موقع الدكتور عبد الحكيم العبد على كنانة أون لاين

صفحات لنشر المؤلفات ومخاطبة القارئ والتعبير عن مكنون النفس

البلاغة الدبلماسية

        الشائع أن العبارة الديبلوماسية عبارة لبقة أو مراوغة . والحقيقة أنها مظهر ذكاء أو دهاء بالغين أو قاتلين. أعرف الناس بهما فى الكلام الأدباء المطبوعون ومتخصصو البلاغة ؛ فهما من أسلحة البلاغة فى باب إيراد الكلام على خلاف مقتضى الظاهر ، ومنه فى العربية – وفى كل بلاغة- الجد يراد به الهزل والمدح يراد به الذم، وتأكيد المدح بما يشبه الذم وتأكيد الذم بما يشبه المدح (2) ؛ وبصفة أخص هنا الإدانة يراد بها تخدير الجانب العربى أواستدراج  الجانب الإسرائيلى إلى موقف حق؛ والأمثلة لا تحصى على ذلك فى تصريحات الساسة يمكن أن نؤلف منها فصلا كاملا فى بابه يهم القارئ العادى كما يهم البلاغيين والسياسيين بطبيعة الحال .

الفتور فى أسلوب الجواب بالسؤال الساخر

 خطب وزير الخارجية الأمريكى كولن باول فى مؤتمر نظمه الأمريكيون من أصل عربى ( مؤتمر الجمعية العربية الأمريكية لمكافحة التمييز الـ ADC) تحدث عن عزم حكومة الرئيس جورج بوش على دفع عملية السلام فى الشرق الأوسط والمضى فى سبيل إقامة دولتين: دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل ، كما ذكر المكرر من تبرير الغزو الأمريكى  للعراق بدعوى تحرير الشعب العراقى .

          حضور وزير خارجية الولايات المتحدة اجتماع هذه الجمعية لأول مرة فى تاريخ هذه الجمعية المتنامية مفهوم فى السياق العام للأحداث والتصريحات ؛ ولهذا وصف معلق الـ بى بى سى استقبال الجالية العربية لتصريحات باول بفتور، واستدل بقول أحد المؤتمرين فى التعليق على دعوى تحرير شعب العراق :

                   وماذا عن بقية شعوب العالم ومنهم من هم أكثر حاجة إلى التحرير من شعب العراق؟

 

" الاستفهام وما يستعمل فيه من أدوات " متى جاء لغير وظيفته ومراميه الأصلية إنشاء بلاغى من مراميه الأقرب إلى التوقع هنا : التنبيه على الضلال – التهكم – التحقير – الانكار للتوبيخ أو التكذيب – أو بمعنى لا يكون- (1)

          لا نظن الاستبطاء محتملا هنا ، ولا التوبيخ فى المواجهة لكون العبارة محكية عن إعلامى إخبارى.

 

          نحو من أسلوب تجاهل العارف بـ " سوق المعلوم مساق المجهول لنكتة ". من قبيل  قول زهير ؛ ولكن دون ما فيه من ذم :

                             وما أدرى – وسوف إخال أدرى -    *     أقوم آل حصن أم نساء ؟ (2)

 

أسلوب التأكيد في الصيغة المتباطئة يتلوه تخفيفان

          من هذا قول جاك استرو وزير خارجية بريطانيا:

                    "إن علي إسرائيل أن تسمح بدخول لجنة المراقبين الدوليين إلي مخيم جنين  لتقصي الحقائق ؛ لأنه ليس هناك ما تخشاه إن كان الجيش الإسرائيلي لم يفرط في استخدام القوة بحسب ما تقول." (1)

<!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <mce:style><! /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} -->

 

<!--[endif]--><!--<!--

* تجنبت الصياغة التعبيرات القصيرة المشعرة بالحزم الواجب ؛ خلافا لتعبيرات الغرب التهديدية المألوفة في حالات كثيرة يكال    فيهابمكيال مختلف .

* بدأت الجملة  ذات الأنفاس الثلاثة المتباطئة مشعرة في تكاسل  ظاهر بضرورة رضوخ المذكورة لقرار مجلس الأمن ؛ الذي دائما ما يستخدم نفس نوعية التعبيرات الموهمة في        الحالات التي ترتئيها الولايات المتحدة .(بذلك خطت الجملة خطوة معرقلة من بادئ الأمر.(مسافة تأكيد معرقلة بمسافة تراخ).

* ثنت بجملة تأكيد في الإثبات تفيد ظاهرا بأن إسرائيل براء مما يخشي منه عادة  وهو حتي ما لم يصرح به التعبير من انتهاك حقوق الإنسان وارتكاب مجازر إلخ  (مسافتان)

* ثلثت في نهاية هذا التطويل بجملة الشرط التي تجنبت بدورها استخدام التعبيرات الاتهامية بلفظها واستخدمت ما اعتادت علي استخدامه أمريكا والغرب عموما وهو  تعبير إفراط في استخدام القوة .(مسافتان أخريان)

 

بذلك جعل إلتعبير التهمة أو الظِّـنـَّة  بعد ظاهر إدانة علي بعد خمس مسافات  من إسرائيل ؛ وذلك في ضروب من التعبير تتدرج إلى التخدير للجانب العربى  أو إلى الإلزام للجانب الإسرائيلى كما أومأنا ؛ وهو الذى يتنمر عادة لذلك ويجبر الغرب من ثم على التراجع حتى عن أدنى تلميح بحق ؛ فى حين يبدو الأمر كله فى المنظور العربى جدا يراد به هزل ، مؤداه فى السياق العام  إرسال برقيات حفز متتابع لإسرائيل . جهد مقل من ضمير أوروبا . خنس نفاق أو تقية وجلٍ من الصهيونية والولايات المتحدة ، طال به العهد)  ؛ مما يدفع الاستشهاديين إلى ما نعلم.

الدكتور عبد الحكيم العبد

(خبير اللغة العربية. أستاذ النقد الأدبى والبلاغة المساعد. عضو ومقرر لجنة الآداب والفنون بجمعية حماة اللغة العربية )

 

[email protected]

[email protected]

+20189063054 / +2035621441 / +2034284473

+20472715507


(2)  " التعبير علي الظاهر وعلي غير الظاهر في التقنية البلاغية السابرة في العربية/ كتابنا إحياء البلاغة العربية ..، مج2، ص 50-53 ، 66-68، 205-209.

-          من الضربين التقليدين لتأكيد المدح بما يشبه الذم: " أن يثبت لشىء صفة مدح ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى (هم فرسان الكلام * إلا أنهمُ سادة أمجاد).

-          ومن الضربين التقليديين لتأكيد الذم بما يشبه المدح: " أن يثبت لشىء صفة ذم ثم يؤتى بعدها بأداة استذناء ، تليها صفة ذم أخرى( فلان لا خير فيه سوى أنه يسىء إلى من يحسن إليه) \ كتابنا / إحياء البلاغة..، مج2، ص 205، 206.           

(1)  كتابنا / إحياء البلاغة، مج2، ص110

(2)    "        "      "       "     ص204 

(1) عن لسان وزير الخارجية البريطانية "جاك سترو" - إذاعة ال ب.ب.سي، أخبار  12 و 1 ، الإثنين/الثلاثاء ، 29 و 30 /4/2002م

HAKIM

موقع dr,hakimعلى كنانة أون لاين

  • Currently 270/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
90 تصويتات / 1429 مشاهدة
نشرت فى 2 سبتمبر 2009 بواسطة HAKIM

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

348,253

الدكتور عبد الحكيم عبد السلام العبد

HAKIM
◘ خريج قسم اللغة العربية واللغات الشرقية ، جامعة الإسكندرية 1964م. ◘ أستاذ مشارك متفرغ بمركز اللغات والترجمة، أكاديمية الفنون، الجيزة، مصر. ◘ خبير للغة العربية ، وخلال الإنجليزية. ◘ استشارى ثقافى. ◘ الخبرات: ▪ أستاذ وخبير أبحاث ومحاضر ومعلم فى مستويات التعليم : العالى والمتوسط والعام. ▪ مؤلف للعديد »

ابحث

تسجيل الدخول