روعة الإحساس

كنا نسير للأمام أو هكذا كنا نظن فنظرنا نكتشف ما قطعناه وجدنا أنفسنا نسير للخلف وفقدنا ما إحتويناه


خرج قاضي أنطاكية ليلاً إلى مزرعةٍ له ، فلما سار من البلد اعترضه لص ، فقال له : دع ما معك وإلا أوقعتُ بك المكروه ..فقال القاضي : أيَّدَك الله ؛ إن لأهل العلم حرمة ، وأنا قاضي البلد ، فَمُنَّ عليَّ ..

فقال اللص : الحمد لله الذي أمكنني منك، لأني منك على يقين أنك ترجع إلى كفاية من الثياب والدواب، أما غيرك فربما كان ضعيف الحال فقيراً، لا يجد شيئاً ..
فقال له القاضي : أين أنت مما يُروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الدين دين الله ، والعباد عباد الله ، والسنة سُنَّتي ، فمَن ابتدع فعليه لعنة الله ».
وقطعُ الطريق بدعة ، وأنا أشفق عليك من أن تدخل تحت اللعنة ..
فقال اللص : يا سيدي هذا حديث مُرْسَل ، لم يُرْوَ عن نافع ، ولا عن ابن عمر. ولو سلّمته لك تسليم عدل أو تسليم انقطاع ؛ فما بالك بلص متلصص مما لا قوت له ولا يرجع إلى كفاية عنده! ؛ إن ما معك هو حلال لي ؛ فقد روى مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم قال:« لو كانت الدنيا دماً عبيطاً لكان قوت المؤمنين منها حلالاً ».
ولا خلاف عند جميع العلماء أن للإنسان أن يحيي نفسه وعياله بمال غيره إذا خشي الهلاك. وأنا واللهِ أخشى الهلاك على نفسي ، وفيما معك إحيائي وإحياء عيالي ، فسَلِّمه لي وانصَرِف سالماً ..
فقال القاضي : إذا كانت هذه حالتك فدعني أذهب إلى مزرعتي، فأنزِلُ إلى عبيدي وخدمي وآخُذُ منهم ما أستتر به ، وأدفع إليك جميع ما معي ..
فقال اللص : هيهات ! 
فمثلك مثل الطير في القفص، فإذا خرج إلى الهواء خرج عن اليد، وأخاف أن أخلي عنك فلا تدفع لي شيئاً! ..
فقال القاضي : أنا أحلف لك أني أفعل ذلك ..
فقال اللص : حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
« يمين المُكره لا تُلْزِم ».
وقال تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) [ النحل : 106].
فادفع ما معك ..
فأعطاه القاضي الدابة والثياب دون السراويل ..
فقال اللص : سَلِّم السراويل ، ولا بُدَّ منها ..
فقال القاضي : إنه قد آنَ وقتُ الصلاة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« ملعون مَن نظر إلى سوأة أخيه ».
وقد آنَ وقتُ الصلاةِ ، ولا صلاة لعريان ، والله تبارك وتعالى يقول : (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) [ الأعراف : 31] ؛ وقيل في التفسير : هي الثياب عند الصلاة ..
فقال اللص : أما صلاتك فهي صحيحة ؛ حدَّثَنَا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:« العراة يُصلُّون قياماً، ويقوم إمامهم وسطهم »..
وقال مالك : لا يُصلُّون قياماً ؛ يُصلون متفرقين متباعدين، حتى لا ينظر أحد منهم إلى سوءة البعض. وقال أبو حنيفة : يصلون قعوداً. وأما الحديث الذي ذكرتَ فهو حديث مُرْسَلٌ ، ولو سلّمته لكان محمولاً على النظر على سبيل التلذُّذ، وأما أنت فحالك اضطرار ، لا حال اختيار ..
فقال القاضي : أنت القاضي وأنا المستقضي، وأنت الفقيه ، وأنا المستفتي، وأنت المفتي ، خذ ما تريد ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . فاخذها اللص .
من كتاب 

mohamedzeinsap

كتبنا وكنا نظن أننا نكتب وقرأت ما كتبنا أكتب تعليقك ربما يكون نافلة القول التى تقيمنا إنتقد أو بارك أفكارنا لربما أنرت لنا ضروبا كانت مظلمة عنا أو ربما أصلحت شأننا أو دفعتنا لإصلاح شأن الآخرين

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 237 مشاهدة
نشرت فى 28 يونيو 2018 بواسطة mohamedzeinsap

محمد زين العابدين

mohamedzeinsap
نحن نتناول إحساسك ومشاعرك وغربتك نكتب لك ..... وتكتب لنا فى السياسة والادب والشعر والقصة والسيرة والدين نحن هنا من أجلك و...... ومن أجلنا لكى نقاوم حتى نعيش بأنفاسنا المحتضرة وآمالنا المنكسرة وآحلامنا البعيدة نحن المتغربين بين أوطانهم والهائمون فى ديارهم »

عدد زيارات الموقع

141,522

تسجيل الدخول

ابحث

ذاكرة تغفل..... ولكن لا تنسى




في قريتنا الشئ الوحيد الذي نتساوى فيه مع البشر هو أن الشمس تشرق علينا من الشرق وتغرب علينا من الغرب نتلقى أخبار من حولنا من ثرثرة المارين بنا في رحلاتهم المجهولة نرتمي بين حضن الجبل يزاحمنا الرعاة والبدو الأطفال عندنا حفاة يلعبون والرجال عند العصارى يلقون جثثهم أمام البيوت على (حُصر ) صُنعت من الحلف وهو نبات قاسى وجاف والنساء ( يبركن بجوارهم ( يغزلن الصوف أو يغسلن أوعيتهم البدائية حتى كبرنا واكتشفنا بأن الدنيا لم تعد كما كانت .... ولم يعد الدفء هو ذاك الوطن.......... كلنا غرباء نرحل داخل أنفسنا ونغوص في الأعماق نبحث عن شئ إفتقدناه ولا نعرفه فنرجع بلا شئ .. قريتنا ياسادة لا عنوان لها و لا خريطة ولا ملامح وكائناتها لا تُسمع أحد نحن يا سادة خارج حدودالحياة في بطن الجبل حيث لا هوية ولا انتماء معاناتنا كنوز يتاجر بها الأغراب وأحلامنا تجارة تستهوى عشاق الرق وآدميتنا مفردات لا حروف ولا كلمات لها ولا أسطرتُكتب عليها ولا أقلام تخطها نحن يا سادة نعشق المطر ولا نعرف معنى الوطن نهرب إلى الفضاء لضيق الحدود وكثرة السدود والإهمال... معاناتنا كنز للهواة وأمراضنا نحن موطنها لا تبارحنا إلا إلى القبور ... وفقرنا حكر احتكرناه ونأبى تصديره نحن أخطاء الماضي وخطيئة الحاضر ووكائنات غير مرغوب فيها...طلاب المجد نحن سلالمهم وطلاب الشهرة نحن لغتهم ... نحن يا سادة سلعة قابلة للإتجار بها ولاقيمة لها .. نحن مواطنون بلا وطن