بقلم: د. عيسى الملا
التحلي بمكارم الأخلاق كان وما يزال من صفات الإنسان المسلم في كل عصر، والمطلب الأمثل للرجل الناجح، لأن القيم الأخلاقية تشكل مناعة طبيعية ضد الانحراف والانحلال والفساد وكذلك فإن الالتزام بأخلاقيات المهنة يشكل مناعة طبيعية ضد فشل وتدهور المؤسسات في عالم الأعمال.
ولكن الاهتمام بأخلاقيات المهنة كموضوع جدير بالدرس والتطبيق، لم يبدأ إلا في أواخر الستينيات من القرن الماضي، حيث ازدادت الحاجة إلى وضع معايير أخلاقية في مجال العمل من أجل ضبط التجاوزات والأخطاء والتعديات وغيرها من المشكلات المهنية التي تفشت في عالم الأعمال مؤخرًا، وسلطت الضوء على أن مجال العمل مثله في ذلك مثل المنزل أو المدرسة والمجتمع، بحاجة إلى قوانين تضبط حركاته وسكناته وتنظم عمليات التعامل بين الموظفين وإلا دبت فيهم الفوضى ولكثر الظلم والتظلم واستشرى الاحتكار ودرج التعسف وإهدار الحقوق من جهة، وتخبطت المؤسسات في كثير من الأخطاء والمشكلات القانونية والجزائية فخسرت الكثير من عملائها، من جهة أخرى وهذه كلها بطبيعة الحال، معوقات تحد من ازدهار الأعمال وانتشارها، بل قد تقضي أحيانًا على المؤسسات الفتية في مهدها.
من هنا تجد أن كل مؤسسة ناجحة لها مركزها واحترامها في عالم الأعمال، تحرص كل الحرص على تطبيق أفضل المعايير المتعارف عليها عالميًا في إدارة شؤون موظفيها للمحافظة على مصداقيتها وحسن صورتها لدى عملائها في العالم، خصوصًا بعد أن جعلت تكنولوجيا الاتصالات من الكرة الأرضية عالمًا واحدًا متصلًا بعضه ببعض بحيث ينتقل الخبر من أي مكان في العالم إلى كل أرجاء الأرض خلال أربع وعشرين ساعة أو أقل.
ولما كان التدريب الإداري، الذي هو الرفيق الناجح والمستشار الأمين للمؤسسات، جزءًا لا يتجزأ من مسيرة هذه المؤسسات ومسؤولًا بصورة غير مباشرة عن تطورها وازدهارها، فقد بادر المتخصصون إلى وضع برامج تدريبية وإدارية وتربوية في هذا المضمار، من شأنها أن تساهم في تصحيح مسار البعض، وتحديد مسار البعض الآخر، وأن تساعد المؤسسات على التعامل مع هذه الواقع، ليس فقط من أجل تجنب الفشل المهني، وإنما لتحقيق النجاح المستمر والربح العظيم الذي يتعدى جميع التوقعات لما يتمتع به هذا النوع من التدريب الإداري من تأثير إيجابي على كافة المجالات الحياتية والعملية للمديرين والرؤساء والموظفين وعائلاتهم في مختلف الحقوق المهنية وفي جميع القطاعات.
تستطيع المؤسسة الناجحة أن تضمن استمرار نجاحها بتطبيق المعايير المتعارف عليها عالميًا في أخلاقيات المهنة، ولكن عليها قبل ذلك أن تتعرف على تلك المعايير، وأن تدرب منسوبيها من إداريين وموظفين على ممارستها والالتزام بها بكثير من الصبر والتأني والوعي والحزم في تطبيقها بصورة عادلة. وهذا متوفر لدى الاستشاريين والمتخصصين في هذا المجال بشكل دورات تدريبية مكثفة على أخلاقيات المهنة.
ففي دورة أخلاقيات المهنة التي نقدمها إلى جميع المؤسسات والقطاعات في المملكة وبعض دول الخليج العربية مجموعة من القيم الأخلاقية المتعارف عليها عالميًا، والتي لا غنى عنها لمن أراد النجاح في عمله وفي حياته الشخصية، عملاً بما يمليه علينا ديننا الإسلامي الحنيف، وتطبيقًا لما أمرنا به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة من أعمال وأحاديث وسيرة ورسالة.