<!--StartFragment-->
لقد اهتم الإسلام بموضوع القيادة باعتبارها المحرك الأساسي لنمو المجتمعات وازدهارها، فعلى مر التاريخ استطاعت العديد من الأمم بناء مجدها بفضل توفر قيادة حكيمة واعية قادرة على اتخاذ القرارات بشكل سليم، للنهوض ببلادها في شتى الميادين، والحفاظ على مكانتها المميزة بين باقي الأمم.
وتظل القيادة هي العامل المشترك لتقدم المجتمعات، ولقد اهتم بها الإسلام باعتبارها المحرك الأساسي لترجمة أهداف الدولة الإسلامية إلى واقع وتحول الواقع إلى برامج عمل، وتتأكد حتمية القيادة في كونها ضرورة اجتماعية لتنظيم علاقات أفراد المجتمع الواحد، والإسلام يحرص على النظام للجماعة، ويحث دائما على تحديد القيادة عن طريق اتفاق الجماعة نفسها على شخص معين يتميز من بينهم بحسن القيادة والتوجيه لهم ولأمورهم، قال . ﷺ . في الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه -: " إذا خرجَ ثلاثةٌ في سفَرٍ فليؤمِّروا أحدَهُم "، ومن هنا نرى أن الإسلام قد اعتبر القيادة ضرورة شرعية وقاعدة اجتماعية لا يجوز إهمالها بأي حال من الأحوال، وإذا كان الرسول . ﷺ . قد أوجب القيادة لثلاثة في الخلاء فلا شك أنها من أوجب الواجبات في المنظمات أياً كان حجمها، وذلك حفاظاً عليها من التفرق وتحقيقاً لمصالحها.
وبالنظر للتاريخ الإسلامي، نجد العديد من القادة تمكنوا من تغيير تاريخ أمتهم بأعمالهم العظيمة، وإدارتهم العادلة، حتى أصبحوا مثالا يحتذى به في القيادة الإسلامية الناجحة. ومن أبرز هؤلاء القادة بعد النبي . ﷺ . أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب الذي أسس إمبراطورية الإسلام والقوة العظمى في ذلك الزمان، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز الذي لقب بخامس الخلفاء الراشدين، حيث احتل هذه المكانة بسنتين وبضعة أشهر قضاها خليفة للمسلمين نظير أعماله الجلية في إصلاح الدولة الإسلامية وإشاعة العدل والحكم بشرع الله وسنة نبيه . ﷺ ..
وعلى مر العصور نجد أن القادة والزعماء يدخلون التاريخ بأعمالهم التي تغير تاريخ أمتهم لا بالسنوات التي عاشوها يحكمون، فلقد قضى "سيف الدين قطز "سلطاناً في مصر نحو عام، نجح خلاله في إلحاق أكبر هزيمة بالمغول في عين جالوت"، وإعادة الثقة في نفوس المسلمين، وكان دوره التاريخي على قصر فترته الزمنية كبيراً وباقياً.
ويكمن جوهر القيادة الإدارية في القدرة التي يتمتع بها القائد في التأثير على أفراد الجماعة، وحسن إدارتهم، وتوجيههم بطريقة إسلامية تمكنه من اكتساب طاعتهم وضمان ولائهم وتعاونهم لما فيه خيرهم، وهذا ما اشتهرت به خلافة عمر بن عبد العزيز كقائد إداري محنك، استطاع في فترة وجيزة أن يبني تاريخ أمة.
<!--EndFragment--><!--StartFragment-->القيادة الإدارية: هي عملية توجيه وتحفيز الفريق أو المؤسسة لتحقيق الأهداف المحددة. تتطلب القيادة الإدارية مجموعة من المهارات والخبرات المتنوعة التي تشمل القدرة على التخطيط والتنظيم واتخاذ القرارات الصائبة والتفاعل مع الآخرين بطريقة فعالة.
<!--وعرفت القيادة من قبل أصحاب الفكر الإداري المعاصر بأوجه مختلف، وفيما يلي بعض ما تم تناوله من تعريفاتها: القيادة عملية اجتماعية يبذل القائد من خلالها الجهود المختلفة للحصول على المشاركة بشكل طوعي مع المرؤوسين للوصول إلى أهداف المنظمة.
<!-- وهناك تعريف آخر على أنَّها: " القدرة على التأثير في سلوك أفراد الجماعة، وتنسيق جهودهم، وتوجيههم لبلوغ الغايات المنشودة ".
<!--وعرفت القيادة بأنها القدرة على إقناع الآخرين بهدف الوصول إلى أهداف معينه.
<!--وعرفت القيادة بأنها قدرة الفرد في التأثير على شخص أو مجموعة وتوجيههم وإرشادهم من أجل كسب تعاونهم واحتواءهم بأعلى درجة من الكفاية كالعمل والإنجاز لتحقيق الأهداف المرسومة.
<!--وعرفت القيادة بأنها قدرة تأثير شخص ما على الآخرين بحيث يجعلهم يقبلون قيادته طواعية وبدون إلزام قانوني وذلك لاعترافهم بدوره في تحقيق أهدافهم وكونه معبراً عن آمالهم وطموحاتهم.
<!--وعرفت القيادة بأنها عملية التأثير في الفرد أو مجموعة من الأفراد في محاولة توجيه جهودهم نحو الأهداف والعمل على تحقيقها.
<!--وعرفت القيادة بأنها الأسلوب الذي يستخدمه المدير بتوجيه ذاتي لقيادة مرؤوسيه وحملهم على أداء المهمة ويختلف هذا التوجيه من شخص لأخر من حيث مستوى الاهتمام بالعنصر البشري أو بالأداء والإنتاج.
وقبل أن نعرف القيادة من منظور إسلامي يجب أن نعرف أن الإنسان كائن اجتماعي يتميز بالاتصال مع غيره من التجمعات أو التنظيمات البشرية، حيث أن تنظيم هذه العلاقة يتطلب وجود القائد الذي يقوم بتنظيم وتوجيه وإرشاد الأفراد في التنظيم نحو تحقيق الأهداف، وإذ يعتبر إرسال الرسل عليهم السلام إلى البشر ما هي إلا أوامر من الله سبحانه وتعالى في تعيين القادة لقيادة الأمم لإخراجهم من الظلمات إلى النور، حيث قال تعالى: ﴿ وَلَقَد بَعثنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾. [النحل : 36].
وتجدر الإشارة هنا عند الحديث عن القيادة في الإسلام أن نشير إلى بداية القيادة الإسلامية للرسول . ﷺ . منذ تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، حيث أن دوره . ﷺ . لم يكن يقتصر على أمور محدده أو تنفيذية فحسب، وإنما كانت سيادته كاملة في حكمه للجماعة الإسلامية، فهو النبي، والرسول، والحاكم، والقائد الأعلى، والقاضي، ورئيس الدولة، ورئيس الإدارة كلها، وقد كانت حكومته دينيه ودنيوية في نفس الوقت.
وأمَّا مفهوم القيادة في الإسلام، فيعني: " ذلك السلوك الذي يقوم به شاغل مركز الخليفة أثناء تفاعله مع غيره من أفراد الجماعة، فهي عملية سلوكية، وهي تفاعل اجتماعي فيه نشاط موجه ومؤثر، علاوة على كونه مركزًا وقوة". فالقيادة في الإسلام مبنية على العدل والإنصاف والشورى في أمور الرعية ".
وقد عرف الجندي القيادة الإسلامية بأنها تحقيق الخلافة في الأرض من أجل الصلاح والفلاح.
وعرفت القيادة من المنظور الإسلامي أيضا أنها أمانة التوجيه والقدرة التي يتحملها المسلم في موقعه، ليحقق أهداف جماعة المسلمين الدينية والدنيوية المنبثقة من شرع الله
ويقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾. [النساء : 59].
ويقول تعالى ﴿ وَاجْعَلْنَا للمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان : 74] ، وكلمة الحكم" ومشتقاتها ومن ذلك قوله تعالى" ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة، وفي آية "الخلافة" ومن ذلك قوله تعالى ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾. [ سورة ص: 26]. وكذلك في الحديث الشريف لم يتم استخدام كلمة " القيادة" بلفظها ولكن مشتقاتها فقد استخدمت بشكل كبير وملحوظ، منها حديث جابر بن عبد الله أن النبي . ﷺ . قال:" أنا قائدُ المرسَلينَ ولا فَخْرَ، وأنا خاتَمُ النَّبِيِّينَ ولا فَخْرَ، وأنا أولُ شافعٍ ومُشَفَّعٍ ولا فَخْرَ".
وقد أمر النبي . ﷺ . بتعيين القائد في أقل التجمعات البشرية في سبيل تكاتف المجموعة ولتجنب التباعد في الرأي وتجنب الخلاف حين قال . ﷺ . نقلاً عن أبو داوود، في الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه -: " إذا خرجَ ثلاثةٌ في سفَرٍ فليؤمِّروا أحدَهُم ".
إذن فالقيادة في الإسلام كما هي القيادة في الفكر الإداري المعاصر، تعني التأثير في الآخرين لبلوغ الرسالة الدينية والدنيوية والحكم بين الرعية بما أنزل الله في كتابه الحكيم وسنة نبيه الكريم، ولذلك فقد كان أمر الله واضحاً في قوله تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾. [النساء : 65].
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله . ﷺ .: " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْوَلَدُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِه ".
لقد احتوى الفكر الإسلامي العديد من الإثباتات والأدلة التي تبين واقع القيادة في الإسلام من حيث الأهمية والصفات التي ينبغي أن تتحلى بها والدور الذي يمكن أن تؤديه في الجماعة والواجبات الملقاة على عاتق القيادة الإسلامية في السلم والحرب.
ويمكن أن نبين ما جاء في الفكر الإسلامي من حيث مصدرين: الأول يتعلق بما جاء في الآيات القرآنية، والمصدر الثاني يتعلق بما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة.
ومن التعاريف السابقة يتضح أنَّ القيادة تتكون من ثلاثة عناصر أساسية، وهي:
1- وجود جماعة من الأفراد.
2- وجود فرد بين المجموعة يؤثِّر فيهم.
3- وجود أهداف مشتركة يسعون لتحقيقها.
لذلك، يجب على القادة الإداريين أيضًا أن يكونوا قدوة للفريق ويعملوا كمثلّث علاقات بين الإدارة والفريق والعملاء، بالإضافة إلى إظهار الشفافية والنزاهة في جميع الأوقات وإدارة الصعوبات والتحديات بطريقة فعالة. علاوة على ذلك، يتطلب القيادة الإدارية الإشراف على الموارد المتاحة، بما في ذلك الموارد المالية والموارد البشرية والموارد الفنية، للوصول إلى الأهداف التي حددتها المؤسسة.
<!--EndFragment-->