوارد في المادة ( 20 ) من اتفاقية برن للإعلان من نطاق و حدود الحماية المقررة لحق المؤلف على المصنفات الأدبية والفنية.
كما عززت اتفاقية الويبو من مكانة اتفاقية برن؛ عندما نصت في مادتها الأولى ضرورة التزام الدول الموقعة عليها بالمواد الأساسية في اتفاقية برن ومنها المواد من ( 1- 21) وملحق اتفاقية بيرن. كما أنها فتحت المجال للدول الأعضاء في اتحاد برن للانضمام إليها.
كما أنها لا تنتقص من أي من الحقوق أو الالتزامات الواردة في غيرها من الاتفاقيات كاتفاقية (TRIPS) والاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف.
ومن مميزات اتفاقية (WCT) تعاملها مع مجموعة من الأمور الأساسية وأهمها النصوص التي تنطبق على الوسط والوسائط الرقمية، وبما يتيح الانتفاع بالمصنفات ذات الأشكال الرقمية والأعمال التي يتم تداولها عبر شبكة الانترنت، ومن أهمها تلك الحقوق المتصلة بتخزين وبث الأعمال وكذلك الاستثناءات والقيود الواردة على تلك الحقوق.
كما قامت بتوضيح مجموعة من الأحكام مثل:
- تخزين الأعمال على الوسط الإلكتروني يقابل مفهوم النسخ في الأعمال الأدبية و الفنية التقليدية وفق مفهوم المادة (9) من معاهدة برن.
- حق بث العمل على الانترنت يحب أن يكون محددا بموافقة المؤلف أو صاحب الحق في التأليف مع مراعاة الاستثناءات الواردة على ذلك.
- ضرورة حماية العمل عندما يتم نقله أو توصيله إلى الجمهور، و بغض النظر عن العمل أو طبيعته سواء تم بث العمل بواسطة الطرق السلكية و اللاسلكية، بما في ذلك جعل العمل متاحا لكافة الناس؛ بحيث يتاح للأفراد الاطلاع على هذه الأعمال في الوقت و المكان الذي يحددونه.
آلية الحماية:
تبنت معظم تشريعات الدول العربية في قوانينها الخاصة بالملكية الفكرية المبادئ والمعايير الدولية الكفيلة بحماية حق المؤلف و الحقوق المجاورة في ظل التقدم التقني وفي المحيط الرقمي.
حيث عرف المشرع المغربي الاستنساخ بأنه "صناعة نسخة أو عدة نسخ لمصنف أو لمسجل صوتي أو لجزء من مصنف أو مسجل صوتي، في أي شكل كان، بما فيه التسجيل الصوتي والمرئي، والتخزين الدائم أو المؤقت على شكل إلكتروني لمصنف أو لمسجل صوتي".
الحماية المدنية للمصنفات:
يقصد بالحماية المدنية: حماية الحق المالي للمؤلف، وهي حماية يمكن تحقيقها باللجوء إلى القضاء المدني مباشرة في شأن الاعتداءات الواقعة على حق المؤلف والحقوق المجاورة، بغية إجبار المدين على تنفيذ التزامه التعاقدي، أو الحكم عليه بالتعويض.
فلا يختلف اثنان في كون القاعدة العامة تقضي بأن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه التعويض.
التعويض:
أوجبت المادة 45/1 اتفاقية تريبس: "على الدول الأعضاء أن تمنح للسلطات القضائية صلاحية أن تأمر بدفع تعويضات مناسبة لصاحب الحق مقابل الضرر الذي حدث بسبب التعدي".
كما ألزمت الفقرة 2 من المادة 45 من نفس الاتفاقية على الدول الأعضاء أن تخول للسلطات القضائية أن تأمر المتعدي بأن يدفع لأصحاب الحق تكليف الإنفاذ و استرداد الأرباح أو الأضرار القانونية...."
وهو نفس المقتضى الذي أشارت إليه اتفاقية التبادل الحر في الفقرة 5 و 6 البند 11 من المادة 15 حيث ألزمت كل طرف من الطرفين لمالكي الحقوق القيام بإجراءات قضائية مدنية ترمي إلى صيانة حق المؤلف، وذلك بتخويل القضاء سلطة بإصدار أمر للمعتدي على أن يدفع لمالك الحق تعويضات كافية عن الضرر الذي لحق حقوقه بسبب التعدي أو التزييف.
المصدر: د. وداد أحمد العيدوني , * عضو المجمع العربي للملكية الفكرية بعمان. أستاذة الملكية الفكرية بقسم الدراسات العليا جامعة عبد المالك السعدي.
نشرت فى 19 فبراير 2011
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,783,079