<!-- النبي . ﷺ . وجمع الحطب
ورد عن النبي . ﷺ . أنه أمر أصحابه بذبح شاة في سفر، فقال رجل من القوم: عليَّ ذبحها، وقال الآخر: عليَّ سلخها، وقال آخر: عليَّ قطعها، وقال آخر: عليَّ طبخها، فقال رسول الله . ﷺ .: " عليَّ أن ألقط لكم الحطب ". فقالوا: يا رسول الله، لا تتعبنَّ ـ بآبائنا وأُمهاتنا ـ أنت، نحن نكفيك؟!. قال . ﷺ .: " عرفتُ أنّكم تكفوني، ولكن الله عزَّ وجلَّ يكره من عبده إذا كان مع أصحابه أن ينفرد من بينهم ". فقام . ﷺ . يلقط الحطب لهم.
وبهذا يقدم لنا رسول الله (. ﷺ .) وهو سيد الخلق أجمعين درسًا عمليًّا في العمل الجماعي.
<!--هجرة النَّبيِّ . ﷺ .
وَالْمُتَأَمِّلُ فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ ﷺ يَرَى فِيهَا صَفَحَاتٍ مُشْرِقَةً تَتَجَلَّى فِيهَا رُوحُ الْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ الْمَشْرُوعِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَمِنْ ذَلِكَ: رُوحُ الْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ فِي هِجْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ؛ فَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَسْتَأْذِنُ النَّبِيَّ فِي أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «يَا أَبَا بَكْرٍ! عَلَى رِسْلِكَ، لَعَلَّ اللَّهَ يَجْعَلُ لَكَ صَاحِبًا».
فَكَانَ يَقُولُ: ((الصُّحْبَةَ الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ!))؛ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ النَّبِيِّ ﷺ فِي هِجْرَتِهِ.
ابْتَاعَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - رَاحِلَتَيْنِ، فَعَلَفَهُمَا وَرَقَ السَّمُرِ، ثُمَّ إِنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي مَكَانٍ حَدَّدَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ سَوَاءً حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ لِنَبِيِّهِ بِالْخُرُوجِ مُهَاجِرًا إِلَى مُهَاجَرِهِ ﷺ.
ذَهَبَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِي فِيهَا أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «مَا أَرَى النَّبِيَّ ﷺ قَدْ أَتَى فِي هَذَا الْوَقْتِ إِلَّا لِحَدَثٍ حَدَثَ».
فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ أَعْلَمَهُ بِأَنَّ الْإِذْنَ بِالْهِجْرَةِ قَدْ جَاءَهُ مِنَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
فَقَالَ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ! الصُّحْبَةَ الصُّحْبَةَ!)).
قَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ صَاحِبًا يَا أَبَا بَكْرٍ».
وَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَيْنًا عَلَى قُرَيْشٍ يَتَلَصَّصُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَصْبَاحِ، فَإِذَا مَا كَانَ الْمَسَاءُ أَخَذَ مَا وَضَعَ عَلَيْهِ سَمْعَهُ وَيَدَهُ وَسَمْعَ قَلْبِهِ وَذَهَبَ إِلَى الرَّسُولِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ، وَالنَّبِيُّ مَعَ صَاحِبِهِ فِي الْغَارِ ﷺ, وَأَمَّا تَأْمِينُ أَمْرِ الْمَئُونَةِ فَقَدْ جُعِلَ إِلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا وَعَنْ أَبِيهَا-.
كَذَلِكَ وَزَّعَ النَّبِيُّ ﷺ الْأَدْوَارَ، وَأَمْرٌ آخَرُ لَمْ يُغْفِلْهُ رَسُولُ اللَّهِ -وَحَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَصْنَعَ ﷺ- وَهُوَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَأَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- إِذَا مَا سَارَا إِلَى الْغَارِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ لِلْأَقْدَامِ آثَارٌ عَلَى الرِّمَالِ، فَرُبَّمَا أَتَى الْقَافَةُ مِنْ تُبَّاعِ الْأَثَرِ فَدَلُّوا قُرَيْشًا عَلَى مَوْضِعِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ اقْتِفَاءً لِلْآثَارِ عَلَى الرِّمَالِ.
فَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَلَى غَنَمٍ لَهُ، إِذَا مَا جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ وَجَاءَتْ أَسْمَاءُ وَلَدَا أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- جَاءَ بِغَنَمِهِ فَسَارَ عَلَى طَرِيقِهِمَا فَعَفَّ عَلَى الْآثَارِ، ثُمَّ يَبِيتُ بِأَغْنَامِهِ عِنْدَ الْغَارِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَيَحْلِبُ لَهُمْ فَيَشْرَبُونَ هَنِيئًا مَرِيئًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ صَاحِبِهِ فِي الْغَارِ رِضْوَانًا كَبِيرًا-، فَإِذَا مَا كَانَ الصَّبَاحُ وَقَدْ لَاحَ بِتَبَاشِيرِهِ عَادَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ إِلَى قُرَيْشٍ كَأَنَّمَا أَصْبَحَ فِيهِمْ، وَكَذَلِكُمْ كَانَ اسْتِعْدَادُ النَّبِيِّ ﷺ.
وَأَمْرٌ آخَرُ لَمْ يَغِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ -وَحَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَغِيبَ-؛ ذَلِكَ أَنَّهُ اسْتَغَلَّ الْخِبْرَةَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْجَرَ ابْنَ أُرَيْقِطَ لِيَكُونَ دَلِيلًا هَادِيًا، وَكَانَ رَجُلًا مُشْرِكًا، وَلَكِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا بِمَجَاهِلِ الصَّحْرَاوَاتِ.
فَأَتَاهُمْ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ مَبِيتِهِمْ فِي الْغَارِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَرَضِيَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَنْ صَاحِبِهِ-، جَاءَهُمْ فَأَمْعَنَ بِالسَّيْرِ تِجَاهَ الْجَنُوبِ، ثُمَّ اسْتَدَارَ غَرْبًا، حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ سَلَكَ طَرِيقًا غَيْرَ مَطْرُوقَةٍ أَبَدًا -هِيَ نَادِرَةٌ جِدًّا مَا يَطْرُقُهَا طَارِقٌ-، وَسَارَ مُصْعِدًا صَوْبَ الشَّمَالِ حَتَّى قَدِمَ مَدِينَةَ النَّبِيِّ ﷺ..
<!-- سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل – عليهما السلام -.
لَقَدْ ضَرَبَ اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - فِي كِتَابِهِ أَرْوَعَ الْأَمْثَالِ لِلْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ الْمَشْرُوعِ وَعَظِيمِ أَثَرِهِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْأُمَّةِ؛ فَقَدْ ذَكَرَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي حَالَةِ رَفْعِهِمَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ الْأَسَاسِ، وَاسْتِمْرَارِهِمَا عَلَى هَذَا الْعَمَلِ الْعَظِيمِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾. [البقرة : 127].
ضَعْ فِي ذَاكِرَتِكَ -أَيُّهَا الْمُتَلَقِّي لِكَلَامِنَا- بِأَنَّكَ تُشَاهِدُ الرَّسُولَيْنِ الْكَرِيمَيْنِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ حِينَ يَرْفَعَانِ أُسُسَ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ عَلَى الْأُسُسِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي كَانَتْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهَا قَبْلَ انْدِثَارِهَا.
وَمَعَ قِيَامِهِمَا بِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ كَانَا يَدْعُوَانِ اللهَ تَعَالَى: رَبَّنَا تَقَبَّلْ طَاعَتَنَا إِيَّاكَ، وَعِبَادَتَنَا لَكَ بِالرِّضَا وَالْإِثَابَةِ، إِنَّكَ أَنْتَ وَحْدَكَ السَّمِيعُ دَوَامًا لِدُعَائِنَا، الْعَلِيمُ بِنِيَّاتِنَا.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: يَا إِسْمَاعِيلُ! إِنَّ اللهَ أَمَرَني أَنْ أَبْنِيَ هَاهُنَا بَيْتًا يَكُونُ مَعْبَدًا لِلْخَلْقِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَ: سَأُعِينُكَ عَلَى ذَلِكَ، فَجَعَلَا يَرْفَعَانِ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ؛ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ.
<!-- نموذج سيدنا موسى وأخيه هارون – عليهما السلام -.
وَهَذَا مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- سَأَلَ اللهَ مُعِينًا يُعَاوِنُهُ وَيُؤَازِرُهُ وَيُسَاعِدُهُ عَلَى مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ، وَسَأَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْبِرِّ، وَأَحَقُّ بِبِرِّ الْإِنْسَانِ قَرَابَتُهُ، ثُمَّ عَيَّنَهُ بِسُؤَالِهِ فَقَالَ: ﴿هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾. [طه : 30-31]؛ أَيْ: قَوِّنِي بِهِ، وَشُدَّ بِهِ ظَهْرِي، قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي كِتَابِهِ حِكَايَةً عَنْ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴾. [طه : 25-34].
قَالَ مُوسَى: رَبِّ وَسِّعْ لِي صَدْرِي؛ لِيَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَحَمُّلِ الْمُزْعِجَاتِ وَالْمَكَارِهِ بِصَبْرٍ وَحِلْمٍ دُونَ انْدِفَاعٍ بِغَضَبٍ سَرِيعٍ، وَسَهِّلْ لِي مَا أَمَرْتَنِي بِهِ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ إِلَى فِرْعَوْنَ.
وَاحْلُلْ عُقْدَةً تَحْبِسُ مِنْ نُطْقِي، فَإِذَا حَلَلْتَهَا بِقُدْرَتِكَ وَحِكْمَتِكَ؛ صِرْتُ قَادِرًا عَلَى إِفْهَامِ الَّذِينَ أُبَلِّغُهُمْ رِسَالَاتِكَ دَقَائِقَ الْمَعَانِي الَّتِي أُقِيمُ بِهَا عَلَيْهِمُ الْبَرَاهِينَ وَالْحُجَجَ.
وَاجْعَلْ لِي مُعِينًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي، قَوِّ بِهِ ظَهْرِي، وَاجْعَلْهُ شَرِيكَي فِي أَمْرِ النُّبُوَّةِ وَتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ الَّتِي كَلَّفْتَنِي بِهَا؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ نَتَسَاعَدَ وَنَتَسَانَدَ عَلَى تَنْزِيهِكَ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِكَ وَعَظِيمِ صِفَاتِكَ تَنْزِيهًا كَثِيرًا، وَنَذْكُرَكَ وَنُثْنِيَ عَلَيْكَ بِمَا أَوْلَيْتَنَا مِنْ جَمِيلِ نِعَمِكَ ذِكْرًا كَثِيرًا.
<!-- نموذج ذو القرنين
وَفِي سُورَةِ الْكَهْفِ يُحَدِّثُنَا رَبُّنَا -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- عَنْ نُمُوذَجٍ عَظِيمٍ فِي التَّعَاوُنِ وَالْعَمَلِ بِرُوحٍ جَمَاعِيَّةٍ، وَأَثَرِ ذَلِكَ فِي نَجَاةِ قَوْمٍ وَحِمَايَتِهِمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَذُو الْقَرْنَيْنِ مَلِكٌ صَالِحٌ، أَعْطَاهُ اللهُ مِنَ الْقُوَّةِ وَأَسْبَابِ الْمُلْكِ وَالْفُتُوحِ مَا لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ، فَذَكَرَ اللهُ مِنْ حُسْنِ سِيرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَقُوَّةِ مُلْكِهِ وَتَوَسُّعِهِ فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ التَّامُّ مِنْ سِيرَتِهِ وَمَعْرِفَةِ أَحْوَالِهِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾. [الكهف : 93].
أَيْ: بَلَغَ مَحَلًّا مُتَوَسِّطًا بَيْنَ السَّدَّيْنِ الْمَوْجُودَيْنِ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ الْأَرْضَ، وَهُمَا سَلَاسِلُ جِبَالٍ عَظِيمَةٍ شَاهِقَةٍ مُتَوَاصِلَةٍ مِنْ تِلْكَ الْفَجْوَةِ، فَوَجَدَ عِنْدَ تِلْكَ الْفَجْوَةِ الَّتِي بَيْنَ سَلَاسِلِ هَذِهِ الْجِبَالِ قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا؛ مِنْ بُعْدِ لُغَتِهِمْ، وَثِقَلِ فَهْمِهِمْ لِلُغَاتِ الْأُمَمِ:
﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾. [الكهف: 94]؛ وَهُمْ أُمَمٌ عَظِيمَةٌ -يَعْنِي: يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ- مِنْ نَسْلِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ مِنَ الْعَنَاصِرِ التُّرْكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ مُفَصَّلٌ مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَمَشْرُوحٍ مِنْ صِفَاتِهِمْ، ﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾. [الكهف: 94-95]. مِنَ الْقُوَّةِ وَالْأَسْبَابِ وَالِاقْتِدَارِ خَيْرٌ.
﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾؛ أَيْ: إِنَّ هَذَا بِنَاءٌ عَظِيمٌ يَحْتَاجُ فِي الْإِعَانَةِ عَلَيْهِ إِلَى مُسَاعَدَةٍ قَوِيَّةٍ فِي الْأَبْدَانِ ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾. [الكهف: 95]، وَلَمْ يَقُلْ: سَدًّا؛ لِأَنَّ الَّذِي بَنَى فَقَطْ هُوَ تِلْكَ الثَّنِيَّةُ وَالرِّيعُ الْوَاقِعُ بَيْنَ السَّدَّيْنِ الطَّبِيعِيَّيْنِ؛ أَيْ: بَيْنَ سَلَاسِلِ تِلْكَ الْجِبَالِ، فَدَبَّرَهُمْ عَلَى كَيْفِيَّةِ آلَاتِهِ وَبُنْيَانِهِ فَقَالَ: ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾؛ أَيِ: اجْمَعُوا لِي جَمِيعَ قِطَعِ الْحَدِيدِ الْمَوْجُودَةِ مِنْ صِغَارٍ وَكِبَارٍ، وَلَا تَدَعُوا مِنَ الْمَوْجُودِ شَيْئًا، وَارْكُمُوهُ بَيْنَ السَّدَّيْنِ.
فَفَعَلُوا ذَلِكَ حَتَّى كَانَ الْحَدِيدُ تُلُولًا عَظِيمَةً مَوَازِيَةً لِلْجِبَالِ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾؛ أَيِ: الْجَبَلَيْنِ الْمُكْتَنِفَيْنِ لِذَلِكَ الرَّدْمِ، ﴿ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ﴾. [الكهف: 96]؛ أَيْ: أَمَرَ بِالنُّحَاسِ فَأُذِيبَ بِالنِّيرَانِ، وَجَعَلَ يَسِيلُ بَيْنَ قِطَعِ الْحَدِيدِ فَالْتَحَمَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَصَارَتْ جَبَلًا هَائِلًا مُتَّصِلًا بِالسَّدَّيْنِ؛ فَحَصَلَ بِذَلِكَ الْمَقْصُودُ مِنْ عَيْثِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمِنْ إِفْسَادِهِمَا.
وَلِهَذَا قَالَ: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ﴾؛ أَيْ: يَصْعَدُوا ذَلِكَ الرَّدْمَ ﴿ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ﴾. [الكهف: 97-98]؛ أَيْ: رَبِّي الَّذِي وَفَّقَنِي لِهَذَا الْعَمَلِ الْجَلِيلِ، وَالْأَثَرِ الْجَمِيلِ، فَرَحِمَكُمْ؛ إِذْ مَنَعَكُمْ مِنْ ضَرَرِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ بِهَذَا السَّبَبِ الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَكُمْ عَلَيْهِ».
<!--تعاون الصحابة وقت فتح مصر
الصحابة رضي الله عنهم كانوا كالجسد الواحد يكملون بعضا فاذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، وانهم قاموا بتوزيع أنفسهم عندما أرادوا فتح مصر والشام، ليكونوا في خدمة المسلمين وقضاء مصالحهم.
فنجد أنه عندما ذهب خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وعمرو بن العاص ومعهم أبو عبيدة الجراح لفتح مصر والشام، نجد الخلفاء الراشدين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، كانوا يقومون على رعاية شئون الناس وقضاء حوائجهم.
في نفس الوقت كان ابن عباس ومعاذ بن جبل، وبن عم، يقومون على تعليم الناس تعاليم الدين الإسلامي، ويقومون بالفتوى في الأمور الخاصة بهم، كما أنهم كانوا يقومون بتربيتهم على الشريعة الإسلامية.
وكانت تقع موعظة الناس والحكام وكانوا يقومون بنصحهم ويقدمون لهم المشورة والعون، تقع على عاتق ابن أبي ذر وأبي الدرداء.
<!-- نجاح العمل الجماعي في حفر الخندق
نقل لنا الصَّحابيُّ الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه صورة مِن تعاون الصَّحابة وتكاتفهم في حفر الخندق، فيقول: جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة، وينقلون التَّراب على متونهم، ويقولون:
نحن الذين بايعوا محمَّدًا ... على الإسلام ما بقينا أبدًا
والنَّبيُّ . ﷺ . يجيبهم ويقول:
اللَّهمَّ إنَّه لا خير إلَّا خير الآخرةْ ... فبارك في الأنصار والمهاجرةْ
إن هذا المشروع والعمل نجح نجاحاً تاماً، حيث أنه عمل جماعي قام على ضوابط ساعدت في نجاحه، فالنبي . ﷺ . أدار هذا العمل بكفاءة فائقة غير متخيلة، وقام بوضع قواعد نجاح الأعمال الجماعية.
حيث أن من ضوابط نجاح هذا العمل هي:
أن القائد كان يشارك جنوده، فبذلك نجد الجنود يبذلون أقصى جهدهم ليس خوفا من القائد ولكن لشعورهم انه هناك عمل مشترك مهم.
فنجد النبي . ﷺ .، وهو القائد الأعلى لجيش المسلمين، نزل بنفسه لحفر الخندق مع باقي الجيش.
كما أنه من ضوابط النجاح انه كان هناك توزيع الأعمال على الجميع، فحرص النبي . ﷺ . بتوزيع الأدوار كل حسب طاقته، فكان لا يوجد أي شخص متهاون أو متراخي، فالكل كان في عمل دؤوب.
وهناك ضابط ثالث، وهو انهم جمعوا في الإرادة بين الحزم والرفق، حيث تم وضع حدود وضوابط للعمل والاستئذان، وكان إلزامية للجميع، فلا تهاون فيها لا من كبير ولا صغير، وكانوا جميعا يأتمرون بأمر القائد والخضوع التام لأوامره وأحكامه.
ومنها كذلك، أن النبي . ﷺ . كان يرفع الهمة عند الصحابة في كل المواقف الصعبة، وكان يبث فيهم روح الأمل، فما فعله في هذا العمل كان يفوق الوصف والخيال.
ـتعاون الصحابة رضي الله عنهم في بناء المسجد النبوي
قال النبي . ﷺ . " يا بني النَّجار ثامنوني بحائطكم هذا، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلَّا إلى الله، فقال أنسٌ: فكان فيه ما أقول لكم قبور المشركين، وفيه خربٌ وفيه نخلٌ، فأمر النَّبيُّ . ﷺ . بقبور المشركين، فنُبِشَت، ثمَّ بالخرب فسوِّيت، وبالنَّخل فقطِّع، فصفُّوا النَّخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه الحجارة، وجعلوا ينقلون الصَّخر وهم يرتجزون والنَّبيُّ . ﷺ . معهم، وهو يقول: اللَّهمَّ لا خير إلَّا خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة ".
<!-- تعاون الأنصار مع المهاجرين
قال عبد الرَّحمن بن عوف - رضي الله عنه -: آخى رسول الله . ﷺ . بيني وبين سعد بن الرَّبيع، فقال لي سعد: إنِّي أكثر الأنصار مالًا، فأقاسمك مالي شطرين، ولي امرأتان، فانظر أيتهما شئت حتى أنزل لك عنها، فإذا حلَّت تزوجتها، فقلت: لا حاجة لي في ذلك، دلُّوني على السُّوق، فدلُّوني على سوق بني قينقاع، فما رحت حتى استفضلت أقِطًا وسمنا.
وقالت الأنصار للنَّبيِّ . ﷺ . (اقسم بيننا وبينهم النَّخل، قال: لا. قال: يكفوننا المئونة ويشركوننا في التَّمر. قالوا: سمعنا وأطعنا).
ومِن تعاون الصَّحابة أيضًا
موقفهم – رضوان الله عليهم - في قصَّة سلمان - رضي الله عنه - عندما كاتب سيِّده، وكان فقيرًا لا يملك ما كاتب عليه، فقال النَّبيُّ . ﷺ . للصَّحابة: (أعينوا أخاكم) فأعانوه، حتى تحرَّر مِن رقِّه، وأصبح حرًّا.
<!--ميادين التَّعاون
لقد أقام الإسلام التَّعاون بين المسلمين على أساس مُحْكَم، ومدَّ له في كلِّ ناحية مِن نواحي الحياة بسببٍ. فالتَّمثيل القرآني لأهل الإيمان أنَّهم كالبنيان المرصوص، وفي التَّمثيل النَّبوي كالجسد الواحد. فأمور الإسلام ومطلوباته لا تتحقَّق على وجهها إلَّا بالتَّعاون. ودين الله بنيان شامخ لا يقوم ولا يثبت إلَّا حين تتراص لبناته، وتتضامن مبانيه؛ لتسدَّ كلُّ لبنة ثغرتها.
وإذا كان الله سبحانه قد خَلَق الخَلْق لعبادته وطاعته فإنَّ هذه العبادات والطَّاعات أنواع: قلبيَّة عقليَّة كالإيمان، وبدنيَّة كالصَّلاة، وماليَّة كالزَّكاة، ومركَّبة مِن البدن والمال كالحجِّ والجهاد.
وكلُّ هذه العبادات بأنواعها لا تقام ولا تشاد إلَّا بوسائلها: مِن صحة الفكر، وسلامة البدن، وسعة ذات اليد. ولهذه الوسائل وسائل: مِن التَّفقُّه في الدِّين، والإحسان في الأعمال، مِن زراعة وصناعة وحرف، وإتقان في العلوم والمعارف؛ مِن الطِّب والحساب والهندسة والمعامل والمختبرات. ومِن المقطوع به -كما سبق- أنَّ الإنسان بمفرده بل حتى الرَّهط مِن النَّاس والجماعة المحدودة مِن القوم لا تستطيع بهذه الوسائل الانفراد بتحقيق هذه المقاصد. ومنه يتبيَّن حاجة النَّاس إلى الاجتماع والتَّآزر، فذلك ما تقتضيه الفطرة، ويتطلبه الدِّين، وتنتظم به الشؤون، وتستقيم به العلوم.
وهذا بعض البسط لصورٍ مِن التَّعاون في أحكام الإسلام وآدابه، وإذا استجلاها رجل الدَّعوة عرف ضرورة التَّعاون وحاجته إليه في ميدانه ومجاله.
فالصَّلوات الخمس جماعة وجمعة، وصلاة العيدين وآدابهما، والحجُّ بشعائره، وعقد النِّكاح بوليمته وآدابه، وعقيقة المولود، وإجابة الدَّعوى حتى للصَّائم، كلُّها مناشط عباديَّة اجتماعيَّة تعاونيَّة، ولا تكون صورتها الشَّرعية إلَّا كذلك.
وينضمُّ إلى اجتماع الأعياد اجتماع الشدائد والكرب في صلوات الاستسقاء والكسوف والجنازة.
إنَّه انتظام عجيب بين أهل الإسلام في مواطن السُّرور والحزن، ناهيك بصورة الأخوَّة، ومبدأ الشُّورى، وحقوق المسلمين فيما بينهم؛ في القربى والجوار والضَّيف وابن السَّبيل واليتامى والمساكين، مع ما يحيط بذلك مِن سياج الآداب الاجتماعيَّة؛ مِن إفشاء السَّلام، وفسح المجالس،
أمَّا أنواع المعاملات والتَّعاملات فذلك جليٌّ في عقود المضاربة والعارية والهبة والمهاداة وفرض الدِّية على العاقلة.
وثمَّة صورٌ مِن المعاونات في كفِّ الظُّلم، ونصرة المظلوم، ودفع الصَّائل بسلاح أو مال. بل هل يقوم الجهاد، وتُقام الحدود، وتُستوفى الحقوق، ويقوم الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر إلَّا بالتَّعاون والتآزر.
وهناك التَّعاون بالرَّأي، بما يدلُّ على الحقِّ، ويخرج مِن الحيرة، وينقذ مِن المأزق والهلكة، في النَّصيحة والمشاورة، وقد يكون تعاونًا بالجاه؛ مِن الشَّفاعة لذي الحاجة عند من يملك قضاءها.
فإذا وضع المسلمون أيديهم على هذه الأسباب الوثيقة، يتقدَّمهم أولو الأمر والعلماء والدُّعاة، بلغوا المكانة المحفوفة بالعزَّة المشار إليها بقوله سبحانه: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾. [المنافقون : 8].
(قال ابن خويز مندادٍ في أحكامه: والتَّعاون على البِرِّ والتَّقوى يكون بوجوهٍ، فواجبٌ على العالم أن يعين النَّاس بعلمه فيعلِّمهم، ويعينهم الغني بماله، والشُّجاع بشجاعته في سبيل الله، وأن يكون المسلمون متظاهرين كاليد الواحدة (المؤمنون تكافؤ دماؤهم ويسعى بذمَّتهم أدناهم وهم يدٌ على مَن سواهم)، ويجب الإعراض عن المتعدِّي وترك النُّصرة له، وردُّه عمَّا هو عليه.
سابعاً: تأسيس العمل الجماعي داخل المؤسسة
لقد وضع لنا رسول الله . ﷺ . مجموعة القواعد التي تساعدنا في تأسيس العمل الجماعي داخل المؤسسة.
قال رسول الله . ﷺ . " تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ".
القاعدة الأولى " تَرَى الْمُؤْمِنِينَ "
إن بداية تأسيس عملاً جماعياً بالمؤسسة يجب أن يكون أعضاء المؤسسة أنفسهم مؤمنين.. نعم.. مؤمنين.
علينا أن نحرص على اختيار الموظفين والقادة المؤمنين، فإن المؤمن يحمل السلام لنفسه ولغيره لمن اتفق معه ولمن اختلف معه وهذا يساهم في بناء عملاً جماعياً.
إن الإيمان هو المحرك الرئيسي للأفراد نحو العمل الجماعي قبل تصميم أي هيكل إداري أو وضع أي نظام أو إجراء.
القاعدة الثانية " فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ "
وبذلك يوجد ثلاث عناصر إن توافرت ساعدت في العمل الجماعي بروح الفريق.
1. " تَرَاحُمِهِمْ " إن التراحم محله القلب وعندما يحمل الأفراد رحمة في قلبهم تسود المحبة علاقاتهم وهذا يوجب تفعيل وتطوير نظم التحفيز المعنوية بالمؤسسة التي تؤثر تأثيرا مباشرا في التراحم.
فعلى مديري الموارد البشرية تعليم المدراء أن يمدحوا موظفيهم على حسن الأداء وأن يتعلم الموظفين شكر رؤساؤهم لجهودهم.
2. " وَتَوَادِّهِمْ " التوادد هو التواصل الجالب للمحبة ويمكن للمسئولين ومدراء الموارد البشرية تفعيل التوادد سواء عن طريق تفعيل الأنشطة الاجتماعية كالرحلات والمباريات ودعوة أقارب العالمين أوعن طريق تفعيل نظم التحفيز المادية كالهدايا والمكافآت ونظم الرواتب.
3. " وَتَعَاطُفِهِمْ " والتعاطف هي الإعانة والتقوية ويتحقق ذلك من خلال برامج التدريب التي تعين الفرد على القيام بمهام عمله وبرامج التطوير الذي تجعله أكثر قوة وبرامج تقييم الأداء التي تجعله دائما على المسار الصحيح.
القاعدة الثالثة " كَمَثَلِ الْجَسَدِ "
إن الجسد غير قابل للتجزئة فهو جسد واحد وفي ذلك إشارة إلى أهمية أن تضع الشركات أهدافا واستراتيجيات واضحة وذات معنى وتحفيزية وتحقق طموحات العاملين ليجتمع عليها الأفراد.
القاعدة الرابعة " إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا "
إن هذه القاعدة تحمل أصلين عظيمين لإدارة فرق العمل:
<!--إن العضو والفرد داخل فرق العمل هو من يشتكي.. هو من يطلب الإعانة.. هو من يقول لا أجيد القيام بعمل كذا.. هو من يقول احتاج تدريبا لكذا.. إنه ببساطة يعمل في جو يسوده الرحمة والمودة والتعاطف ولا يخشى أن يطلب العون أن يساء فهمه إن الفرد ناضج بما يكفي ليقيم نفسه ويضع يده على مناطق ضعفه إن شكوى الفرد نفسه تقلل من نظم الرقابة التي تكلف المؤسسة وقتا وجهدا ومالا.
<!--إن العضو قبل أن يشتكي كان صحيحا سليما معافى وهذا دليلا على أن المؤسسة قد قامت بالفعل باختيار الجدارات والمهارات والكفاءات التي تحتاجها ولكن الشكوى عارضة ويمكن إزالتها.
القاعدة الخامسة " تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى "
ولم يختص جزء من الجسد بل " سَائِرُ جَسَدِهِ " وهذا يدل على أن وجود أحد الأفراد أو الأقسام إذا كان يعاني من سوء الأداء فسوف تصبح قضية شاغلة لجميع الموظفين بالمؤسسة من رئيسها لغفيرها إنها ليست خاصة بفرد أو مدير مباشر أو إدارة بل يجب على الجميع المساعدة ما استطاع.
" بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى " وهو دليل على بذل المجهود فلا يكفي أن نصدر قرارا بل يجب متابعته ولا يكفي أن نعقد اجتماعا بل يجب التأكد من تنفيذه.