لا اثق بأحد ، لم يعد يمكنني الكلام ببساطة مع احد 
مررت بتجارب أجبرتني بعدها على الصمت 
انا افضل النقاشات العابرة والحديث عن مباريات الكرة واخبار الطقس اكثر من الدخول في كلام شخصي
كلها جمل وعبارات نقولها لنعبر بها عن محدودية الثقة مع المحيطين بنا ، انها تشير لتواصل ضعيف لكنه يشكل الجانب الاكبر من تعاملاتنا اليومية في مرحلة ما من حياتنا ، خاصة حين نفقد الثقة في المحيطين ، فالإنسان لا يتحدث عن مشاعره وافكاره الا مع من يثق فيهم بعد تجارب عديدة ، 
،،،
الانسان ينظر الى ذاته ويديرها للتعامل معها ومع مجتمعه عن طريق التواصل مع الذات ومع المجتمع ، نحن دائماً بحاجة الى مهارات نفسية ، اتصالية واعلامية ، اجتماعية ، ادارية ، لنقدم  النموذج الذي يرضينا في الحياة وسط المجتمع ،،
،،،
وضع اثنان من باحثي الاتصال جوزيف لوفت  وهاري أنجهام  نموذجا للاتصال ،( و النموذج  هو تمثيل مبسط للوضع الحقيقي  ،  بناء بسيط لوضع اكثر تعقيدا و تفصيلا لكنه يساعد في رؤية العناصر الاساسية و تحديد المشكلة و البحث عن حلول و التخلص من المصاعب التي تحول دون ايجاد حلول)
 هذان الباحثان  جوزيف لوفت  وهاري أنجهام  وضعا نموذجا للاتصال ،(على شكل نافذة اطلقا عليها (نافذة جوهاري ) بهدف تحسين التفاهم بين الناس ، بل قد يستخدمها الانسان لتحسين تواصله مع ذاته ، ويستخدم في مجالات التسويق والتواصل ، وتطوير الذات ، والإدارة ، وكثير من المجالات الاخرى  ( عام 1955م وضع  الباحثان جوزيف لوفت وهاري إنجهام في الولايات المتحدة   الامريكية نموذجا لتحقيق الفهم والادراك النفسي والذاتي ، ولمساعدة الانسان على  التواصل مع الآخرين، و بناء علاقات إيجابية معهم. أُطلق على هذا النموذج اسم جوهاري ( Johari) من المقطع الأوّل لاسم صاحبيه ( Joseph & Hary)
وكأنك من خلال هذه النافذة تنظر الى ذاتك لتقسمها  الى أربعة  مربعات  اخطرها ، مربع
- المنطقة  المعتمة ، منطقة الظلام ، العمياء ، وهي المعلومات و المعتقدات التي يراها الناس فيك ولا تراها انت في نفسك ، اخطر ما في هذه المنطقة ان يتعارض ما أراه عن نفسي مع ما يراه الناس عني ، قد اكون شخصا جيدا جدا ، لكن ما يراه الناس من خلال رسايل غير مباشرة غير ذلك ( هناك فرق في هذه الحالة بين بناء الشخصية ، وبناء السمعة ، ففي المنطقة العمياء حين لا يدري الشخص ما يراه الناس فيه فهو لا يسيطر على ادارة سمعته ) 
- المنطقة المخفية ، الخاصة ، منطقة القناع ، الأسرار ، هنا لا يثق الانسان بقدر كاف بمن حوله فيرتدي الاقنعة لعدم الإفصاح عن ما يدور في ذهنه من افكار واراء ومعتقدات ، هذه المنطقة انت تعلم جيدا ما لديك لكنك تقرر ان تخفيه ، حتى لو كان إظهاره سيأتي بنتائج جيدة ، وبعض المشكلات لا يمكن حلها الا بالنقاش والكلام ، وبعض الأمور لا يمكن تطويرها الا بالتعبير عنها ، لكن التجارب السيئة التي ادت لانعدام الثقة جعلتنا نقرر الانغلاق ، ونبقى في منطقة القناع ، هناك نظرية في الاعلام تدعم هذا الامر نظرية دوامة الصمت  حيث  يرى اصحابها أن قيام وسائل الإعلام بعرض رأي الأغلبية، يقلل من أفراد الرأي المعارض. فيغرق الانسان المخالف للاغلبية للصمت حتى يجد من يدعم رأيه ، ويثق بهم ،  ( طورتها باحثة ألمانية إليزابيث نيومان ١٩٧٤،  E Noelle - Neumann . ،   وتستخدم في معرفة كيف يتم تكوين الرأي العام التراكمي الكامن ومع ظهور الاعلام الاجتماعي يجد الناس مؤيديهم في مجموعات مما يفرض التعامل مع تنوع الاّراء ، فهي صِمَام أمان لمنع ومواجهة التطرّف وتطورات اخرى للنظرية ، مع وجود اقلية لا تخشى العزلة اقلية دافعة للتغيير وأغلبية تساعد الاستقرار ، ويمكن الاستفادة من وجودهما معا   ، ) 
- منطقة غير معروفة ، منطقة  المجهول ، هذه المنطقة لا يعرفها الشخص ولا من حوله ، هي امور تدفعه داخليا نحو اتجاهات وأفعال لكنه لا يدرك غالبا لماذا يفعل هذا ، انها امور عميقة رسخت في الوجدان وتؤثر على حياتنا دون ان نلمسها ، فيها قدر من المخاوف او الاندفاع نحو امر ما ،
- المنطقة  العامة ، المفتوحة ، المكشوفة ، الواضحة ،  هذه المنطقة نعرفها عن انفسنا ، ويعرفها الآخرون عنا ، بدءا من الأمور الشكلية والملامح ، وحتى المشاعر والأفكار التي نعبر عنها ، هذه المنطقة اذا شغلت مساحة كبيرة لدينا فإننا ننعم باتصالات ناجحة مع من حولنا ، وتجاربنا ادت لثقة متبادلة فيهم ، هذه المنطقة المنشودة قمة الراحة والطمأنينة الذاتية والاجتماعية ، في هذه المنطقة نعبر عن افكارنا ومشاعرنا وتبادلها مع الاخرين دون مخاوف او شكوك ،،
هذه المنطقة المفتوحة تتيح فرصا للتعبير عن الذات ، بعد التخلص من مخاوف عدم الإفصاح ، فحينما نخشى النقد او اللوم ، او إظهار نقاط ضعفنا ، او المصارحة نتردد في الإفصاح عن افكارنا او احداث وقعت لنا ، 
متى وكيف ومع من نتحدث ونثق 
لا يتحدث الانسان بحرية الا في العلاقات المتبادلة المفعمة بالثقة ، لذلك فبناء العلاقات القوية يسبق الكلام ، والتدرج في الكلام ضرورة لاختبار العلاقة ، 
ان اختيار البيئة التي يتحدث فيها الانسان عن ذاته ضرورة ، فاختيار المكان والزمان والحالة المزاجية للكلام واحتياج المتحدث امور مهمة جدا قبل التحدث ، حتى لا نتعرض لتجارب محبطة تؤدي بنا للانغلاق على الذات ، 
في علاقات الاصدقاء اسمح بالكلام المتبادل ، لا تكن متحدثا طوال الوقت ، فانت لست في عيادة طبيب نفسي انما انت مع صديق تتبادلان معا ادوار الحياة والثقة  ،
تستطيع حساب مقدار المغامرة حين تتحدث في شئونك الخاصة والبوح بقدر من اسرارك العائلية او الشخصية او العملية لكن بعض الأسرار من الافضل ان تبقى اسرارا دائماً ، وهذا اصعب لكنه قد يكون الخيار الانسب انت وحدك تستطيع ان تعرف ماذا ستجني من التحدث في موضوع شخصي 

المصدر: د نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 847 مشاهدة
نشرت فى 28 ديسمبر 2015 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

589,779