شخصية الفرد تؤثر بشكل واسع على مواقف وسلوك العاملين, ولذلك يحاول المدراء فهم سلوك العاملين من خلال أربعة أنواع من الأنماط، والناس يختلفون في مدى ما ينزعون إليه من تفويض السبب في نجاحهم أو إخفاقهم، فمنهم من يلقي المسئولية الأساسية على نفسه ومنهم من يرجعها إلى عوامل خارجية Locusofcontrol, ويمكن لنا تعريفها بالميل إلى إلقاء المسئوليات في نجاح الفرد أو إخفاقه على عوامل وقوى داخلية أو خارجية. البعض يعتقد أن أفعالهم تؤثر على ما يحدث لهم، ويشعرون بسيطرة القدر على نجاحهم أو إخفاقهم، وهؤلاء الأفراد يمكن وصمهم بنزعة داخلية عالية تسيطر عليهم. بينما يعتقد آخرون ظهور الأحداث في حياتهم بسبب الصدف أو الحظ أو بسبب تدخلات خارجية، ويشعرون بالارتهان لأقدارهم وهؤلاء يمكن وصمهم بمن يتملكهم نزعة خارجية تسيطر على حياتهم وأفعالهم. ولذلك نستطيع أن نصنف قادة الأعمال الاقتصادية ذات التقنية العالية بأنهم أصحاب نزعات داخلية في مواجهة الأحداث والمواقف كرئيس مجلس إدارة سيسكو جون تشامبرز.
والدراسات المتعلقة بهذا الجانب تظهر اختلافًا سلوكيًا بين من يعتقد بالتركيز على داخل النفس للسيطرة على مجريات الأمور من حيث تحفيزهم وطموحهم لأنهم يرون ما يحصلون عليه نتيجة حتمية لسلوكهم، كما يمكنهم معالجة كثير من المشاكل والمعلومات المعقدة بعكس القدريين، لكن عيبهم الاستقلالية والتي تصعّب إدارتهم بعكس القدريين الذين يعتقدون بالعوامل والقوى الخارجية ولذلك يسهل قيادتهم. والأمر ببساطة سلوك لفريقين والذي يمكن تسميتهما بالقدرية (نفاة القدر) والجبرية الذين نفوا مشيئة العبد وإرادته، وهذه اللوثات الوثنية ورثها الفكر الغربي المعاصر عن الوثنية اليونانية. وقد ابتليت بها أمتنا في زمن المأمون بن هارون الرشيد (198 – 218 هـ) ففي عهده ارتفع شأن البدعة وأهلها وفتح الباب على مصراعيه للفلسفة (ترجمة كتب فلسفة اليونان). والفلسفة اليونانية الوثنية معروفة في الدولة الرومية والأقاليم الخاضعة لها كبلاد الشام ومصر. والفلسفات اليونانية اتجاهات مختلفة ويجمعها جميعًا القول على الله بغير علم، والخوض فيما لا تبلغه العقول، وقد كان فلاسفة اليونان أمثال (أفلاطون وأرسطو) وثنيين بعيدين عن هدي الأنبياء. والإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان وأصل من أصول الدين، وعلى ذلك مذهب أهل السنة والجماعة ومعاركهم مع الفلاسفة لا تزال قائمة إلى كتابة هذا المقال.
الفاشستية وهي ضرب من الحكم يخضع فيه الفرد وحقوقه إخضاعًا كاملا لمصلحة الدولة. والمؤيد لمبدأ إخضاع الفرد وحقوقه لمصلحة الدولة أو المنشأة يميل لاستخدام السلطة والقسوة والصرامة وطاعة السلطة العليا مع الالتزام بالقيم التقليدية ومحاكمة الآخرين بحسم ومقاومة المشاعر الذاتية. ولذلك إذا كان المدير يأخذ بهذا المبدأ والأفراد يختلفون عن مديرهم أو العكس فإن الغالب أن الجميع سيواجهون صعوبات في سير المنشأة. ولذا يكون الاتجاه الصحيح نحو التفويض وتغيير التوقعات أمام الموظفين الشباب وقيام علاقات عادلة منصفة تساعد في تقليص الإخضاعية الصارمة في المنظمات.
هناك بعد آخر في الشخصية تساعد في فهم سلوك العمل ألا وهي الشخصية المكيافيلية، نسبة لنيكول مكيافيلي مؤلف من القرن السادس عشر كتب كتاب «الأمير»، وخصصه للنبلاء زمن الإقطاع في كيفية إحراز استخدام السلطة والنفوذ للسيطرة على العامة. وقد طور علماء النفس وسائل وأدوات لقياس توجه الشخص مع المكيافيلية سموها (Mach). الأبحاث تظهر الشخص المتصف بالمكيافيلية العالية معرّض لأن يكون واقعيًا ذرائعيًا ، متحريًا للكذب لتحقيق مآربه وأهدافه الشخصية، على الأرجح يسعى للنجاح بأي ثمن حتى لو كان على أكتاف الآخرين، لا يقتنع بسهولة ويسعى لإقناع الآخرين. والأوضاع المختلفة تتطلب ناسًا يفسرونها سلوكيًا. وفي ظل الأوضاع ذات الأنظمة المفككة والمهلهلة يتخذ أصحاب المكيافيلية العالية دورهم ويحكمون سيطرتهم لينقاد لهم الآخرون. والحقيقة أن الإيجابية الوحيدة للمكيافيليين ما تطلبه الوظائف التي تحتاج إلى مهارات التسويق لعقد الصفقات وتتطلب هدايا وجوائز ومكافآت لعقد تلك الصفقات (رشوة).
بقلم: د. عبدالرحيم المالكي
المصدر: مجلة التدريب والتقنية
نشرت فى 4 أكتوبر 2011
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,755,661