موقع الدكتور عبد الحكيم العبد على كنانة أون لاين

صفحات لنشر المؤلفات ومخاطبة القارئ والتعبير عن مكنون النفس

القسم الثـانى

 نظرية النظم

(مذهبا جماليا فى الدراسات النقدية العربية الحديثة)

I

مدلول ومصطلحات

 أ-عنيت بقولى جمال أنه كمال إبداع أو جمال نص يُستكنه ويُعلل للمتذوق بمفاتيح علمية فنية لغوية أى بلاغية هى من الوفرة والإحاطة بمكان فى علوم البلاغة العربية متكاملة من معان وبيان وبديع وإعجاز؛ حيث مفاتيح الشق الجمالى المتعلق بعبقرية اللغة العربية ؛ وما أصَّله الكتاب العجيب فيها وما يزال وسيظل: منوطٌ بهذه اللغة وأدبها؛ حيث هو فيهما معرفة مستوعبه ( ابستمولوجيا ) بلاغة بالمعنى التكاملى المستنير لمصطلح البلاغة كما وطأنا [1].

 

ب- ولنا الآن سيطرةٌ على مصطلحاتها الثرية ، وفقوه متعمقة لها [2] وتصنيفٌ لها على مستويات ثلاث: مستوى الدقائق الإبداعية ، التى ظلمت البلاغة وبالتالى الإعجاز بدعوى عدم خروج الدرس البلاغى منه ، ومستوى السمات العامة ، الذى نعيد به اكتشاف العناية بالنظرة الكلية فى العمل البليغ مهما يكن ، ثم مستوى القيمة ، كما فى عرضنا التحليلى الأيقونى التالى لآية سورة هود ، من متعدد محاولاتنا السابرة بمتقدم الوسائل وأصيلها فى نفس الوقت، وباعتبار ذلك تقنينا للنظم المتوخى فى كل نظم وكل طريقة:

 

 

" وقيلَ يا أرضُ ابلعِى ماءَكِ وياسماءُ أقلعِى وَغِيضَ الماءُ وقضى الأمر واستوت على الجودى وقيل بعدا للقوم الظالمين "

( ى 44 من سورة هود )

 

- عرَضَ ابنُ الأثير الحلبى (637هـ) بدائعَها البالغة أكثر من عشرين ، كما عرضها ابن أبى الإصبع (654هـ) ، وقدمتها طبقاً لأنساقى هكذا :

 

1)   على مستوى الدقائق الإبداعية:

مطابقة

بين " أرض : و " يا سماء "

مقابلة

بين " يا أرض ابلعي " و " يا سماء أقلعي "

المناسبة

بين " ابلعي "  و "  أقلعي " 

مجاز

في قوله " ويا سماء " ؛ والمراد : يا مطر

استعارة

ممن يعقل الطلب كالإنسان للسماء ؛ وهي في حكم الجماد .

صحة التقسيم

ثلاثة فصول متواليات يا أرض ابلعي .. ويا  سماء اقلعي وغيض الماء ؛ فإنه تعالى  استوعب أقسام الماء في حالة نقصه .

التسهيم

أول الآية  " يا أرض ابلعي " اقتضي آخرها  "ويا سماء أقلعي"

التعليل

فإن غيض الماء علة الاستواء . في حالة نقصه ، إذ ليس إلااحتباس ماء السماء ، واحتقان ماء الأرض وغيض الماء وحاصل

إرداف

قوله " استوت " كمل المعني .

الإيضاح

في " للقوم " يبين أن القوم الذين سبق ذكرهم في الآية  المتقدمة ؛ حيث قال : " وكلما  مر عليه نفر من قومه سخروا منه ".

 

الموضوع له .

الإشارة

في " وقضي الأمر " وفي : " وغيض الماء "

لتهذيب

لأن مفردات الألفاظ موصوفة بكمال الحسن وكل لفظة سهلة مخارج    الحروف ، عليها رونق الفصاحة وحسن البيان .

التمكين

لأن الفاصلة مستقرة في قرارها ، مطمئنة في مكانها .

 

 

2)   علي مستوي السمات العامة:

الوصف

لأنه تعالى قص القصة ووصفها بأحسن وصف بحيث استعمل نعوت  ألفاظها وصفات معانيها .

تمثيل 

في الوصف السائد في الآية كلها : حيث تركب من صور متحركة وتشبيهات متعددة .

حسن النسق

لأنه سبحانه وتعالى عطف قضايا بعضها على بعض .

المساواة

لأن لفظ الآية مساو لمعناها

الإيجاز

لأنه سبحانه قص القصة بلفظها القصير مستوعبا المعاني الجمة (  ولاحظ جمعه بين المساواة والإيجاز في العرض)

 

3)   على مستوي القيمة:

الاحتراس

عن أن ينصرف الدعاء إلي غيرهم ؛ وهو أيضاً الذم لهم خاصة  والدعاء عليهم بهذه الآية المعترضة .

النزاهة

في التلطف في ذم هؤلاء . ( والنزاهة ) ضرب من الهجاء العف في   أسلوب القرآن الكريم ونقف عليه أيضاً

 

 

مقومات البلاغة في آية سورة هود عند ابن الأثير الحلبي

( بيان أيقوني ثلاثي الأبعاد ، على ثلاثة مستويات )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


            [3]          

 

 

 

 

 

 

 

 

 

4)  جمعة العناية بقضية الجمال الأدبى:

- ولعل ما أورده هنا خلال بعض دراسات الدكتور أحمد عبد السيد الصاوى يمثل جمعة العناية بهذه القضية عنده وعند أساتذته وبعض زملائه . ومن الجميع الدكتور عز الدين اسماعيل وغيره ممن التقوا فى درس الدكتور الصاوى فى منظوره الجمالى لعبد القاهر الجرجانى :

 

5) نظرية النظم نظرية فى الجمال الأدبى:

عرَّفْت بنظرية النظم عند عبد القاهر الجرجانى ، كما رادفت فى الاصطلاح بين النظم وبين البيان والإبداع فى رؤية خاصة استخدم فيها كل منها "جمعة لعلوم البلاغة" . [4]

 

فعند الصاوى  نظرية النظم " لا تعدو أن تكون نظرية فى الجمال الأدبى وكما أوردنا عن المعرى وغيره مما نتجاوزه فى أبحاثى وأبحاث الصاوى وغيره.

 

تشمل هذه النظرية الجمالية العربية المتوسمة فى نظرية النظم الذائعة الصيت ما يأتى:

 

■ طبيعة مذهب الصنعة  أو النظم

■طبيعة الحكم الجمالى ومفاتيحه

■ محاور درس الجمال الأدبى

نماذج تنظيرية وتطبيقية فيما تناولناه

 

1 -  طبيعة مذهب الصنعة أو النظم أو المعنى بتعبيرات متوافقة عند عبد القاهر ؛ أو فلنقل الإبداع الأدبى ( الذى لا يمنعنا من أن نجله فى القرآن الكريم عن البشرية ) والتى أو الذى ينصب درسه فى الدرجة الأولى على الشكل الذى أصبح المحتوى جزءا منه لا يتميز عنه... وهى طبيعة لا تظهر إلا من خلال طريقة العرض ونظام العبارة ، مما يؤثر فى المتذوق ويجعله يعى وعيا ذا خصوصية  وتميز ما يؤدي به إليه ( الأدب .......) من قيمة ؛ حيث " إن عناصر هذه الصناعة هى العناصر الفنية التى يعتمد عليها جمال العمل .

سمى ذلك  طريقة التوصيل " أو " التقديم  ( وقال الفنى ) المؤثر " . " المتعة التى تكمن وراء تكامل الشكل " الخ .

 

2- طبيعة الحكم الجمالى ومفاتيحه:

أما " طبيعة الحكم الجمالى  عند عبد القاهر  ... فحكم مبرر معلل أو موضوعى لأن " له مفاتيحه الموضوعية " :

- تركيز كامل على العمل

- عودة إليه

- تأمله مرارا دون إقحام أو اندفاع

- انتقال من الجزئية إلى الكلية

- ومن الذوق الشخصى إلى الذوق القائم على الفهم والاتحاد بالنص فى عالم جمالى واحد .

وهو منظور رآه أيضا موافقا للبنائية الحديثة :

- كلية النظرة

- منطق عمل

- قواعد رمز

- تحليل استنتاجى

-  وإبراز الكيفية  (التى لم تمنع موضوعية نظر النقاد والبلاغيين العرب من التفرقة فيها   بين الشعر وبين الأخلاق والعقائد) . وعد ذلك نفسه معيارا عندهم ، وإن لم يكن الأمر بهذه البساطة البادية فى تعبير تفرقة وفصل الخ .

وليثبت الباحث ضمنا أن الجمال والصنعة والمعنى كلها تدور حول  محاور.

 

3 - محاور درس الجمال الأدبى:

- الذوق المثقف

- موضوعية الجمال

- التأمل

- العلاقات ، ويقصد بها : عناصر النظام النحوى فى نظرية النظم

- سمة الوحدة

- الخيال والاستجابة الجمالية  .[5]  

 

4- نماذج تنظيرية وتطبيقية فيما تناولناه بكتابنا هذا وغيره:

- فى صحبة مطولات جاهلية ..      

- وبمنهج جزئى ، وحتى بمنهج صرفى (فونولوجى) بنيوى إحصائى صدد الحروف الفواتح [6] وسورها .

 

 ▪التقعيد للنظرة الكلية فى القرآن الكريم (منطلق للتصحيح)...

▪ اصطناع الرسم الأيقونى فى سبر الجمال القرآنى فى آية سورة هود، وما أشرنا إليه صددها فيما مر .

▪ التصوير فى الإسلام : مشكلة - تنظيرات – توفيق (جمال به فيما يبدعه المسلم من فنون إنسانية خاصة) فى كتابنا القيمة فى المسرح والفنون .

* * * *

 

 


[1]  - فى التناول الجمالى الحديث للنقد والأدب العربيين على العموم بما فيهما درس البلاغة والإعجاز توافرت عدة دراسات منها :

- الأسس الجمالية فى النقد العربى للدكتور عز الدين اسماعيل

-  مفهوم الجمال فى النقد الأدبى : أصوله وتطوره للدكتور أحمد عبد السيد الصاوى . صدر سنة 1984م

- مفهوم الجمال عند عبد القاهر الجرجانى 1988م للصاوى أيضا .

-  فصلنا : الفلسفة البلاغية للجمال والفن عند أحمد حسن الزيات ، برسالتنا الأولى /   الجهود البلاغية عند أحمد حسن الزيات 1976م [1] .

- وفصلنا فى الجمال عند مصطفى صادق الرافعى برسالتنا الثانية : تطور النقد الأدبى فى مصر فى الربع الثانى من القرن العشرين ، 1985م ، وغير ذلك / فى توطئة لقسم " التصوير فى الإسلام " بكتابنا / القيمة فى المسرح والفنون : عروض توصيفية حية وتأريخية وتناول نقدى تذوقى قيمى فى المسرح والرسم والباليه والميثولوجيا ، مع مدخل أيديولوجى إسلامى وآليات لمشكلة التدنى ، ص 118 ، 119 ؛ مودعا تحت عنوان : دراسات وشجون فى المسرح والفنون ... 1999م .

[2]  -  احتمال المصطلح البلاغى للمدلول الجمالى  فى الدرس النقدى البلاغى العربى

أمثل لهذه الرؤية من أبحاثى ببعض الفقوه الاصطلاحية :

▪ من هذه الفقوه فقه لمصطلح " الوصف " : فقد ورد بمعناه الشامل متناولا " جميع المعانى 0والفنون) النظمية والنثرية – حتى القصص والأخبار "[2] ،. فرق ابن الأثير بين هذا الوصف بالمعنى النقدى العام وبين الوصف بالمعنى الحسى ، كما فرق بينه وبين التشبيه ؛ وأوضح مفهوم الوصف بالصفات الخاصة فى فنون المدح والرثاء والفخر ( نحو من مثل قول المبرد : " المدح لا عن تغير العقول " ، ومن قول محمد مندور عن الوصف بصفات الماهية عند هوميروس ؛ فما بالنا ونحن نعلم بوجود  مدلول خطير للوصف  كمصطلح بديعى – لابد أن نعده جماليا  بأقصى مدلولات الجمالية تنوعا ؛ لأنه يصلنا بمذاهب الشعرية المتدرجة من أولى درجات التجريد الحكيم عن الواقع إلى ما عددناه من قبيل اللامعقول أوالسريالية والفانتازيا  وذلك تحت مصطلح يمنطق مدلوله أو يسطح كثيرا هو مصطلح " حسن التعليل فى علم البديع ".

[3]  - كتابى / إحياء البلاغة العربية ، تناول تحليلى ترابطى ، إيداع 1999م ، مج 3 ، 49 ، والتفصيل التحليلى به ص 64 – 48

- وفى مطرد تناولنى الجدولى والأيقونى فى الدرس البلاغى ، راجعنا  بفهرسى الأشكال الإيضاحية :

- -ملاحق دراستنا / النقد البلاغى العربى . ص 260 – 268 .

دراستنا / إحياء البلاغة ، مج 2 ، إيداع 1999م ، ص 249 + فهرس إحياء . مج 3 ، ص 245

- جدول بيان وجه الإعجاز فى تصنيف الحروف الفواتح عند الباقلانى ، بالفصل الثالث  بهذه الدراسة .

- وفى مطرد تناولنا لمصطلحات البلاغة والنقد وما إليهما من إعجاز وعلم نص وتواز أو تقارن فى الدرسين العربى والغربى ، انظر :

- مج 2 برمته ، لقيامه على تقنيات علم البلاغة العربية فى البيان والمعانى والبديع

- معجم الاصطلاح النقدى البلاغى الموازى : عربى / غربى (نحو معجم أكمل للخطاب الأدبى العالمى Parallel Rhetorical Terminology  / كتابى إحياء البلاغة ، مج 3 ، إيداع 1999م ، ص 157 +

المصدر: * مكاملة من كتبى/ - مدخل إلى النقد الأدبى: مطمح- متطلبات-خطط لتاريخ النقد العربى القديم- النقد العربى الحديث- النقد الأدبى فى الغرب- نقاد عرب محدثون.، نوفمبر 1988م- نوفمبر 2008م - أبو العلاء المعرى وظرة جديدة إليه: تمحيص نقدى حضارى وفنى، المجلد الثانى، نشرتنا فى دار المطبوعات الجديدة 1992م، ص 114- 115 - الوسيط فى تطور النقد والتفكير الأدبى فى مصر فى الربع الثانى من القرن العشرين ، 2007م، رمضان 1428هـ ص 86، 87 – 35- 37 - حصاد الأندية فى الأدب المعاصر: مدخل ودراسات تحليلية نقدية فى القصة والرواية والمسرحية والشعر الشعبى، 1425هـ- 2005م - الفكر السياسى الغربى والقومية المحافظة فى الشرق، 2006م، ص 10 - علم الجمال فى القرآن الكريم ، مستقلا وملحقا بكتابنا/ فى محاولات تقديم القرآن الكريم وترجمته والرد عليها: عرض و تقييم وتقويم، ط الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007م ص 72- 114- 147
HAKIM

موقع dr,hakimعلى كنانة أون لاين

ساحة النقاش

ابحث

عدد زيارات الموقع

348,152

تسجيل الدخول

الدكتور عبد الحكيم عبد السلام العبد

HAKIM
◘ خريج قسم اللغة العربية واللغات الشرقية ، جامعة الإسكندرية 1964م. ◘ أستاذ مشارك متفرغ بمركز اللغات والترجمة، أكاديمية الفنون، الجيزة، مصر. ◘ خبير للغة العربية ، وخلال الإنجليزية. ◘ استشارى ثقافى. ◘ الخبرات: ▪ أستاذ وخبير أبحاث ومحاضر ومعلم فى مستويات التعليم : العالى والمتوسط والعام. ▪ مؤلف للعديد »