مفهوم المنظمة المتعلمة
التعلم التنظيمي يعني تحسين الأنشطة من خلال المعرفة والفهم الأفضل. لكن هذا التعلم يتم بصورة يسيرة ومحفزة في منظمات التعلم. لهذا فإن التعلم التنظيمي هو عملية توسيع وتعميق المعرفة في إطار ملائم هو منظمات التعلم. وتعرف منظمة التعلم بأنها المنظمة التي طورت القدرة على التكيف والتغير المستمر لأن جميع أعضائها يقومون بدور فعال في تحديد وحل القضايا المختلفة المرتبطة بالعمل إلا أن هذا التعريف يقتصر على حل مشكلات العمل التي لا تمثل إلا الحلقة الأولى في التعلم.
كما تعرف منظمة التعلم: بأنها المنظمة الماهرة في إنشاء واكتساب ونقل المعرفة وتعديل السلوك بما يعكس المعرفة والرؤى الجديدة ولا يقتصر هذا التعريف على مستوى نقل المعرفة وفهمها بل على السلوك وإعادة بناء المنظمة. كما تعرف بأنها المنظمة التي فيها كل واحد من العاملين يقوم بتحديد وحل المشكلات بما يجعل المشكلات المنظمة قادرة على أن تجرب وتغير وتحسن باستمرار من أجل زيادة قدرتها على النمو والتعلم وانجاز أغراضها وهو تعريف يتجاوز حل المشكلات إلى تعزيز القدرة السلوكية والتنظيمية وهو أهم ما يميز منظمة التعلم.
لقد أشير لمصطلح المنظمات المتعلمة لأول مرة من قبل بيتر سينج الذي عرف تلك المنظمات بأنها المنظمات التي يوسع فيها الأفراد باستمرار من قدرتهم على خلق النتائج التي يريدونها فعلا, والتي يجري فيها تنشئة أنماط جديدة وشاملة من التفكير, ويعبر فيها عن الطموحات الجامعية بحرية , وحيث يتعلم الأفراد باستمرار كيف يمكن أن يتعلموا معا. ويمكن أيضا تعريف المنظمات المتعلمة بأنها تلك المنظمات التي تقوم بشكل مسبق باكتساب وإيجاد ونقل المعرفة الجديدة التي تقوم بتغيير سلوكها باستمرار على تساس تلك المعرفة الجديدة وعلى أساس النظرة المستقبلية الثاقبة. أي أنها تقوم باستمرار بما يلي:
1- اكتساب أفكار ومعرفة جديدة وتعلمها
2- تحويل ونقل تلك المعرفة إلى كافة أنحاء وأقسام المنظمة وأفرادها
3- التبادل الحر والمستمر للأفكار والمعلومات والمعارف بين أعضاء المنظمة
4- تغيير السلوك التنظيمي نتيجة هذه المعارف الجديدة
5- قياس نتائج التغيير
وهنالك عدد من الخصائص لزيادة إمكانية هذه المنظمات على التعلم وتحقيق تغيير ناجح منها:
• التدوير والنقل المستمر للمديرين على الوظائف المختلفة
• التدريب المستمر للعاملين
• جعل القرارات لامركزية قدر الإمكان
• التشجيع على تمازج الخبرات المختلفة
• قدرة عالية على تحمل الأخطاء والاستفادة منها
• الانفتاح والتقبل لوجهات النظر المختلفة
السمات والمميزات
حدد بيتر سينج سمات أساسية لهذه المنظمات هي:
• تفكير النظم (الجميع جزء من نظام تداؤبي واحد مفتوح على البيئة الخارجية)
• البراعة الشخصية
• النماذج الذهنية
• بناء الرؤية المتقاسمة
• بناء الفريق, فالهرمية تعمل ضد التعلم إذ (إن عناصر المعرفة تتركز في القمة دون تقاسمها مع الأدنى)
وحدد ديفيد غارفين:
• حل المشكلات بطريق منهجي
• التجريب الخلاق
• التعلم من التجربة الماضية
• التعلم من أفضل الممارسات لدى الآخرين
• نقل المعرفة بسرعة وفعالية في كل المنظمات
كما حددها ريتشارد دافت ب6 عناصر متفاعلة شبكيا:
1- القيادة المصممة والمعلمة والراعية
2- الإستراتيجية التشاركية (التشارك والانبثاق. فكل المنظمات كانت تتعلم إلا أن الجديد هو أن منظمات التعلم تتسم بالتعلم الاستراتيجي.)
3- الهيكل القائم على الفريق (التنظيم الشبكي)
4- الثقافة التكيفية القوية (الانفتاح والتقاسم الثقافي)
5- التمكين الإداري للعاملين
6- المعلومات المفتوحة من خلال طلب واكتساب المعرفة وتوليدها
الذاكرة التنظيمية:
لا تعلم تنظيمي بدون ذاكرة تنظيمية, فالأشياء التي لا علاقة لها بأعمال المنظمة لن يكون لها دلالة تنظيمية. فالذاكرة التنظيمية هي المستودع الذي يخزن فيه معرفة الشركة بهدف الاستخدام المستقبلي. وكلما كانت الشركة فعالة في استخدام هذا المستودع فإن ذلك مؤشر دال على التعلم التنظيمي, وعلى الفاعلية العالية أيضا. وحسب جيفري بيتش فان ضياع المعرفة يمكن أن يكون أكبر خسارة. وهذا ما حدث في ناسا NASA التي فقدت الطباعات الزرقاء لصارخ ساتورن وضاعت معه معرفة جوهرية شارك فيها حوالي 400 ألف مهندس ساهموا برحلة الهبوط على القمر عام 1969 فالذاكرة التنظيمية توجد لدى الأفراد أصحاب الذاكرة الفعالة. وفي ثقافة الشركة. وفي المعرفة الصريحة المسجلة في الشركة بشكل وثائق وقواعد بيانات وبرمجيات وفي استراتيجيات وسياسات الشركة. لذا من المهم تعظيم الاستفادة من الذاكرة التنظيمية من خلال التوثيق الفعال لتجارب وخبرات الشركة و المحافظة على أفرادها الأساسيين بما يضمن استمرارية الذاكرة الحية للشركة وتواصلها, وتحسين عملية الوصول لمعرفة الشركة باستخدام تكنولوجيا المعلومات وخرطنة معرفة الشركة من خلال تنظيمها وتحديدها. وتحويل المعرفة الضمنية إلى صريحة هيكلية بإبقاء أكبر ما يمكن من معرفة الأفراد في أنظمة الشركة وهيكلها الصلب حتى بعد إطفاء أنوار الشركة ومغادرة العاملين إلى بيوتهم, وذلك يتضمن تنمية روح الولاء والاستمرارية لديهم.
التعلم الإجتماعي:
إن التعلم وإن كان ذاتيا إلا أنه لا يتم إلا في إطار اجتماعي ومن خلال التفاعلات مع الآخرين وبسياقات محددة, وهذا مضمون نظرية التعلم الاجتماعي. فهذه النظرية تقوم على أساس أن التعلم يتحقق من خلال التفاعل مع الآخرين ولا يجري في فراغ ففي الشركات ذات الثقافات المحافظة يكون السلبي سائدا, وهذا النمط ينحى نحو المحافظة على الحالة القائمة ومبادئها وافتراضاتها, مما يمنع التعلم اللاحق لكل من يخالفه ومثل ذلك يؤسس للحلقة المفرغة للتعلم السلبي المعيق للتغيير. خلافا للشركات ذات الثقافة المرنة الموجهة للتعلم بشكله الايجابي في ظل علاقات اجتماعية تشجع على التعلم بدورة متفاعلة تؤسس للحلقة الحميدة للتعلم الإيجابي.
مفارقة التعلم والابتكار:
إن الحلقة السلبية للتعلم تطرح من خلال منهجها المحافظ ما يسمى بمفارقة التعلم والابتكار. فمن المعلوم أن التعلم يشكل القاعدة الفكرية والسلوكية لعملية الابتكار.. ولكن المفارقة تحصل خلال تلك المناخات المتكلسة والعلاقات الاجتماعية والبيئية المتزمتة التي لابد أن تشكل خصومة جديدة ولكن خطوة غير مألوفة إذ تعتبر بشكل مطلق مغامرة خاسرة , وخروجها على الخطة العامة.
ولذلك يستدعي الأمر تفتحا واعيا في بيئة العمل الاجتماعية لتشجيع الإبداع والمبدعين المجددين بشكل واع يرعى هذه العملية الضرورية لتجدد دورة حياة الشركة واستمراريتها وتقدمها, وهو لايتم إلا من خلال توجيه منحى التعلم بشكل ايجابي وذكي لايكرس القديم ويدور في فلكه وان حقق خلاله بعض النجاح المؤقت وفق منحنى التعلم.
إن منحنى التعلم المبني على حلقة التعلم الحميدة يضمن نجاحات متواصلة ومتصاعدة بشكل جدلي لولبي وبخاصة عند تحقيق ولاء العاملين وشدهم إلى الشركة بوسائل إدارية إنسانية متفتحة تهدف إلى المحافظة عليهم وتعظيم شأنهم, وتقلص إلى أدنى حد ثغرة دوران العمل وتركه من قبل بعضهم, فتلك الثغرة هي أكبر خطر يهدد منحنى التعلم ضمن حياة المنتج الواحد أو دوران حياة المنتج المتعاقبة.
القيمة التنافسية والتعلم:
إن تحقيق القيمة أو الميزة التنافسية يكمن في قدرة الشركة على التفوق على المنافسين في أحد مجالات الأداء الإستراتيجي ويعتمد ذلك بشكل أساسي على معدل التعلم الذي يحقق خفضا ملموسا في كلف الإنتاج ويشكل ميزة تنافسية في قيادة التكلفة, كذلك يتحقق من خلال الابتكار وإدخال الأساليب الجديدة في الإنتاج والخدمات التي لن تتحقق إلا بوجود موجة جديدة من التعلم ليشكلا تفاعلا جدليا يفضي إلى رافعة حلزونية في اتجاه تزايد القيمة أو الميزة التنافسية.
وهنالك شروط تمثل القاعدة الأساسية لتوليد القيمة التنافسية وأهمها:
• التعلم المستمر
• التعلم مسؤولية الجميع
• تسيير مصادر التعلم والحصول على المعرفة والخبرات داخل وخارج الشركة
• ثقافة التعلم التكيفية المستجيبة للتغيرات البيئية التي تتسم بالانفتاح وتحفيز التقاسم والشفافية وتقبل الفشل
• منهجية تحويل التعلم إلى قيمة
• إقامة معايير لقياس ومتابعة التعلم باستمرار
• إن إشاعة وتعميم منهج التعلم خلال العمل يعني انفتاح المنظمة وشفافية الاتصال وتبادل المعلومات والمعارف بين العاملين وبين المستويات التنظيمية عموما, مما يعني تجاوز هذه الأطر البيروقراطية وتحول التركيبة الهرمية التقليدية نحو تركيبة دائرية متقاربة المستويات التنظيمية تلغي الحواجز القديمة المتعارف عليها والتي كانت تحجب التنافذ والتفاعل العفوي, وتسعى لتطوير العاملين وسلوكهم التنظيمي الوظيفي. وهو ذو دلالة واضحة على أهمية هذه المنظمات الجديدة التي أثبتت جدارتها على الاصعد التشغيلية والعملياتية والإستراتيجية.
• إن منظمات التعلم قدمت المثال على تفوق المدخل النظمي هذا المدخل الذي يبنى على مبدأ التداؤبية وأن الجميع جزء من نظام متفاعل ديناميكي مفتوح على البيئة الخارجية , وإن الحصيلة الكلية هي أكبر من مجموع الأجزاء جبريا.
الخاتمة
إن إشاعة وتعميم منهج التعلم خلال العمل يعني انفتاح المنظمة وشفافية الاتصال وتبادل المعلومات والمعارف بين العاملين وبين المستويات التنظيمية عموما, مما يعني تجاوز هذه الأطر البيروقراطية وتحول التركيبة الهرمية التقليدية نحو تركيبة دائرية متقاربة المستويات التنظيمية تلغي الحواجز القديمة المتعارف عليها والتي كانت تحجب التنافذ والتفاعل العفوي, وتسعى لتطوير العاملين وسلوكهم التنظيمي والوظيفي. وهو ذو دلالة واضحة على أهمية هذه المنظمات الجديدة التي أثبتت جدارتها على الأصعدة التشغيلية والعملياتية والإستراتيجية
• إن منظمات التعلم قدمت المثال على تفوق المدخل النظمي هذا المدخل الذي يبنى على مبدأ التداؤبية وإن الجميع جزء من نظام متفاعل ديناميكي مفتوح على البيئة الخارجية, وإن الحصيلة الكلية هي أكبر من مجموع الأجزاء جبريا.
• ضرورة إعادة النظر في البرامج التربوية بما يتناسب وأهمية التعلم الذاتي منهجا ذهنيا مستقلا في التفكير وبخاصة خلال العمل.
• تشجيع البحوث الفردية للعاملين ووضع نظام للمكافآت ومحفزات خاصة للمتفوقين والمبتكرين.
• تشجيع التعليم المستمر والتعلم الذاتي ومكافأة المتميزين.
• تجهيز المنظمات بتقنيات حاسوبية واتصالات متقدمة وبشبكات معلوماتية متطورة وبخاصة الإنترنيت والانترانيت والاكسترانيت.
• تسجيل وتوثيق الخبرات المتحققة للمنظمة في سجلات وقواعد بيانات وحفضها وإتاحتها للعاملين لأغراض الإفادة والبحث والتطوير والابتكار.
• التوجه نحو بناء فرق العمل الادهوقراطية الشبكية Adhocracy بهدف الانفتاح وتقبل وجهات النظر المختلفة, وتمازج الخبرات, ولامركزية القرارات.
المراجع:
1 داغر الدكتور منقذ محمد و حرحوش الدكتور عادل (2000)" نظرية المنظمة و السلوك التنظيمي " وزارة التعليم العالي و البحث العلمي, بغداد.
2عبد الدائم الدكتور عبد الله (1984) "التربية عبر التاريخ"دار علم للملايين بيروت
3 دراكر بيتر (1994) "الإدارة والمستقبل" التسعينات وما بعدها ترجمة الدكتور صليب بطرس , الدار الدولية للنشر والتوزيع , القاهرة .
4 نجم الدكتور نجم عبود (2004) "إدارة المعرفة , المفاهيم و الاستراتيجيات و العمليات "مؤسسة الوراق للنشر , عمان.
Bateman and Snell (2002) ``management, McGraw-hill, Boston. 5
6 R.L. (2000) ``Management K Dryden Press, Fort Worth, Daft
7Coulter (2001) ``Management`` Robbins, S.P. and M prentice
Hall, New Jersy
Senge, peter M (1990) ``the fifthe discipline`` N.Y, double day 8
المصدر: موقع التنمية الإدارية .
نشرت فى 19 نوفمبر 2010
بواسطة ahmedkordy
أحمد السيد كردي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
30,765,102