الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد فإن حسن الظن بالله تعالى أصل عظيم من أصول العقيدة الإسلامية، أصل من حققه واعتصم به نال السعادة في الدنيا وكان من أهل النجاة في الآخرة، ومن أخل به أو فقده كان من أهل الشقاوة في الدنيا ومن أهل الخسارة في الآخرة، وإن حسن الظن بالله مبدأ كل خير يكسبه العبد كما أن سوء الظن بالله مبدأ كل شر يكتسبه، وهو أمر أوجبه الله تعالى علينا ورسوله فقال صلى الله عليه وعلى آلة وسلم: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" (رواه مسلم)، أي وهو يصدق وعد الله تعالى لعباده المؤمنين بالعفو والمغفرة ويرجو أن يكون منهم، إنّ مما هو ظاهر علمه في الناس وجوب حسن الظن بالمسلمين، حيث إذا سمع أحدهم يقول قولا يحتمل الخير والشر أو يفعل فعلا من هذا الجنس إلا وجدت أهل الخير والإيمان يقولون: لابد أن نحمله على الخير، لأنه ينبغي حسن الظن بالمسلم، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) الحجرات: ١٢، فإذا كان هذا مع المخلوق المقصر والمذنب واجبا، ألا فلتعلموا أنّه مع الخالق جل وعلا أوجب. هذا وقد علمنا ربنا سبحانه أن نرد كل خير ونعمة إليه، وأن نرد كل شر ونقمة إلى ذنوبنا أو تقصيرنا فقال جلّ شأنه لنبيه: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) النساء: ٧٩  مع أنّه قد قال قبلها: (كل من عند الله) فإذا جاء الخير نسب إلى الله تعالى لأنّه هو خالقه والمتفضل به على عباده والموفق لهم إليه، وإذا جاء الشر لم ينسب إليه وإن كان هو خالقه، بل ينسب إلى العبد المتسبب فيه تعظيما لله تعالى وإجلالا له وإعمالا لحسن الظن به.

ومن معنى حسن الظن بالله:

ومن معنى حسن الظن بالله تعالى إثبات صفات الكمال التي لا نقص فيها لله عز وجل، كالعلم الذي يشمل جميع المعلومات والموجودات وغير الموجودات، والقدرة على كل شيء، والإرادة المطلقة التي لا يعارضها شيء، والغنى المطلق بحيث لا يحتاج إلى غيره، والعدل في الحكم فلا يظلم أحدا وهو الحكيم الرحيم الغفور الودود إلى غير ذلك من صفات الجلال والجمال التي يتصف بها ربنا سبحانه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى: ١١. ومن معنى حسن الظن بالله تعالى أن تُحمل أفعاله الكونية وأحكامه الشرعية على المحامل الحسنة وأن يُظن فيها الخير، وأن لا تطعن فيها بوجه من الوجوه وأن لا يُعترض عليها لا بالقلب ولا باللسان.

احذروا سوء الظن بالله:

وقد أخبرنا المولى عز وجل أنّ سوء الظن به كان سبب ضلال المشركين فقال مخاطبا لهم: (وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) فصلت: ٢٢ – ٢٣، المقصود أنّ ظنهم السيئ من أنّ الله تعالى لا يطلع على أعمالهم هو الذي أهلكهم، ويؤكد هذا المعتقد الفاسد الذي كان فاشيا في أهل الجاهلية حديث ابن مَسْعُودٍ قَالَ: "اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَتُرَوْنَ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ وَقَالَ الْآخَرُ يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا وَقَالَ الْآخَرُ إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَهُوَ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا" (متفق عليه).

ويقول جل جلاله عن منكري الرسالة: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ) الأنعام: ٩١، المعنى ما عظموه حق تعظيمه؛ لما ظنوا أن الله تعالى يترك عباده سدى وهملا لا يهديهم إلى سبيله، ولا يقيم عليهم الحجة بإرسال الرسل وإنزال الكتب.

وإن كل كفر وجد على وجه الأرض إلا وكان سببه سوء الظن بالله تعالى، ككفر منكري البعث الذي قالوا: (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) الصافات: ١٦، وكفر المنافقين كما قال تعالى في صفة المنافقين والمشركين: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) الفتح: ٦  أي يتهمون الله تعالى في حكمه ويظنون بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أن يقتلوا ويذهبوا بالكلية، وهو شك في وعد الله تعالى نبيه بالنصر والتمكين. لذلك رد عليهم بقوله: (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) الفتح: ٧، وكيف لا يكون المنافقون قد أساؤوا الظن بالله تعالى وهم يحسبون أنّهم يخادعون الله تعالى وأنّهم لا يعلمون ما يسرون به، وكيف لا يكون المشركون قد أساؤوا الظن الله تعالى وهم يظنون أنّ الله تعالى لا يجيب دعاءهم إلا بالوسائط والشفعاء.

الآثار العملية لحسن الظن بالله:

إنّ إسلام العبد لله تعالى لا يمكن أن يكون إسلاما صحيحا تاما من دون هذا الأصل العظيم "حسن الظن بالله"، ذلك أنّ كثيرا من الواجبات الشرعية من عقائد وعمال متوقفة عليه، تتحقق بوجوده وتضعف بضعفه وتنعدم بانعدامه، ومن تلك الواجبات: 

1-إخلاص الدعاء لله تعالى:

فإنّه مما هو معلوم أن "الدعاء عبادة" كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو عبادة واجبة لقوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) غافر: ٦٠،  فسمى من أبى دعاءه مستكبرا وتوعده بدخول النار، ولولا حسن ظن العبد بربه لما رفع يديه إليه، فهو حال دعائه يعتقد أنّ الله يسمعه وإن أسر، وعالم بحاله وإن خفي، وقادر على أن يجيبه ويفرج كربه وإن عجز عن ذلك الخلق جميعا، وقد جاء في الحديث: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة "(رواه الترمذي وأحمد وحسنه الألباني)، ومن معنى اليقين أن يعتقد بأنّ الله قد سمع الدعاء وأنّه مجيب الدعاء، فإن حدث أن تأخرت الإجابة لم يستعجلها العبد لأنّ الرسول قد أخبرنا أنّه "يستجاب لأحدنا ما لم يستعجل" (متفق عليه)، ثم من لم يستعجلها وحقق أسباب الإجابة وشروطها ثم لم يستجب له فهو يعلم أن وقع في مانع من موانع الاستجابة، وعلى كل حال فهو يحقق هذه العبادة على الوجه الذي أمر به.

2-التوكل على الله حق التوكل:

وكذلك من دون حسن الظن بالله تعالى لا يمكن للعبد أن يحصِّل عبادة التوكل عليه، والله تعالى يقول:( وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(المائدة: 23) (المائدة: 23) فجعل التوكل شرطا في الإيمان، ولا يمكن لعبد أن يتوكل على من يسيء الظن به، لأن التوكل يقوم على ركنين أساسيين الثقة بالله والاعتماد عليه، والناس في معاملتهم الدنيوية لا يسندون قضاء حوائجهم والقيام على شؤونهم إلا إلى من عرفوهم بالثقة والأمانة والقدرة، فالاعتماد عليهم كان فرع حسن الظن بهم، فكذلك التوكل على الله لا يكون إلا فرعا عن إحسان الظن به، فيعتقد العبد أنه أودع قضيته عند من لا يضيعها قال تعالى:( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )(الطلاق:3) أي فهو يكفيه ويغنيه عن غيره.

3-الرجاء وانشراح الصدر:

حسن الظن بالله يحقق عبادة الرجاء في الله تعالى، وقد يعبر بأحدهما عن الآخر كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" (مسلم). وهو سبب من أسباب انشراح صدر المؤمن، قال ابن القيم في مدراج السالكين (1/471): "وكلما كان العبد حسن الظن بالله حسن الرجاء له صادق التوكل عليه، فإنّ الله لا يخيب أمله فيه البتة، فإنّه سبحانه لا يخيب أمل آمل ولا يضيع عمل عامل، وعبر –أي صاحب المنازل-عن الثقة وحسن الظن بالسعة، فإنّه لا أشرح للصدر ولا أوسع له بعد الإيمان من ثقته بالله ورجائه له وحسن ظنه به".

4-التوبة والإنابة إلى الله تعالى:

ومن ثمار هذا الأصل أيضا تحصيل التوبة وهي من العبادات الواجبة على المؤمنين جميعا، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور: ٣١، ولا يتصور حصول التوبة من العبد المذنب الخطاء إذا كان حسن الظن بالله تعالى غائبا غير حاضر، فالعبد الذي يستولي عليه القنوط وييأس من رحمة الله ولا يرجو عفوه لا يمكنه أن يتوب إلى الله بتاتا، وإنما الذي ييسر له التوبة والإنابة إلى الله تعالى أن يتذكر قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر: ٥٣، وأنّ الله يفرح بتوبة عباده فرحا شديدا، وغير ذلك مما يجعله يطمئن ويدرك أن لا مفر من الله إلا إليه فيسارع بالفرار إليه. وفي الحديث القدسي المتفق عليه: "أنا عند ظن عبدي بي"، والمراد الحث على ظن المغفرة، لأن معنى الحديث كما قال العلماء: "أنا أعامله على حسب ظنه بي وأفعل به ما يتوقعه مني من خير أو شر".

5-الزيادة في الطاعة:

قال الحسن البصري: "إنّ المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل، وإنّ الفاجر أساء الظن به فأساء العمل"، وقال ابن القيم في الجواب الكافي (14-15): "ولا ريب أنّ حسن الظن إنما يكون مع الإحسان، فإنّ المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه ولا يخلف وعده ويقبل توبته، وإنما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات؛ فإن وحشة المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد، فإن العبد الآبق المسي الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به، ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبدا، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته وأحسن الناس ظنا بربه أطوعهم له".

6-الاستسلام والإذعان لأحكام الله تعالى:

ومن الأمور الناتجة عن حسن الظن بالله تعالى الاستسلام لأحكامه وشرائع دينه جملة وتفصيلا، وانعدام الاعتراض عليها وعدم الرضا بها من القلوب فضلا عن أن يظهر ذلك على الجوارح، لأنّ المسلم يعتقد أنّ الله أحل لعباده الطيبات التي تنفعهم وحرم علهم الخبائث التي تضر بهم، ولم يأمرهم بشيء إلا وفيه تحقيق مصلحة لهم عاجلة في الدنيا أو آجلة في الأخرى، فالله تبارك وتعالى غني عنا وعن عبادتنا له، يقول سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الطويل الذي خرجه مسلم: "يا عبادي إنّكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".

7-الرضا بالقضاء والقدر:

وإذا كان حسن الظن بالله حاضرا كان الرضا بالقضاء والقدر موجودا، فإذا جاء المقدور الذي هو شر رضي به العبد واتهم نفسه لا ربه جل جلاله كما سبق ذكره، ولابد للعبد أن يرضى لأنه يعتقد أن الله لا يظلم أحدا من عباده. وقد قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: "عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتلاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ " (رواه ابن ماجة)، وقال ابن القيم في زاد المعاد (3/236-237): "فإن غالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق ناقص الحظ وأنّه يستحق فوق ما أعطاه الله ولسان حاله يقول ظلمني ربي ومنعني ما أستحقه ونفسه تشهد عليه بذلك وهو بلسانه ينكره ولا يتجاسر على التصريح به، ومن فتش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها كامنا كمون النار في الزناد فاقدح زناد من شئت ينبئك شراره عما في زناده، ولو فتشت من فتشته لرأيت عنده تعتبا على القدر وملامة له واقتراحا عليه خلاف ما جرى به، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم من ذلك، فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإنّي لا أخالك ناجيا، فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا الموضع وليتب إلى الله تعالى وليستغفره كل وقت من ظنه بربه ظن السوء، وليظن السوء بنفسه التي هي مأوى كل سوء ومنبع كل شر، المركبة على الجهل والظلم، فهي أولى يظن السوء من أحكم الحاكمين وأعدل العادلين وأرحم الراحمين، الغني الحميد الذي له الغنى التام والحمد التام والحكمة التامة، المنزه عن كل سوء في ذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه، فذاته لها الكمال المطلق من كل وجه، وصفاته كذلك وأفعاله كذلك، كلها حكمة ومصلحة ورحمة وعدل وأسماؤه كلها حسنى، فلا تظنن بربك ظن سوء فإن الله أولى بالجميل، ولا تظنن بنفسك قط خيرا وكيف بظالم جان جهول،  

     وقل يا نفس مأوى كل سوء      أيرجى الخير من ميت بخيل   

     وظن بنفسك السوآى تجدها      كذاك وخيرها كالمستحيل  

     وما بك من تقى فيها وخير       فتلك مواهب الرب الجليل ". 

8-الأمل في النصر وتحقق وعد الله:  

وإذا كان حسن الظن بالله حاضرا كان الأمل في نفوس أهل الحق دائما قائما، كيف لا يكون كذلك وربهم قد قال وقوله الحق: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) الصف: ٩، ووعد وهو لا يخلف المعاد: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور: ٥٥، وبشر وقال: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) البقرة: ٢١٤، فحتما ستستعيد الأمة مجدها السليب، ولكن ذلك إذا حققت أسباب العزة والتمكين التي حققها السلف الصالح، ومن جملتها تصحيح العقيدة في الله تعالى واجتناب كل مظاهر سوء الظن به سبحانه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

<!-- JOM COMMENT START -->
المصدر: محمد حاج عيسى الجزائري
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 109/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
36 تصويتات / 1545 مشاهدة
نشرت فى 20 يوليو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,877,620

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters