تعد بيئة العمل ركنًا أساسيًا في حياة العديد من العاملين والموظفين, وذلك بسبب قضائهم وقتًا طويلاً داخل تلك البيئة، ومما لاشك فيه، أن وجود بيئة آمنة تتمتع بوجود وسائل الحماية من المخاطر على اختلاف أنواعها وتوفر وسائل الوقاية لجميع العاملين فيها تعد حافزًا مهمًا للعامل ومقومًا أساسيًا لنجاح أي مؤسسة, ذلك أنها تؤدي إلي حماية العاملين من الحوادث المختلفة والتقليل من الإصابات مما يزيد من الإنتاجية في العمل وخفض عدد الساعات المفقودة نتيجة الغياب بسبب المرض أو الإصابة.
وتنقسم إصابات العمل التي قد يتعرض لها العامل إلى إصابات مباشرة تصيب العامل في أثناء العمل أو بسبب طبيعة العمل. ومثال ذلك الإصابات التي تقع للعامل كالسقوط من مكان مرتفع أثناء العمل أو الحوادث التي تقع للعمال عند ذهابهم أو رجوعهم من العمل. أو أمراض ناتجة عن التأثير المباشر للعمليات الإنتاجية وتلوث بيئة العمل ببعض الملوثات الطبيعية مثل تعرض العاملين المختصين في البحوث المتعلقة بالإشعاعات وغيرها لتأثير الإشعاعات، أو تعرض العاملين في قطاع تشييد المباني ورجال الأمن العاملين في الميدان في أوقات الذروة إلى الحرارة الشديدة، أو تعرض العاملين في المناجم ببعض الدول إلى تأثير الرطوبة، أو الأعمال التي تتطلب استخدام بعض الأجهزة ذات الصوت الحاد أو المرتفع مما يؤدي إلى تلف أو نقص السمع ومن ذلك العمل في مجال أعمال الحفر في الشوارع أو المباني.
وقد تؤدي إصابات العمل والأمراض المهنية المختلفة إلي الإصابة بالعجز الكلي أو الجزئي، وفي بعض الأحيان قد تؤدي إلي الوفاة لاسمح الله مما يكبد المنشأة خسائر فادحة، إما بسبب نقص العمال وبالتالي نقص الإنتاج أو بسبب تلفيات المنشأة إذا كان الضرر حاصلاً بسبب حادث ناتج عن سوء استخدام لبعض مرافقها.
ونظرًا للحاجة الملحة لمواجهة الأخطار المهنية التي قد يتعرض لها العامل في بيئة العمل باختلاف أنواعها والتقليل من فرصة حدوثها، تحرص المنشآت على توفير وسائل السلامة والوقاية من الحوادث ومنها على سبيل المثال:
1- استخدام بعض أنواع الملابس والأحزمة التي توفر الحماية اللازمة لجسم العامل من الأضرار المختلفة والتي قد لا تتوفر في الملابس العادية التي يرتديها العامل، فعلى سبيل المثال هناك بعض المرايل المصنعة من الاسبستوس أو الجلد أو الكروم والتي تقي من الحرارة, وفي حالة التعرض للمواد الكيماوية كالأحماض أو القلويات يمكن استخدام مرايل بلاستيك مقاومة للكيماويات.
2- الخوذ والقبعات لحماية الرأس عند السقوط أو عند تعرض الرأس لضربة مفاجئة, ويوجد العديد من الخوذ والقبعات التي تتميز بخفة وزنها عند وضعها علي الرأس بحيث لاتشكل ثقلاً على الرأس، ويمكن تثبيتها بحيث تكون في وضع آمن وغير معرضة للسقوط.
3- أجهزة حماية السمع وذلك عند التعرض للأصوات والمعدات ذات الصوت العالي بحيث تقلل من حدة الضجيج وتحافظ على السمع.
4- الكمامات وتستخدم للوقاية من الأتربة والغبار وغيرها من الملوثات والتي قد تسبب بعض الأمراض أو تزيد من حدتها كالأمراض الصدرية كالربو وخلافه.
5- القفازات, ويمكن استخدامها لحماية اليدين عند التعرض لبعض المواد التي تسبب أضرارًا لليدين نتيجة الاحتكاك المباشر.
6- أحذية خاصة لحماية القدمين عند سقوط بعض المواد عليها أو تعرضها للاصطدام.
7- أحزمة أمان وتستخدم هذه الأحزمة للوقاية من السقوط من الأماكن المرتفعة.
وإيمانًا بأهمية هذا الموضوع، أصدرت وزارة العمل في وقت سابق آلية لتنظيم أوقات العمل خلال شهري يوليو وأغسطس من كل عام حيث منعت تشغيل العامل في الأعمال المكشوفة تحت أشعة الشمس من الساعة الثانية عشرة ظهرًا إلى الساعة الثالثة مساءً.
وفي حقيقة الأمر، فإن هذا القرار يتوافق مع التوجه العالمي ومعايير العمل الدولية فيما يتعلق بحماية العمالة وتوفير بيئة عمل صحية وآمنة وفق اعتبارات السلامة والصحة المهنية ويرسخ الرغبة في تفعيل ما تضمنه نظام العمل من الأحكام الخاصة بالصحة والسلامة المهنية من خلال توفير حماية كافية للعاملين السعوديين وغير السعوديين الذين يؤدون أعمالهم في أماكن مكشوفة تحت الشمس من مخاطر التعرض لحرارة أشعة الشمس التي يمكن أن تؤدي إلى أضرار صحية كبيرة ومنها الوفاة في بيئات صحية غير آمنة.
ختامًا، يحتاج أصحاب المنشآت وأرباب العمل إلى توعية أكبر بأهمية مراعاة ظروف العمل وتوفير البيئة الصحية الملائمة والآمنة للعمال، وأن يبادروا من منطلق مسؤوليتهم الأدبية والنظامية والإنسانية تجاه العاملين لديهم إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم من الأضرار التي قد تلحق بهم نتيجة نقص شروط الصحة والسلامة المهنية.