موقع الدكتور عبد الحكيم العبد على كنانة أون لاين

صفحات لنشر المؤلفات ومخاطبة القارئ والتعبير عن مكنون النفس

I I I

الجمال فى القرآن الكريم

علم جمالية عامة فى إطار قضايا الفن

جمال عـنه

 (جدلا - تأصيلاً - ينبغيةً - معجما)

 

■ الجدل الكبير "بين الفن والتصميم وبين المنهج الدينى" - بهذا التحديد- فى دراسة الدكتور محمد عزت سعد ، ومقدِّمِيه متخصصى الفن: يحتم علينا – فيما نرى أيضا : درسَ الجمال الفنى درسا متعمقا : (علْماً وينبغيةً وقضايا – تأصيلاً ومعجما).

 - فخلافا لما يظنه كثير من الناس من " أن الفن والتصميم من العلوم المكتسبة و(أنهما) ليسا من العلوم الاقتدائية (أو أنهما) لا صلة لهما بالدين .." ؛  ينص الفكر الإسلامى المستمد من القرآن الكريم والسنة فى مواضع كثيرة – كما قال الدكتور عمر النجدى فى إحدى مقدمتى كتاب محمد عزت سعد :على علوم الجمال الروحى ( الوجدانى ) والنفعى . اعتبر أيضا " أن الجمال الفنى من العلوم الإنسانية الرفيعة؛ وعد محاولة المؤلف الأستاذ الدكتور محمد عزت الوفاء بموجب هاتين الحقيقتين : الدينية والدنيوية معادلة صعبة .

 - فى كتاب محمد عزت ذى العنوان المتواضع أو المتحرج ( خواطر فى الفن والتصميم حول آيات من القرآن الكريم )[1] ، ومن أجل تحقيق ينبغية تسجيل مسئولية الميراث كما قال عمر النجدى وهو أحد مقدميه [2] ، ومن أجل تحقيق توقع المستشرق المنصف " بايلى وايندر "  لشعبنا الذى  له عن الماضى  ، كما اقتبس المقدم حضارة يمكن أن تجعل عالمنا اليوم أكثر حضارة [3] : عالج المؤلف الفاضل رؤاه لآيات عديدة من القرآن الكريم من منظورات معروفة فى الفن صنعت معجمه منها :

 * التصميم * التنوع * التلوين * الجَنان(قلبا وعقلا)* المورفولوجيا

(بمعنى ضروب التصريف فى كل ما ذكر من ألوان خلق الله)

*النسبة * الهيئة * القبح* التباين * الظل *السمة (السيمانطيقا) * التنظيم *التكرار ؛

*إلى جانب الأسلوب

(ويسميه فى عنونته " الفن " [4] ويقصد به ما يسميه  البلاغيون " أسلوب الحكيم ، كما يقصد الصنعة الفنية فى الخِلْقة...وما إلى ذلك)

*وإلى جانب ما أدرجناه وهو مبحث سماه " الجَنان "

- (ويقصد به : جُمَّاع ملكات العقل والوجدان وما يتضمنه من ضمير  .. محله القلب من الإنسان")[5].

  اعتبر المقدم الثانى للكتاب الدكتور أمين شعبان ذلك محاولة من الدكتور سعد لكتابة مفاهيم مصطلحات الفن باللغة العربية مباشرة ، دون النقل الحرفى عن النطق الغربى أو اليونانى :

"خطوة واسعة نحو تحديد المفاهيم الصحيحة لبعض تلك المصطلحات التى يتم تداولها فى مجالى الفن والتصميم ، من واقع صحيح اللغة العربية ومفرداتها التى وردت فى القرآن الكريم وآياته البينات التى ( قال إنها ) تناولت تلك المفاهيم : إما بالتصريح وإما بالتلميح" ، واعتبر المحاولة " نواةً لمعجم عربى لألفاظ الفن والتصميم ، خاصة أن المسلمين الأوائل هم الذين علموا العالم أصول تلك المعارف " [6] .

 

♦ معجم محمد عزت لألفاظ الفن والتصميم :

"بحثٌ عن المفهوم أو التصور concept  الحقيقى للكلمات أو المصطلحات المتداولة فى مجال الفن والتصميم ... من خلال إشراقات القرآن الكريم وأضوائه" .

  مصطلح  مفهوم (تصور) : خاصةً  فى القرآن والحديث :

 انطلق فى مقدمته مما قد يُغفَل عنه كبصيرة من نحو "ما فرطنا فى الكتاب من شىء" (38 –الأنعام) ، على نحو ما صنع  عبد الخالق حسين : عرضا نظريا وخطا عربيا ؛ ومن حقيقة أن الإيداع أو الخلق خاصة إلهية ومنحة منه تعالى لبعض خلقه  ".. أم تنبئونه بما لا يعلم فى الأرض أم بظاهر من القول..."  (من 33 - الرعد13)

 - انطلق من ذلكما إلى تعريف المفهوم والتصور وما يتفرع عنهما من اصطلاحات ؛ وإن عد البعض المفهوم يعم ويُشترَك فيه بخلاف التصور الذى قد يحتمل التباين من شخص إلى آخر حسب خبراته ، وعد البعض الآخر كليهما بمعنى معرفى واحد [7].

  مصطلح الفن : معنى - خلقا – ووظائف -  ومنظومة :

- بالمعنى الذى أطلق حديثا فى لفظ art موافقا لما "يدلنا القرآن الكريم (عليه) فى 0معارض) سرده لقصص الأمم السابقة منذ خلق آدم وحتى نزول (القرآن الكريم) على قلب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم" ، مبينا فى ضوء الآيات والتاريخ أن تحريم القرآن لعبادة المخلوقات الإبداعية إنما كان بسبب انحراف فهم السابقين أو تصورهم لطبيعة عملية الخلق المخلوق إلى عبادة هذا المخلوق حين "تشابه الخلق عليهم" (16من  – الرعد -) ، بظاهر من القول" 0(33 – الرعد) ؛ لا للتصوير وما إليه من حيث هو قدرة موهوبة من الله لحكمة وإن خفيت  [8] .

 - عرض فى ضوئه آيتى الأعراف (172 ، 173) البادئتين بخلق الذرية من ظهور بنى آدم والمنتهيتين باستعفاء عقلائنا من أن يؤخذوا بما صنع المبطلون ، واستعرض من أمثالهم "الذى حاج ابراهيم فى ربه" (النمرود) – قوم ثمود الناحتين من الجبال بيوتا ، اغتروا بقدرتهم عليها ولم يعقلوا معجزة تحديهم بخلق الله للناقة الحية – فضلا عمن "كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد" وغيرهم من على أيديهم وبإغراء الشيطان "خرج الفن ... عن مقتضيات الحقيقة" ، حتى فى عصر النهضة فى أوروبا بدايات ق15 وما تلاه من فن "انطلق من عقال العقيدة ولم يصبح له وظيفة تذكر إلا إلهاء البشر عن خالقهم" .

 - وذكر مضلة ربط الإبداع بالشيطان ووادى عبقر وما إلى ذلك ؛ واقفا على الخيار الإسلامى بالربط بين الجميل والطيب فى الفن ، "زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق  .  ولعلنا لم نذهب بعيدا عن نتائجه هذه نفسها فى بحثنا فى "التصوير فى الإسلام" من طريق الحديث الشريف وما إليه قبل .[9]:

 - ذكروظائف : تركير التجربة الحياتية ، عرض التجربة وجلائها ، تفسير التجربة وشرحها  بالحس الجمال Aesthetic Sensibility  ، والتفضيل الجمالى Aesthetic Preference  ، الخلق الجمالى Aesthetic Creation  أوالتكوين الجمالى Aesthetic Synthesis  ، والقدرات التعبيرية و التذوق الجمالى Aesthetic Concershio ؛ بل "تجربة حياة" ، ضرب من ضروب المعرفة ، علم حينا ، فضلا عن أنه حسن ونماء فى الشجر وما إليه  كما فى المعجم العربى ونص القرآن فى سورة الرحمن .

- وفى ضوء آراء غربية موافقة تماما يقدم المؤلف تصميم Erwin Dman 1939) ) لـ"منظومة الفن" التى تتضمن تكثيفا وتوضيحا وتأويلا لـ "خبرة انسانية من واقع تجربة حياتية"  يضع على قمتها "القيم السامية للإنسان" وفى أساسها أو قاع التصميم  معايشة مستمرة" .[10]

            مصطلح التصميم :[11]

ما صدق هذا المصطلح أسوة بسائر ماصدقات الاصطلاح الجمالى الإنسانى متحقق فى آى القرآن الكريم من قبيل ما صدر به المؤلف من قوله تعالى فى الآيتين :

"هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج  نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا" (1-2 الإنسان 76) وغيرهما متعمقا شرح ما يتضمن من مصطلحات " أمشاج" – ماهية التصميم –  Ontology of Design – Genetic    Engineering وما إليها وإن تكاثرت التعريفات والتفريعات بمرور الزمن .

رأى "الإطار الذى يبدو فيه مصطلح التصميم والفلك الذى يدور فيه يظل ثابتا "..فى معنى أنه نشاط إنسانى ابتكارى يسعى إلى تحقيق الأهداف السامية للمجتمع من خلال توظيف قدرات المصمم لابتكار الأشياء التى تتواكب باستمرار مع تغير احتياجات الإنسان وتعدد ميوله ورغباته" . وفى حالة الخلق الإلهى  يعول مصطلح التصميم نفسه بما نتعمقه فيه حديثا من معانى : (إلى معنى  خلق "فى أحسن تقويم " ، بيولوجيا جزئية أو " شفرة نقشت على مستندات التصميم فى الأشياء التى  يصنعها الإنسان أسوة أو استلهاما لفعل الخلاق العظيم . 

  مصطلح الجَنان :

بما ذكرنا عنه مما داخله من مدلولات العقل والقلب واللب والفؤاد الخ ؛ وعرضنا لها من وجهة نظرنا فى مبحث "القرآن من حيث هو وحدة قيم" .

مصطلح التنوع :

خَلقــا : كلمات لا تنفد ( 27 لقمان – 9، 10 الكهف) ؛ جمع وقرآن يتبع (16-18 ، القيامة – 2 العلق –  45، 59  آل عمران - 82: يس – 171: النساء – 27:28 فاطر) - ؛ إلى ما يداخل هذا المصطلح الجامع من مصطلحات دالة واصفة من قبيل : "الطلاقة فى الخلق والتنوع – الطبيعة كمنهل ، أو نبع صاف يتتلمذ عليها فى مجال التصميم وبناء الميكانيزمات – المواد الحيوية Bio materials  الخ .

 ▪▪ مصطلحا التلوين – المورفولوجيا:

- بمتنوع خلق الله أنواعا وألوانا ومذاقات وكيوفا ومواد وأشكالا ووظائف وأصواتا وطبائع فى صريح متوافر قول المولى من قبيل ما لم يضن به  المؤلف من مقتبسات : ".. خَلْق السماوات والأرض وما بث فيهما من  دابة" (من 29 الشورى) -  "مختلفا ألوانه" (من 13 النحل) – "وربك يخلق ما يشاء ويختار" (أول 68 القصص) - "يزيد فى الخلق ما يشاء" (من 1 فاطر) –   "وقدر فيها أقواتها" (من 10 فصلت) – "ما ترى فى خلق الرحمن من تفاوت" (من 3 الملك) – "بلى وهو الخلاق العليم" (آخر 81 يس) -  الخ . وقد زاحمت إيراداته العلمية المتقدمة الوفيرة أيضا.

 - وما "المورفولوجيا" فى عرضه إلا ضروب التصريف فى كل ما ذكر من ألوان خلق الله : "حبا متراكبا"(من 99 الأنعام) – "فمنهم من يمشى على بطنه ومنهم من يمشى على رجلين ومنهم من يمشى على أربع " من 45 النور)– "مختلفا ألوانه" (من 13 النحل) ، "مشتبها وغير متشابه" (من 99 الأنعام) ، "صنوان وغير صنوان" (من 4 الرعد) ؛ إلى آخر ما تحويه الطبيعة "المخلوقة لله" من "الهيئات والبناءات" التى "منها يتعلم الإنسان ويستلهم الفنان والمصمم :

- أشكالا مجسمة: المكعب – المخروط – الكرة – الاسطوانة الهرم المنشور. 

- الأشكال المسطحة : المضلعات – القطاعات المخروطية – المثلثات 

-  الأشكال الخطية : الخط المستقيم – المنحنى – المنكسر .

- وتخريجات عديدة من كل .

  ويخلص المؤلف إلى أن ما بين أيدينا إلى الآن من "الأشكال الأساسية فى الطبيعة والتى تتشارك فى بناء المخلوقات، حيث لا يوجد الخط المستقيم هى :

التفرع

التعرج

التلولب

العقدة الثلاثية (التسديس)

التكور وشبه التكور

المخروطات .

 ▲ وما هى حقا إلا بمثابة حروف فى كلمات الإبداع الإلهى الذى لا ينفد ، مما يجب أن يعلم الفنان أنه كائن مسخر من قبل المولى عز وجل من خلال التجربة الحياتية له وخاصة الجمالية لكشف مواطن الجمال والإبداع والروعة فى خلق الله ورصد مفردات ذلك الإبداع ومورفولوجيته وجلاء وتفسير تكوينه ؛ وليس مخلوقا ملعونا يمكن أن يدمغ أعماله بالكفر والإلحاد " [12].

   I  V  الجمال التطبيقى فى العمارة والخط والسجاد الخ

 

-  ويبقى تأصيل لتطبيق ذلك فى الفنون الصناعية (الإنسانية) المذكورة  ، وهو ما خدمناه ضمنا بربط ببحثنا المتاح فى موضوع التصوير فى الإسلام ، باعتبار أن التصوير وغيره من الفنون الإنسانية له حكمه فى الإسلام ، ويمكن أن يزدهر به الفن والإبداع بروح وشروط خاصة [13].

hakim.eg.vg
[email protected]
[email protected]
+20189063054

****

 


[1] - محمد عزت سعد محمود عزت / خواطر فى الفن والتصميم حول آيات من القرآن الكريم ، مركز النسر : نقابة مصممى الفنون التطبيقية ، 1423 هـ - 2002 م

[2] - الكتاب نفسه ، ص 15

[3] - توطئة تقديم النجدى للكتاب ، ص 11

[4] - نفسه ، ص 23 +

[5] - نفسه ،  ص 107

[6] - نفسه ص 15 ، 16

[7]  - المعنى بصفة عامة "ما هو إلا الصورة الذهنية من حيث وضع بإزائها اللفظ" مفردا أو مركبا . "انتقاش" : عقل نظرى منفوض عنه اللواحق الغريبة ، بتعبير الفارابى .

- أما المعنى كمفهوم فهو "الصورة الذهنية ، سواء وضع بإزائها اللفظ أم لا" ؛ فكأنه بمعنى concept .   كتابى / النقد البلاغى العربى عند عبد القاهر الجرجانى ، 1992م ، ص 166

[8] - محمد عزت ، نفسه ، ص 17 - 22

[9] - كتابنا / القيمة فى المسرح والفنون : عروض توصيفية حية وتأريخية وتناول نقدى تذوقى قيمى فى المسرح والرسم والباليه والميثولوجيا ، مع مدخل أيديولوجى إسلامى وآليات لمشكلة التدنى ، قسم التصوير فى الإسلام ، ص 115 - 128 ؛ مودعا سنة 1999م تحت عنوان : دراسات وشجون فى المسرح والفنون ...

[10] - محمد عزت ، نفسه ، ص 23 – 50

[11] - نفسه ، ص 51-82

[12] - محمد عزت ، نفسه / العبارة ص 136

[13]  عبد الحكيم العبد/ ثالوث القيمة فى المسرح الفنون، توصيف وعروض حية وتأريخية وتناول نقدى تذوقى قيمى فى الثقافة والمسرح والرسم والباليه والميثولوجيا .مع ملحق فى التصوير الإسلامى والتغذيات الراجعة الطبعة الثانية، 2006م – 1427هـ -

 وتحت الطبع ، فى Kenanaonline.com_ و Egyptartsacademy.com

 

المصدر: * مكاملة من كتبى/ - مدخل إلى النقد الأدبى: مطمح- متطلبات-خطط لتاريخ النقد العربى القديم- النقد العربى الحديث- النقد الأدبى فى الغرب- نقاد عرب محدثون.، نوفمبر 1988م- نوفمبر 2008م - أبو العلاء المعرى وظرة جديدة إليه: تمحيص نقدى حضارى وفنى، المجلد الثانى، نشرتنا فى دار المطبوعات الجديدة 1992م، ص 114- 115 - الوسيط فى تطور النقد والتفكير الأدبى فى مصر فى الربع الثانى من القرن العشرين ، 2007م، رمضان 1428هـ ص 86، 87 – 35- 37 - حصاد الأندية فى الأدب المعاصر: مدخل ودراسات تحليلية نقدية فى القصة والرواية والمسرحية والشعر الشعبى، 1425هـ- 2005م - الفكر السياسى الغربى والقومية المحافظة فى الشرق، 2006م، ص 10 - علم الجمال فى القرآن الكريم ، مستقلا وملحقا بكتابنا/ فى محاولات تقديم القرآن الكريم وترجمته والرد عليها: عرض و تقييم وتقويم، ط الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007م ص 72- 114- 147
HAKIM

موقع dr,hakimعلى كنانة أون لاين

ساحة النقاش

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

375,988

الدكتور عبد الحكيم عبد السلام العبد

HAKIM
◘ خريج قسم اللغة العربية واللغات الشرقية ، جامعة الإسكندرية 1964م. ◘ أستاذ مشارك متفرغ بمركز اللغات والترجمة، أكاديمية الفنون، الجيزة، مصر. ◘ خبير للغة العربية ، وخلال الإنجليزية. ◘ استشارى ثقافى. ◘ الخبرات: ▪ أستاذ وخبير أبحاث ومحاضر ومعلم فى مستويات التعليم : العالى والمتوسط والعام. ▪ مؤلف للعديد »

ابحث