شريفة السيد وقصيدها
ترجمة ومقدمة نقدية بلاغية
النِّعَم من الله' ومن أجملها فتوحاتٌ على الشعراء الملهَمين ، مَن شعرُهم (بفتح الميم) نضْح حضارة أصيلة ووِجدان صادق ؛ وقليل ماهم . منهم بلا كبير خلاف المصرية شريفة السيد ، الدرعمية شاعرة المجاز العظيم ؛ ورحم الله ،ت. س. اليوت ، صاحب هذا المعيار النقدى التوصيفى الدقيق. (معيار نضْح إبداع المبدِع بروح حضارته الأ صيلة ووِجدانه الصادق.
أما عن طاقات البلاغة أو الإبداع عندها فمنها بديعا فقط):
بديعا فقط أعنى من فرع واحد من فروع البلاغة العربية التى بلغت أربعة فى إعادة تنظيم لها عندى:
الحقيقة والمجاز – البيان- المعانى- البديع<!--
الإدماج- الإيغال-الطبائعية-الوصف بالمعكوس:
<!--بديع (الادماج) وتعريفه "إيهام الجمع بين متنافيين" ، وهو فى الوقت نفسه "إيجاز بغير حذف"<!-- وكونه بغير حذف يسمه بالتركز والقوة ، وقد سبق لى التمثيل له (بالاندماج النووي) الموازي (للانشطار النووى) ووجه الشبه توسيع المعنى وتفجيره بالمعنى الأدبى. من ذلك قولها :
أنا يا حبيبى لست أجلس قاعدة , أنا صاعدة.
- يا حبيبى غزل بما يحويه أو ينم به من تحنن أو ضعف وربما تذلل .
- ثم انظر مافى "لست أجلس قاعدة" تلمس كبرياء وتشامخا وربما تكبرا أو تعاليا .
* أدمجت الصياغة التغزل فى التفاخر فجعلتك تدهش وربما تهتز
- ماذا وقد صدمتك الصياغة صدمة ثانية ببديع بلاغى ثان حين زادت على "لست أجلس قاعدة" جملة "أنا صاعدة" ، وهذا ما يسمى الإيغال ومثلوا له قديما بما فى قول الخنساء :
وإن صخرا لتأتم الهداة به * كأنه علم فى رأسه نار
حيث "فى رأسه نار" إيغال على "كأنه علَم" أى جبل ، والجبل واضح بحجمه وهيىئته بطبيعة الحال ؛ ولكن الرغبة فى زيادة التوضيح والدافع العاطفى فيها اقتضى الإيغال المذكور .
ثم إن هنا بديعا مفجرا آخر يتمثل فيما عرف لدى أبى نواس وعدوه طبائعية نسبوها إلى الهند كقولهم برودة النار وسخونة الثلج ، نفس المفهوم من قول شاعرتنا مثلا أجلس صاعدة فى نفس سياقنا . كذا عن أرسطو بأن تشبه بالمعكوس عن طريق الارتباط "بكلمة محذوفة" (مستبدلة تجوزا بغرض إحداث صدمة بمخالفة المعروف للسخرية أو الاستبعاد مثلا – صدمة بلاغية ) كما فى :
▪ كأس آريس ، يقصد درع آريس ، والكأس أصلا ذات صلة بديونيسيوس التى لم تذكر؛ وبالمثل يتجوز بتسمية الكأس درع ديونيسيوس ، والدرع أصلا ذات صلة بآريس وقد حذفت .
▪ فهذا كما لو نسبت ما للنواسى لعنترة وما لعنترة للنواسى فقلت كأس عنترة و سيف النواسى .
▪ ولعل مثله فى بعض الأفلام "سر علنى" . بدل : سر مكتوم ؛ و نشر معتم أو مستور بدل علنى أو مشهَّر<!--.
إذاً فأربعة بدائع فى محض جملتين خبريتين : أنا يا .. لست كذا – أنا كذا . و ماذا لو حدث هذا السحر أو مثله - حلالا ، أو معاذ الله ، حراما فى سياق تمثيلى أو استعارى أوغيرهما من جمل مجازية تخييلية <!--.
٢) بديعا (التبليغ) و(الاغراق) وما اليهما المذكورين تحت تسمية المبالغة السيئة السمعة للأسف الشديد.
٣) ناهينا عما بينته تحت مصطلح حسن التعليل من (فانتازيا) و(سريالية) رابع مذهل حسن التعليل (لما لا يثبت بما لا يثبت) <!--وكلها مما يقاربه فحسب من ضروب القياس الشعرى بحسب معلمنا الأول.
٤) التشخيص ، كما فى فرائديتها "أنا لا تشابهنى امرأة" حيث مثل التشخيص بها وفيها مصرنا (هانم) مصرية فوق الخيال والعقل على نحو ما بدا لى من إثراء وكرم مِعطاء من عربيتها للإنجليزية نفسها فى ترجمتى للنص الحداثى الفريد رغم ما يلمس فيه من عبق من اطلاع فى العربية ومن الأساطير وغير ذلك (حافظ ابراهيم (أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق) ومن شوقى (كبار الحوادث فى وادى النيل) ، ومن الميثولوجيا (أسطورتا عشتار وزرقاء اليمامة وغيرهما) ؛ وحيث المعانى المطروحة فى الطريق جديدة تماما بصياغتها وحداثيتها.
نَعَمْ ؛ فمِن نِعم الله ' ومن أجملِها فتوحاتٌ على الشعراء الملهَمين ، مَن شعرُ هم (بفتح الميم) نضْح حضارة أصيلة ووجدان صادق ؛ وقليل ماهم ؛ ومنهم بلا كبير خلاف المصرية شريفة السيد ، الدرعمية شاعرة المجاز العظيم ؛ ورحم الله ،ت. س. اليوت ، صاحب هذا المعيار النقدى التوصيفى الدقيق ((معيار تمثيل النص الأدبى للحضارة التى ينتمى لها المبدع)).
في هذا النص الذى تَشْدَهُ به فريدا :
العزم يعرفها ، حيث صياغتها وتناصها و متشربها من عظام عظام كحافظ ابراهيم وشوقى . حيث (مصر تتحدث عن نفسها بفخر وفخامة وجزالة عند حافظ ابراهيم وبملحمية عظيمة عند شوقى فى كبار الحوادث فى وادى النيل . أما شاعرتنا فقد شخصت مصرنا تشخيصا تراجيديا، سيدة متعاظمة متسامقة فى نصرها وانكسارها: لا تبرح وِجدان عاشقها
، ضوئية لا تنتهى لم تلدها أُمٌّ ولن تلدَ مثلها الا أمٌّ مخاضُها نفسُه حلمٌ عفىّ. أشواقها لا تنتهى ولا تعمل فيها الأحزان تصنع من انكساراتها سوسنات lilies) فى الترجمة)، قلقها لحافها، لا تعيش على الأحلام ، نارية ، المستحيلات عندها مستحيلة ، نارية الخطوات فى عليا سدرة مسفوكة بيدها مباينة لسدرة المنتهى فى القرأان الكريم . فريدة بين البنات (كما قالت شولوميت فى نشيد الأنشاد ؤلم يخلق مثلها فى القرون والبلاد كأنها من بنات
إرم ذات العماد. تناولُها للأمور ليس تنوقا أو رفاهية ؛ بل وجع ذكى أو غياب عبقري . تجمع الآهات حُليا مزهرة ومعانيات دون أن تفقد وحدتها التى يلفها الضباب الآكل .
ظامئة ، لا ترويها كل أنهار الحياة " نقية الثوب , لم تخدش , يعرفها حتى اليُتْم , تطَّلِع الآتى كأنها زرقاء اليمامة ’ تعرف للحزن فضله عليها وتدعو ليَدَىْ حزنها بالسلامة ، تكتتبه عبرات إلى أن تواتيها الفرصة فتطلق برقَها عفيا مفاجئات كأنها زيويس أو بروميثيوس فى الميثولوجيا اليونانية .
مع أنوثتها فإن أنوثتها لها شموخ وخيمتها المتهالكة كعروبتها تصمد للعواصف وربما تتزين لها ككليوباترا بالكحل وأحمر الخدود ليهب تاريخها ، بما أنها أو مصر معادل موضوعي للوطن والوطنية فيهبان صابرين من كهوف وسادتها مقاومةً ومعاناةً تتبعها معاناة .
هذه (الهانم) المصرية كليوباترا أو زرقاء اليمامة كما ألمحت . جلوسُها ليس قعودا بل صعود ؛ وماذا أيضا؟
عاشقة قهوتُها من لون صوت حبيبها الذى افتتحت قصيدَها فى المقطع الأول بأنه كعمرها بلا رجوع ، تُنشِده فى عتمة الليل نغمات وإن لم تكن عازفة موسيقى لكنها تتحرق بهذا الحب وتعانى طعناته الفاتكة حتى كانها كامل الشناوى أعطته فى قصة هذا الحب كل شىء : الدور البطولة والمسرح والزمان وكل الحكاية، لا شاغل لها غيره ومع ذلك لم تكن معاناتها فى حبه إلا عزةَ نفس على ما يبدو، تخاوضه على عسر معانيات كمخاوضات الولادة . أدحضت حججه دون أن تسلبها كلُّ هاتيك المعانيات مبادئَها التى تَبنى عليها حر قرارها ؛ واستقلاليتها أو حريتها ، مؤكدةً بلازمتها التى تختم بها كل فقرة أو دور :
لازمة "أنا لا تشابهنى امرإة".
صارخة على لسانى فى إنجليزية مطَوَّعة حبا English Arabic Oriented
I am she who none of women does resemble me
. (أمثلة تطبيقية كبيرة لى على هذه المصطلحات السحرية وغيرها للبلاغة العربية / انظرها فى كتابى إحياء البلاغة. (تطبيقى على يوسف وزليخة لنور الدين الجامى ىغيره)
ادعوا معى - بالمناسبة - أن يمتد كرم هيئة الكتاب بالانتهاء من نشر المجلد ذى الأربعة الأجزاء ((إحياء البلاغة)) للعبد الفقير. إحياء لعله إحياء لنا أيضا ، نحن أحوج ما نكون له ؛ ويعلم الله وأهل فى العلم.
<!--[if !supportFootnotes]-->
<!--[endif]-->
عبد الحكيم العبد/إحياء البلاغة العربية – كتاب فى أربعة أجزاء
<!-- كتابى:/ إحياء البلاغة ط1 ج3 ص 207
<!-- كتابى إحياء البلاغة ـ ج3، ص
<!-- - كثابنا إحياء البلاغة ، ج2 فصل4 الحقيقة ومنهج موحد لدرس المجاز
<!--[if !supportFootnotes]--><!--[endif]-->
عبد الحكيم العبد/إحياء البلاغة العربية – كتاب فى أربعة أجزاء
<!-- كتابى:/ إحياء البلاغة ط1 ج3 ص 207
<!-- كتابى إحياء البلاغة ـ ج3، ص
<!-- - كثابنا إحياء البلاغة ، ج2 فصل4 الحقيقة ومنهج موحد لدرس المجاز
ساحة النقاش