مجلة الرؤية الإلكترونية الثلاثاء, كانون الثاني (يناير) 22, 2013

إبراهيم الحمادي

يدعي الكثير من رجالات الإدارة بتبنيهم «سياسة الباب المفتوح»، ونجدهم لا يألون جهداً في تسويق هذه الممارسات والإعلان عنها بشتى الوسائل السمعية والبصرية، وإذا ما أتيحت الفرصة لزيارة مجالس ومكاتب شريحة من هؤلاء المدعين، سنجدهم يتباهون بما حققوه من تقدم في هذا المجال، وبينما الحقيقة تكشف تطبيقاً لا يتعدى شكلاً صورياً ودعائياً عند هؤلاء.

ولو توقفنا قليلاً عند فكرة ظهور «سياسة الباب المفتوح»، سنجد بأن أصل هذه الممارسة يعود إلى الربع الثاني من القرن التاسع عشر كأسلوب سياسي تعهدت من خلاله الدول العظمى بضمان عدم انفراد أي دولة بأي امتيازات سياسية أو تجارية أو صناعية.

ومع مرور الأيام أصبح هذا المفهوم ملازماً للأنظمة الإدارية الحديثة، وتم الانتقال من مفهومه الواسع إلى مفهومه الأكثر تحديداً، ونجد بأن التفسير الإداري لهذه الممارسة يدور حول محور رئيس يقوم على أساس إزالة كافة القيود التي تحول دون انتقال المعلومات لمختلف المستويات الوظيفية أو مع المتعاملين بغض النظر عن نوع وطبيعة تلك المعلومات أو اتجاه حركتها رأسياً وأفقياً، صعوداً ونزولاً.

من هذا المنطلق، نجد أن «سياسة الباب المفتوح» تتخطى الترجمة الحرفية لتصل إلى فضاءات أرحب في علم الإدارة، فهي وسائل وقنوات اتصال وتواصل تتخطى فكرة «فتح الباب التقليدي» إلى ممارسات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمفهوم الشفافية والمصداقية والعدالة، فلا معنى لأن نترك الباب مفتوحاً على مصراعيه، وفي المقابل نجد أن أبواب الفكر موصدة. فلا قيمة لإزالة الأبواب إذا كان انتقال المعلومات والتعامل يشوبه نوع من الغموض، ونكون قد ضربنا بعرض الحائط كل مبادئ الشفافية والمصداقية والنزاهة.

علينا أن نتجاوز فكرة إبقاء الباب مفتوحاً في انتظار من يصلنا، إلى فكرة الخروج من مكاتبنا والمبادرة للتواصل مع الطرف الآخر من خلال النزول الميداني لمواقع العمل فرؤية الواقع أصدق أنباءً من التقارير المرفوعة، ناهيك عن أن التواصل المباشر يفتح مجالات رحبة للاستفادة من مختلف الوسائل الحديثة وخاصة التقنية منها، فمع تقدم الأنظمة الإدارية ودخول التطبيقات التقنية تطور مفهوم «سياسة الباب المفتوح» وأصبح الجانب التقني له دور لا يستهان به في تعزيز هذه السياسة ونشرها، واستطاعت المؤسسات من خلالها أخذ زمام المبادرة في التواصل، واتسع معه نطاق التواصل من المستوى المحلي ليصل بنا إلى فضاءات تغطي كافة أرجاء المعمورة.

وعلى المنوال نفسه، انطلقت قنوات التواصل الاجتماعي لتأخذ مكانها بشكل لم يسبق له مثيل بين قنوات التواصل، وأصبحت جزءاً من ثقافة المجتمعات، وإن أسيء استخدامها من البعض، إلا أنها تلعب دوراً كبيراً في تعزيز «سياسة الباب المفتوح» بما تكفله من سهولة وسرعة في التواصل.

سياسة الباب المفتوح هي ممارسة لا تتعلق بنمط معين من التواصل مع الآخرين وإنما المجال مفتوح لتحقيقها على أرض الواقع بصورة خلاقة ومبدعة يكون مردودها إيجابياً على المؤسسة وأفرادها معاً، وهي في الأخير من الممارسات القيادية الحديثة التي تقع مسؤولية نجاحها على قائد المؤسسة، فهي مسؤولية والتزام يضعه قائد المؤسسة على نفسه وعلى مؤسسته يضمن من خلالها الحفاظ على سمعة وصورة المؤسسة، ويتطلب منه إيجاد آليات وأنظمة وسياسات داعمة تسانده في تطبيق هذه الممارسات تسمح بتدفق الآراء والأفكار من أهمها أنظمة الشكاوى والمقترحات والتظلمات، واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الممارسات اليومية بالمؤسسة، وبذلك يمكن الوصول إلى تطبيق خلاق لسياسة الباب المفتوح تكون عوائده نافعة على المؤسسة وسمعتها.

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 1/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 639 مشاهدة

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,836,502

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters