تعد مفاهيم الجودة الشاملة Total Quality وحفظ النوعية Assurance Quality أحد أهم المعايير المعاصرة في ميدان الإدارة والتي من دونها من الصعب على أي مؤسسة أو شركة بغض النظر عن حجمها أن تستطيع المحافظة على توازنها وتميزها وقدرتها على التنافس في عالم الأعمال المعاصر الذي أصبح زاخراً بخضمٍ واسع من متطلبات ومعايير الجودة التي يتم تقييم مكانة الشركة والمؤسسة بين أقرانها محلياًً أو عالمياً بناءً عليها ، ولذلك أصبح تخصص إدارة الجودة الشاملة أحد أهم التخصصات الفرعية في ميدان إدارة الأعمال والذي يقبل عليه العديد من طلاب الدراسات العليا في العالم.

 

مفهوم الجودة الشاملة  :

 

( هي عملية إدارية ترتكز على مجموعة من القيم تستمد طاقة حركتها من المعلومات التي نتمكن في إطارها من تنظيف مواهب العاملين في النشأة التربوية ، واستثمار قدراتهم الفكرية مختلف مستويات التنظيم على نحو إبداعي لتحقيق التحسن المستمر ) .

 

    المدارس والمؤسسات التعليمية اليوم ترتكز أكثر على الدرجات من تركيزها على تطوير المهارات المطلوبة .

 

بعض مبررات تطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة ومنها :

 

1 ـ ارتباط الجودة  بالإنتاجية .

2 ـ اتصاف نظام الجودة بالشمولية في كافة المجالات .

3ـ عالمية نظام الجودة ، وهي سمة من سمات العصر الحديث .

4ـ عدم جدوى بعض الأنظمة والأساليب الإدارية السائدة في تحقيق الجودة المطلوبة .

5 ـ نجاح تطبيق نظام الجودة الشاملة في العديد من المؤسسات التعليمية .

 

       الجودة الشاملة تحتاج في تطبيقها إلى القيادة الواعية والسياسات والاستراتجيات التي ينبغي أتباعها لتطبيق نظام الجودة الشاملة في كافة المؤسسات ولاسيما التربوية ، وأن هذه الإستراتيجيات يجب أن تدعم بخطط وأهداف وطرق عمل .

 

      مهام مديري المدارس في تطوير وإطلاق المعارف والقدرات الكاملة للعاملين على المستوى الفردي والجماعي ، معتمدين على المستوى العام للمدرسة والخطط والأنشطة لتوفير الدعم لسياستها وكفاءة الأداء وآليات العمل .

 

      كيفية قيام المدرسة بالتخطيط وإدارة الشركاء الخارجيين ، والمصادر الداخلية في سبيل دعم السياسات والإستراتيجيات وفاعلية الأداء والعمل ، ثم كيف تقوم المدرسة بتصميم وإدارة وتطوير عملياتها في سبيل دعم السياسات والإجراءات ، ومن ثم إرضاء المستفيدين ، وزيادة المكاسب لهم والمساهمين في العملية التعليمية .

 

      ما تحققه المدرسة من نتائج متعلقة بالمستفيدين من الطلبة وأولياء الأمور ، وما الذي تحققه المدرسة من نتائج متعلقة بأفرادها أو العاملين فيها كالمديرين والمشرفين والمعلمين وغيرهم ، وأجاب على تسائله بأن النتائج ستكون إيجابية ، ومحققة للأهداف المرسومة وفق نظام الجودة الشاملة .

 

بعض المبادئ التي تقوم عليها الجودة الشاملة ومنها :

 

1 ـ التركيز على التعرف على احتياجات وتوقعات المستفيدين والسعي لتحقيقها .

2ـ التأكيد على أن التحسن والتطوير عملية مستمرة .

3 ـ التركيز على الوقاية بدلا من البحث عن العلاج .

4 ـ التركيز على العمل الجماعي .

5 ـ اتخاذ القرار بناء على الحقائق .

6 ـ تمكين المعلمين من الأداء الجيد .

 

 

أهداف إدارة الجودة الشاملة ومنها :

 

1 ـ حدوث تغيير في جودة الأداء .

2 ـ تطوير أساليب العمل .

3 ـ الرفع من مهارات العاملين وقدراتهم .

4 ـ تحسين بيئة العمل .

5 ـ الحرص على بناء وتعزيز العلاقات الإنسانية .

6 ـ تقوية الولاء للعمل والمؤسسة والمنشأة .

7 ـ تقليل إجراءات العمل الروتينية  واختصارها من حيث الوقت والتكلفة .

 

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو :

 

ما هي متطلبات تطبيق نظام الجودة الشاملة ؟.

 

1 ـ تهيئة مناخ العمل والثقافة التنظيمية للمؤسسة التعليمية .

2 ـ قياس الأداء للجودة .

3 ـ إدارة فاعلة للموارد البشرية بالجهاز التعليمي .

4 ـ تعليم وتدريب مستمرين لكافة الأفراد .

5 ـ تبني أنماط قيادية مناسبة لنظام إدارة الجودة الشاملة .

6 ـ مشاركة جميع العاملين في الجهود المبذولة لتحسين مستوى الأداء .

7 ـ تأسيس نظام معلومات دقيق لإدارة الجودة الشاملة .

 

ولكن هل يمكن توظيف الجودة الشاملة في المؤسسات التربوية بشكل عام ومؤسستنا التربوية بشكل خاص ؟

 

     نظام الجودة الشاملة نظام عالمي يمكن تطبيقه في كافة المؤسسات التربوية وغير التربوية ، غير أنه يحتاج إلى دقة في التنفيذ ، وتهيئة المناخ المناسب لتفعيله ناهيك عن النفقات الكبيرة التي تحتاجها المؤسسة أثناء عملية التطبيق وخاصة فيما يتعلق بتوفير البيئة المدرسية المتميزة من مبان ومرافق وتدريب للكوادر البشرية والتجهيزات المدرسية والمعامل والمختبرات ومعامل اللغات والحاسوب وكل ما يتعلق بالعملية التربوية التعليمية ، وكل ذلك ينبغي توفيره حتى تحصل المؤسسة على مواصفات الجودة الشاملة ، ولا يعني ذلك أن نتخلى بالكلية عن البحث عن مصادر أخرى يمكن أن توصلنا إلى  تحقيق بعض جوانب الجودة الشاملة ، ومن هذه المصادر التدريب لكافة العاملين في المؤسسة ، وتهيئة مناخ العمل ومشاركة الجميع في تفعيل دور المؤسسة والارتقاء به .

 

     ويذكر بعض خبراء التعليم أن أصحاب الجودة الشاملة أنفسهم قد تخلوا عنها ، بعد أن أصبحوا على قناعة بأنها مثالية أكثر مما تشكل نظاما فاعلا يمكن تطبيقه ، ويحقق الأهداف المنشودة وخاصة في المؤسسات التربوية .

 

من أهم متطلبات المنافسة في القرن الحادي والعشرين هي تحقيق مستويات عالية من الجودة . وتتحقق هذه المستويات العالية للجودة من خلال اهتمام خاص من علم الإدارة بهذا الموضوع يطلق عليه "إدارة الجودة الشاملة "

 

تعريف الجودة :

 

تعددت تعريفات مصطلح الجودة و من أبرزها :

 

· ( الرضا التام للعميل  )  أرماند فيخبوم 1956 .

· ( المطابقة مع المتطلبات )  كروسبي 1979 .

· ( دقة الاستخدام حسب ما يراه المستفيد )  جوزيف جوران 1989 .

· ( درجة متوقعة من التناسق والاعتماد تناسب السوق بتكلفة منخفضة ) ديمنج 1986 .

 

ونستنتج من هذه التعاريف بأن ( الجودة ) تتعلق بمنظور العميل وتوقعاته ، ولذا فمن الممكن أن نسمي المنتج العالي الجودة بأنه المنتج الذي يلبي توقعات واحتياجات العميل ،وحيث أننا قد وصلنا لهذا الاستنتاج فإنه يمكن الجمع بين هذه التعاريف ووضع تعريف شامل للجودة على أنها ( تلبية حاجيات وتوقعات العميل المعقولة ) .

 

ما هي إدارة الجودة الشاملة ؟

 

بعد أن تعرفنا سويا على مفهوم الجودة ، آن الأوان لنتعرف على مفهوم إدارة الجودة الشاملة وقد تعددت تعريفات علماء الإدارة لمفهوم إدارة الجودة الشاملة :  

 

فمن ذلك ما قام به ستيفن كوهن ورونالد براند ( 1993) من تعريفها على النحو التالي :

 

الإدارة : تعني التطوير والمحافظة على إمكانية المنظمة من أجل تحسين الجودة بشكل مستمر .

 

الجودة : تعني الوفاء بمطلبات المستفيد .

 

الشاملة : تتضمن تطبيق مبدأ البحث عن الجودة في أي مظهر من مظاهر العمل بداية من التعرف على إحتياجات المستفيد وانتهاء بتقييم ما إذا كان المستفيد راضياً عن الخدمات أو المنتجات المقدمة له

 

ومنهم من قال أنها :   شكل تعاوني لأداء الأعمال ، يعتمد على القدرات المشتركة لكل من الإدارة والعاملين ، بهدف التحسين المستمر في الجودة والانتاجية وذلك من خلال فرق العمل .

 

ومنهم من قال أنها : التركيز القوي والثابت على إحتياجات العميل ورضائه وذلك بالتطوير المستمر لنتائج العمليات النهائية لتقابل متطلبات العميل .

 

 

وجميع هذه التعاريف وإن كانت تختلف في ألفاظها ومعانيها تحمل مفهوماً واحداً وهو كسب رضاء العملاء .

 

وكذلك فإن هذه التعاريف تشترك بالتأكيد على ما يلي :

 

1 – التحسين المستمر في التطوير لتحقيق النتائج طويلة المدى .

2- العمل الجماعي مع عدة أفراد بخبرات مختلفة .

3- المراجعة والاستجابة لمتطلبات العملاء .

 

وهكذا يتبين لنا أنه في إدارة الجودة الشاملة يتم التركيز بوجه خاص على المستهلك ورغباته ومحاولة تحقيق الجودة من خلال وجهة نظره هو لا من وجهة النظر المثالية ؛ فما هو مثالي بالنسبة للمنظمة يجب أن يكون محكه الرئيسي هو العميل من خلال تحديد رغباته وتوقعاته وتحقيقها  .

 

أهداف إدارة الجودة الشاملة :

 

يمكن حصر أهداف إدارة الجودة الشاملة في ثلاثة أهداف رئيسية وهي :

 

1– خفض التكاليف  :فالجودة تتطلب عمل الأشياء الصحيحة بالطريقة الصحيحة من أول مرة وهذا يعني تقليل الأشياء التالفة أو إعادة إنجازها وبالتالي تقليل التكاليف .

 

2- تقليل الوقت اللازم لإنجاز المهمات للعميل : فكثير من الإجراءات التي توضكع من قبل المؤسسة لإنجاز الخدمات للعميل تركز  على الرقابة على الأهداف والتأكد من تحقيقها  وبالتالي تكون هذه الإجراءات طويلة وجامدة في كثير من الأحيان مما يؤثر  سلبياً على العميل ، ولذلك فمن أهداف إدارة الجودة الشاملة الرئيسية تقليل الوقت اللازم لإنجاز المهمات للعميل .

 

3- تحقيق الجودة : وذلك بتطوير المنتجات والخدمات حسب رغبة العملاء ، إن عدم الإهتمام بالجودة يؤدي لزيادة الوقت لأداء وإنجاز المهام وزيادة أعمال المراقبة وبالتالي زيادة شكوى المستفيدين من هذه الخدمات .

 

عناصر إدارة الجودة الشاملة :

 

فيما يلي أهم العناصر التي يجب أن تكون موجودة في  إدارة الجودة الشاملة :

 

1- القيادة العملية: على الإدارة العليا أن تركز على القيادة العملية ؛  حيث لا خطب ولا شعارات وإنما هناك جدية في العمل وتفاني في الإدارة ، لتكون الإدارة قدوة و مثلا يحتذى به لكل المستويات الإدارية والعاملين .

 

2-  ثقافة إشباع الرغبات :لا بد من إيجاد ثقافة جديدة داخل المنظمة ، ثقافة تركز بقوة على إشباع رغبات العملاء و تهتم بذلك ؛ إنها ثقافة إشباع رغبات العملاء .

 

3- التحسين المستمر :لابد من التحسين  والتطوير المستمر في عمليات وأنشطة المنظمة ، حتى يمكن تحقيق وفر في التكاليف وسرعة أعلى في الأداء مع الالتزام بالمعايير المطلوبة للجودة .

 

4- رفع مستوى العاملين  :يعتبر الأفراد العاملون في المنظمة هم المحور الرئيسي الذي تقوم عليه عملية اتقان الجودة ، وبالتالي يجب الاهتمام بمستوى أدائهم و تدريبهم وتطويرهم  وصقل مهاراتهم لتحقيق المستوى المطلوب من الجودة

 

5- بناء فرق العمل  :إن تضافر جهود الأفراد تظهر في أحسن صورها من خلال بناء فرق العمل و تشجيع التعاون بين الإدارات والذي يضمن العمل الجماعي والتعاون ويضيف قيمة كبيرة للجودة .

 

6-  الإبداع والابتكار:حتاج تحقيق مستويات الجوده إلى الإبداع والابتكار وإلى إطلاق أكبر عدد ممكن من الأفكار الجديدة والمفيدة لتحسين الجودة .

 

7- الرؤية الاستراتيجية :لا بد من وجود رؤية استراتيجية للمنظمة ككل حول كيفية تحقيق الجودة مع ربط هذه الاستراتيجية بكافة أنشطة المنظمة .

 

8- فن حل المشاكل :لابد من تعليم الإدارة والعاملين كيفية تحديد وترتيب وتحليل المشاكل وتجزئتها إلى عناصر أصغر حتى يمكن السيطرة عليها وحلها .

 

مراحل عملية إدارة الجودة الشاملة :

 

المرحلة الأولى :  وضع فكرة عامة عن الجودة حيث تقوم الإدارة العليا بتعريف مفهوم الشركة عن الجودة .

 

المرحلة الثانية : تخطيط الجودة الإستراتيجي الذي يتطلب تحديد المجالات المختلفة للعمليات التي تحتاج للتحسين (مثل القيادة ، المعلومات والتحليل ، التخطيط الإستراتيجي ، تنمية الموظفين ، العمليات التجارية أو الصناعية ، نتائج المشروعات وإرضاء الزبائن).

 

المرحلة الثالثة : التعليم والتدريب لكل شخص في الشركة بداية من الإدارة العليا وحتى جميع الموظفين

 

المرحلة الرابعة : التحسين المستمر ، ويتم ذلك من خلال مراقبة الأداء و تحسينه بصفة مستمرة  و تتلخص هذه المرحلة في أربعة كلمات :

 

PLAN خطط            ACT تفاعل           DO نفذ         CHECK قيم

 

المواصفات القياسية لأنظمة الجودة :

 

 أدى اهتمام كبار المنافسين والمنتجين بموضوع الجودة إلى وضع مواصفات قياسية للجودة ، تبنتها المنظممة العالمية للمواصفات القياسية ISO .وأصبحت الكثير من الدول المتقدمة تشترط كأساس لدخول سلع أجنبية إليها أن يلتزم المصدر بالمواصفات القياسية لأنظمة الجودة . وأصبح تحسين الجودة متطلبا أساسيا لكثير من الدول النامية حتى يمكن لشركاتها أن تكون قادرة على دخول المنافسة في أسواق الدول المتقدمة .

 

هذا ولقد تم إعداد سلسلة من المواصفات القياسية لأنظمة الجودة بواسطة المنظمة العالمية للمواصفات القياسية في عام 1987 . وتتكون هذه السلسلة من الأنواع التالية :

 

1-  أيزو 9001 : ويشرح هذا  الجزء مواصفات الجودة للمنظمات التي تقوم بأعمال التصميم والتطوير والتركيب والخدمة للغير

 

2-  أيزو 9002 :ويشرح هذا الجزء مواصفات الجودة للمنظمات التي تقوم بأعمال الإنتاج

 

3-  أيزو 9003 :ويشرح هذا الجزء مواصفات الجودة للمنظمات التي تقوم  بالتفتيش على المنتجات التامة

 

        وقد اشتهر إدوراد ديمنج الذي يعد مؤسس الجودة، والذي    عمل في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، ونجح في تطبيق نظرياته    في المجال    الصناعي، وظهرت نتيجة لذلك أساليب، واستراتيجيات جديدة في ذلك الوقت لإدارة العمل،    وقد تقدم اليابان في المجال الصناعي وحقق مبدأ "صنع في اليابان" بتكلفة معقولة،    ودرجة عالية من الإتقان، وكل هذا تم نتيجة لتطبيق مبدأ الجودة ومعاييرها بهدف    التطوير والتحسين في الأداء. وظهرت بعد ذلك العديد من المفاهيم المتعلقة بالجودة،    ومنها مفهوم الجودة الشاملة الذي يركز بشكل كبير على الاستثمار الأمثل للطاقات،    الإمكانات البشرية في أي مؤسسة لتحقيق أهدافها، وتلبية طلبات، واحتياجات العملاء،    أو المستفيدين.

 

 وهناك تعاريف مختلفة لمفهوم الجودة بناء على اختلاف المجال، أو التخصص، فنرى أن كل مجال ينظر إليها من زاويته، ويركز على الجوانب التي تهمه بالدرجة الأولى، فقد نجد أن الجودة تعني إرضاء العميل، أو المستفيد، والوفاء بمتطلباته، وقد تعني السعر المناسب للسلعة، أو للمنتج في المجال الاقتصادي، أو الصناعي، وفي المجال التربوي يقصد بالجودة أداء العمل بطريقة صحيحة وفق مجموعة من المعايير، والمواصفات التربوية اللازمة لرفع مستوى جودة وحدة المنتج التعليمي بأقل جهد، وتكلفة. ومن هذا التعريف يمكن التوصل إلى أن مبدأ الجودة في التعليم يعمل على تحقيق أهداف المؤسسات التعليمية، وأهداف المجتمع، وتلبية احتياجات سوق العمل من حيث المواصفات، والخصائص التي يجب توافرها في المنتج التعليمي بما في ذلك مدخلاته، وعملياته.

 

  ولتحقيق الجودة في المجال التعليمي لا بد من نشر ثقافة الجودة لدى جميع العاملين في التعليم من خلال توضيح مفهومها، وأهميتها، وأسسها، ومبادئها، ومعاييرها، ومتطلبات تحقيقها، وهذا ممكن من خلال إقامة دورات تدريبية لبعض العاملين من قبل بعض الخبراء في هذا المجال، والمشاركون في هذه الدورات يقومون بتدريب زملائهم في العمل، وبذلك يتحقق نشر ثقافة الجودة لأن الشخص إذا اقتنع بالشيء، أصبح لديه اتجاه إيجابي نحوه، وسيتبناه، وينتج فيه، بل يبدع، ويبتكر في أساليب التعامل معه. الجانب الآخر المطلوب لتحقيق الجودة في التعليم يتمثل في مشاركة وتحفيز جميع العاملين في المجال نفسه في التنفيذ، وحل المشكلات التي قد تواجه عمليات وخطوات تطبيق الجودة، كما أنه يجب ألا يقتصر العمل وتطبيق هذه المعايير على البعض، ومن دون مشاركة الجميع.

 

والعامل الثالث لتحقيق الجودة في التعليم هو تشخيص الواقع الحقيقي للمجال التربوي، وتحديد الإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف الجودة، والتأكيد على التقويم لكافة الجوانب بصفة مستمرة، أو ما يعرف بالتغذية الراجعة من المستفيدين، أما الجانب الآخر الذي يسهم بدرجة كبيرة في مجال تحقيق أهداف الجودة في التعليم فيتمثل في العمل بالمنظور الشمولي، بحيث يشمل العمل تحقيق جودة المدخلات، والعمليات، والمخرجات، ولا يركز على جانب ويهمل الجوانب الأخرى.

 

 ومن هنا لا بد من تسخير الإمكانات المادية، والبشرية، ومشاركة جميع الجهات، والإدارات، والأفراد في العمل كفريق واحد، والعمل في اتجاه واحد، وهو تطبيق معايير الجودة في النظام التعليمي، وتقييم مدى تحقيق أهدافها، ومراجعة الخطوات التنفيذية التي يتم توظيفها. فالنظام التعليمي له عدد من المكونات، أو العناصر التي يتوقع أن تعمل جميعها في تناسق، وتناغم، وفي بيئة سليمة، ومنتجة، وهذه المكونات تشمل الإدارة التعليمية سواء على مستوى إدارة التعليم، أو الإدارة المدرسية، وفي هذا المجال يتوقع من الإدارة التعليمية تسخير كافة إمكاناتها لتحقيق أهداف الجودة في كافة المجالات المرتبطة بها، وللمشرف التربوي أدوار عديدة من خلال ما يقوم به من توظيف للأساليب الحديثة في الإشراف بهدف تحسين جودة التعليم، والتعلم من خلال التشجيع على الإبداع في العمل، وحث المعلمين على النمو المهني، وتنمية روح المبادرة لدى العاملين في المجال التعليمي، والعمل بروح الفريق. كما أن المعلم يعد من أهم العاملين في المجال التربوي فهو الذي يعمل على تحقيق أهداف المرحلة الدراسية التي يعمل بها، وهو المنفذ الحقيقي للمنهج، وهو الذي يقوم بالحكم على مدى تحقيق الأهداف من خلال التقييم، فعندما يمتلك المعلم ثقافة الجودة، و يدرك أبعادها المختلفة، وأهميتها في العملية التعليمية سيكون عاملاً أساسياً في تحقيق أهداف الجودة، ولذلك لا بد من تضمين برامج إعداد المعلم الجوانب الأساسية التي تنمي ثقافة الجودة في التعليم، وأن تكون لديه العديد من الكفايات اللازمة للتدريس الفعال، كما أن المعلم الذي على رأس العمل يحتاج إلى دورات في مجال الجودة في التعليم لأن مفاهيم الجودة،وعملياتها، ومعاييرها في تطور مستمر، ولذلك هذه الدورات قد تعمل على جعل معلومات المعلم، ومهاراته مواكبة لما هو جديد في هذا المجال. والمنهج هو الجانب الآخر الذي يجب أن يسهم في تحقيق الجودة في التعليم من خلال مواكبة أهدافه، ومحتواه، وخبراته، وأساليب تقويمه لمعايير الجودة في التعليم، وهذا يتطلب من خبراء، وواضعي المناهج مراعاة المعايير في مجال المناهج التي تسهم في تحقيق مبادئ الجودة في التعليم. كما أن المتعلم عنصر أساس في تحقيق الجودة في العملية التعليمية من خلال استفادته القصوى من جميع الإمكانات، والخدمات التي تقدم له في أثناء تعلمه، والاستفادة تكون بصورة وظيفية في مواقف حياتية أخرى غير المواقف التعليمية التي تمر به في داخل المدرسة. فالمتعلم لا بد وأن يخرج من الإطار التقليدي في عملية التعليم والتعلم إلى أن يصبح قادراً على الحصول على المعلومة، والتوصل إليها بدلاً من تلقيها، ومن خلال تبني مفهوم التعلم الذاتي، وتوظيف تقنيات التعليم في عملية التعلم. وهناك حاجة ملحة لتحديث وتطوير الإمكانات المادية في المدرسة من مختبرات تدريسية، ومعامل للحاسب الآلي، والعمل على توفير الأدوات والمواد اللازمة للتدريس، وجعل بيئة المدرسة بيئة محببة لكل من المعلم، والمتعلم. كل هذه الإمكانات المادية، أو البشرية تسهم في تحقيق مبدأ الجودة الشاملة في المجال التعليمي، وفي حالة تبني المعايير وتطبيقها بصفة شاملة يمكن تحقيق الأهداف، والوصول إلى مستوى مقبول من الجودة في التعليم.

 

ويجب أن ندرك أن تبني مفهوم الجودة في التعليم، وتطبيق معاييرها يؤدي إلى خفض التكاليف بشكل ملموس، وذلك من خلال رفع مستوى الأداء، وتقليل الأخطاء، وزيادة الإنتاجية بمستوى عال من الإتقان، وتحسين مستوى أداء العاملين. كما يجب أن ندرك أن تحقيق مستويات مقبولة من الجودة في التعليم تؤدي إلى رضا جميع العاملين في المجال التربوي بمختلف مستوياتهم،ومسؤولياتهم، وتحقق مستوى عالياً من الرضا لدى المستفيدين من الطلاب، وأولياء أمورهم، ورجال الأعمال. وبما أن الدولة تنفق بسخاء على مجال التعليم، والرقي به إلى مستويات عالية، فإنه من الضروري أن يتم الإنفاق على تطبيق معايير الجودة، وتحقيق أهدافها في التعليم، وتقييم العملية بشكل مستمر للتأكد من تحقيق الأهداف. كما أن هناك تجارب ناجحة في مجال الجودة في التعليم مع أنها محدودة في بعض المدارس في المنطقة الشرقية يمكن الاستفادة منها في مجال تعميم هذه التجارب على مدارس أخرى. كما يجب ألا ينظر إلى الجودة وتحقيقها من خلال رفع مستوى درجات التحصيل لدى الطلاب فقط؛ لأن هذه النظر قاصرة، ومحدودة على نتائج تقويم التعلم، وليس على الجودة بمفهومها الشامل

 

وفي الختام نؤكد على أن لالتزام بالجودة ومعاييرها هو مفتاح النجاح لأي منظمة في القرن الحادي والعشرين وعلى أي مدير معاصر أن يحرص على تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة في منظمته ليضمن استمرارية النجاح لمنظمته وبقاءها في المنافسة .

المصدر: الجودة في التعليم
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 82/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
27 تصويتات / 5837 مشاهدة
نشرت فى 15 ديسمبر 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,875,289

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters