أهمية الاتصالات الإدارية على تنمية الموارد البشرية
الاتصال هو عملية نقل هادفة للمعلومات من شخص إلى آخر، بغرض إيجاد نوع من التفاهم المتبادل بينهما. والاتصال الإداري هو عملية تبادل الأفكار والمعلومات من أجل إيجاد فهم مشترك وثقة بين العناصر الإنسانية في المنشأة. والعمليات الإدارية تقوم على تبادل البيانات والمعلومات.
ومن ناحية أخرى فإن المدير كقائد في عمله يحتاج لكي يحقق أهداف المنشأة إلى التوجيه، وكذلك يحتاج إلى أن يفهم العاملين معه ويوجه سلوكهم بشكل يضمن عدم تعارض هذا السـلوك مع الأهداف التنظيمية على الأقل. وكل هذا يحتاج إلى الاتصال بهم باستمرار لتوجيههم وتنظيم أعمالهم ومتابعتها.
إذن فالمعلومات والبيانات هي القلب النابض للعمليـة الإداريـة، وهي جوهر عمل القائد الإداري في المنشأة. وبقدر ما تكون هذه المعلومات والبيانات دقيقة وصحيحة، بقدر ما تكون قدرات المدير فاعلة. ونظراً لأهمية الاتصالات في تصريف شـؤون الإدارة، فهناك ضرورة قصوى لتنظيمها وتحقيق فاعليتهـا، بحيث تنساب المعلومات والبيانات في حركة مستمرة بين مستويات التنظيم المتعددة لما فيه خير المنظمة وتحقيق أهدافها.
المناخ السليم
إن من واجبات الإدارة العليا أن تعمل على خلق المناخ السليم للاتصال الفاعل، وذلك بوضع سياسة واضحة للاتصال تعمل على تحقيق الأهداف التنظيمية وإشباع الحاجات البشرية، حتى يكون الأفراد على علم تام بنشاط المنشأة وأهدافها وخططها وبرامجها والعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحكمها، وحتى يكون لديهم القدرة على تحقيق أهداف سياسة الاتصال بفاعلية ونجاح.
إن أهمية الاتصال في المنشأة وضرورة تنفيذ سياسة له على نطاق واسع بها، وما يتطلبه ذلك من مهارات وخصائص فنية عند وضع أنظمة وتحديد وسائله وتحرير رسائله وإخراجها بالشكل المقنع، يتطلب وجود فئة من الأخصائيين الأكفاء في هذا المجال لمعاونة الإدارات التنفيذيـة في تطبيق سياسة ونظام الاتصال، والعمل في إدارة تنشأ لهذا الغرض ضمن الهيكل التنظيمي يُطلق عليها إدارة الاتصالات الإدارية، يكون من واجباتها تحقيق التنسيق بين الإدارات والأقسام المتعددة في المنشأة، وربط المنشأة بالمجتمع الذي تعيش فيه، كما تقوم أيضاً بتقصي مشكلات الاتصال ومعوقاته في مواقع التنفيذ، والوقوف على نقاط الضعف في وسائل خطوط الاتصال، والتقدم بالاقتراحات للتغلب عليها وتقويم النتائج.
أسس عامة
وهناك أسس للاتصالات الإدارية تتمثل فيما يأتي:
أن هناك عدة أطراف لعملية الاتصال أو طرفين على الأقل يريد أحدهما (المرسل) أن يشارك الآخر (المستقبل) في فكرة معينة.
أن ذلك يتم عن طريق أسلوب معين أو فعل معين سواء كان الفعل لفظي أو غير لفظي، وسواء كان شفاهة أو كتابة.
أن لهذا الفعل (الاتصال) هدف لا يتم الاتصال بدون تحقيقه، وهو إيجاد حالة مشتركة من المعرفة. وبقدر ما ينجح المرسل في الوصول إلى هذه الحالة بقدر ما تكون عملية الاتصال قد حققت أهدافها.
عناصر الاتصال
المرسل: وهو مصدر الرسالة أو النقطة التي تبدأ عندها عملية الاتصال.
الرسالة: وهي الموضوع أو المحتوى (المعاني أو الأفكار) الذي يريد المرسل أن ينقله إلى المستقبل. ويتم عادة التعبير عنها بالرموز اللغوية أو اللفظية أو غير اللفظية أو بهما معاً.
الوسيلة: وهي الطريقة أو القناة التي تنتقل ﺑﻬا الرسالة من المرسل إلى المستقبل.
المستقبل: وهو الجهة أو الشخص الذي توجه له الرسالة ويستقبلها من خلال أحد أو كل حواسه (السمع والبصر والشم والذوق واللمس)، ثم يقوم بتفسير رموزها ويحاول إدراك معانيها.
التغذية العكسية أو (الاستجابة): وهي إعادة إرسال الرسالة من المستقبل إلى المرسل واستلامه لها وتأكده من أنه تم فهمها. والمرسل في هذه الحالة يلاحظ الموافقة أو عدم الموافقة على مضمون الرسالة.
أنواع الاتصالات
الاتصالات الرسمية:
تتم الاتصالات الرسمية من خلال خطوات السلطة الرسمية وأبعادها. وتأخذ الاتصالات الرسمية ثلاثة اتجاهات أساسية هي:
الاتصالات الهابطة: حيث تنساب التوجيهات والسياسات والقرارات والمعلومات كافة من الرؤساء إلى المرؤوسين.
الاتصالات الصاعدة: وأغلب هذه الاتصالات من تقارير العمل التي يرفعها الرؤساء المباشرين إلى الإدارة العليا. وكلما زادت الاتصالات الصاعدة، أي الواردة للإدارة، عن الاتصالات الهابطة والصادرة عنها، كلما أدى ذلك إلى كفاية المنشأة وزيادة إنتاجيتها.
الاتصالات الأفقية: ويأخذ هذا النوع مجراه بين أعضاء الإدارات والأقسام داخل المنشأة بهدف توفير عمليات التنسيق الضرورية للعمل.
الاتصالات غير الرسمية:
وهي تتم خارج القنوات الرسمية المحددة للاتصال، وتعتمد أساساً على مدى قوة العلاقة الشخصية التي تربط أجزاء التنظيم الإداري وبين أعضائه، ويلجأ إليها العاملون لتسهيل الأمور التنظيمية وتوفيراً للوقت في جمع المعلومات.
الاتصالات المحورية:
ويشمل هذا النوع من الاتصالات العلاقات القائمة بين المدراء والعاملين في إدارات أخرى غير تابعة تنظيميًا لهم. أي أنه اتصال يأخذ شكلاً غير رسمي تنظيمي يمكن ملاحظة أهمية الاتصال المحوري في المنشآت المتعددة الجنسية المنتشرة، حيث توضع الخطط والسياسات وفقًا لمجموعات المنتجات الرئيسية بصرف النظر عن المنطقة الجغرافية. وبذلك نجد أن الاتصال بين الشركات الخاصة بكل مجموعة من المنتجات وبين مجموعات المنتجات هو محوري.
وسائل الاتصال
الاتصال الشخصي أو المباشر:
ويحدث الاتصال الشخصي أو المباشر بين المدير وبين المشرفين والعاملين. ويعتبر الاتصال الشخصي أكثر مناسبة للموضوعات المعقدة والمثيرة للجدل، وأكثر فائدة لصالح العمل.
الاتصال الكتابي:
وهو الاتصال المعمول به في المنشآت الحكومية كافة والمنشآت الخاصة الصغيرة منها والكبيرة. ويأخذ الاتصال الكتابي شكل المذكرات والاقتراحات والخطابات المتبادلة والأوامر والتعليمات والتقارير الدورية والشكاوى والتعاميم. وبموجب الاتصال الكتابي تتاح الفرصة لاختيار كلمات الرسالة بحيث تكون أكثر تعبيراً.
ويتوقف نجاح الاتصال إلى حد كبير على كل من المرسل والمستقبل وعلى كفاءة وسيلة الاتصال. فلا بد للمرسل من أن يكون شخصاً ماهراً في التعبير لما يريد أن يوصله إلى المستقبل، كما أن المستقبل هو الآخر يحتاج إلى مهارة وقدرة على الاتصال والفهم لما يريد أن يقوله المرسل.
معوقات الاتصالات
معوقات شخصية:
ويُقصد بها مجموعة المؤثرات التي ترجع إلى المرسل والمستقبل في عملية الاتصالات وتحدث فيها أثراً عكسياً، وتعزى هذه المعوقات بصفة عامة إلى مداركهم العقلية نتيجة الفروق الفردية التي تجعل الأفراد يختلفون في حكمهم وفي عواطفهم وفي مدى فهمهم للاتصال والاستجابة له، وعدم القدرة على التعبير الجيد واختيار ألفاظ مبهمة، وكذلك مدى الثقة بين الأفراد. فضعف الثقة بينهم يؤدي إلى عدم تعاونهم وبالتالي حجب المعلومات عن بعضهم البعض، مما يعقد عملية الاتصالات ويحد من فاعليتها.
معوقات تنظيمية:
وترجع أساساً إلى عدم وجود هيكل تنظيمي يحدد بوضوح مراكز الاتصال وخطوط السلطة الرسمية في المنشأة، مما يجعل القيادات الإدارية تعتمد على الاتصال غير الرسمي والذي لا يتفق في كثير من الأحيان في أهدافه مع الأهداف التنظيمية. وقد يكون التخصص، وهو أحد الأسس التي يقوم عليها التنظيم، من معوقات الاتصال، وذلك في الحالات التي يشكل فيها الفنيون والمتخصصون جماعات متباينة لكل منها لغتها الخاصة وأهدافها الخاصة، فيصعب عليها الاتصال بغير الفنيين المتخصصين. وعدم وجود سياسة واضحة لدى العاملين في المنشأة تعبر عن نوايا الإدارة العليا تجاه الاتصال أو قصور هذه السياسة. وعدم وجود وحدة تنظيمية لجمع ونشر البيانات والمعلومات، وعدم الاستقرار التنظيمي، يؤديان أيضاً إلى عدم استقرار نظام الاتصالات بالمنشأة. وكذلك كبر حجم نطاق الإشراف وكثرة المستويات الإدارية، وعدم وجود هيكل تنظيمي يشير
إلى وضوح الاختصاصات والصلاحيات، أيضًا غياب السياسة الواضحة لنظام الاتصالات في المنشأة التي توضح أهداف الاتصالات الإدارية في المنشأة وتساعد على تحديد السلطة والصلاحيات والمسؤوليات وتمنع التداخل بين الوحدات التنظيمية.
معوقات بيئية:
ويُقصد بها المشكلات التي تحد من فاعلية الاتصال والتي ترجع إلى مجموعة العوامل التي توجد في المجتمع الذي يعيش فيه الفرد سواء داخل المنشأة أو خارجها. ومن بين هذه العوامل اللغة التي يستخدمها، واستخراجه لمعاني الكلمات في ضوء قيمه وعاداته وتقاليده، بالإضافة إلى عدم كفاية وكفاءة أدوات الاتصال، وعدم وجود نشاط اجتماعي على نطاق كبير في كثير من المنشآت. ولا شك أن طريقة الاتصال تتأثر بمدى التفاهم والتعاون القائم بين العاملين، فدرجة التفاهم والانسجام التي تتوافر بينهم تحدد أسلوب الاتصال ومدى فاعليته. إن درجة الحرارة والإضاءة وسوء التهوية ووجود الضوضاء، تساعد على إعاقة الاتصال الفاعل. والحيز المكاني الضيق مع كثرة المراجعين، يعرقل الاتصال الفعّال ويؤدي للتوتر.
معوقات نفسية اجتماعية:
مثل كون طرفي الاتصال من مجتمعات مختلفة، حيث يجب تعزيز العلاقات الاجتماعية بين العاملين على تعدد مستوياتهم التنظيمية، وذلك لرفع الحواجز النفسية والاجتماعية بين المديرين والعاملين لتحقيق أهداف الاتصال.
كلمة أخيرة
من خلال ما تقدم، يتضح لنا أنه متى ما انتهجت المنشأة إلى تدعيم العلاقات الإنسانية والاجتماعية بين العاملين بروح الفريق الواحد وخلق جو صحي ودي بين العاملين والمديرين والمشرفين، فإن ذلك يؤدي إلى تحسين قنوات الاتصال بها وتعزيز فرص تحقيق أهدافها.وسوف تكون من أوائل المنشآت المتفوقة في جميع المجالات بكل جدارة واقتدار.