<!--
<!--<!--
يقولون أن خلف الضوء يركض الظلام ،أو ربما خلف الظلام يتوهج النور كما أن للحياة ألف معنى فلا يحق لك العيش دون احتواءها فتترنَح أنت بين مدقاتها وأذناب الحياة أسفل خفيك تلهبك الأحاسيس وجعا ورغم كل هذا تصر على المسير ........
ما أحمقك وأنت بين الأزقة الضيقة تعدو آملا أن يحتويك المدى بين جناحيه تتقافز بين المتاهات ، وتسرد الأماني وتنشد الرغبات ها قد صرت وحيدا كما كنت وحيدا ....... قالوا لك أوقف الترحال فأصببت أذنيك مصرا على العدو بين الأزقة تحاكي نفسك وتناغيها كالطفل الذي يستحلب أصابعه.. فصار حديثك باهت لا تسمعه إلا أنت ولا تتحدث به إلا لنفسك....... تنظر خلفك وتتثاقل الخطى ...... يا لك من مجنون تهزي من وطأة المسير ومن أدراك أن الذي خلفك هي المسافات وليس سراب لا تحتويه إلا مقلتيك وأن من حولك ليس سكونا بل ضجيج لكائنات حالمة مثلك ولكن دفنت أحلامها في مقابر صدورها.. فصارت مثلك لا ترى ولا تسمع إلا صدى صوتها ، من أخبرك أن أبواب الأماني أوصدت إلا من هذه السراديب التي تعدو فيها .غريب عقلك الذي تعفن من عربدة الأفكار.. تفصِل الأحلام للناس وأنت بلا حلم ، تقطع المسافات لتقطف زهور أحببتها ،لو أن ورودك التي تعدو خلفها وتقصف المسافات سعيا إليها ألفت أديمك أو استساغت مائك ما نبتت في أديم غيرك ،فكان أحق أن ترضى بزهورك ها قد عدت تضرب الأرض بأقدامك الحافية فتتمايل غصونك.. ويزداد وجعك للأرض بفأسك الغائرة في أحشاءها وأنت مشدود الثياب محطب العروق ،تنهمر من جبهتك أمطار عرقك لتصل إلى رحم الأرض الدافئة فتتسلل بين مسانات تربتك لتصنع طينا لا يصلح إلا للعويل والنواح.......... تصيح ويتسرب صدى صوتك في الفضاء .. فتهدأ من روع المحدقين من حولك ،،،،،،، وتصيح ..أمهلوني ساعة بل ساعتين بل يوم بل سنة أمهلوني الدهر كله ،ليتكم تنتظرون .......وتكمل صياحك وأنت تحاكيهم إما الأرض خبيثة أو النبت غير صالح ، تراهن الأقدار على صدقك ،،،،، وتهوي بين ضلوع اليابس ولما تيأس تنظر إلى الوراء فترى السراديب الضيقة والدروب الوعرة ولكن اختنق فيها الضوء . توحي لمن حولك انك عائد للعدو مرة أخرى لتقطف كل زهور المدائن حنقا على زهرتك التي لم تنبت لعل فيها من تحتويه أحضان تربتك ولكن هل يمهلك العمر ،فتفرغ يديك من أحمالها تمنى نفسك بين همهمات المدى توجع المحيطين بك،،،،، يغتسل وجهك بوهج دموعك الساخنة ،فتتراقص حبات دموعك على خدك الجاف ثم تهوي بين أحشاء تربتك وإذا بك تلمح زهرة صغيرة تخرج من جوف أرضك الخبيثة فتنكفئ عليها بجبهتك ووجنتيك لعلها تعينك على نسيان أوجاعك ، فتغلق كل سراديبك الضيقة وتنطلق إلى المدى الذي كان يحوي كل الأحاسيس إلا أحاسيسك.