ماهية و تعريف العمل التطوعي 

قامت الخدمات التطوعية بلعب دور كبير فى نهضة الكثير من الحضارات و المجتمعات عبر العصور. بصفتها عملاً خالياً من الربح و العائد كما و أنها لا تمثل مهنة. يقوم بها الأفراد لصالح الجيران و الأهل و المجتمع ككل كما تأخذ أشكالا متعددة إبتداء من الأعراف التقليدية للمساعدة الذاتية، إلى التجاوب الإجتماعي في أوقات الشدة و مجهودات الإغاثة، إلى حل النزاعات و تخفيف آثار الفقر. يشتمل المفهوم على المجهودات التطوعية المحلية و القومية، و أيضا البرامج ثنائية أو متعددة الجوانب (العالمية) التي تعبر إلى خارج الحدود. وقد لعب المتطوعون دوراً هاماً كماً و كيفاً في رعاية و تطوير الدول الصناعية منها و النامية من خلال البرامج القومية، برامج الأمم المتحدة في مجالات المساعدات الإنسانية، التعاون التقنى، تعزيز حقوق الإنسان، الديمقراطية و السلام. كما يشكل التطوع أيضاً أساساً لكثير من نشاطات المنظمات غير الحكومية، الروابط الحرفية، الإتحادية و المنظمات المدنية. هذا إضافة إلىكثير من المشاريع في مجالات محو الأمية، التطعيم و حماية البيئة تعتمد بصورة مباشرة على المجهودات التطوعية.
لقد ازداد الإهتمام بصورة عامة في العقد الأخير بالمجتمع المدني ومنظماته، وازدادت الإصدارات حوله كتباً أو دوريات. وبالرغم من انتشار الأدبيات حول هذه التنظيمات إلا أن هناك عدم وضوح وضبابية، بل وخلافات واختلافات في مفهومها مما يغيب روحها الملهمة ويسلبها، ويقعدها في غياهب الفكر التجريدي الجاف.
إن تعريف العمل الطوعي يمكن أن يقوم على منهجين أحدهما طبيعة العمل الطوعي وأهدافه والآخر هو مفهوم المنظمات الطوعية في علاقتها بالكيانات المجتمعية المختلفة، وهي الدولة والقطاع الخاص والعائلة .

وفيما يلي توضيح لرؤية وتعريف العمل التطوعى من منظور عالمى:
منظور برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين
العمل التطوعى: هو عمل غير ربحى، لا يقدم نظير أجر معلوم، وهو عمل غير وظيفى/مهنى، يقوم به الأفراد من أجل مساعدة وتنمية مستوى معيشة الآخرين، من جيرانهم أو المجتمعات البشرية بصفة مطلقة. وهناك الكثير من الأشكال و الممارسات التى ينضوى تحتها العمل التطوعى، من مشاركات تقليدية ذات منفعة متبادلة، إلى مساعدة الآخرين فى أوقات الشدة وعند وقوع الكوارث الطبيعية والإجتماعية دون أن يطلب ذلك وإنما يمارس كرد فعل طبيعى دون توقع نظير مادى لذلك العمل، بل النظير هو سعادة ورضى عند رفع المعاناة عن كاهل المصابين ولم شمل المنكوبين ودرء الجوع والأمراض عن الفقراء والمحتاجين.

كما يشتمل تعريف التطوع العالمى فى دواخله - من منظور الأمم المتحدة - على رؤيته من جانب محلى و آخر قومى أو عالمى، تماشياً مع اختلاف دوافع روح التطوع حسب عوامل عدة.

العمل التطوعي في الإسلام والتراث

إن القيم الاجتماعية وخاصة الدينية المتجذرة والمتعمقة في المجتمع العربى والإسلامى ساعدت في تعميق روح العمل التطوعي فيه بالإضافة إلى التراث الشعبى المنقول من خلال الأدب القصصى و الشعر والغناء والأمثال، والذي يشيد بهذه الروح فتظل متقدة في المجتمع حتى بعد زوال الظروف المادية التى قام عليها ذلك التراث الشعبي.

وحيث أن مفهوم التطوع فى الدول الغربية – بصفة خاصة – يفصل ما بين مفهومى الصدقة من جانب و مساعدة الآخرين من جانب آخر، فإن الدين الإسلامى لايدعو لذلك الفصل، وهو المؤثر الأساس فى هذه المجتمعات.
وفيما يلي بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التى توضح الحث على العمل التطوعي والذي هو بمثابة صدقة في الإسلام.

من القرآن الكريم
• " وتعاونوا على البر والتقوى "
• " ومن تطوع خيراً فهو خير له"
• " وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل"
• " وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم"

من الأحاديث الشريفة
• " إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس، حببهم للخير وحبب الخير إليهم، أولئك الناجون من عذاب يوم القيامة"
• "لأن تغدو مع أخيك فتقضي له حاجته خير من أن تصلي في مسجدي هذا مائة ركعة"
• " من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له"
• " خير الناس أنفعهم للناس" والحديث يشير إلى نفع الناس أجمعين وليس نفع المسلمين فقط.
• " المال مال الله والناس عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله"
• " تبسمك في وجه أخيك صدقة" وهذا يدل على أن التصدق المعنوي له مكانة كذلك
في الإسلام وقد يكون البعض اشد حاجة له من التصدق المادي
• " مازال جبريل يوصني على الجار حتى ظننت انه سيورثه"
• وقد اتخذت الصدقة في الإسلام والدولة الإسلامية صورة مؤسسية في شكل الأوقاف في صورها المختلفة من خلال المساجد ، الخلاوي القرآنية و الوقف الاستثماري لدعم المساجد ودور العلم، كما هو الحال فى دواوين الزكاة فى العديد من الدول الإسلامية.

تطور مفهوم العمل التطوعي

إن التوسع فى مفهوم العمل التطوعى فى الإطار الدولى قد أثر تدريجياً على العالم العربى، ولذا لزم إبراز هذه القضية للبحث، خاصة الخلفية التاريخيه لهذا التطور، والذى انعكس فى مفهوم الأمم المتحدة للحكم الراشد (Sound Governance) وأهمية منظمات المجتمع المدنى فى ذلك وعلاقتها بهذا الحكم وعلى الأخص بالديموفراطية وحقوق الانسان.

التأثير والثأثر على المستويين العربى و الدولى
لقد انحصر مفهوم العمل الطوعي والمنظمات الطوعية في عالمنا العربى وخارجه وحتى منتصف الثمانينات على ذلك العمل الفردى أو الجماعى غبر المنظم عند الكوارث والملمات، وتطور تلقائياً إلى تلك المنظمات التى تقدم خدمات إجتماعية للمجموعات الضعيفة والتى يطلق عليها المجموعات الخاصة في علم الخدمة الإجتماعية والذي هو الأساس العلمي للعمل مع هذه المجموعات، مثل الأطفال الجانحين أو غير الشرعيين والمعوقين مثل المكفوفين والصم والبكم. وهناك منظمات طوعية غير هذه المجموعات الخيرية مثل الجمعيات التعاونية والتى تدرج تحت التعاونيات والنقابات.

في بداية الثمانينات، بدأ التفكير في الدول الغربية لتوظيف المنظمات الطوعية الخاصة للعمل في مشاريع التنمية في الدول النامية. وفي التسعينات بدأ توسع واضح في مفهوم العمل الطوعي إذ شمل مفاهيم وأبعاد سياسية، أهمها مفهوم المشاركة السياسية والحكم الراشد. فمثلا،ً تبنت الأمم المتحدة مفهوم الحكم الراشد بركائزه الثلاث وهي : الدولة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، والتى أطلق عليها اسم القطاع الثالث كجزء أساسي في المجتمع.
كما ظهرت نظريات جديدة أخرى حول العلاقة بين الدولة والمجتمع تقوم على مفهوم انحسار دور الدولة في المجتمع، ومن هذه النظريات والمدارس ما يهتم بما يسمى بمجتمع الشبكات (Network Society) أو مجتمع لا مركزى (Centerless Society) أو المجتمع متعدد المراكز (Polycentre .society)) و هو ما يتجه نحوه العالم المتقدم اليوم خصوصاً فى ظل العولمة والتطور المبهر فى تقنية الإتصالات، حيث لا يغيب على أحد تأثيرها بعد أن تمكنت من الدخول فى كل بيت واجتازت جميع الحواجز.
وجاءت الأبعاد السياسية لفهم العمل الطوعي بجانب البعد الخيري والتنموي نتيجة للبحث في دور الدولة عامة ودول العالم الثالث بصفة خاصة.

وسائل العمل التطوعى

من الحقائق الثابتة أن المجتمع بكل جوانبه الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والثقافية وقيمه الأخلاقية والروحية كل لا يتجزأ إلا في التجريد العلمي. وهذه الحقيقة تنبع وتقوم على حقيقة أساسيه هي أن الإنسان بوصفه الخلية الحية للمجتمع كل لا يتجزأ. ولذلك فان العمل الطوعى يجب أن لا ينحصر في جوانب محدودة للمجتمع والإنسان، بل يجب أن يتسع ليشمل كل المجتمع وكل الإنسان وحقوقه الأساسية في الحياة والسلام والحرية وليشمل حقوقه الإجتماعية من مأكل ومشرب ومسكن وملبس وصحة وتعليم وحقوق إقتصادية أهمها الحق في العمل والأجر والراحة والعطلات، وليشمل كذلك الحقوق السياسية والمدنية كافة بما فيها الحق في المساواة أمام القانون وحق التنمية.
إن العمل التطوعى بهذه الأهداف الواسعة يتعدى المفهوم التقليدي الخيري، فلا ينحصر في مساعدة ودعم المجموعات الخاصة المستضعفة مثل المعوقين والأيتام والأرامل والمشردين وفى محاربة الفقر فقط. وهو ما يجب علينا بحثه ونقاشه فى مجتمعنا العربى، والإستفادة فى ذلك من التقنية الحديثة فى مجالات الأعلام (الفضائيات) و شبكات الإتصالات وغيرها من وسائل الأعلام حتى نشكل مفهوم موحد للتطوع يعكس وجهة النظر العربية ويبرز خصوصية مجتمعاتنا وعقائدنا وعاداتنا السمحة، ويكون لنا المرجع للعمل من خلاله. عندها فقط، نستطيع أن نؤثر و نتأثر إيجابياً، بدلاً عن أن نكون فى وضع المتأثر سلبياً، أو المتلقى فقط.
يجب أن توظف وسائل العمل التطوعى الآتيه بصفة متكاملة لتمكين المجموعات المستهدفة في المناشط الإقتصادية و السياسية والإجتماعية والثقافية، بل والمعنوية أيضاً.
. تمكين تقديم الخدمات لتلبية الإحتياجات الأساسية من خارج المجتمعات المحلية المعنية كما في حالة الإغاثة والنزوح مثلاً.
. تمليك وسائل الإنتاج لتدخل المجموعات المستهدفة في دورة الإقتصاد القومي ولتتمكن من شراء الخدمات حسب آليات السوق، حتى تضمن استدامة العمل التطوعى المنظم.

. البناء المؤسسي بجانبيه:
. بناء القدرات البشرية المهنية والفنية وفى إدارة الأعمال وإدارة العمل التطوعى والمشاركة السياسية (تكثيف التدريب).
. بناء تنظيمات المجموعات المستهدفة لتخرج من دائرة الوصاية ولتتحدث بنفسها عن واقعها واحتياجاتها ومطالبها عبر مؤسساتها المستقلة .
. توجيه البحث العلمي لخدمة أهداف العمل التطوعى والمجموعات المستهدفة بصورة علمية
. المناصرة والتصدى للتأثير على متخذي القرار في الدولة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص لتبنى قرارات وتشريعات لتمكين المجموعات المستهدفة وللدفاع عن حقوقها السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 

برنامج متطوعى الأمم المتحدة

ما هو برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين ؟
أنشأت الجمعية العامة برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين في عام 1970، كجهاز مساعد للأمم المتحدة, وليكون الذراع التطوعي لمنظومة الأمم المتحدة، بالإضافة لكونه مشروع تطوعي متعدد الأطراف يهدف إلى تشجيع الإسهامات التطوعية فى مجالات التنمية المختلفة وخاصة التنمية التي ترتكز على المجتمع المحلى. كما يسعى البرنامج إلى التأثير السياسى بغرض التوصل إلى نتائج مستدائمة.
والبرنامج مسئول أمام المجلس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويعمل من خلال مكاتبه الميدانية فى كل أنحاء العالم.

من هم متطوعو الأمم المتحدة ؟
يعمل فى البرنامج أكثر من 4.000 رجل وامرأة سنوياً، ويتميزون بمستويات رفيعة من المؤهلات و الخبرة وحافز العطاء للآخرين. وينتمون لأكثر من 140 جنسية يعملون في البلدان النامية وبلدان"الانتقال" كأخصائيين متطوعين وعمال ميدانيين، وكمتطوعين وطنيين في برامج الأمم المتحدة في بلدانهم. فهناك حوالى 74% من متطوعى الأمم المتحدة فى الوقت الحالى هم أنفسهم من مواطنى البلدان النامية، أما الباقين 26% فمن العالم الصناعى.

أين يعملون ؟
فى نحو 140 بلداً، أكثر من نصفهم يعملون في أفريقيا، و ربعهم في آسيا والمحيط الهادئ والباقى فى الدول العربية و الكاريبى وأمريكا الوسطى. كما يعمل ثلاثة أرباعهم فى أفقر أمم العالم فى اقتصادات أقل البلدان نمواً و البلدان المغلقة و الجزر الصغيرة.

ماذا يفعلون ؟
يعمل المتطوعون في مجال التعاون الفنى و التقني من أجل التنمية، وفى دعم مبادرات المجتمعات المحلية و أعمال الإغاثة الإنسانية و التعمير. كذلك يدعمون أعمال الأمم المتحدة في مجال السلام و الإنتخابات وحقوق الإنسان. و بالإضافة إلى ذلك، يقدم برنامج متطوعى الأمم المتحدة "موارد الأمم للمشورة الدولية القصيرة الأجل - UNISTAR" المستشارين للقطاعين الخاص و العام، و تمكين برنامج الأمم المتحدة الإنمائى "نقل التكنولوجيا من خلال المغتربين لمساعدة بلدانهم الأصلية – TOKTEN"، ومتطوعوا الأمم المتحدة مهنيون ملتزمون يسعون إلى العمل مع أقران لهم. فتراهم يصغون و يحاورون، يشجعون و يسهلون، يتقاسمون الأفكار و المهارات و الخبرات و يتبادلونها، يعملون و يدربون فئات المستفيدين من المجتمعات التى يعملون من أجلها، وباِختصار فإنهم متفانون فى نشر روح التطوع من خلال ما ينقلونه من معرفة بين الشعوب.

فى أى القطاعات يعملون ؟
يحتفظ برنامج متطوعى الأمم المتحدة بجدول للمتخصصين يغطى 115 فئة مهنية فى مختلف المجالات، وتبرز من بينها الزراعة، الصحة، التربية، الشؤون الإجتماعية، التدريب المهني، الصناعة، السكان، الإتصالات/الأعلام وتقنبة المعلومات. ويرد في جانب آخر، صورة أعمال الإغاثة الإنسانية والسلم و الإنتخابات و التى تندرج تحت فئة المساعدات الإنسانية المباشرة.
وانعكاساً لإلتزام المتطوعين وتضحيتهم من أجل الشعوب والمجتمعات فى كافة أرجاء المعمورة، فإن كثيراً منهم يعملون في بلدان ومناطق ريفية نائية، ويشمل هذا العمال الميدانيين كذلك، والذين يعملون على المستوى القاعدى فى برامج التنمية المشتركة ومشاريع التبادل الحرفي ومتطوعى البيئة. ولا يطبق نهج التركيز المحلى على الإهتمامات التقليدية فقط مثل إنتاج الأغذية أو الصحة المحلية، بل ينتقل إلى دور المرأة الحضرية والريفية معاً فى التنمية بالإضافة إلى احتواء وباء الإيدز وادارة الموارد البيئية المحلية و معالجة الفقر الحضرى. و يسعى العمال الميدانيون لبرنامج متطوعى الأمم المتحدة للإستناد إلى المعرفة الأصلية بالمجتمعات وتسهيل المبادرة المحلية و تبادل الخبرات.

كيف يعمل برنامج متطوعى الأمم المتحدة ؟
يعمل البرنامج بالمشاركة مع الحكومات ووكالات الأمم المتحدة و بنوك التنمية والمنظمات غير الحكومية و منظمات المجتمعات المحلية. وكثيراً ما يكون هناك إسهام تقني إضافي من إحدى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة من خلال إشراف تلك المنظمات على تنفيذ برامجها
كيف يمول البرنامج ؟
يأتي أكثر من نصف تمويل البرنامج من الصناديق القطرية والإقليمية التي يقدمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. و من المصادر الهامة الأخرى كذلك، ميزانيات البرامج المجازة من الجمعية العامة للأمم المتحدة عن طريق وكالاتها المتخصصة، إضافة إلى مساهمات الحكومات المضيفة مباشرة ومن خلال المنح المخصصة التي تقدمها الحكومات المانحة و الصندوق التطوعي الخاص لبرنامج متطوعى الأمم المتحدة. ويبلغ متوسط التكلفة لمهمة متطوع الأمم المتحدة 30.000 دولار أمريكى فى العام، أى مجرد جزء من تكلفة الخبير التقني الدولي المماثل، و بشروط السوق العالمية. وتوضع ميزانية العمال الميدانيين ومتطوعى الأمم المتحدة الوطنيين استنادا إلى أقرانهم المحليين.

كيف تنشأ المهام ؟
المؤهلات والخبرة والإلتزام هى عناصر حيوية وأساسية يسعى إليها برنامج متطوعى الأمم المتحدة عند مراجعة السيرة الذاتية للمرشحين لشغل الوظائف التى تعلن من خلال البرنامج.
أولا"، يبحث برنامج متطوعى الأمم المتحدة عن شباب و رجال و نساء معنيين حقاً بدعم جهود الآخرين و بتكريس بعض سنوات حياتهم لذلك العطاء الأنسانى الخالص - فى بلد آخر، ثقافة أخرى و مناخ آخر - بكل ما يتيحه ذلك من ارتياح للعمل وكسب خبرات لا تتأتى إلا بالممارسة والعطاء.
ثانيا"، فان الأغلبية الساحقة من متطوعى الأمم المتحدة، مؤهلون تأهيلاً نظامياً: فمعظمهم حاصلون على درجة جامعية أو دبلوم أو شهادة من معهد مهنى عال. والكثيرون منهم حاصلون على درجات علمية عليا، تشمل الماجستير و الدكتوراة.
وثالثا"، فانهم أيضا و دون استثناء ذوى خبرة وتخصص فى مجالاتهم: فمتوسط عمر أخصائى البرنامج 39 سنة، وفترة تخصص فى مجالاتهم تزيد على 10 سنوات.
يسعى البرنامج إلى تشجيع المرأة بصفة خاصة للمساهمة بفاعلية من خلال مشاريع الأمم المتحدة، فينبغى أن تتوفر لها الخبرة المباشرة كما للرجل فى بعض مجالات العمل التى تتسق مع وضع المرأة، مع مراعاة للمعتقدات والتقاليد والنظم التى تقوم عليها تلك المجتمعات أو المنظمات القاعدية للشعوب. وبصفة عامة تنطبق على جميع المتطوعين من الجنسين بعض الشروط، كالمعرفة الجيدة بلغة ثانية تكون مستخدمة استخداماً واسعاً فى البلدان الأخرى (كميزة إضافية).

السنة الدولية للمتطوعين، 2001

ظهرت فكرة سنة دولية للمتطوعين لتعلن على إثر دخول العالم في القرن الحادي و العشرين، لتيسير مساهمات المتطوعين و الإعتراف بإنجازاتهم في خضم مشاورات جرت بين العديد من المنظمات الدولية غير الحكومية في مطلع التسعينات.
تبلور هذا المفهوم لأول مرة من خلال نظام الأمم المتحدة أثناء منتدى السياسة في اليابان سنة 1996 ، تحت إشراف برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين (UNV) و جامعة الأمم المتحدة (UNU) . و تم الإتفاق على وضع إقتراح حكومة اليابان الذي تقدمت به في فبراير 1997 إلى السكرتير العام للأمم المتحدة على قائمة جدول الأعمال لمؤتمر ال(ECOSOC) في يوليو 1997. أجاز المؤتمر في قراره رقم 1977/44 بتاريخ 22 يوليو 1997 توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة بتبني القرار المعلن عن قيام السنة الدولية للمتطوعين 2001. و قررت الجمعية العمومية في جلستها الثانية و الخمسين بتاريخ 20 نوفمبر 1997 و بموجب القرار رقم 52/17 و الذي وجد التأييد من قبل 123 دولة بتبني العمل المذكور في قرار مؤتمر ال(ECOSOC) .
فالأساس الذي بنيت عليه السنة الدولية للمتطوعين 2001 هو أن الخدمة التطوعية أصبحت مطلوبة - بصورة غبر مسبوقة - لمعالجة مجالات ذات أهمية أولية في ساحات إجتماعية، إقتصادية، ثقافية، إنسانية و في إفشاء السلام. كما و أنه توجد حاجة ماسة لزيادة عدد الأفراد لتقديم خدماتهم كمتطوعين و ذلك يتطلب إعترافاً و تيسيراً أكثر للعمل التطوعي و ترويجاً أكبر لمثل هذه الخدمات بتقديم نماذج لأحسن المبادرات و المجهودات المنسقة لدى المتطوعين. هنالك أيضاً شعوراً قوياً بأن تعيين سنة دولية للمتطوعين من قبل الجمعية العمومية للأمم المتحدة، يؤسس بنية هامة و جواً أكثر ملاءمة للنمو و الإستفادة من المساهمات التطوعية.

أهداف السنة الدولية للمتطوعين، 2001
الهدف الأول هو الإعتراف المتزايد بأهيبة التطوع ، فيمكن للحكومات والسلطات المحلية أن تؤمن آليات لإدخال القطاع التطوعي في عملية المشاورات. قد يتم تأمين الإعتراف بواسطة دراسة حول البلد تصف و تحدد مساهمات القطاع التطوعي تجاه المصلحة القومية و التقدم و أيضا بإنشاء جوائز لأحسن النماذج للأفراد، للجماعات الصغيرة، للمحليات، للمنظمات غير الحكومية و حتى للعمل التطوعي العالمي.
الهدف الثاني هو التيسير للعام الدولى للتطوع، فأحسن من يحدد الخطوات التي قد تشجع أو تمنع العمل التطوعي في وسط أي ملأ هو المجتمع نفسه، لذلك نذكر لاحقاً، بعض الإقتراحات التى قد تعزز تلك الخطوات. كما يمكن للدولة عرض مؤسساتها التدريبية لإستمعال الخدمات التطوعية بأسعار مخفضة، ويمكنها تعزيز الكفاءة التقنية و الإدارة السليمة و المسؤلية في القطاع التطوعي. يمكن للدولة السعي وراء ضمان التأمين و حماية الرعاية الإجتماعية للمتطوعين المتعاونين مع مؤسسات معروفة و مسجلة لدى الدولة بشكل مماثل للموظفين النظاميين بتلك المؤسسة. يمكن منح موظفي الخدمة المدنية عطلات خاصة لقضاء دورات في العمل التطوعي، كما يمكن منح إعفاءات ضريبية إلى أفراد يدعمون المبادرات التطوعية وقبول الخدمة التطوعية تحت الظروف الملائمة كبديل للخدمة العسكرية. أيضاً يمكن تخصيص موارد مثل مواد البناء، الكتب، إمدادات طبية و التمويل النقدي للإستعمال الخاص بالأجهزة التطوعية.
الهدف الثالث هو التنسيق للعام الدولى للتطوع، فيمكن للتلفزيون و الإذاعة و الصحف المنشورة و الإعلام الإلكتروني المساهمة في ربط و تبادل إنجازات المتطوعين بحيث يتوفر نموذج لأحسن التقنيات التي يمكن إتباعها حسب أولويات المجتمع. هذا التبادل يمكن أن يكون على الصعيد المحلي و الإقليمي بمشاركة دول الجوار و عالمياً عبر الإعلام الإلكتروني.
الهدف الرابع هو الترويج لدور التطوع فى التنمية. يمكن توجيه المجهودات لجمع الطلبات لتعيين متطوعين و لاستقطاب مرشحين جدد لديهم ملكة في تعزيز النشاطات العملية و عموماً لخلق جوٍ من الرأي العام و الرسمي يؤيد العمل التطوعي. يمكن ربط هذا الموضوع ببعض الإقتراحات المذكورة على سبيل المثال تحت فقرة "الإعتراف" بمشاريع الجوائز أعلاه، و تحت فقرة "التنسيق" بإنشاء البرامج الإعلامية. كما يمكن كذلك التركيز على كفاءة المتطوعين و على الفوائد المكتسبة من نشاطاتهم (كالتبرع بالدم، حملات محو الأمية و تنظيف البيئة) للمجتمع.

دور برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين
التزاما بلائحته الخاصة و قرارات الجمعية العمومية المتعددة و قرارات البرنامج الإنمائىللأمم المتحدة (UNDP) فيما يخص دوره في ترويج مفاهيم و خدمات التطوع، سيقوم ال(UNV) بتشجيع تبادل الأفكار أثناء السنة الدولية للمتطوعين 2001، و إعانة الدول الأعضاء التي تبحث عن معلومات حولها. و سيستمر كذلك في العمل الدقيق مع نظام الأمم المتحدة الشامل لتطوير وسائل علاجية كما سيقوم بوضع خطوط عريضة لتوجيه مساهمات المتطوعين مما يساعد الوكالات المتعددة على الإستفادة منها في إطار التزامهم بلوائحهم و برامجهم في مجالات الإهتمام الدولي الأساسية.

الخلاصة

إن العمل التطوعي أو ما يسمى حديثاً في أدبيات التنمية "رأس المال الاجتماعي" هو ثروة عامة وليست حكراً لإحد. هو تلك الروابط التى تقوم على القيم الاجتماعية الحميدة مثل الثقة والصدق والتعاون والتراحم والتكافل، كما إنه الروابط التى يجد المواطنون فيها أنفسهم كأفراد ومجموعات ويسعون فيها لتحقيق ذواتهم ومصالحهم المرتبطة بمصالح المجموعات التى يعيشون فيها وبها. إن التحدي يكمن في توظيف رأس المال الإجتماعي في ثورة علمية، ثورة كفاءة تقنية/سلوكية والتى بدونها لا يمكن تنفيذ السياسات التى تقوم على اليحث العلمى والمشاريع التى تخدم مصالح عامة الشعب. ولعل في هذه التوصيات ما ينير الطريق الى ذلك:
1/ دعم جهود التشبيك بين المنظمات على المستويات المختلفة : القاعدية والوسيطة والمانحة، وتشجيع دخول المؤسسات ذات الصلة في الشبكات واختيار الشكل المناسب للمشاركة لتحقيق ذلك.
2/ تشجيع اللامركزية في العمل التطوعى، على أن تصير الجمعيات القومية نقاط إرتكاز للتشبيك بين الجمعيات العاملة، مما يساعد على انتشار الجمعيات الوطنية فى كل المجتمعات.
3/ دعم جهود تشبيك المنظمات المحلية إقليمياً وعالمياً، ودعم مشاركتها في المؤتمرات الإقليمية والدولية كشبكات فاعلة.
4/ التدريب هو الوسيلة الأساسية لتمكين أعضاء المنظمات من المشاركة، لذلك لا بد من التدريب المكثف للعاملين بالأجهزة التنفيذية والمتطوعين والمجموعات المستهدفة، خاصة وأن إدارة العمل التطوعى لها خصائصها التى تميزها عن الإدارة العامة لأجهزة الدول وإدارة الأعمال التجارية والمؤسساتية، لذا يجب دعم إنشاء مراكز تدريب للمنظمات التطوعية لتحقيق ذلك.
5/ تشجيع مشاريع إدرار الدخل في عمل المنظمات الوطنية لدعم التمويل الذاتي، و لتقليل الإعتماد على المنظمات الأجنبية و الحكومات، وخلق فرص توظيف للشباب مع الرقابة المالية والإدارية.
6/ تشجيع استعمال وسائل الإتصالات الحديثة في الجمعيات.

المراجع
1) دكتور: عبد الرحيم أحمد بلال: العمل التطوعى فى السودان، الخرطوم، مايو 2000. 2) منشورات مكتب برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين.

 

ahmedkordy

خدمات البحث العلمي 01009848570

  • Currently 156/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
50 تصويتات / 1512 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2010 بواسطة ahmedkordy

أحمد السيد كردي

ahmedkordy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,876,128

أحمد السيد كردي

موقع أحمد السيد كردي يرحب بزواره الكرام free counters