مراحل إدارة المخاطر تتضمن سلسلة من الخطوات المتتابعة التي تهدف إلى تحقيق التحكم في المخاطر وتقليل تأثيرها على المؤسسة. هذه المراحل تساهم في تطبيق سياسة إدارة المخاطر بشكل منهجي وفعّال.

المرحلة الأولى: التحديد والتصنيف:

بعد أن يتم تقييم وتصنيف المخاطر الأولي، فإنه يمكن تعديل وتحديث قائمة المخاطر بناءً على المعلومات الجديدة التي تظهر أو التغيرات التي تحدث في البيئة المحيطة مما يتيح فرصة لضمان تمثيل دقيق للمخاطر المحتملة التي قد تؤثر على المؤسسة، فعلى سبيل المثال، إذا ظهرت مخاطر جديدة أو تغيرت ظروف معينة، يمكن إضافة تلك المخاطر إلى القائمة أو تعديل التصنيف الحالي للمخاطر بناءً على ما توفر من معلومات جديدة. وهذا النهج يساعد على الاستمرار في مراقبة وتحديث مخاطر المؤسسة بما يتناسب مع التطورات والتغيرات المحيطة.

المرحلة الثانية: التقييم:

بعد إجراء تقييم للمخاطر وتحديد مدى تأثيرها واحتمالية حدوثها، يمكن أن يتم إعادة تقييم تلك المخاطر في وقت لاحق في حالة توفر معلومات جديدة أو تغيرات في الظروف المحيطة.

على سبيل المثال، إذا كانت هناك تغيرات في بيئة الأعمال أو في سياق صناعة المؤسسة، قد يكون لذلك تأثير على تقديرات المخاطر السابقة، ويمكن أن يتضمن هذا تغييرات في احتمالية حدوث المخاطر أو في مدى تأثيرها، وبناءً على المعلومات الجديدة أو التغيرات، يجب تحديث التقييم السابق ليعكس الظروف الجديدة بشكل أكثر دقة ويشمل تقييم المخاطر الخطوات الأتية

<!--تحديد المخاطر والأشخاص المعرضين للخطر:

هذه الخطوة هي الخطوة الأولى والأهم في عملية إدارة المخاطر، ويتم فيها تحديد جميع المخاطر المحتملة وتحديد الأشخاص المعنيين بها. تتضمن هذه الخطوة العناصر التالية:

<!--إدراك المشكلة: يتعلق هذا بالاعتراف بوجود مشكلة وتكوين فكرة أولية عنها، ويمكن أن يتم التعرف على المشكلة بطرق تفاعلية أو استباقية، وفي التفاعلية، يتم التعامل مع المشكلة الحالية والعمل على إيجاد حلول لها، أما في الاستباقية، يتم تحديد حلول للمشكلة قبل حدوثها.

<!--تعريف المشكلة: في هذه المرحلة، يتم توضيح المشكلة بالكامل بكافة تفاصيلها لأول مرة. ويجب تحديد المخاطر المحتملة والأشخاص المتعرضين للخطر، مثل العمال في أماكن العمل أو المستهلكين للمنتجات.

<!--قبول المشكلة: في هذه المرحلة، يتم تحديد قدرة الشركة على التصدي للمشكلة وتخصيص الموارد اللازمة لمعالجتها في الوقت المناسب.

<!--تحديد السياق: تحدد هذه المرحلة السياق الذي يحد من نطاق المخاطر التي يجب مراعاتها.

<!--تحديد المخاطر المحتملة: يتم تحديد المخاطر المرئية والضمنية التي قد تهدد المشروع.

<!--تحديد العواقب الضارة المحتملة: تحديد العواقب النوعية لكل خطر وكيفية تأثيرها.

<!--تحديد الأطراف المعنية: تحديد من قد يتأثرون بالعواقب المترتبة عن تفعيل الخطر.

<!--تقدير مستوى المخاطر: تحديد علاقة بين مقدار التعرض للخطر، وشدته، ومدة أو عدد مرات التعرض له.

<!--تحديد معايير القبول: تحديد معايير السلامة التي يجب أن تتوفر لتقدير ما إذا كان مستوى المخاطر مقبولًا أم لا.

تحديد المخاطر والأشخاص المعرضين للخطر هو أساس إدارة المخاطر، حيث يمكن من خلاله تقييم وتحليل المخاطر بشكل منهجي واتخاذ إجراءات للتعامل معها بفعالية.

يتوجه تقدير المخاطر نحو مسألة القبول والمناقشة الصريحة لمعايير السلامة. وبعبارة أخرى عند تقدير المخاطر يجب الوصول الى جواب على سؤال "هل أن مستوى الخطر المحدد مقبول؟" لذا يجب تعريف معايير السلامة من المخاطر ضمن تقييم منظم، وتحديد ما إذا كان مستوى معين من المخاطر هو مقبول أم لا.

يجب اختيار معايير القبول وفقا لنوع تحليل المخاطر الذي تم اعتماده، فعلى سبيل المثال، يمكن تعيين معايير متعلقة بالسيناريو لتقييم نتائج تحليل المخاطر استنادا إلى سيناريو، بينما التعبير عن المعايير من حيث الخطر للأفراد (مثل احتمال وفاة شخص معين في السنة بعد تعرضه لخطر) أو المخاطر المجتمعية (مثل الخط المرجعي في منحنى FN) يكون مطبقا ضمن تحليل المخاطر القائم على النظام. وهناك طرق مختلفة لتقدير المخاطر: يمكن أن تتم بالمقارنة النسبية، بمقاربة فعالية التكلفة، أو بتطبيق معايير المخاطر المطلقة. ولكن في الواقع، غالبا ما يتم الجمع بينهم في الممارسة العملية.

<!--تحديد درجة الخطورة:

هناك العديد من الطرق الإحصائية التي يمكن بواسطتها تقييم درجة الخطر لكن أبسطها وأكثرها فاعلية هو وصف درجة الخطر بأنها عالية جدا، عالية، متوسطة، منخفضة ومنخفضة جدا 

تأثير الخطر يمكن تحديده بالاعتماد على حجم الخطر، كما أن احتمال حدوث الخطر ويمكن تحديده بالاعتماد على تكرار فترة التعرض للخطر، كفاءة وأهلية الشخص المعرض للخطر ودرجة الإشراف والإرشاد الموجودة. ويصنف كل من التأثير والاحتمال بأنه عالي، متوسط أو منخفض وبالتالي تحدد درجات الخطر.

 

إن المخاطر التي تصنف ضمن درجة الخطورة العالية يجب أن تؤخذ الاحتياطات والتدابير الأزمة للحد من الخطر الناتج عنها بأسرع وقت ممكن، في حين يتم وضع جدول زمني للحد من المخاطر التي تصنف ضمن درجة الخطورة المتوسطة ومن ثم درجة الخطورة المنخفضة.

 

<!--اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة:

بعد «تحديد المخاطر» و «تحديد من قد يتعرض للأذى وكيف»، يجب حماية الأشخاص إما من خلال إزالة المخاطر بالكامل أو السيطرة عليها من خلال اللجوء إلى خيارات أقل خطورة بحيث تكون النتائج السلبية والأضرار غير محتملة، وإذا اعتبر أن مستوى الخطر المحدد غير مقبول، ينبغي اقتراح تدابير سلامة إضافية، ويمكن تحديد الفعالية (وكذلك فعالية التكلفة) للتدابير الإضافية باستخدام تحليل المخاطر لدراسة تأثير الترداد أو العواقب لمختلف السيناريوهات.

<!--توثيق النتائج الهامة التي تم التوصل إليها

بعد الانتهاء من عملية تقييم المخاطر، يجب الاحتفاظ بسجل واضح ودقيق عن أهم النتائج التي تم التوصل إليها، والهدف من ذلك هو تحسين مستوى السلامة على أن يتضمن هذا السجل ما يلي: (اسم المنشأة واسم المقيم- تاريخ التقييم وتاريخ مراجعة التقييم- المخاطر التي تم رصدها والأشخاص المعرضين لها- درجة الخطورة- الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من المخاطر- الشخص الذي قام بالإجراء التصحيحي- المدة التي تم خلالها اتخاذ الإجراء)

<!--المراجعة والتقييم:

إن عدداً قليلاً من أماكن العمل تبقى كما هي، ونتيجة لذلك يجب مراجعة تقييم المخاطر وتحديثه بشكل منتظم وعند الحاجة. وتصبح المراجعة أمر ضروري في الحالات التالية: ظهور معلومات تكشف عن مخاطر جديدة لم تكن معروفة من قبل.

<!--وقوع حوادث أو التبليغ عن إصابات.

<!--تعديل التشريعات المعمول بها أو إصدار تعليمات وقرارات جديدة.

يجب أن يتطور تقييم المخاطر للتصدي للتحديات القائمة والمستقبلية، والنظر في النظم والابتكارات الجديدة التي نشهدها حاليا والتي سوف تأتي في المستقبل، ونتيجة لذلك، يجب التأقلم مع التغيرات السريعة والابتكارات وتحليل التحديات التي يطرحها هؤلاء في مجال تقييم المخاطر.

<!--ضرورة تقييم المخاطر:

إن تقييم المخاطر هو حاجة ملحة على كافة الأصعدة:

  • الفردية:

قد تكون عملية تقييم المخاطر غير رسمية إلى حد ما على المستوى الاجتماعي الفردي وإدارة والمخاطر المنزلية، أو قد تكون عملية معقدة على المستوى الاستراتيجي، وفي كلتا الحالتين، إن القدرة على توقع الأحداث المستقبلية وخلق استراتيجيات فعالة لتخفيفها عندما تكون غير مقبولة يعتبر أمرا حيويا.

على المستوى الفردي، قد يكون كل ما هو ضروري القيام بعملية بسيطة لتحديد الأهداف والمخاطر، مع تحديد أهميتها والتخطيط لها، كما أن إطلاق الأحكام المسبقة وتقييم المخاطر الفردية قد تتأثر بالعوامل النفسية، الأيديولوجية، الدينية أو غير ذلك من العوامل الذاتية المتعلقة بكل شخص مما يؤثر على موضوعية العملية، وهناك قابلية من الأفراد ليكونوا أقل عقلانية فيما يتعلق بالمخاطر الممكن أن يتعرضوا لها، وهناك أيضا ميل إلى الاستخفاف بالمخاطر التي تنتج عن أعمال يمكنهم التحكم بها أو حيث يظن الفرد نفسه مسيطرا عليها، مثلا الاستهتار بمخاطر التدخين.

  • التنظيمية:

يمكن أيضا تقييم المخاطر على مقياس أكبر، أي على المستوى التنظيمي الاستراتيجي، على سبيل المثال تقييم مخاطر المصانع والمؤسسات، حيث من الضروري وضع سياسات أكثر تفصيلا، وتحديد المستويات المقبولة من المخاطر، الأولويات والإجراءات الواجب اتباعها داخل المنظمة، وتخصيص الموارد اللازمة لمعالجتها.

يمكن تعريف الأنظمة بأنها خطية أو غير خطية (معقدة)، حيث أن الأنظمة الخطية سهلة الفهم ويمكن التنبؤ بها من خلال المعطيات على عكس الأنظمة غير الخطية غير المتوقعة عندما تتغير المعطيات الخاصة بها، وفي هذه الحالة، إن تقييم مخاطر الأنظمة اللاخطية يكون أكثر تعقيدا وتحديا، وفي هندسة الأنظمة المعقدة، يتم إجراء تقييمات لهذه المخاطر المعقدة في كثير من الأحيان من خلال الاستعانة بهندسة الأمان وهندسة الاعتمادية عندما يتعلق الأمر بالمخاطر التي تهدد الحياة أو البيئة أو تشغيل ماكينات معينة. إن قطاعات الزراعة، الطاقة النووية، الطيران، البترول، السكك الحديدية والقطاع العسكري تتمتع بتاريخ طويل في التعامل مع تقييم المخاطر. كما أن القطاع الطبي، المستشفيات، قطاع الخدمة الاجتماعية. والصناعات الغذائية تخضع إلى عملية التحكم بالمخاطر وتقييمها بشكل مستمر. إن طرق وأساليب تقييم المخاطر قد تختلف من قطاع إلى آخر ومن صناعة إلى أخرى فمن الممكن أن ترتبط بالأوضاع المالية العامة أو بتقييم المخاطر البيئية أو الصحية العامة.

  • المجتمعية:

أما المقياس الأكبر لتقييم المخاطر فيكون على المستوى المنهجي، أي المؤسسات الحكومية والوزارات وما يوازيها. إن الإدارة المعنية بالمشروع تحدد تقييمات للمخاطر بمساعدة الخبرات المتوفرة كجزء من عملية التخطيط، وتنشئ أنظمة لضمان أن تكون الإجراءات المطلوبة لإدارة المخاطر في مكانها الصحيح.

المرحلة الثالثة: التخطيط والاستجابة:

بعد تنفيذ الإجراءات المخططة للتعامل مع المخاطر، يأتي دور التخطيط والاستجابة لضمان فاعلية تلك الإجراءات، وفي هذه المرحلة، يمكن تقييم أداء الإجراءات المتخذة ومراجعة النتائج الفعلية. وإذا تبين أن هناك تحسينات أو تعديلات تحتاج إلى القيام بها لتحسين فعالية التعامل مع المخاطر، يمكن تطبيقها هنا.

على سبيل المثال، إذا تبين أن إجراءات التعامل مع مخاطر معينة لم تكن كافية أو لم تحقق النتائج المتوقعة، يمكن تحديث هذه الإجراءات أو إجراء تحسينات لضمان أنها تلبي احتياجات المؤسسة بشكل أفضل، ويضمن هذا النهج استمرار تطوير استراتيجيات التعامل مع المخاطر بناءً على الدروس المستفادة من التجارب السابقة، وبناءً على النتائج الفعلية للإجراءات التي تم تنفيذها.

إن الهدف من هذه المرحلة هو تحسين وتعزيز قدرة المؤسسة على التعامل مع المخاطر بفعالية، وضمان أن الإجراءات المتخذة تتماشى مع التحديات الحالية وتحقق النتائج المرجوة.

المرحلة الرابعة: التنفيذ:

التنفيذ هو مرحلة تنفيذ خطط التعامل مع المخاطر السابقة والتي تهدف إلى التحكم في المخاطر والتصدي لها، فمن خلال هذه المرحلة، يتم تنفيذ الإجراءات المحددة للتعامل مع المخاطر المحتملة وفقًا للخطط المعدة. وتعتمد هذه المرحلة على المعلومات والتخطيط الذي تم في المراحل السابقة.

بمجرد بدء التنفيذ، يجب تتبع تقدم الأنشطة والإجراءات المتخذة. وإذا تبين أن هناك تحديات أو تغيرات غير متوقعة قد تؤثر على تنفيذ الخطط، يمكن تحديث أو تعديل هذه الخطط لضمان تكييفها مع الظروف الجديدة.

تلعب التغذية العكسية (Feedback) في هذه المرحلة دورًا مهمًا في تحقيق فعالية التنفيذ، فمن خلال متابعة الأداء والنتائج، يمكن تحديد ما إذا كانت الخطط تسير وفقًا للتوقعات أم لا. وإذا تم التعرف على أي انحرافات أو مشاكل، يمكن اتخاذ إجراءات تصحيحية لتصحيح الوضع وضمان استمرارية تنفيذ الخطط بشكل فعال.

يمكن للمؤسسة بهذه الطريقة ضبط أنشطتها والتكيف مع التحديات والتغيرات الظرفية، وبالتالي تحقيق أقصى استفادة من إدارة المخاطر.

المرحلة الخامسة: المتابعة والمراقبة:

المرحلة النهائية هي المتابعة والمراقبة، حيث يتم تقييم كيفية تنفيذ الخطط ومدى تحقيقها للنتائج المرجوة، فمن خلال هذه المرحلة، تُحدث تقارير المراقبة استنادًا إلى النتائج الفعلية وأي تطورات جديدة.

إذا كان هناك تباين بين ما توقعته الخطط وما تم تحقيقه بالفعل، يمكن اتخاذ تصحيحات لضمان التوافق مع الأهداف المحددة، وهذه التصحيحات يمكن أن تشمل تعديلات في الإجراءات المتخذة أو في الخطط ذاتها بناءً على الدروس المستفادة من الأداء الفعلي.

تمثيلًا، يمكن تصوير هذه المرحلة كدورة مستمرة. ويتم فيها تحليل الأداء الحالي، ومقارنته بالنتائج المتوقعة، وتحديد الفجوات إذا كانت موجودة. وبناءً على هذه التحليلات، يتم اتخاذ قرارات تصحيحية لضمان استمرارية تحقيق الأهداف وتحسين الأداء مع مرور الوقت.

تُظهر هذه المرحلة أهمية دورة مستمرة من التحسين في إدارة المخاطر، حيث يتم تطبيق الدروس المستفادة من الأداء الفعلي على العمليات المستقبلية لتحقيق أفضل نتائج.

الخطوة الأخيرة: التحسين المستمر:

هو جزء أساسي من عملية إدارة المخاطر، وهو عبارة عن تطبيق الدروس المستفادة وتحسين الأداء والاستراتيجيات باستمرار. ويتمثل التحسين المستمر في تحسين العمليات والإجراءات بناءً على الخبرات والمعرفة المكتسبة من تجارب سابقة، وتحديثها وتكييفها مع التغيرات في البيئة.

تمثيلًا لذلك، يمكن تصوير التحسين المستمر كدائرة مستمرة من الاستفادة والتعلم والتطوير. في البداية، يتم تنفيذ الخطط المعدة للتعامل مع المخاطر. وبعد ذلك، يتم تقييم الأداء ومراجعة النتائج الفعلية بناءً على المعلومات الجديدة والتجارب.

هذا النهج يضمن أن إدارة المخاطر تكون عملية متطورة ومستدامة، تتكيف مع التغيرات في البيئة وتستفيد من الدروس المستفادة من التجارب السابقة لتحقيق أقصى قيمة وفاعلية في التعامل مع المخاطر.

المصدر: د. احمد السيد كردي
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 29 إبريل 2024 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,877,790

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters