تقوم إدارة المخاطر بوضع نظام يقوم على تحليل مدخلات الصفقة في الحاسب الآلي، ويتم تحديث معايير ومؤشرات الخطر أولا بأول، مع تقديم تقارير إحصائية عن نسبة ما يتم التخليص عليه عبر المسرب الأخضر والأحمر من كل منفذ جمركي. وتدرج ديباجة اتفاقية كيوتو المعدلة تطبيق إدارة المخاطر باعتبارها واحدة من سبعة مبادئ أساسية مضمنة في تسهيل التجارة:
هناك خمس خطوات رئيسة في عملية إدارة المخاطر المعيارية كما عرفتها منظمة الجمارك العالمية، وهي:
<!--تحديد السياق: لاستيراد السلع، ضوابط التصدير، وحركة المسافرين، الخ...؛
<!--تحديد المخاطر": حماية الإيرادات (من تبخيس القيمة عند التخمين، وتحديد منشأ السلع وتصنيفها)، وتحديد الموانع والقيود (مثل الإتجار في المخدرات، والتعدي على حقوق الملكية الفكرية، والإتجار بالأسلحة النارية، إلخ...)؛
<!--تحليل المخاطر: رجحان حدوث الخطر المحتمل (أقل احتمالا، ومحتمل، ومحتمل جدا)؛
<!--تقييم المخاطر وتحديد أولوياتها": تقييم آثار وتوابع المخاطر إن حدثت (مرتفعة، ومتوسطة، ومنخفضة)؛
<!--معالجة المخاطر": تحديد التدابير المضادة وربطها مع مستويات المخاطر (مقبولة، أو يمكن معالجتها، أو إبعادها أو التخلص منها).
بالإضافة لهذه الخطوات الخمس، تتطلب إدارة المخاطر رصدا ومراجعة مستمرة للتخلص من النتائج السلبية أو الإيجابية الخاطئة التي أسفرت عنها عملية تقييم المخاطر. وفي كل مراحل العملية، فإن التوثيق، والاتصالات والتشاور مع كل أصحاب المصلحة المعنيين يعتبر عنصرا رئيسا، حيث أن إدارة المخاطر مهمة مؤسسية تشارك فيها المؤسسة بأسرها وليست مهمة تضطلع بها وحدة بعينها.
ما زالت الجمارك، في كثير من الدول تطبق نظام التفتيش المادي بنسبة 100%، أي أن كل شحنة توقف وتفتش بطريقة مادية (على نحو جزئي أو كلي)، مما يتسبب في حالات كثيرة من الـتأخير لدى المعابر الحدودية والموانئ والمطارات. إن تفتيش جميع الشحنات من شأنه أن يخلق بيئة ملائمة لدفع مبالغ غير رسمية بهدف تعجيل العملية. ووفقا لتقارير القدرات الجمركية الذي نشرته الرابطة العالمية لشركات البريد والشحن السريع في 2009، فإن 37 من أصل 114 إدارة أجريت عليها الدراسة الميدانية قد طبقت النهج الانتقائي القائم على أساس المخاطر، و18 إدارة منها أخضعت جميع الشحنات للتفتيش المادي، أما بقية الدول فقد اختارت للتفتيش عينات عشوائية من الشحنات أو تم التفتيش بناء على اجتهاد مسؤول التفتيش.
إرشادات بشأن التنفيذ:
إن تطبيق إدارة المخاطر واستعمال مبدأ الانتقائية القائمة على أساس المخاطر (بوسيلة المسرب الأحمر والأخضر) يسمح للجمارك بتوزيع مواردها الشحيحة على المناطق ذات المخاطر العالية بينما تزيد من فاعلية عملية التخليص الجمركي للشحنات قليلة المخاطر. على سبيل المثال، عملت اليابان على تعزيز قدرات تقييم المخاطر الجمركية لديها منذ 1999، مما ساعد الجمارك على المحافظة على نفس مستويات التوظيف التي كانت سائدة عام 1999 تقريبا، علما بأن عدد معاملات الاستيراد قد ازدادت بما يقارب 60% (2007) ومعاملات التصدير بما يقارب 50% (2007)
يمكن للجمارك أن تحدد الحالات التي تحتاج إلى تدقيق إضافي، سواء كان ذلك على شكل تفتيش مادي أم مراجعة مستندية، عن طريق تحليل وقياس مستوى الالتزام لكل تاجر على حدة، وللبضائع أو الدول المتاجرة على المستوى القطري والإقليمي والمحلي، ويؤدي ذلك في غالب الأحيان إلى نتائج ملموسة. إن تحديد مستوى التزام التاجر، لا سيما التجار المعتمدين والمشغلين الاقتصاديين المعتمدين (AEOs)، من شأنه أن يقلل معدل التفتيش اللازم لذوي الالتزام الجيد مقارنة بالتجار الأقل التزاما، فالجمارك عادة ما توفر حوافز للتجار بهدف الاستثمار في تعزيز الالتزام. وبالإضافة إلى معالجة الشحنات قبل وصولها والإقرارات الجمركية الجيدة، تكتسب سلطات الجمارك وقتا ثمينا يخولها تنفيذ عملية تقييم المخاطر والإفراج الفوري عن السلع عند وصولها.
وتزداد فاعلية طريقة الانتقائية القائمة على أساس المخاطر في ظل البيئة المؤتمتة، حيث يمكن تطبيق الانتقائية القائمة على أساس التحليل الحاسوبي للمخاطر على جميع الواردات والصادرات بشكل متسق، ونجد أنها طريقة أسرع وأدق عند مقارنة مجموعة بيانات صادرة عنها (مثل البيانات المستخلصة من إقرار السلع) مع جميع مجموعات البيانات التي ينتجها نظام تحليل المخاطر الحالي. ويمكن لتكنولوجيا المعلومات أن تيسر عملية تحديث جميع تقارير تحليل المخاطر استنادا إلى أحدث النتائج التي يسفر عنها التخليص الجمركي وتدقيق الحسابات. إن الافتقار إلى نظام تقييم مخاطر يستند إلى المعلوماتية ونظام الاستهداف، لا يبرر لإدارات الجمارك عدم تطبيق هذا المبدأ الأساسي لتسهيل التجارة.
وتحتوي المبادئ الإرشادية الخاصة باتفاقية كيوتو المعدلة على وصف تفصيلي لعملية إدارة المخاطر. وقد نشرت منظمة الجمارك العالمية مؤخرا خلاصة وافية حول إدارة المخاطر، إذ وفرت إرشادات هيكلية بشأن طريقة إنشاء بيئة مؤسسية مواتية لإدارة المخاطر بنجاح. وتؤدي إدارة المخاطر دورا هاما في نظام النافذة الواحدة، وإدارة عبور الحدود، وفي مجال أمن سلسلة الإمداد. كما يوفر التوجيه رقم 14 من المبادئ التوجيهية التي وضعتها غرفة التجارة الدولية (ICC) بعض آراء قطاع الأعمال حول مظاهر التفتيش الانتقائي.
الضمان والتأمين:
الضمان وسيلة طمأنة بالوفاء بالتزام أو التزامات نحو الجمارك، مثل دفع الرسوم والضرائب، خلال فترة معينة. ويُطلب الضمان عادة في الحالات التي يتم فيها تبسيط الإجراءات العادية مثل الإفراج قبل التخليص، والدفع الآجل، أو الإفراج المؤقت حين تكون إحدى المستندات المؤيدة مفقودة، على سبيل المثال، أو يكون إقرار السلع مؤقتا. كما يُطلب الضمان والتأمين في الإجراءات الجمركية للسلع العابرة.
في بعض الأحيان لا تعطي إدارات الجمارك معلومات شفافة عن أنواع الضمان، ولا كيفية احتساب مبلغ الضمان. فإذا كانت الجمارك تقبل بنوع واحد فقط من الضمان، وبخاصة الإيداع النقدي، وتحدد مبلغ الضمان على نحو تعسفي يتجاوز مبلغ الرسوم والضرائب المستحقة، فإن ذلك يضع عبئا ماليا ثقيلا على كاهل التجار. وتضاف هذه الكلفة إلى كلفة حركة السلع.
ينبغي أن تكون للجمارك قواعد واضحة، وشفافة، ودقيقة، ويستحسن أن تكون منصوصا عليها في التشريعات الوطنية تتحدد بمقتضاها أنواع الضمان المقبولة وكيفية احتساب مبلغ الضمان. وعلى الجمارك أن تعدد الحالات التي تستلزم الضمان، وأن تحدد الأشكال التي يتم بها توفير الضمان. تشمل أشكال الضمان: الضمان المصرفي، والشيكات، والايداع النقدي، والتأمين، الخ. ويكون اختيار شكل الضمان من حق الشخص المطالب بتوفير الضمان. ويطلب من الجمارك أن تبقى الضمان منخفضا قدر الإمكان وألا يتجاوز المبلغ المحتمل جبايته.
بالنسبة للتجار المنتظمين ممّن لهم أحجام كبيرة من الاقرارات الجمركية، ولاسيما وسطاء الجمارك والأشخاص المعتمدون، يجب على الجمارك أن توفر لهم، إضافة إلى الضمانات الصالحة لمعاملة واحدة، إمكانية استخدام ضمان لمدة عام لتغطية الالتزامات أو كل المعاملات خلال فترة زمنية معينة، وللمعاملات التي تتم في أكثر من مكتب جمركي واحد. وتتطلب نظم الضمانات هذه آلية ملائمة وسريعة لتتبع الالتزامات وتصريف المعاملات المكتملة فورا. ومن شأن أتمتة الجمارك تيسير هذا العمل بصورة ملحوظة.
الحد الأدنى:
تعرف غرفة التجارة الدولية الحد الأدنى (de minimis) بأنه سقف قيمة السلع، بما في ذلك المستندات والعينات التجارية، الذي لا يفرض دونه رسم أو ضريبة جمركية وتكون إجراءات التخليص ذات الصلة، بما في ذلك المتطلبات من البيانات، في حدها الأدنى. ويسعى هذا الجزء إلى إعطاء مشورة عملية بشأن الاعتبارات الرئيسة لإنشاء نظام حد أدنى بما في ذلك الإشارة إلى أحدث البحوث عن الآثار الاقتصادية والمالية لمثل هذه النظم.
إن إعداد إقرارات الشحنات والسلع، وتقديمها ومعالجتها، والاحتفاظ بها أو تخزينها (سواء كانت ورقية أم الكترونية) عملية عالية الكلفة على الشركات، والإدارة كليهما. فالكلفة المتكبدة في معالجة الشحنات ذات القيمة العالية والرسم الجمركي هي نفس الكلفة التي تنشأ عن معالجة الشحنات قليلة القيمة وغير الخاضعة لرسوم جمركية. وعندما تكون قيمة السلع والرسوم والضرائب المستحقة عليها أقل من كلفة إدارة الشحنات (إرساليات صغيرة)، تكون الحكومة قد أنفقت في العملية مالا أكثر مما تجبيه من الرسوم والضرائب الجمركية. بيد أن الحكومات كثيرا ما تنظر إلى الخدمات العامة التي تؤديها على أنها أمر مسلم به فلا تجري تحليلا للكلفة والفائدة المتحققة لها لتحسين كفاءتها وفاعليتها.
ارشادات التنفيذ
أخذت اتفاقية كيوتو المعدلة (RKC) في الحسبان، عند إبرامها عام 1999م، تزايد أعداد الشحنات الصغيرة الناشئة عن الاتجاه نحو التجارة الإلكترونية، فتضمنت نصا بشأن القيمة الدنيا للسلع. فوفقا للمعيار الانتقالي 4 (13) من الاتفاقية، تقوم إدارات الجمارك بتحديد قيمة أو حد أدنى من الرسوم والضرائب، وما قل عن ذلك فلا رسم ولا ضريبة. نتيجة لذلك تكون المتطلبات المستندية قليلة بالنسبة للسلع التي لا تجبى عنها رسوم أو ضرائب. وقامت الإدارات التي نفذت نظام الحد الأدنى بتطبيق المبادئ التوجيهية للإفراج الفوري (IRG) الصادرة عن منظمة الجمارك الدولية بناء على إقرار موحد يجوز أن يكون بوليصة شحن، أو إقرار شحنة، أو قائمة جرد لهذه المواد. ينبغي تحديد قيمة الحد الأدنى بناء على بحوث مع الأخذ في الحسبان الظروف القطرية، وأفضل الممارسات الدولية. ففي اجتماع قمة المؤتمر الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (APEC)، عام 2011م، صادق قادة الدول على آلية جديدة حددت قيمة الحد الأدنى بمبلغ 100 دولار أمريكي. وقد استند القرار على دراسة أجراها مؤتمر شركات النقل السريع لآسيا والمحيط الهادي (CAPEC) توصلت إلى أن الحد الأدنى الذي سيبلغ 100 دولار أمريكي سيحقق فوائد اقتصادية صافية تبلغ نحو 19.8 مليار دولار أمريكي بين اقتصادات 21 بلدا عضوا في المنتدى الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي.
أطلقت غرفة التجارة الدولية في عام 2015، بيان سياسة بشأن خط الأساس العالمي لعتبات قيم الحد الأدنى الذي أكد مجتمع الأعمال العالمي فيه أن رفع عتبات الحد الأدنى يعود بمنافع كبيرة على الشركات بكافة أحجامها. إن وضع مستوى معقول للحد الأدنى يؤثر، على نحو لافت، بشكل إيجابي على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم ويوفر فرصا لزيادة التجارة الإليكترونية. وتوصي غرفة التجارة الدولية باعتماد مبلغ 200 دولار أمريكي كخط أساس عالمي لقيمة الحد الأدنى بهدف توليد منافع اقتصادية عن طريق تحويل تركيز جباية الإيرادات العامة إلى موارد أكثر فاعلية، مما يقوي الاقتصاد العالمي ويعزز خلق فرص العمل. وأعربت الغرفة أن على الحكومات اعتماد قيمة حد أدنى تكون كبيرة من الناحية التجارية ومقدارها 1000 دولار أمريكي.
وفقا للمبدأ التوجيهي للإفراج الفوري، تضمن الجمارك إتاحة المعلومات المتعلقة بقيم الحد الأدنى. وحيثما تيسر ذلك عمليا، يجب النص على قيم و/أو مبالغ الحد الأدنى في التشريعات الوطنية. كما ينبغي للإدارات الجمركية إجراء مراجعة دورية لتحديد القيمة أو الرسم و/أو الضريبة المستحقة التي لا يجبى ما دونها مع الأخذ في الحسبان التضخم، فضلا عن الحاجة لتبسيط معالجة السلع ذات القيمة المنخفضة. وعند تحديد قيمة مثل هذه السلع يجوز استبعاد كلفة النقل.