خريجو الكليات الجدد يحرصون على إعطاء انطباع جيد عنهم وكذلك يفعل صغار الموظفين والمهنيين الذين مازالوا في بداية حياتهم العملية وفقدوا وظائفهم بسبب تخفيضات العمالة وهؤلاء جميعًا يلجؤون في سوق العمل الأمريكية للالتحاق ببرامج تدريب بلا رواتب لأنهم يريدون إعطاء الشركة التي يلتحقون ببرامجها من هذا النوع فرصة لتقييمهم وتعيينهم في المستقبل.
وفي مواقع العمل في كل أنحاء الولايات المتحدة يوجد مثل هؤلاء «المتدربين» الذين يعملون بدون أجر أو بأقل من الحد الأدنى للأجور ويقومون بكل أنواع الأعمال بما في ذلك الرد على الاتصالات الهاتفية وتقنية ماكينات تصوير المستندات بالورق وإدارة حملات الرعاية وخدمة المجتمع للشركات. ويقول «غريج سيزمانسكي» وهو مدير إدارة الموارد البشرية في إحدى شركات العقارات في (سياتل) أنه عمل ذات مرة مع شركة خدمات مالية كانت تستخدم «متدربين» يعملون بلا أجر في الاتصال بالزبائن المحتملين، ووصف (سيزمانسكي) هذا الاستخدام بأنه «غير أخلاقي» وسيئ. لكن (اندريا سومرز) وهي خريجة جديدة من إحدى الجامعات تقول إن لها تجربة إيجابية مع برامج «التدريب» غير المدفوعة الأجر حيث التحقت بمصلحة حكومية في المدينة وتشمل عملها المجاني كتابة البيانات الصحفية وهي مهارة تناسب تمامًا تخصصها في مجال العلاقات العامة التي درستها في جامعة (جورج ماسوت). وعلى الرغم من اعتراضها بصعوبة العمل بدون أجر فإنها عبرت عن احترامها لتجربة ستساعدها كثيرًا في بحثها وظيفة.
ومن المؤكد أن هذا النوع من العمل غير المدفوع الأجر لا يضر، ففي استطلاع أجرته جمعية الموارد البشرية الأمريكية في نوفمبر 2009م قال 70٪ من مسؤولي التوظيف في الشركات التي شملها الاستطلاع إنهم يفضلون أن تتضمن السيرة الذاتية لطالب الوظيفة إشارة إلى أنه عمل لفترة كمتدرب دون أجر في مجال الوظيفة المرشح لها وأن ذلك أفضل من خبرة مهنية في عمل مدفوع الأجر ولكن في مجال غير مجالات الوظيفة المطروحة. وعلى الرغم من فائدة هذا النوع من التدريب فإن اللوائح الفدرالية الأمريكية الصادرة عن وزارة العمل في إبريل الماضي أثارت بعض المخاوف من اتجاه أصحاب العمل لتوفير فرص أقل لهؤلاء المتدربين لكن هذه اللوائح تخص مؤسسات القطاع الخاص الربحية وتفصل اللوائح بين الموظف والمتدرب فإذا قررت محكمة أو وكالة حكومية أن العمل الذي يؤديه شخص يعمل في شركة دون أجر يؤهله ليصنف كموظف، فإن الشركة قد تواجه عقوبات بما في ذلك دفع الرواتب بأثر رجعي، بالإضافة للتأمين الاجتماعي ورسوم المحامين وترفض الوكالات الأمريكية الفدرالية ومكاتب العمل التابعة للولايات فكرة الموظفين بلا أجر فمعايير وزارة العمل الاتحادية تنص على أن معظم الأفراد الذين يسمح لهم بالعمل يجب تعويضهم عن الخدمات التي يؤدونها للمخدم إلا في ظروف محددة. وبصفة عامة يجب أن يكون برنامج العمل دون أجر مشابهًا لبرامج التدريب التي تتم في بيئة تعليمية، كما أن المتدرب وصاحب العمل يجب أن يفهما بوضوح أن المتدرب لن يحصل على أجر، وألا تحقق الشركة فائدة مباشرة من هذا التدريب والحقيقة أن كثيرًا من الشركات تشتكي من أن هذه البرامج تربك عملياتها، كما تنص اللوائح على ألا يأخذ المتدرب بلا أجر وظيفة الموظفين النظاميين.
وبينما قد تهرب شركة استخدمت موظفين بلا رواتب فإن الحكومة تعاقب عادة الشركات التي تتورط في هذا النوع من التوظيف بلا أجر. ويقول محامون إنه لا يكفي أن تتذرع الشركة بأن الموظف موافق على التنازل عن الأجر. فهناك فهم خاطئ بأنه إذا كان هناك طالب يرغب في اكتساب خبرة في مجال ما بالعمل دون أجر فلماذا لا تستفيد الشركات من ذلك؟ ويقول أحد المحامين إن المشكلة تكمن في أن هناك الكثير من برامج التدريب دون أجر لا تتماشى مع القوانين الفدرالية أو الولاية. وبما أن هذا البرنامج تشمل عادة عددًا كبيرًا من الناس فإن ذلك يسهل على المحامين إثبات حدوث الضرر.
وعلى الرغم من هذه المخاطرة فإن الخبراء يقولون إن برامج «التدريب» بدون أجر في تزايد. ففي مسح جرى في مايو الماضي قال ثلثا عينة من أكثر من 300 من طلاب الجامعات والكليات إن إعلانات «التدريب» دون أجر في مدنهم الجامعية قد ازدادت عام 2010م بالمقارنة مع 2009م.
وعزى أحد المحامين هذه الزيادة إلى الوضع الاقتصادي ومحاولة الشركات توفير تكاليف العمالة. وهناك طرق يلجأ إليها مسؤولو الموارد البشرية لحماية برامجهم للتدريب غير المدفوع الأجر من الإجراءات الحكومية. فالطالب الجامعي يذهب إلى أستاذه ويقول إنه يريد أن يعمل لدى مخدم معين فلماذا لا تمنحني تقديرًا أكاديميًا عن هذا التدريب؟ وعندئذ يعمل الطالب مجانًا ولكن تحت إشراف أستاذه. وبعض الجامعات ترتب بالفعل برامج من هذا النوع لطلابها لكن في هذه الحالة يجب على أصحاب العمل التنسيق مع الكلية لتحديد المتطلبات التعليمية التي تطلبها المؤسسة التعليمية في هذه البرامج.
وفي الغالب سينظر لمثل هذا النوع من البرامج كنوع من التدريب إذا كان يزود المتدرب بمهارات يمكن الاستفادة منها في أوضاع متعددة وليس كمهارة تتعلق تحديدًا بعمل الشركة التي توفر برنامج التدريب. ويقول الخبراء إنه من الضروري أن يسمح للمتدربين بالتصرف على جوانب عمليات المخدم المختلفة دون أن يحتاجوا للعمل طوال الوقت كما يجب أن توضح الشركة كتابة أنه لا يوجد التزام من جانبها بتوفير وظيفة للمتدرب بلا أجر في نهاية البرنامج. ويقول المحامون إنه قد يكون من المفيد للشركات أن تحتفظ بسجلات مكتوبة كما يتوقع أن يكسبه متدرب من برنامج عمل دون أجر، وأن يشمل هذا السجل الوثائق التي تغطي ما يقوم به المتدرب من أعمال مثل حضور حصص التدريب والاجتماعات مع الموظفين النظاميين ونوع التدريب والإشراف الذي تم توفيره وفي بعض الأحيان ينتهي الأمر بمتدرب بدون أجر إلى وظيفة نظامية مدفوعة الأجر في نفس الشركة.
وتحدد إدارة الأجور وساعات العمل في وزارة العمل الأمريكية 6 عوامل تحدد ما إذا كان شخصًا يعمل بدون أجر متدربًا أو موظفًا بموجب قانون معايير العمل وتشمل هذه العوامل:
1- التدريب حتى وإن كان يشمل تشغيلاً عمليًا لمرفق المخدم يجب أن يكون مشابهًا للتدريب الذي يقدم في مدرسة مهنية أو تعليمية.
2- يجب ألا يؤدي قبول المتدرب إلى فصل الموظفين النظاميين بل يعمل تحت إشرافهم.
3- التدريب يجب أن يكون لمصلحة المتدرب.
4- المخدم الذي يوفر التدريب يجب ألا يجني مكاسب مباشرة من نشاطات المتدربين.
5- المتدربون ليس من الضروري أن يحصلوا على وظيفة بنهاية فترة التدريب.
6- يفهم المخدم والمتدرب أن المتدربين لا يحق لهم الحصول على راتب مقابل الوقت الذي يمضونه في التدريب.
وإذا تحققت كل العوامل أعلاه يصنف العامل كمتدرب ولا تكون هناك علاقة عمل بين الطرفين ولا تنطبق على المتدرب شروط الحد الأدنى من الأجور أو خارج الدوام.