السوق الدولية أساسا سوقا تنافسية لأنها تتكون من عدد كبير من الأطراف المتعاملة (أفراد ودول) سواء المصدرة او المستوردة المتلقين لرؤوس الأموال والتكنولوجيا والخدمات. والتنافس يبدو بصورة واضحة من خلال تقلبات الاثمان وانخفاضها ورغبة كل اقتصاد في تحقيق الجودة والكفاءة ورفع الإنتاجية والتجديد. ويزداد التنافس كلما ازيلت العوائق من امام التجارة الدولية. واخيرا وبعد اتفاقية الجات أصبحت المنافسة والحرية هي أساس السوق الجديدة. ولكن هذه التعددية التنافسية يهددها في الوقت المعاصر سيطرة بعض المشروعات (المشروعات متعددة الجنسيات بصفة خاصة) على التكنولوجيا والمعرفة وسيطرة بعض البلاد على مصادر المواد الزراعية (الولايات المتحدة) او على المواد الاولية (البترول) وتكوين تكتلات دولية(الأوبك) مما أدى إلى ظهور نوعية من الاحتكارات بالنسبة لبعض المنتجات والمواد والخبرات. والواقع ان السوق اليوم بما تحتويه من تجديدات في خصائص السلع وتأثيرات تاريخية (تقاليد صناعية) وتأثيرات شخصية أصبحت تقترب من سوق المنافسة الاحتكارية ولذلك فالاستراتيجية هنا عدوانية والمنافسة عنيفة.
وتحاول كل دولة او مشروع او شركة ان يتمتع بمميزات خاصة تحقق له السيطرة والتفوق في السوق على منافسيه سواء من حيث التكنولوجيا او من حيث الاداء والفاعلية او الادارة المتقدمة او الجودة والاثمان والقدرات التسويقية او حتى السمعة وتنفيذ العقود بحسن نية او انخفاض التكاليف أو توفير الزمن في الانجاز أو تقديم التمويل والتسهيلات الائتمانية او غيرها من الامور بحسب ظروف كل بلد واحتياجاته واولوياته.
ويبقى ان نتكلم عن خاصية أخرى من خصائص "السوق الدولي" وهو جانب المخاطرة. والمخاطر تنعكس على تقلبات العرض والطلب والاثمان. وتعدد هذه المخاطر يعود إلى الأسباب الآتية:
<!--اتساع حجم السوق من حيث حجم الاعمال وقيمة الاعمال ونوعية المشروعات.
<!--التطور التكنولوجي الرهيب في المعدات والمنتجات.
<!--تقلبات الطلب والقوة الشرائية.
<!--تحركات الاستثمارات.
<!--تنافس الدول في تقديم الحوافز والضمانات.
<!--الظروف الطبيعية في بعض المناطق الجغرافية (مثل تغيرات اثمان القمح او القطن نتيجة التقلبات الطبيعية في الاقتصاد الأمريكي).
وعموما فان البعد الجغرافي واختلاف القدرات التكنولوجية وبصفة عامة تناقص المعلومات من أهم الأسباب لمثل هذه المخاطر والتقلبات. فالمعلوماتية هي جزء هام من اقتصاديات السوق الداخلي والدولي ولابد أيضا من توافر الضمانات المصرفية وضمانات شركات التأمين كعناصر رئيسية في نمو المعاملات الدولية.
ومن ناحية أخرى يمكن أن نلاحظ ايضا السمات التالية حول السوق الدولية
<!--سيطرة الدول المتقدمة على السوق الدولية سواء كان ذلك بضخامة انتاجها ام اتساع اسواقها وتميز منتجاتها بفعل التطور التكنولوجي، من ثم التحكم في القدرات الفنية للسوق الدولية، سواء من حيث تركز المشروعات أو تمتعها بابتكار منتجات جديدة.
<!--وجود نوع من المنافسة بين الدول النامية والدول المتقدمة على ترويج المواد الأولية والوقود وتسويقها، وهذه السلع هي التي تستطيع الدول النامية المشاركة بها في السوق الدولية، وتحاول الدول المتقدمة في ظل التطور العلمي والتكنولوجي على اقلال الاعتماد على هذه السلع وخلق بدائل محلها، وقد استطاعت الدول المتقدمة التحكم في اسعار السلع الأولية التي لا تنتجها وكذلك وضع ضوابط ومعايير فنية على تجارة الدول النامية، فالدخول الى السوق الدولية بالنسبة للدول النامية اصبح امرا في يد الدول المتقدمة.
<!--سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على السوق الدولية، حيث اصبح راس المال وهو عنصر انتاجي شديد الاهمية ينتقل بسهولة وفي لحظات الى مواقع عديدة ومن ثم استطاعت هذه الشركات ان تنتج وتسيطر على التجارة في غالبية دول العالم، ومن هنا اصبح لها الدور القيادي في الاقتصاد الدولي.
<!--ظهور نوع جديد من التجارة الدولية الحديثة وهي التجارة الالكترونية وذلك في ظل وجود شبكات المعلومات المنتشرة في جميع انحاء العالم، حيث اصبح تسويق المنتجات وعمليات البيع والشراء تتم عن طريق هذه الشبكات، فهذه التجارة عملت على توسيع الاسواق سواء أكان ذلك من حيث المكان او الزمان بالإضافة الى توفير كمية معلومات كبيرة عن السوق وهو ما يجعل عملية اتخاذ القرار التجاري او الاستثماري سريعا.
<!--تشابك الأسواق الدولية خاصة اسواق المال التي اصبحت في حالة ترابط شديد خاصة في ظل التطور الهائل لوسائل الاتصال والمواصلات، وهو ما ادى الى عدم انفصال العمليات داخل هذه الأسواق وزيادة ترابطها.
وفي الاخير يمكن أن نورد سمة مهمة وواضحة تتميز بها السوق الدولية وتتمثل في عدم التكافؤ بين اطراف السوق الدولية، بناءاً على العلاقات التبعية لاقتصاديات الدول، حيث اصبحت العلاقات التجارية الدولية علاقات غير متكافئة نتيجة سيطرة الاقتصادات الصناعية التي استطاعت أن تجعل شروط التبادل التجاري لصالحها، فقد تمكنت من فرض هيمنتها على السوق الدولية وفرض السياسات التي تخدم اقتصاداتها ومصالحها .
ومن خلال كل ما سبق يمكننا تقديم تعريف شامل للسوق الدولية من زاويتين، الأولى بالنسبة للمؤسسة المحلية فهي تنظر الى السوق الدولية على انها المكان الذي تعمل فيه هذه المؤسسة وتتنافس مع مؤسسات اجنبية مختلفة خارج الحدود الجغرافية لدولتها الام اما من وجهة الباحثين فيمكن اعتبارها الحيز الذي تترابط وتلتقي فيه المعاملات الاقتصادية المختلفة للمؤسسات المحلية والاجنبية، وتعتبر هذه الأسواق اساسا لبناء العلاقات الاقتصادية الدولية.