روعة الإحساس

كنا نسير للأمام أو هكذا كنا نظن فنظرنا نكتشف ما قطعناه وجدنا أنفسنا نسير للخلف وفقدنا ما إحتويناه

في هذا الكلام: أحدهم يقول: إنّ الرسول صلى الله عليه وسلّم كان يقرأ ويكتب ب 73 لسانا.. وسمّي أمّيا لأنه كان من أهل مكة.. ومكة من أمهات القرى.. ويطلق عليها أم القرى... والله يقول في محكم كتابه: هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ـ فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟.

...................................
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه على أن أمية النبي صلى الله عليه وسلم بعدم كتابته وقراءته، ليست عيبا ولا سُبَّة نتلمس لها مخرجا وعلاجا ولا شينا ولا نقصا نتطلب له سترا أو كمالا!! بل هي في حقه صلى الله عليه وسلم: كمال وإعجاز، وبرهان صدق على النبوة والرسالة، وقد سبق لنا بيانه في الفتويين رقم: 11425، ورقم: 78544، وتجد فيهما الدليل على أميته صلوات الله وتسليماته عليه.
وأما دعوى أن تسميته صلى الله عليه وسلم أميا، نسبة لأم القرى ـ مكة ـ فهذا قد قيل بالفعل، قال ابن عطية في المحرر الوجيز: والأمي ـ بضم الهمزة ـ قيل: نسب إلى أم القرى وهي مكة، واللفظة على هذا مختصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وغير مضمنة معنى عدم الكتابة، وقيل: هو منسوب لعدمه الكتابة والحساب إلى الأم، أي هو على حال الصدر عن الأم في عدم الكتابة، وقالت فرقة: هو منسوب إلى الأمة، وهذا أيضا مضمن عدم الكتابة، لأن الأمة بجملتها غير كاتبة حتى تحدث فيها الكتابة كسائر الصنائع. اهـ.
وقد ذكر الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير هذه الأوجه الثلاثة، ثم قال: والأمية وصف خص الله به من رسله محمدا صلى الله عليه وسلم، إتماما للإعجاز العلمي العقلي الذي أيده الله به، فجعل الأمية وصفا ذاتيا له، ليتم بها وصفه الذاتي وهو الرسالة، ليظهر أن كماله النفساني كمال لدني إلهي، لا واسطة فيه للأسباب المتعارفة للكمالات، وبذلك كانت الأمية وصف كمال فيه، مع أنها في غيره وصف نقصان، لأنه لما حصل له من المعرفة وسداد العقل ما لا يحتمل الخطأ في كل نواحي معرفة الكمالات الحق، وكان على يقين من علمه، وبينة من أمره، ما هو أعظم مما حصل للمتعلمين، صارت أميته آية على كون ما حصل له إنما هو من فيوضات إلهية. اهـ.
ثم على التسليم بأن الأمي منسوب إلى أم القرى، فهذا لا ينفي عدم قراءته صلى الله عليه وسلم وكتابته، لأن ذلك ثابت بأدلة أخرى، من أوضحها قوله تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ { العنكبوت: 48}.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا ـ يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين. رواه البخاري ومسلم.
وأما استدلال المعترض بقوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ {لجمعة: 2} وقوله: كيف يعلمهم ما لا يحسن؟ فلا وجه له، لأن الآية ليس فيها أنه يعلمهم القراءة والكتابة! وإنما يعلمهم ما آتاه الله تعالى من الكتاب والحكمة، وفي الآية ما يوضح ذلك، وهو وصف الأمة بالأمية، فالبعثة النبوية لم ترفع عنهم هذا الوصف، ولكنها رفعت عنهم بالجهل والضلالة، وذلك حاصل بالعلم بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتزكية النفوس بذلك، قال المراغي في تفسيره: أي هو الذي أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الأمة الأمية التي لا تقرأ ولا تكتب وهم العرب، أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنا أمة أميّة لا نكتب ولا نحسب ـ وهذا الرسول من جملتهم أي مثلهم، ومع ذلك يتلو عليهم آيات الكتاب ليجعلهم طاهرين من خبائث العقائد والأعمال، ويعلمهم الشرائع والأمور العقلية التي تكمل النفوس وتهذبها، وإلى ذلك أشار البوصيرى بقوله: كفاك بالعلم في الأميّ معجزة... في الجاهلية والتأديب في اليتم... وخلاصة ما سلف: أنه ذكر الغرض من بعثة هذا الرسول، وأجملها في أمور:
1ـ أنه يتلو عليهم آيات القرآن التي فيها هدايتهم وإرشادهم لخير الدارين، مع كونه أميا لا يكتب ولا يقرأ، لئلا يكون هناك مطعن في نبوته، بأن يقولوا إنه نقله من كتب الأولين، كما أشار إلى ذلك بقوله: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ... اهـ.
والله أعلم.

mohamedzeinsap

كتبنا وكنا نظن أننا نكتب وقرأت ما كتبنا أكتب تعليقك ربما يكون نافلة القول التى تقيمنا إنتقد أو بارك أفكارنا لربما أنرت لنا ضروبا كانت مظلمة عنا أو ربما أصلحت شأننا أو دفعتنا لإصلاح شأن الآخرين

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 422 مشاهدة
نشرت فى 26 يونيو 2018 بواسطة mohamedzeinsap

محمد زين العابدين

mohamedzeinsap
نحن نتناول إحساسك ومشاعرك وغربتك نكتب لك ..... وتكتب لنا فى السياسة والادب والشعر والقصة والسيرة والدين نحن هنا من أجلك و...... ومن أجلنا لكى نقاوم حتى نعيش بأنفاسنا المحتضرة وآمالنا المنكسرة وآحلامنا البعيدة نحن المتغربين بين أوطانهم والهائمون فى ديارهم »

عدد زيارات الموقع

130,308

تسجيل الدخول

ابحث

ذاكرة تغفل..... ولكن لا تنسى




في قريتنا الشئ الوحيد الذي نتساوى فيه مع البشر هو أن الشمس تشرق علينا من الشرق وتغرب علينا من الغرب نتلقى أخبار من حولنا من ثرثرة المارين بنا في رحلاتهم المجهولة نرتمي بين حضن الجبل يزاحمنا الرعاة والبدو الأطفال عندنا حفاة يلعبون والرجال عند العصارى يلقون جثثهم أمام البيوت على (حُصر ) صُنعت من الحلف وهو نبات قاسى وجاف والنساء ( يبركن بجوارهم ( يغزلن الصوف أو يغسلن أوعيتهم البدائية حتى كبرنا واكتشفنا بأن الدنيا لم تعد كما كانت .... ولم يعد الدفء هو ذاك الوطن.......... كلنا غرباء نرحل داخل أنفسنا ونغوص في الأعماق نبحث عن شئ إفتقدناه ولا نعرفه فنرجع بلا شئ .. قريتنا ياسادة لا عنوان لها و لا خريطة ولا ملامح وكائناتها لا تُسمع أحد نحن يا سادة خارج حدودالحياة في بطن الجبل حيث لا هوية ولا انتماء معاناتنا كنوز يتاجر بها الأغراب وأحلامنا تجارة تستهوى عشاق الرق وآدميتنا مفردات لا حروف ولا كلمات لها ولا أسطرتُكتب عليها ولا أقلام تخطها نحن يا سادة نعشق المطر ولا نعرف معنى الوطن نهرب إلى الفضاء لضيق الحدود وكثرة السدود والإهمال... معاناتنا كنز للهواة وأمراضنا نحن موطنها لا تبارحنا إلا إلى القبور ... وفقرنا حكر احتكرناه ونأبى تصديره نحن أخطاء الماضي وخطيئة الحاضر ووكائنات غير مرغوب فيها...طلاب المجد نحن سلالمهم وطلاب الشهرة نحن لغتهم ... نحن يا سادة سلعة قابلة للإتجار بها ولاقيمة لها .. نحن مواطنون بلا وطن