[1] معنى ثقافة الطفل:
تشمل الثقافة مركبًا يشمل العقائد والأخلاق والعادات والقوانين والمعارف وأنماط السلوك التي يكتسبها الإنسان داخل المجتمع.
وللأطفال مفردات لغوية خاصة ومتميزة، ولهم عادات وقيم ومعايير وطرق خاصة في اللعب والتعبير عن أنفسهم، وإشباع حاجاتهم، كما أن لهم تصرفا ت وأساليب خاصة في التعبير عن أنفسهم، ولهم تصرفات ومواقف واتجاهات وانفعالات وأسلوب خاص للحياة، وكل هذا يسمى 'ثقافة الطفل'.
[2] وسائل الإعلام كمصدر لثقافة الطفل وتنمية خبراته:
وفي ظل عصر تتلاشى فيه الحدود الثقافية بين الدول، وفي ظل ثورة عملية تكنولوجية مترامية الأطراف تلعب وسائل الإعلام دورًا هامًا في نفسية الأطفال دينيًا وثقافيًا واجتماعيًا، ومن أجل شخصية متكاملة واضحة المعالم للطفل لا بد من رؤية محددة تحفظ له هويته الثقافية والدينية.
هذا وتلعب وسائل الإعلام دورًا كبيرًا في بناء الطفل المسلم ثقافيًا، وتحديد ما يجب أن يقدم له من ثقافات أخرى عبر بعض الوسائل؛ مثل التلفزيون والفيديو والإلكترونيات المختلفة من ألعاب إلكترونية أو عبر الإنترنت.
وتشير الدراسات في مختلف بلدان العالم إلى أن ما يقضيه الطفل الذي يتراوح عمره بين ست إلى ست عشرة سنة أمام الشاشة نحو 12 ـ 24 ساعة أسبوعيًا.
أثر وسائل الإعلام على الطفل
والطفل الصغير تقدم له وسائل الإعلام الثقافات المختلفة والموروثات، التي لا يستطيع تمييز أفضلها من أسوئها، مما يجعل هذه الوسائل سلاحًا ذا حدين على الأطفال بسلبياته وإيجابياته، وهذا ما يجعل إعلام الطفل محور اهتمام بالغ من كافة أفراد المجتمع، خاصة مؤسساته الإعلامية المعنية بالطفل والطفولة.
ولا ننكر دور الوسيلة السمعية والمقروءة والمرئية في تكوين خبرة التعلم، وتحديد وتعديل وتكوين الاتجاهات وتشتيتها، ولا ننكر أيضاً دور الإعلام في تنمية ثقافة الطفل، وصقل مواهبه، وتنمية مداركه العقلية والعاطفية والاجتماعية، فالإعلام بالنسبة للطفل وسيلة توجيه وترفيه، كما هو وسيلة لنقل قيم وترسيخ وغرس عادات ومعارف، ولكن أين أجهزة الإعلام التي تقوم بتغطية كل ما يهم الطفل؟
إن المادة الإعلامية التي يتابعها أطفالنا سواء عبر التلفاز أو غيره من الوسائط تنقسم إلى ثلاث أنواع:
النوع الأول:
أفلام ديزني المصنعة من الغرب، والمسخرة لخدمة الثقافة الغربية الأمريكية بشكل خاص، لأن محور القضية مستمد من القيم التي تخصهم وتتعارض مع قيمنا وأصالتنا العربية والإسلامية، حيث يسيطر فيها الحب على كل القصة، والتي تهدف بحد ذاتها إلى قولبة الطفل في قالب معين، فلو تأملنا أجسادهم وهيئتهم العامة نجدها تتفق مع مقاييس الجمال المادي فيشب الطفل وهو لا يرى الجمال إلا في النموذج الغربي، ناهيك عن أنها تجاريه الهدف لكسب الربح الوفير، فتجعل من الطفل شخصية استهلاكية بالدرجة الأولى، فما إن يتلقى القصة حتى يشتري أدوات قرطاسية وألعابًا عليها صور أبطال القصة.
النوع الثاني:
تعتبر الأفلام المدبلجة من الشرق الأقصى المتمثلة في مادة الخيال الجامح، والمخلوقات الإلكترونية الخارقة التي يغلب عليها العنف وشيوع التدمير والقتال، من المواد التي يتلقاها الطفل العربي عبر الوسائل الإعلامية المحلية.
النوع الثالث:
توجد مادة ثالثة مع هذين النوعين نتيجة ومصنعة محليًا من قبل المؤسسات الإعلامية والحكومية، أو مؤسسات الإنتاج خاصة، وهي في الغالب على شكل برامج عرض عبر الكاسيت والفيديو مشوقة، ويغلب الضعف في المستوى الفني، ولا تناقش البدائل الموجودة، وإن كان يظهر بين الفينة والفينة ما هو ناجح ومفيد، كما تنتج بعض المؤسسات الأفلام المستمدة من القصص القرآني والتاريخ الإسلامي والأناشيد المصورة، ولكنها قليلة جدًا لا تفي باحتياج الطفل.
[3] الإعلام وأثره على هوية وثقافة الطفل المسلم:
تمثل قضية الإعلام وثقافة الطفل في المجتمع الإسلامي أهمية بالغة الخطورة، نظرًا لما يقوم به الإعلام من دور مهم في نقل ثقافة الأمة من جيل إلى جيل، باعتبار أن وسائل الإعلام أدوات ثقافة تساعد على دعم المواقف، وعلى حفز الأنماط السلوكية المرغوبة وغير المرغوبة، ومن هنا تتعاظم المسؤولية التي تقع على عاتق وسائل الإعلام الموجة للطفل المسلم، كما يتعاظم الدور الذي يلعبه القائم بالاتصال في كافة وسائل الإعلام المقروءة والمرئية للطفل بالمجتمع الإسلامي.
وقد خرجت معظم الدراسات والبحوث التي أجريت في هذا المجال بنتائج أهمها:
إن من أعمق العوامل أثرًا في تنشئة الطفل وثقافته، الانتساب منذ نعومة أظفاره إلى محيط حضاري قوي واضح الهوية، صحيح البنية، ومن هنا فإن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الإعلام في الاهتمام والتركيز على القيم الإسلامية، التي يجب غرسها ورعايتها لتنمو في وجدان الطفل، وتؤلف منظومة تعلن عن هويته العربية الإسلامية.
[4] أهمية حماية الأطفال من الغزو الإعلامي وطمس الهوية:
تعد مرحلة الطفولة من أهم مراحل عمر الإنسان، إذ من خلالها تتشكل شخصيته، وتبزر ميوله واتجاهاته، وينمو جسمه وعقله.
وأثبتت الدراسات النفسية والتربوية أن هذه المرحلة هي الفترة الحرجة في نمو الإنسان، وأن الطفل يختزل وهو لم يتجاوز العاشرة من عمر أكثر الخبرات والمعلومات التي تؤثر على مسيرته المستقبلية.
والطفل كما يصفه الغزالي: [ صفحة بيضاء قابل للخير والشر، فإن عودناه الخير أصبح إنسانًا صالحًا، وإن عودناه الشر أصبح شريرًا وفاسدًا ].
لذلك فإن الاهتمام بالطفل وما يقدم له في بيئته ووسطه وعالمه الاجتماعي ينبغي أن يتسم بالفائدة العقلانية والإيجابية؛ حتى ينعكس إيجابيًا على النشء الصغير، وعلى سلوكه ونموه.
وفي وقتنا الحالي يتعرض أطفالنا لما يسمى بـ 'الغزو الفكري' في ظل انتشار الثقافات الأكثر نفوذًا، التي لها أكبر قدرة على التأثير الإعلامي.
لذلك يفترض أن يكون هناك وسائل عملية لحماية أولئك الأطفال من البرامج الرديئة والسلبية. هذا وينبغي الاهتمام والتوجيه من الأسرة ومن المدرسة ومن المسجد ومن الجهات الإعلامية والمجتمع بشكل عام، وأن ينتبه الجميع إلى خطورة تأثير وسائل الإعلام على الأطفال إذا لم توجه بشكل صحيح، وتحت مراقبة من الوسائط التربوية المختلفة.
[5] أنواع الوسائط التربوية وأثرها على هوية وثقافة الطفل:
* أولاً: التلفاز كوسيلة إعلام مرئية:
مما لا شك فيه أن مشاهدة التلفاز ممارسة يومية تشغل فراغ الصغار والكبار ويكتسبون عبرها المعلومات والثقافات، ومن سلبيات التلفاز التي ينبغي الانتباه إليها أن الأطفال يقضون حوله ساعات طويلة تؤثر على حياتهم الاجتماعية وعلاقاتهم كما تصرفهم في اللعب مع أقرانهم، وكذلك يؤثر التلفاز على متابعة دروسهم، ولا يخفى الأثر السيئ لبرامج العنف والجريمة، وأثر ما تعرضه الفضائيات في شخصية الطفل وتهيئته للانحراف.
وهكذا يظهر دور التلفاز في بذر بذور الخوف والقلق في نفوس أطفالنا، بما يعرض من أفلام مرعبة كأفلام [غراندايزر، وغزو الفضاء] والأشباح والجن.
* ثانياً: الحاسوب كوسيلة لتثقيف الناشئة:
تعد برمجيات ألعاب الأطفال، وخاصة تلك التي تعتمد على أجهزة الفيديو والحاسبات والأجهزة الإلكترونية من أكثر الوسائل تأثيرًا على تربية الطفل وتوجيهه.
هذا وقد أوضحت الدراسات التربوية أن استخدام البرمجيات لها تأثيرها السلبي والإيجابي على ثقافة الطفل العربي.
فهي من ناحية إيجابية تؤدي إلى رفع قدرة الطفل على القراءة والكتابة والتعبير الشفوي، والقدرة على الاستماع والتركيز، وتعلم الثقافة العامة والعلوم واللغات الأجنبية، والتربوية الفنية والرياضية، كما أنها تقوي المقدرة على حل المشكلات التي تواجهه وتساعده على التوافق الاجتماعي وتطوير هواياته ومواهبه واستغلال وقت فراغه.
ولكن في ذات الوقت لها آثار سلبية، أخرى، فهذه البرمجيات تعمل على تدني مستوى القدرة على ممارسة الأنشطة الاجتماعية، والقدرة عل أداء الواجبات، والانصراف عن ممارسة الرياضة البدنية، كما أن لها آثارها الصحية السيئة على صحة الطفل المتمثلة بإصابته بالكسل والخمول والسمنة لقلة الحركة، واكتساب العادات السيئة، وتدهور الصحة العامة.
وعلى الرغم من إيجابياته إلا أنه ما زال محدود النفع كوسيلة تثقيفية وتعليم الناشئة للغة، وتلقين مفرداتها قياسًا على الاتصال الإجتماعي المباشر، وإن فاعليته في التعليم والتثقيف لا تزال أقل فعالية من الوسائل المقروءة والمرئية لدى المجتمعات الفقيرة والطبقات الدنيا من المجتمع.
أما عن الإنترنت فهو يشغل من وقت الطفل؛ فيفقد كثير من الأطفال قدرتهم على الحديث والتواصل مع الآخرين.ثالثًا: الإعلام المقروء والقصة كمصدر لثقافة الطفل:
إن الإعلام المقروء؛ كالكتب والمجلات ما زالت لها الفاعلية والدور الهام في تنمية ثقافية الأطفال، لأنه يعمل على تشجيع القدرات الإبتكارية والإبداع لدى الطفل، كما أنه يسليه ويشعره بالمتعة ويشغل فراغه وينمي هواياته.
وأيضًا الإعلام المقروء يرقى بالسلوك ويثبت الأخلاق الفاضلة، ويقوم السلوك المنحرف ويحد من أغلال التقليد الأعمى للأفكار المدمرة الوافدة، بحيث تكون الكلمة المقروءة وغيرها من وسائط الإعلام رافدًا تعليميًا يثري ثقافة الطفل بعيدًا عما لا يناسب بيئتنا وثقافتنا.
هذا وتعتبر القصة للطفل رافدًا حيويًا يغرس المعتقد الصحيح، ويكوِّن الحقائق لديه، ويؤكد العملية التعليمية، فأدب الطفل وسيلة إيجابية من وسائل تكوين العقيدة الدينية وتنمية الثقافة والخبرات والمكتسبات الذهنية.