خريطة طريق إلي تحرير التعليم المصري
بقلم : د‏.‏ سعيد إسماعيل علي 166 

إذا كانت حركة الشباب المصري قد قامت بثورة اتسمت بالبعد السياسي‏,‏ بالدرجة الأولي‏,‏ فإن من أبرز تداعياتها أنها قد كشفت عن حاجتنا إلي أن تتحول إلي حركة نهوض مجتمعي شامل‏,‏ تشارك فيها الشرائح والفئات الاجتماعية المختلفة‏,‏ في جميع جوانب المجتمع المصري‏

 

, حتي تعاود مصر المساهمة في حركة التقدم الحضاري التي أصبحت حركة ركض تؤكد أن الإنسان هو الوسيلة, وهو الغاية.
وإذا كانت الثورة قد ارتبطت بالميدان الشهير التحرير, مما كان اقترانا ذا دلالة يشير إلي ترافق بين المكان والهدف, يصبح التحرير حركة لابد أن تسري كهرباؤها في السلوك الاجتماعي المصري, لتضيء لجميع الأجيال, الحالية والمقبلة الطريق إلي التقدم, وبالتالي تصبح حركة نهوض تربوي يتسق مع حركة نهوض مجتمعي عامة. من أجل هذا فإن الجماعة التربوية في مصر مطالبة بأن تطرح عددا من المباديء التي تتصور أنها تشكل تصورا للنهوض التربوي, آملين أن يدور حولها حوار متعمق, بما يؤدي إليه هذا الحوار من إثراء لجملة الأفكار المطروحة, والتي يمكن أن نبادر بتقديم تصور مبدئي, يمكن أن تتلخص خطوطه العريضة فيما يلي:
1 ـ إذا كانت التربية هي عملية تشكيل شامل, متكامل لشخصية المواطن, فإن هذه العملية تحتاج إلي خريطة فكرية تعبر عن جملة الثوابت المشكلة للهوية القومية, والشخصية الوطنية في مصر.
2 ـ ومن هنا فلابد أن ينتهي الوضع القائم, الذي يشهد تعددا مؤسفا في أهداف وأشكال التعليم في مرحلة التأسيس, في مراحل العمر الأولي, بين حكومي, وتجريبي, وخاص عربي, وخاص لغات, وأزهري, وأجنبي, ليكون تعليم مرحلة التعليم الأساسي موحدا في نظامه, ولغته, وبرامجه, حتي نضمن, إلي حد كبير, وحدة الجذر لتكوين الشخصية الوطنية.
3 ـ الدعوة إلي ضرورة وجود استراتيجية قومية للنهوض التربوي, تتناول كل ما يتصل بالتعليم.
4 ـ الانتقال من القول بالثورة بالتعليم, إلي القول بالثورة علي التعليم, بحكم الكثير من صور العوار الذي أصاب التعليم منذ سنوات غير قليلة, كشفت عنه الأحداث, كي يشهد تغييرا شاملا, يفعل قدراته ويثري إسهاماته في النهوض المجتمعي.
5 ـ لابد من تأكيد أن التربية جزء من المنظومة المجتمعية الكبري, مما يوجد التنسيق والتآزر بينها وبين قوي تشكيل الشخصية القومية, ونخص بالذكر هنا: أجهزة الإعلام, والدعوة, والثقافة.
6 ـ يجب أن تتصدر قضية الأمن التربوي غيرها من مجالات الأمن, حيث إنها هي التي تعد القوي البشرية اللازمة لجميع مجالات الأمن المجتمعي.
7 ـ يترتب علي هذا, حتمية أن يحتل التعليم منزلة أولية في سلم أولويات الإنفاق القومي العام.
8 ـ ضرورة وجود ما يمكن أن نسميه مجلس وطني للتطوير التربوي, يكون مستقلا عن أية وزارة, ويتبع الهيئة التشريعية, يجمع عددا من أساتذة التربية, والاجتماع, والسياسة, وعددا من المفكرين, وبعض القيادات التنفيذية.
9 ـ أثبتت الأعوام السابقة, وأحداث الثورة الشعبية, أن مصر قد استقطبت اهتمام العالم كله, علي اعتبار أنها بالفعل قلب العروبة النابض, حقيقة لاشعارا, فعلا لاقولا, عندما تضعف, يضعف الوطن العربي كله, والعكس صحيح, وأن جزءا من قوة مصر, يرتبط بمدي ريادتها في دول المحيط العربي, مما يستوجب أن تقوم جسور قوية, ممتدة, بين مؤسسات التعليم في مصر, وغيرها في الدول العربية, وتفعيل ما هو قائم.
01 ـ أثبتت ثورة الشباب حتمية محورة التعليم في مختلف مراحله علي التربية الديمقراطية, بكل ما تعنيه من مقومات, في إدارة التعليم, وطرقه, ونظمه, والمناخ التعليمي السائد في مؤسساته.
11 ـ وتأكيدا علي التربية الديمقراطية, لابد من إعادة النظر في كل مايتصل باتحادات الطلاب, ونوادي أعضاء هيئات التدريس, لتكون بالفعل تنظيمات ديمقراطية, تعبر تعبيرا حقيقيا عن اختيارات أعضائها, وقنوات شرعية تمكن هؤلاء الأعضاء من اختيار للتعبير الحر عن آرائهم.
21 ـ ويتصل بهذا أيضا ضرورة أن يكون اختيار القيادات الجامعية, بمختلف مستوياتها, من رئيس القسم, إلي رئيس الجامعة, بالانتخاب من قبل جميع أعضاء كل مستوي.
31 ـ كذلك من المحتم أن يتحقق مبدأ استقلال الجامعة, وفق ما يحدده مجتمعنا من مظاهر الاستقلال, ولايحتج بالتمويل الحكومي للجامعات.
41 ـ كل حركة تقدم ونهوض, تقتضي الاعتماد علي المنهج العلمي, وهذا النهج بدوره يعتمد علي المعرفة والمعلومات, مما يوجب الإسراع بتكوين مركز معلومات تربوية لكل ما يتصل بالتعليم.
51 ـ هناك حاجة ملحة للتواصل المتعمق بحركة التطور التربوي في العالم, خاصة الدول المتقدمة, مما يوجب التعاون مع المركز القومي للترجمة, لترجمة أبرز وأهم الكتابات التربوية باللغات الأجنبية إلي اللغة العربية.
61 ـ إعادة النظر في تطوير كليات التربية, حيث هي المختصة بإعداد المعلم, بعد ما عبثت بها حركة تطوير سابقة مزعومة, ومن ثم فإن أمر كليات التربية وتطويرها, يجب أن يبدأ وينتهي في كليات التربية نفسها, مع الاستفادة بجهود وآراء بعض القوي الفكرية والثقافية والعلمية ذات الاتصال, والاهتمام.
71 ـ ألا تكون كليات التربية فقط لإعداد المعلمين, بل: بيت خبرة تربوية تقوم بالبحث العلمي التربوي, وتقديم المشورة, وبرامج التدريب, لجميع المؤسسات التي تعد كوادر للتثقيف, والإعلام, والدعوة, والأسرة, ومؤسسات الإعداد والتعليم الشرطي والعسكري.
81 ـ ومن المهم تدارس تجربة ما حدث تحت مظلة أكاديمية المعلمين, في سعي لتطبيق كادر خاص للمعلمين يضمن لهم ترقيا مهنيا وعلميا.
91 ـ من حق أعضاء هيئات التدريس في كليات التربية تكوين نقابة خاصة بهم, ترقي بالمهنة, وترعي مصالح الأعضاء, وتشكل ساحة للمشاركة المجتمعية في قضايا الوطن.
02 ـ تأكيد حرية تكوين الجمعيات العلمية التربوية, وأن تكون تبعيتها لوزارة البحث العلمي أو الثقافة, حيث يجب الفصل بين تبعية تحتمها طبيعة جمعيات خيرية لدفن الموتي وتعمير المساجد ــ مثلا ــ مما يعد نشاطا اجتماعيا, وجمعيات ذات أنشطة علمية وثقافية.
12 ـ ضرورة الوعي بأن العصر إذا كان قد أكد التخصص والتفريع, فإنه في الوقت نفسه أكد وحدة المعرفة, مما يوجب علي الجمعيات التربوية أن تفكر في تشكيل ما يمكن أن يكون اتحادا عاما للجمعيات التربوية, يبحث ويناقش القضايا القومية العامة العابرة للتخصصات التربوية والنفسية المنفردة.

 

azazystudy

مع أطيب الأمنيات بالتوفيق الدكتورة/سلوى عزازي

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 158 مشاهدة
نشرت فى 15 يونيو 2011 بواسطة azazystudy

ساحة النقاش

الدكتورة/سلوى محمد أحمد عزازي

azazystudy
دكتوراة مناهج وطرق تدريس لغة عربية محاضر بالأكاديمية المهنية للمعلمين، وعضوالجمعية المصرية للمعلمين حملة الماجستير والدكتوراة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,796,070