دعـوة عـامة للزواج .

 

يمكن معرفة أهمية وضع الشباب الحرجة إذا أخذنا بنظر الإعتبار التكاليف الباهظة للزواج على الخصوص بالنسبة إلى الأسر الفقيرة من جهة، ومن جهة أخرى الوسائل التي تثير الغرائز الجنسية ، والأضرار الأخلاقية والنفسية والجسدية التي يتعرض لها الشباب !! ومع الالتفاف إلى خطورة المسألة، فإن التقصير وعدم الإهتمام والتهاون والغفلة والجهل يزيد من وضع الشباب العازب تأزما، وقد نبتلي بسبب ذلك بنفس الداء الذي ابتليت به المجتمعات الغربية ! وللحيلولة دون وقوع هذا الخطر لابد من الإقدام على عمل شامل وعام، بينه الله تعالى حيث قال: (وأنكحوا الايامي منكم والصالحين من عبادكم وامائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) (النور/32).

 

وبشأن هذا الدستور الالهي هناك امران جديران بالاهتمام:

أ‌- حينما يؤمر المسلم بتزويج الشباب فمن الطبيعي أن لا يكتفي ذلك بالكلام والتوجيه فقط، وانما لابد مع ذلك من اعداد مقدمات الزواج من المهر والجهاز

ب‌- حينما يقول الله تعالى: (وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم)، فإن هذا الخطاب العام موجه لجميع المكلفين من المسلمين فيجب عليهم امتثاله بوصفه قانونا فطريا وتكليفا واجبا، وعلى هذا الأساس فإن المسؤول عن تزويج الشباب هم الفئات التالية:

1- الآباء والأمهات .

ان المسؤول في الدرجة الأولى عن زواج الشباب والأبناء هم الآباء والأمهات، وهذا أمرمعروف في جميع المجتمعات وعلى الخصوص في مجتمعنا الإسلامي، إذ يهتم الآباء به بشكل جاد، ويأخذون باعداد العدة له منذ طفولة ابنائهم، فيفتحون لهم رصيدا في البنك ويخصصون لهم جزءا من الأموال والأثاث ليضمنوا بذلك مستقبل حياتهم الزوجية

وطبعا بالنسبة إلى وظيفة الآباء والأمهات في تزويج أبنائهم، التعرف على الزوج أو الزوجة المناسبة وتهيئة المال ومقدمات الزواج، ولا بد أيضا من رعاية المصلحة الواعية والصادقة والعقلانية، ولكن على الوالدين أن لا يتمسكا بالأذواق الفردية والإشكالات الواهية، وغير المنطقية، فيسلبون بذلك حرية الإختيار من الشاب ويعرضون مصيره ومستقبله إلى الخطر؛ لأن هذا النوع من الأفكار والسلوكيات غير اللائقة يؤدي أحيانا إلى الإضرار بالأسرة والمجتمع، والندم بعد فوات الأوان لا يجدي شيئا.

 

ان أكثر الآباء والأمهات يدركون ثقل مسؤوليتهم عن تزويج أولادهم، بل ويثبتون ذلك على المستوى العملي من خلال تحمل الصعاب والآلام، ولكن مع ذلك قد نعثر على بعض الأشخاص الجاهلين والأنانيين الذين يقدمون مصالحهم على مصالح الشباب من أولادهم وبذلك يظلمونهم ويظلمون أنفسهم!

 

وفي هذا الصدد نقرأ في صحيفة نشرت موضوع بعنوان (رفض الأب لخمسين خطيبا): شكت فتاة تدعي فريدة وتبلغ من العمر 19 سنة، شكت اباها إلى المحكمة بسبب رفضه لمن يخطبها، وقد ضاقت ذرعا من خشونة اخلاقه، وادمانه المخدرات وطلاقه لامها في صغرها، والضرب المبرح الذي تناله من زوجته الثانية وانجاز اعمال البيت، وقالت للقاضي: تقدم لخطبتي حتى الآن خمسون شخصا، الا ان ابي رفضهم جميعا، وحبسني في البيت لاقضي له ما يحتاجه، وقد سئمت هذا النمط من الحياة، أنقذوني.

 

2- مسؤولية الدولة

تكون الدولة من جملة الفئات التي يتوجه اليها خطاب (وأنكحوا الايامى منكم) فعليها ان تهتم في مخططاتها بمسألة (تزويج الشباب) من خلال اعطاء القروض لأجل الزواج والسكن، ولكن بملاحظة التكاليف الباهضة، فإن مثل هذا ليس كافيا، بل على الدولة ان تقوم بمشاريع أكبر من ذلك استنادا للأحاديث الدينية، لتحول دون وقوع الأسر في مغبة الفساد والإنحراف وتضمن سلامة الفرد والمجتمع.

 

3- المحسنون من الناس

عبر الالتفات إلى الكم الهائل من الشباب العازبين والظروف الإقتصادية الراهنة، وتعرض الشباب للمزالق من قبل جهات مختلفة، ولاجل تقديم العون للمجتمع وصيانة كان الدين وسلامة الشباب، فمن الضروري مضافا إلى الآباء والأمهات والدولة أن يكون للمحسنين والخيرين في المجتمع دور في هذا المجال.

وذلك من خلال اقامة جمعيات إحسان لتزويج الشباب في كل مدينة وناحية ومحلة، وفي كل مسجد وقوم أو عشيرة، لتلبي كل نقابة بدورها نداء القرآن الكريم الدافي إلى الحد من معضلة تزويج الشباب في المجتمع بشكل نافع وواسع مع حفظ كرامة الأفراد.

 

وعلى كل حال فإن تزويج الشباب يعتبر من الأعمال الصالحة ويعد صدقة جارية، وله آثار انسانية بناءة لا يمكن تنسى فيما إذا قيست بالأعمال الصالحة الأخرى.

 

4- الشباب انفسهم

من الطبيعي في هذه الدعوة العامة التي دعونا إليها الآباء والأمهات والدولة والناس والمؤسسات والمحسنين، وذكرنا ما فيها من الأجر والثواب ليبادروا إلى حل مشكلة تزويج الشباب في الظروف الراهنة، أن يكون الشباب انفسهم اعم من الذكور والإناث سباقين في هذا المضمار وأكثر سعيا من غيرهم في بناء الأسرة.

 

ولذا على الشباب في المرحلة الأولى أن يرفعوا العواقب والموانع التي تحول دون زواجهم، وان يعدوا العدة في أنفسهم من ناحية الكفاءة الأخلاقية والفكرية والشعور بالمسؤولية لبناء الأسرة.

 

ولتوضيح هذا المعنى من خلال الالتفات إلى أن الزواج مسألة مصيرية وان التهرب منه ينطوي على اضرار جمة لا يمكن تلافيها لابد من الالتفات إلى ما يلي:

 

1- يرى القرآن الكريم ان اعداد المقدمات المادية والمعنوية من وظائف الأولياء وغيرهم، ليكونوا البادئين برفع المادية ويفتحوا الطريق إلى اقامة الزواج، الا أن القرآن وعد الشباب أثناء زواجهم بقوله: (ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) (النور/32).

 

2- ان الأمر الآخر في خصوص تزويج الشباب الذي يجعل محيط الأسرة بناء ومثمرا هو اهتمام الزوجين بالأمور المعنوية والإنسانية واجتناب الأفكار التافهة والمصحوبة بالتكبر والغرور.

 

المصدر: أحمد الصادقي .
ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 110/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
36 تصويتات / 809 مشاهدة
نشرت فى 16 يوليو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,769,348

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters