-
هاريس – ترامب.. "الطرف الثالث" هنا!
- September 14, 2024, 10:57 am
إبراهيم جلال فضلون (1)
في نظام سياسي سياسي مُتقلب، يتجلى الصراع بين القوى الديمقراطية والجمهوريين في الولايات المتحدة، بين الولايات الزرقاء التي صوَّتَت لصالح جو بايدن والولايات الحمراء التي صَوَّتت لصالح دونالد ترمب، ومع ذلك، فإن دخول "الطرف الثالث" إلى الساحة قد يغير قواعد اللعبة المتنوعة، إذ يخوضه أيضا عدد من المرشحين المستقلين ومن أحزاب أخرى.
فبعض هؤلاء يواجه في الوقت الحالي دعاوى قضائية تستهدف منعهم من المنافسة في بعض الولايات، كروبرت كينيدي جونيور، وبالتالي (يسود) الطريق أمام المأزوم ترامب بقضاياه ومحاكماته، وبين شخصية بارزة مثل نائب الرئيس الحالي كامالا هاريس، حتى يخشى الديمقراطيون من "إفساد" هؤلاء، الذين يطلق عليهم مرشحي الطرف الثالث، طموحاتهم، كلّما اقترب موعد البلاد من الخامس من نوفمبر القادم، لتتصاعد حدّة الأصوات المُحذرة من مستقبل الاتّحاد الفيدراليّ الأميركيّ، ومخاوفهم من اقتراب ما يسمونه الأميركان "أزمنة الطلاق الوطنيّ"، التي أقرتها إحصائيات تشير إلى تزايد دعم حركات الانفصال بين الأمريكيين في السنوات الأخيرة اطلقتها حركات انفصالية في بعض الولايات الأخرى مثل كاليفورنيا، ألاسكا، لويزيانا، فلوريدا وتكساس، حيث تعتبر حركة "تيكسيت" هي "الأكثر شهرة" فيها.
حيثُ وافق 23% على انفصال ولايتهم عن الولايات المتحدة، بينما عارضه 51%. ويشار إلى أن الأرقام تختلف باختلاف المناطق، وتبين أن ألاسكا هي الأكثر "حبا للحرية"، إذ يؤيد 36% من سكانها الانفصال. إذا تجاوز الدين الوطني الأمريكي 40 تريليون دولار، على الرغم من أن هذا التشريع تم رفضه لاحقًا. وبالتالي قدّم النائب الجمهوري ماثيو سانتوناستاسو مشروع قانون منفصل يدعو إلى إنشاء لجنة لدراسة الاستقلال للتحقيق في "الجوانب الاقتصادية والقانونية والاجتماعية" لممارسة نيو هامبشاير "حقوقها السيادية" وتصبح دولة مستقلة.
والحديث عن "الطرف الثالث" هنا يمثل جوانب وشخصيات قد تزيد من الصراع الثنائي التقليدي، من خلال حزب ما، أو تحالفات غير تقليدية، أو حتى حركات شعبية، تبدأ من مفاهيم معينه مثل العدالة الكندية، وحقوق الإنسان، والسياسات البديلة، حتى يكون لها قادة شعبية مؤثرة، وقد يمكن لقضية معينة أن تجمع بين الجميع، كبعض التحديات الكبرى التي تواجه أمريكا. وقد يكون لدى الطرف الثالث القدرة على الاستقطاب للكثير من كلا المساعدين حول الحلول السحرية وغير التقليدية، فتاريخيا، كانت استطلاعات الرأي تميل إلى المبالغة في تقدير قوة المستقلين والأحزاب الأخرى، وربما يستخدم المستجيبون لهذه الاستطلاعات خيارات الطرف الثالث من الأحزاب للإشارة إلى عدم رضاهم عن حزبهم، لذا فمن غير المرجح أن يفوز مرشحو الطرف الثالث بحصة كبيرة من الأصوات في نوفمبر، لكن فرص مثل هذه الأطراف في تسليم البيت الأبيض إلى ترامب قد قلت بشكل كبير.
ولذا نرى في انتخابات الرئاسة عام 2000، اجتذب المرشح اليساري، رالف نادر، أصوات كان يمكن أن يصوتوا لصالح مرشح الحزب الديمقراطي حينها "آل غور"، وتغيير النتيجة لصالحه ضد الجمهوري جورج بوش، بفارق 537 صوتا فقط في فلوريدا، أما في استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة "يو- غوف"، بين أواخر مايو وأوائل يوليو، فقد أظهرت، فوز كينيدي بنسبة 3.8 % من الناخبين الذين قالوا إنهم أيدوا بايدن عام 2020. وفازت مرشحة حزب الخصر بـ1.5 %، وكورنيل ويست، المرشح المستقل اليساري، بـ0.9 % أخرى، أي أن حوالي 7 % من ناخبي بايدن، في عام 2020، كانوا يُخططون لاختيار مرشح مستقل هذا العام.
هذه الدعوات استدعت من ذاكرة الماضي الأميركي حروبها الأهليّة (1861- 1865)، والتي دارت حول العبودية وحقوق الولايات ومستقبل الاقتصاد. الذي كاد يتكرر مأساويته اليوم، بل وتبدو مقاربة الولايات المتّحدة اليوم بخمسينيات القرن التاسع عشر أكثر انقسامًا، على أسس مغايرة، أيديولوجية من جهة، وعِرقيّة من جهة ثانية، ودوجمائيّة من جهة ثالثة، لتبدو معركة الولايات المتحدة الداخلية مُرعبة، وهذه هي آفة الحضارات الكبرى في إنهيارها.
ولا ننسي ما صرح به قبل نحو أسبوعين الرئيس الأميركي جو بايدن، عن عدم ثقته في أنّ أميركا سوف تشهد تسليمًا سِلميًّا للسلطة بعد انتخابات الرئاسة القادمة.. الأمر الذي يمكن أن يُدخِل البلاد فيما يُعرَف بتطبيق "قانون التمرد"، إذا شبت الحرب الأهليّة بين 54% من الأميركيّين الجمهوريّين، وقرابة 41% من الديمقراطيّين بشكلٍ أو بآخر؟.
ليفانت: إبراهيم جلال فضلون
ساحة النقاش