نظرات

موقع اجتماعي سياسي و تربوي ونفسي يهتم بالطفل وتربيته وقصصه

تأليف: محمد مسعد البرديسي

                

هناك في مكان ما من  الصحراء والرمل حرارته شديدة والشجر قصير قصير وبعض منه طويل لكن قليل وعند واحدة منها وقف جمل وحيد  ينظر بعينيه تارة هنا وتارةهناك ويحرك شفتيه الكبيرتين  ثم يخرج لسانه كأنه عطشــان

قال الجمل المسكين يحدث نفسه :

ــ انا حاسس اني  اني  ضعت   اين الطريق وكيف جئت الى هنا   ؟؟

و بعدما  سار  الجمل مسافات بعيدة  شعر كأنه تــاه   ! كيف يتوه  وهو ابن الصحراء  ويطلقون عليه سفينة الصحراء  عاد الجمل يقول:

ــ   فضيحة مؤكد أن  الناس سيسخرون مني  !

وحاول الجمل وهو معروف بالصبر الجميل أن يهدأ قليلا لعله يتذكر اين الطريق وكيف يصل الى المكان الذي  يحبه و يعرفه عاد وقال :

ـ انا كنت حزين زعلان  تركت القافلة وتركت صاحبي  وصممت ارجع الى المكان الذي ولدت فيه   

وأحس الجمل  انه في حيرة يريد ان يصل الى الجبل الذي يحبه  وهناك بحيرة جميلة صحيح صغيرة تحتــه  لكنها رائعة بديعة عندها النخل كثير كثير  والحشائش الخضراء في  كل ناحية  حولها   وعندالبحيــرة  ولدته أمه

وحاول أن يتذكر فقال:

ـ أنا فاكر المكان عند شجرة  والشجرة  عند جحر ثعلب  نعم جحر ثعلب

  وكانت هذه علامات  في الطــريق تدله الى الجبل والبحيرة الصغيرة

  ولما عاد يبحث عن الشجرة وجحر الثعلب  ظل يمشي وقد اشتدت حرارة الشمس عليه  وهبت رياح ساخنة كادت تؤذي عينيه وحيـن  رأى شجرة تشبـه الشجرة التي يعرفها  هتف فرحـا وظن أنه قد وصـل  لكنه  وجد بجانبها شجيرات  كثيرة و شجــرة صبار كبيرة  ولايوجد جحر ثعلب  صاح وقال :

ــ لا لا ليس هذا هو المكان  وليست هذه الشجرة  التي أعرفها يبدو أني فعــلا ضعت  !

وسمع الجمل من بعيـــد  صهيل حصان يجري ويجري حتى اقترب منه  وصاح الحصان :

ـ الحمد لله أني وجدتك  أنت سفينة الصحراء أنت ابن الصحراء أين الطريق إلى القرية؟

نظر اليه الجمل ولم يستطع أن يرد عليه، وظل الحصان يلف حوله كأنه يتوسل اليه وقال :

ـ لماذا أنت صامت .. هل لك أن تساعدني  أم تمتنع عن مساعدتي  ؟ 

تركه الجمل  ومشى قليلا وظل الحصان يرجوه ,حتى  توقف الجمل  حين سمع  الحصان كاد أن يبكي  حتىقال :

ـ لن تصدق  انا ضعت مثلك فلاأعلم أين الطريق  ولا أين الجبل الذي أريده ولا القرية التي تريدها

حزن الحصان وقد ترك هو الآخر صاحبه ومضى عنه  بعيدا و ضل الطريق ولما خاب ظنه في الجمل عاد يطلــق  صهيــلا قويــــا  وقال للجمل :

ـ وما العمل يا صاحبي ؟؟

قال : العمل  العمل   نصبر  حتى   نجد المخرج  والصبر من طبعي هل عندك صبر؟

ظل الحصان حزينا ثم توقف  وتذكر أنه لايعرف معنى الصبر ! وقال:

ـ  الصبر  الصبر أنا اسمع عنه لكن

قال الجمل :

ـ  كيف لا تعرف الصبر؟ كيف؟

الصبر حين يصيبك ضرر لا تبكي لا تصيح لا تعترض على ما قدره الله 

اجعل حزنك في نفسك فكر في حل وانتظر حتى يفرج الله عنك.  

 قال الحصان :

الحمد لله  الآن فهمت.

ومضى الجمل والحصان معًا في الصحراء  ينتقلا من ربوة إلى ربوة ومن صخرة إلى أخرى حتى أحســا بعطش شديد ولم يستطع الحصان أن يتحمل وعاد يطلق صهيله  وقال للجمل :

ــ حتى الماء لاتعرف طريقــه كيف يا ابن الصحراء

 ردالجمل :  ماذا قلنا  قبل أن نسير ماذا قلنا ؟

قال الحصان : الصبر  نعم الصبر والماء لابد أن يكون قرب نخل كثير  او في وسط وادي

ولما مشيا مسافة بعيدة   وجدا أمامهما حمــار كان مجهدا من التعب  , وحين رآهما اقترب اليهما  مسرعا وظل يطلق نهيقا  مزعجا  ثم قال :

ـ ايها الجمل العظيم: أنا .. أنا!

وقبل أن يكمل العبارة   قال الجمل :

ـ  أنا ضعت مثلك والحصــان  أيضا

وعاد الحمار يطلق نهيقــًا مزعجـًا حتى غضب الحصان وحاول أن يضربه وقال في ثورة غضب

ـ نحن لانتحمل صوتك هيا بنا نحن ايها الجمل  لانريد حمارا معنا

ولم يوافق الجمل على كلام الحصان ونصحه  مرة أخرى بالصبر ثم قال :

ـ  الحمار مسكين  أيضا   مسكين مثلنا  والحمدلله ربما حين نساعده   يساعدنا الله , ومضى الجمل والحصان ومعهما الحمار في الطريق  

وتهب عاصفة من الرياح الساخنة  ويزداد العطش على الجميع يبكي الحمار ولايقوى حتى على النهيق ويبكي الحصان ولايقوى هو الآخر حتى على الصهيل ويجلس الجمل جلسته المعروفة جانب صخرة كبيرة يحرك شفتيه ولايصدر صوتــا وقد تعود الصبر زمنا طويــلا

ويجري الحمار نحو شجرة يأكل منها لعل فيها بعض الماء  واذا بها شجرة صبار ذات الاشواك الكثيرة  واصابت الحمار في فمه  و عاد يصرخ من الألم

ويجري الحصان نحو حجر صغير من الصخر الأبيض ويهتف من الفرحة :  سكر وجدت السكر

وعاد يطلق صهيله ثم جرى الى  الجمل  وقال : السكر  وجدته ونظر اليه الجمل وقال  :

ـ انه صخر ابيض ينتشر كثيرا هنا

ولما غابت الشمس وراء الجبال البعيدة ودخل الليل وانتثرت نجوم في السماء عديدة  جلسوا جميعا تحت شجرة وعندها  قال الحصان في أسى شديد :

ـ  ألم تعرف طريقا بعد أيها الجمل

ولم يرد الجمل ولم يجيب  عاد الحصان يقول:

ـ لاتقول أننا اقتربنا من الموت عطشــًا .. لا تقول أرجوك  

ضحك الجمل ثم قال : أنت تنس .. تنس

نهق الحمار في صوت خفيض كأنه حزين وقال :  الصبر  الصبر

قال الجمل : فهمها الحمـار أيها الحصان! وهو يكاد يموت عطشا مثلك 

قال الحصان : أنت قلت الماء عند وادي  أين الوادي .. أين؟

قال : لما نرى جبل عالي نصعده  وبعده لابد أن يكون هناك وادي

صاح الحمار : أنا أتيت من بعد جبل عالي  نعم رأيته

قال الحصان : صحيح

قال الجمل : اتركه إنه لايعرف أنا صاحب الصحراء.

قال الحمار : لأني حمار اليس كذلك

ولم يلتفت الجمل أو الحصان لما قاله الحمار

ولما أحسوا اليأس والشدة قام الحمارمرة أخرى وصاح :

ـ أنا عندي الحــل  أنا وجدت الحل

وانزعج الجمل ومن بعده الحصان مما يفعله الحمار ولم يستمعا إليه

قال الحمار : صدقوني عندي الحل

ونظر الحصان إلى الحمار وكأنه غاضب وقال :

ـ لا أحب نهيقـك ولا أحب أن أسمع صوتك

قال الجمل : لنستمع ماذا عندك أيها الحمار  

قال الحصان :أنا لا أصدق أن الحمار عنده الحـــل 

قال الحمار : أعلم أن الجميع يظنون أني لاأفهم ولا أعرف شيئا  أنا أسبح لله مثلك ومثل كل شيئ  في الدنيا

 دهش الجمل من الكلام وحملق الحصان بعينيه  ولم يتكلم

قال الجمل :   ها أكمل

 

                        

قال الحمار :

  لماذا لانعترف بذنوبنا حتــى يرحمنا الله 

 أنا أذنبت  في حق صاحبي فلم أرضى بالاحمال وهربت منه لما وجدت الفرصة  وأردت أن أعيش وحيدا أكل كما أريد وأشرب كما أريد  حتى صرت في صحراء قاحلة بعيدة  لاماء ولا حشائش ولاأصحــاب

 وصاح يقول انا مذنب  يارب   يارب أنزل الماء  حتى نعيش

 وتأثر الحصان لكلام الحمار وقال :

  وانا ايضا أذنبت في حق صاحبي  فلم أرضى بالطعام الذي كان يقدمه لي واردت أن أعيش حــرا طليقا مثل الحمار  أنا الحصان صرت مثل الحمار  يارب   يارب    أنزل المــاء حتى نعيش 

وبعدهما  صاح الجمل وقال  :

الحمار عنده حق  وأنا أيضا أذنبــت   وأنا كنت مغرورا  قلت  أني سفينة الصحراء 

 واعرف  كل مكان فيها وتركت صاحبي  وكان في اشد الحاجة   واردت أن أعيش وحدي  عند البحيرة  واعيش كما أريد

 يارب اغفر لي ذنبي    يارب أنزل  علينا الماء    الماء    حتــى نعيــش وصاح الجميع في وقت واحد يدعون الله   في كلمة واحدة اغفر ذنوبنا وأنزل  الماء  حنى نعيش , حتى نعيش

  ونهق الحمار وصهل الحصان وأطلق الجمل صوته عاليا وأخذوا يلهثون بالدعاء

وتغير لون السماء وغابت الشمس وسط سحاب كثيف  عظيم  أتى من الشمال  ومن الجنوب  وسمع صوت الرعــد  وتساقط الماء هنا وهناك , شرب الجميع وامتلأ المكان بماء غزير وأنبتت الارض نبات كثير وبدى  أن الجمل والحصان والحمار  كانوا يمشون في بطن وادي عظيم  ولايدرون  ,

وبعد ما  هدأ المطر ظهرت من بعيد  قافلة من الجمال  كان على رأسها  صاحب الجمل الضائع الذي أسرع نحو جمله وقد كان يبحث عنه  وأدرك  حينها الجمل والحصان والحمار النجاة بعد يأس دام أيام.

               

  • Currently 334/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
113 تصويتات / 5103 مشاهدة
نشرت فى 11 إبريل 2009 بواسطة nazrat

ساحة النقاش

محمدمسعدالبرديسي

nazrat
( نظرات ) موقع إجتماعي يشغله هم المجتمع سياسيا وتربويا بداية من الاسرة الى الارحام من جد وعم وخال الى آخره , الاهتمام السياسي أساسه الدين النصيحة و يهتم بالثقافةبألوانها ويعد الجانب النفسي والاهتمام به محور هام في الموقع كذلك الاهتمام بالطفل ثقافة وصحة »

ماذا تود البحث عنه ؟

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

642,358

مصر بخير

                         
* الشكر واجب للسيد العقيد هشام سمير  بجوازات التحرير , متميز في معاملة الجمهور على أي شاكلة ..

* تحية للمهندس المصري محمد محمد عبدالنبي بشركة المياه