أولاً : تعريف الدستور :
الدستور هو القانون الأساسى أو مجموعة القواعد القانونية الأساسية التى يتم بمقتضاها تنظيم الدولة وممارسة الحكم فيها، والتى توضح سلطات الحكومة، فضلا عن حقوق وواجبات المواطنين ويتخذ الدستور فى تنظيم البلدان شكل وثيقة مكتوبة ومحددة ، كما أنه يتألف من مجموعة من الأعراف والتقاليد المصحوبة بسلسلة من التشريعات كما يحدث فى بريطانيا.
ويشير د. مصطفى أبوزيد فهمى فى كتابه النظرية العامة للدولة الى ان هناك معيارين لتعريف الدستور، المعيار الشكلى وهو يعتمد بصفة أساسية على الشكل الخارجى للدستور أو الجهة التى أصدرته والمعيار الموضوعى الذى يعتمد على مضمون القاعدة أو موضوعها ، ومن ثم فإذا نظرنا إلى الدستور فى ظل المعيار الشكلى فهو مجموعة من القواعد القانونية التى لا يمكن ان توضع أو تعدل إلا بعد إتباع إجراءات خاصة تختلف عن إجراءات وضع وتعديل القانون العادى.
أما الدستور فى ظل المعيار الموضوعى فيقصد به مجموعة القواعد القانونية التى تنظم مزاولة السلطة السياسية فى الدولة فتنظم شكل الدولة الخارجى والسلطات المختلفة فيها ووظيفة كل منها والعلاقات فيما بينهما، كما أنها تبين ما يفترض ان تقوم به الحكومة وما لا ينبغى ان تقوم به من ناحية أخرى.
فالدستور إذاً هو مجموعة من القواعد القانونية الأساسية التى توضح مايلى:-
1- الأسس التى يقوم عليها نظام الحكم فى الدولة .
2- من الذى يحكم ؟ وكيف يحكم ؟
3- مسئوليات الحكم ونطاق هذه المسئوليات وسلطاته وحدودها .
4- واجبات وحقوق المحكوم وكيفية أدائه لواجباته وضمانات حصوله على حقوقه.
وفيما يلى كلمة موجزة عن كل عنصر من هذه العناصر .
1 - الأسس التى يقوم عليها نظام الحكم فى الدولة :
يقصد بالأسس التى يقوم عليها نظام الحكم فى الدولة المبادئ الأساسية التى يتعين على نظام الحكم ان يلتزم ويهتدى بها فى ممارسة نشاطه السياسى فى المجتمع كالعدالة والحرية والمساواة. وتختلف النظم من حيث درجة إلتزامها بهذه المبادئ، فثمة نظم تعلى من الحرية كمبدأ أساسى حاكم لنشاطها، ونظم أخرى تعطى الأولوية للعدالة، وثالثة تعطى الأولوية للمساواة ، ونظم رابعة تحاول ان تقيم توازنا بين هذه المبادئ. ولا يعنى إعطاء أولوية لمبدأ من هذه المبادئ إلغاء المبادئ الأخرى، وإنما يعنى ان المبادئ الأخرى تخضع فى التطبيق لمعيار أعلى، فالنظم التى تأخذ بأولوية مبدأ الحرية يتم تطبيق العدالة والمساواة بما لا يتعارض مع الحرية التى تمثل المبدأ الأساسى لمثل هذه النظم وهى تستند فى ذلك الى الدستور الذى يعلى فى هذه الحالة من قيمة مبدأ الحرية .
2 - من الذى يحكم ؟ وكيف يحكم ؟
هذا هو السؤال المحورى للعملية السياسية فى أى مجتمع من المجتمعات ، وهو السؤال الذى يجيب عليه الدستور ، إذ يحدد الشروط الأساسية التى يجب ان تتوافر فيمن يتولى مهمة الحكم والأسلوب الذى يجب إتباعه لتعيينه لتولى هذه المهمة .
فإن كان الذى يحكم هو الملك، فالدستور يحدد الشروط التى يجب ان تتوافر فى شخص ما حتى يكون ملكا وهو يتضمن فى هذه الحالة نظاما لولاية العهد أو الخلافة، وإذا كان الذى يحكم هو الرئيس، يحدد الدستور الشروط التى يجب ان تتوافر فى شخص ما لكى يتولى هذا المنصب وأسلوب ترشيحه وانتخابه .
ولا يقتصر الأمر على تحديد من الذى يحكم وأسلوب تعيينه، وإنما يمتد الى إيضاح وتحديد كيفية ممارسته لمهمة الحكم ، ولما كانت عملية الحكم فى الواقع المعاصر تتم من خلال عدة مؤسسات هى السلطة التنفيذية أى الحكومة، والسلطة التشريعية (البرلمان) ، والسلطة القضائية فإن الدستور يشتمل على مايلى فى هذا الصدد :
- تحديد أسلوب تشكيل كل مؤسسة من هذه المؤسسات وتحديد وظائف كل منها وأسس قيام كل منها بهذه الوظائف .
- تحديد العلاقة فيما بينهما بمعنى علاقة الحكومة بالبرلمان والبرلمان بالحكومة وعلاقة كل منهما بالسلطة القضائية، وذلك بما يكفل الضمانات لانتظام سير العمل.
- تحديد علاقة كل من هذه المؤسسات بالمواطنين .
3 - مسئوليات الحاكم ونطاق هذه المسئوليات وسلطاته وحدودها :
يحدد الدستور مسئوليات الهيئة الحاكمة بمعنى المهام الأساسية التى يتعين عليها القيام بها كالحفاظ على سلامة الوطن والمواطن ، عقد المعاهدات ، إعلان الحرب وغيرها موضحا القواعد التى يجب على الهيئة الحاكمة إتباعها للقيام بهذه المسئوليات، ويحدد كذلك السلطات التى يجب كفالتها لقيام هذه الهيئة بمسئولياتها ، إلا أنه يوضح فى ذات الوقت حدود هذه السلطات، بمعنى ما لا يجب ان تتعداه أو تتخطاه عند قيامها بوظائفها .
4 - واجبات المحكوم وكيفية أدائه لهذه الواجبات وحقوقه وضمانات حصوله عليها:
يشتمل الدستور على الواجبات التى يتعين على المحكوم القيام بها وكيفية قيامه بأداء هذه الواجبات كالتصويت فى الانتخابات ، أداء الضرائب ، التجنيد الإجبارى، وغيرها ، وفى ذات الوقت يتضمن حريات وحقوق المحكوم والضمانات اللازمة لممارسة هذه الحقوق والحريات كالحق فى الحياة والأمن والتملك، وحرية التعبير وإبداء الرأى وغيرها.
هذه هى العناصر الأساسية التى يشتمل عليها الدستور،
ساحة النقاش