الحمد لله الحي القيوم، الذي خلق الليل والنهار، والظلمات والنور، يحي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، جعل الليل لباساً، والنهار معاشاً، وسخر الشمس والقمر، له الحمد في الأولى والآخرة، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد…فإن جوانب من طبيعة الإنسان، وجمعاً من سلوكياته تبقى غامضة على الفهم، يصعب التكهُّن بحقيقتها، على الرغم من إلف الإنسان بها، وممارسته لها في حياته اليومية؛ فهذه الروح التي يحتضنها بين جنبيه، وهذا العقل الذي يُميِّز به، وهذه الأجهزة المختلفة، والشبكات الدموية والعصبية التي ينهض بها، وهذه الألوان المتنوعة من مظاهر السلوك التي يتعاطاها في يومه، فرغم كل أعمال الرصد والبحث العلمي تبقى هذه الجوانب والمسالك مستعصية على الكشف العلمي الدقيق، الذي يبلغ درجة اليقين في معرفة كنهها، والكشف عن حقيقتها؛ فإن جزءاً ضخماً من الإنسان وسلوكياته لايزال غامضاً حين يقف الباحثون عند حد الوصف، ويبقى كثير من العلل تخميناً لا يصل إلى حد الجزم القاطع.

ولعل من أعجب مظاهر الإنسان غموضاً، ومن أشدها غرابة، رغم التصاقها وامتزاجها بكيان الإنسان: ظاهرة النوم، فعلى الرغم من أن تجربة النوم يعرفها كل الناس، ويخوضون تجربتها كل يوم، ويشاهدونها في بعضهم وفي الدواب من حولهم، تبقى هذه الظاهرة غامضة يصعب الجزم بحقيقتها.

إن ظاهرة إنسانية تستوعب ثلث عمر الإنسان، ثم يكتنفها كل هذا الغموض: لجديرة بالبحث والتنقيب، وصدق الله عز وجلّ إذ يقول: { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الروم:23]، فجعل سبحانه وتعالى النوم آية من آياته الدالة على عظيم قدرته، وعجيب صنعه.

وقد أشار المولى عز وجل في آيات متفرقة من كتابه الكريم إلى ظاهرة الليل والنهار، وما يرتبط بها من النوم واليقظة، والسكون والحركة، فقال سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا} [الفرقان:47]، وقال أيضاً: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [يونس:67]، وقال أيضاً: {وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص:73]، وقال في موضع آخر من كتابه العزيز: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا* وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ:11].

هذه الآيات وغيرها كثير تدل على أن ظاهرة النوم آية من الآيات المستحقة للتأمل وإمعان النظر، حين خُلق الإنسان متناسقاً مع نظام الكون، متوافقاً مع دورته الفلكية، فحاجة الناس إلى النشاط والحركة والانتشار وطلب المعاش التي لابد منها لعمارة الأرض يلبيها ضوء النهار بإشراق شمسه على الأرض، وحاجتهم إلى الراحة والهجوع والسكون يلبيها الليل بظلامه العام الذي يغشاهم، فيضرب عليهم بالنوم، الذي لابد منه لصلاح أبدانهم، وسلامة نفوسهم.

والسياق القرآني في حديثه عن النوم لا يتناوله في معرض الحديث عن حقيقته، وإنما يتناوله بهدف بيان أهميته للإنسان، ووضعه ضمن قوائم النعم التي يتفضل الله تعالى بها على عباده، وهذا يشير إلى أن بحث الماهية قد لا يجدي كثيراً من النفع بقدر جدوى البحث عن سبل استثمار هذه النعمة، والاستفادة من تسخيرها في مصلحة الإنسان؛ فمما لا شك فيه أن النوم ضرورة غريزية لا يستغني عنها الإنسان، وهو ضرورة لصحة البدن، واستقرار النفس، وسلامة التفكير، ومع ذلك فهو حالة نقص تناسب ضعف الإنسان وحاجته؛ ولهذا تنزه الخالق سبحانه وتعالى عنه فقال في كتابه العزيز: {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ...} [البقرة:255]، وقال الرسول r: "إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام"، ومع ذلك فإن هذه الحالة الفطرية من النقص البشري لا تشين الإنسان في شيء، فإن أهل التقوى في عبادتهم لله تعالى لا يفرقون في طلب الأجر بين النوم واليقظة؛ إذ يعتبرون نومهم عبادة، كما يعتبرون صلاتهم في حال يقظتهم عبادة، وفي هذا يقول الرسول r: "ما من رجل تكون له ساعة من الليل يقومها فينام عنها إلا كُتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقةً تُصُدِّقَ به عليه"، فالمسلم يطلب الأجر والثواب على نومه كما يطلب الأجر والثواب على قيامه في الصلاة كما هو حال السلف،ولهذا جاء التوجيه النبوي للناعس في صلاته أن يرقد حتى يذهب عنه النوم فلا يصلي إلا على نشاط، فإن الأجر لن يفوته مادام قد عقد النية الصالحة.

والإنسان يتحد مع طوائف الكائنات الحية المختلفة في حاجة الأجسام –غريزياً- إلى النوم، بحيث يتحقق لهذه الكائنات المتنوعة كفايتها من الهجوع البدني، في صورة من صور الاسترخاء المختلفة المعبَّر عنها بالنوم؛ لتسترد به نشاطها الجسمي من جديد في دورة الحياة، وهو ظاهرة فيزيولوجية غامضة، لا تزال حتى اليوم مجهولة الحقيقة رغم المعلومات الكثيرة المرصودة حوله، فلا يُعرف عنه إلا أنه: "غشْية ثقيلة تهجم على البدن فتبطل عمل الحواس".

والإنسان من بين هذه الطوائف الحية يملك - إلى حدِّ كبير- إرادته في أسلوب إشباع حاجته إلى النوم، من جهة عدد الساعات، ومن جهة تحديد وقته من الليل والنهار. ومن هذا الباب يدخل الخلل والاضطراب على الإنسان بين الإفراط والتفريط؛ حيث تفتقر حاجاته الفطرية المختلفة إلى مبدأ الاعتدال بين الطرفين المذمومين في كل مسلك من مسالكه الحياتية المتنوعة. ولئن كان النوم الصحي مهماً للجنسين فإنه يمثل للإناث ضرورة لجمالهن، ونضارة وجوههن، إذ هن بالفطرة أحوج إلى الجمال من الذكور،وقد ثبت أن النساء العاملات – بصورة خاصة - هن أكثر فئات المجتمع جهداً، وأقلهن نوماً.

وعلى الرغم من كثرة الدراسات والأبحاث حول ظاهرة النوم عند الكائنات بصورة عامة، وعند الإنسان بصورة خاصة: تبقى هذه الظاهرة الفيزولوجية غامضة على الباحثين، مجهولة الحقيقة.

ولعل جدوى البحث المثمر تكون أبلغ حين توجه نحو استثمار هذه الظاهرة الإنسانية، والاستفادة منها بما يحقق صحة الإنسان الجسمية والنفسية والعقلية، وذلك حين يلتمس الباحثون العوامل التي تساعد على الإفادة من النوم، لاسيما وأن الإنسان يقضي ثلث حياته مستغرقاً في نوم عميق أو حالم، فحريٌّ بالباحثين تقصي عوامل النوم الصحي المفيد من جهة: المدة، والوقت، والعمق، والهيئة لمساعدة الإنسان – ذكراً كان أو أنثى- كيف يستفيد من ساعات نومه، وتحصل له آثار النوم الصحي في جسمه وعقله ونفسه.

ولقد حفلت التربية الإسلامية – بمنهجها الرباني الفريد- بظاهرة النوم؛ فقد تحدث عنها القرآن الكريم، والسنة المطهرة، باعتبارها نعمة من نعم الله تعالى، ووجهت السنة النبوية لنهج الفطرة السوية في التعامل مع هذه الظاهرة الفيزيولوجية بما يحقق الصحة العامة، وكمال بناء الشخصية الإنسانية.

عامل المدة من العوامل المهمة للنوم الصحي، ويُقصد بعامل المدة: عدد ساعات النوم، بحيث لا تنقص ساعات نوم الإنسان الطبيعية عن ست ساعات يومياً، ولا تزيد عن ثمان إلا لحاجة، ويعتبر الإناث بحكم طبيعة مسؤولياتهن الاجتماعية المنزلية أقل من الذكور حاجة إلى مزيد من النوم، خاصة وقد ثبت ضرر الإكثار من النوم على الصحة البدنية والنفسية، في الوقت الذي لُوحظت فيه الانعكاسات الإيجابية المتعددة على شخصيات الأفراد المعتدلين في ساعات نومهم؛ ولهذا قال عبد الملك ابن مروان لمؤدب أولاده: "علِّمهم العوْم، وخُذهم بقلَّة النوم".

وقد لُوحظ أن الإفراط في النوم يرجع أحياناً إلى أسباب عضوية تُنهك قوى البدن، أو نفسية مؤلمة تُلجئ صاحبها إلى الاستغراق في نوبات طويلة من النوم؛ حتى يستعيد من جديد نشاطه النفسي المنْهك. وكثيراً ما يكون سبب الإفراط في النوم راجعاً إلى الإكثار من الطعام قبل النوم؛ فإن هذا المسلك مع كونه ضاراً بالبدن: فإنه يزيد من ساعات النوم اليومية، فلابد أن يراعي المسلم ذلك من نفسه؛ فإن نهج الاعتدال- في كل ذلك- هو الموصى به في كل جوانب سلوك الإنسان حتى تتحقق لـه المنافع المرجوة من حكمة تركيب الغرائز المختلفة.

ويقصد بعامل الوقت: زمن حصول النوم، بحيث يكون غالب موقع النوم في الليل دون النهار؛ لكونه أنفع للبدن، إلا أن يكون شيئاً يسيراً وقت القيلولة للحاجة، فإن السلف كانوا يكرهون النوم بالنهار، خاصة بين الفجر وشروق الشمس؛ لما فيه من المضار الصحية والكسل، وفوات دعوة الرسول r:"اللهم بارك لأمتي في بكورها"، فقد كان هشام بن عبد الملك يقول لأولاده: "لا تصطبحوا بالنوم؛ فإنه شؤم ونكد".

وتُعد حالات الأرق الليلي أشد ما ينغِّص على الإنسان أخذ حقه الكافي من النوم في ساعات الليل، فإن الأرق من أوسع أنواع اضطرابات النوم شيوعاً بين الناس، خاصة بين النساء، وهو مع ذلك من أكثرها ضرراً بالصحة العامة، وغالباً ما ترجع أسبابه إلى معاناة اجتماعية مؤلمة، أو مشكلات نفسية مزعجة،أو رواسب إعلامية مثيرة، أو آمال مستقبلية مُشْغلة، فإن لم يكن شيء من هذا فغالباً ما يكون الأرق بسبب النوم في النهار، أو وجود عامل مقلق من حر، أو ضوء، أو سوء هضم، أو ضوضاء ونحو ذلك. وسبب واحد من هذه الأسباب كاف لإقلاق الشخص ساعات طويلة دون نوم؛ فإن أي اضطراب نفسي لابد أن ينعكس سلباً على النوم، وقد يساعد على هذا وجود الكهرباء التي أغنت أهل السَّهر عن ضوء النهار، وطبيعة نظام الحياة الحديثة التي "لا تعترف بجعل النهار للسعي، والليل للنوم، فإنها في يقظة دائمة من خلال وسائل الاتصال، ووسائل المواصلات، والخدمات الطبية، والشرطة، وغيرها من المرافق التي لا تعترف بالليل وقتاً للنوم".

إن على الإنسان أن يدرك " أن الآلية التي يتم بها النوم آلية معقدة، ولم تُكْشف أسرارها النهائية حتى الآن"، وحاجته للنوم الكافي ضرورة صحية ملحة لمتابعة مسيرة الحياة، وفرض ذلك من خلال العقاقير الطبية لا يزيده إلا سوءاً، وربما أدمن عليها، وقد ثبت أن الأقراص المنوِّمة يكثر استعمالها بين النساء في منتصف أعمارهن، وعند المترفين من الأغنياء، والحلُّ الصحيح للمشكلة يكون بإزالة أسبابها، والسعي الحثيث في عدم استفحالها، مع حسن التوكل على الله تعالى، وتمام الثقة به؛ فإنها من أعظم وسائل الاسترخاء العصبي، إلى جانب الإكثار عند إرادة النوم من ذكر أمور الآخرة، فإن فاطمة بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهما تقول: " شكوت إلى محمد بن علي كثرة السهر والفكر، فقال: اجعلي سهرك وفكرك في ذكر الموت، قالت : ففعلت، فذهب عني السهر والفكر".

وإضافة إلى كل هذا : ضرورة الاعتياد على النوم المبكر ليلاً، فإنه أفضل صحياً ونفسياً، بحيث يتكلف المسلم ذلك تكلفاً حتى يصبح طبعاً له، فإن العادة إذا استحكمت كانت كالطبيعة للإنسان، تعمل عملها في  حفظ الصحة؛ فإن اضطراب أوقات النوم عامل من عوامل القلق، وأكثر الشكوى تأتي من جهة صعوبة الدخول في النوم، ورغم اتساع مشكلات اضطرابات النوم فإنها في النساء أكثر، وقد ثبت عن رسول الله r  أنه كره السَّهر بعد العشاء الآخرة لغير حاجة، وذمَّ الإفراط فيه ولو كان في عبادة. فلابد أن يراعي المسلم ذلك حتى يحصل له الانتفاع الكامل من ساعات نومه اليومية.


عامل العمق هو أشد فترات النوم وأسكنها، وهو ما يُسمَّى بالتسبيخ،حيث تستحوذ حالة النوم على جسم الإنسان وأجهزته العصبية، وتمتلكُ النفسَ وقواها الإرادية، ويحصل من جرَّاء ذلك الاسترخاء الكامل، الذي يخرج صاحبه عن تبعات التكليف. وهذه الحالة أنفع فترات النوم، وأكثرها فائدة لصحة البدن؛ حيث تُساهم بصورة فعالة في بناء النشاط الجسمي، وتأهيله للعمل من جديد، وعادة ما تكون هذه الحالة من النوم العميق في الساعات الثلاث الأولى من فترة النوم، وأما أقل فترات النوم نفعاً للبدن: فترات النوم الحالم، التي تكثر فيها الأحلام المنامية، حيث تستهلك نصف زمن النوم تقريباً،وعادة ما تكون قريبة من حال اليقظة؛ لما فيها من النشاط الفكري الذي يُسهم بصورة إيجابية في استرداد النشاط العقلي، أكثر من إسهامه في بناء القوى البدينة، وهذا النوع من النوم مهم للصحة النفسية، ونقصانه مضر بالفرد؛ ولهذا تزيد ساعات النوم الحالم عند الذين يُحرمون منه حين تُتاح لهم فرصة جديدة للنوم، كما تزيد بزيادة ساعات النوم عموماً وتنقص بنقصها، إلا أنه يبقى للنوم العميق أهميته الكبرى في بناء قوى الإنسان البدنية.

ومن هنا يصبح من المنطق توجيه المسلم لاتخاذ الأسباب المؤدية إلى زيادة فترات النوم العميق، ولعل من أنفع وسائله إلى ذلك: أن ينام عند شعوره بالنعاس وحاجته إلى النوم، فيقبل عليه بمزاج هادئ معتدل، بعد انهضام الطعام، متجنباً- في ذلك- المواد النشوية الدسمة، والمثيرات الصوتية والحسية المزعجة؛ فإن طبيعة حاله قبل النوم، وما يحتف به أثناء النوم من مثيرات: لهما تأثيرهما البالغ في مقدار عمق النوم، وطول فترة الأحلام، ونوع مضامينها، ولما كانت الفتيات- عموماً- بعد البلوغ أكثر أحلاماً من الفتيان، فإن أشد ما يُعكِّر على الفتاة أخذ راحتها في النوم: الأحلام المزعجة، بما تحمله من الموضوعات المخيفة والمثيرة والمشوِّشة، التي تغلب عادة على مضامين رؤآها؛ حيث يدخلها الشيطان بوسوسته، فيتلاعب بالفتاة في منامها بأهوال مزعجة، وتشويشات منغِّصة، تُفسد على الفتاة عمق نومها، إضافة إلى الضجيج الذي أصبح جزءاً من حياة الإنسان المعاصر؛ "إذ لم يحدث قط في تاريخ البشرية أن استقبلت شعيرات السمع من ألوان الضجيج المختلفة في تعددها مثل ما تستقبله في هذا العصر"،فلابد أن يتخذ الإنسان التدابير والأسباب الواقية من مُعكِّرات النوم، بما يحقق له  فترة أطول ضمن النوم العميق النافع للبدن، ولا تفُوته- في الوقت نفسه- حاجته المناسبة من النوم الحالم المنشِّط للنفس والعقل.

المقصود بالهيئة : حال الإنسان أثناء النوم من جهة: الطهارة الكاملة- من الحدثين الأصغر والأكبر- الباعثة على صفاء النفس، وانشراح الصدر، ومن جهة الذكر والدعاء الصَّارف للوساوس الشيطانية، والهواجس النفسية، ومن جهة صفة الاضطجاع أيضاً، فقد اختار الرسول r  لنفسه النوم على الشق الأيمن، وكره للرجل النوم على البطن، وكره السلف للمرأة خاصة الاستلقاء على الظهر، حتى قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله لأمَته: "لا تدعين بناتي ينمن مستلقيات على ظهورهن، فإن الشيطان يظلُّ يطمع ما دمن كذلك".

وأما باب النية في النوم، فإنها من أوسع أبواب الخير التي يرجوها المسلم، ومن أحسن ما يتهيأ به للنوم؛ حتى ينال مع لذة نومه أجراً وثواباً، فقد كان السلف لا يفرقون في اكتساب الأجر بين أعلى درجات العبادة، وبين أعظم الملذات المباحة، حتى قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: " أما أنا فأقوم وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي"، يعني من الأجر والثواب.

ومن خلال هذه العوامل الأربعة يمكن للمسلم -ذكراً كان أو أنثى- أن يستمتع منتفعاً بنومه في أكمل صورة ممكنة، وهو بقدر ما يُخلُّ بشيء منها: بقدر ما يفقد من كمال انتفاعه، ويُنقص من درجة استمتاعه.


المصدر: عدنان بحارث .
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 120/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
40 تصويتات / 1449 مشاهدة
نشرت فى 11 أغسطس 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

29,888,312

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters