مصر تحتاج للتوسع في تطبيق تكنولوجيا الهندسة الوراثية الزراعية
كتبت:هالة أبو زيد 63
رغم مرور أكثر من10 سنوات علي وجودها, إلا أن البذور والمحاصيل المهندسة أو المعدلة وراثيا مازالت مثيرة للجدل, بين معارض يحذر من مخاطر استخدامها علي صحة المستهلك والبيئة,
ومؤيد يؤكد علي أهميتها ودورها في تأمين الغذاء في المستقبل.ومع ذلك تقوم وزارة الزراعة باستيراد تقاوي من بذور الذرة الشامية المعدلة وراثيا من شركة مونسانتو الأمريكية ويتم تداولها حاليا بمصر بشكل واسع النطاق, وتأتي خطورة استيراد تلك التقاوي من الشبهات التي تحوم حول أعمال هذه الشركة في مصر والدول الإفريقية, بعد أن هاجمها عدد كبير من الناشطين البيئيين بأمريكا وبعض دول أوروبا, فاتجهت بأعمالها من أمريكا إلي الدول الأفريقية ومن بينها مصر.
ويعزز مخاوفنا ما أعلنته وزارة الزراعة الألمانية عام2009 عن حظر زراعة تقاوي الذرة المعدلة وراثيا التي تتنتجها هذه الشركة بالتحديد بتهمة قلب الموازين البيئية,, كما أعلنت وزارة البيئة الفرنسية تجميد استعمال الذرة المعدلة وراثيا المنتجة من طرف الشركة نفسها علي وجه التحديد,وقد صدرت هذه القرارات بناء علي دراسة أجريت في لوكسمبورج أظهرت نتائجها أن الذرة المعدلة وراثيا بهذه الشركة الأمريكية بالتحديد تفرز سموما تحمي البذور من الآفات, لكنها تشكل خطرا علي المستهلكين.
في البداية أجمع فريق من الخبراء المختصين بالمركز القومي للبحوث علي ضرورة تأسيس قاعدة علمية متقدمة في مجال الهندسة الوراثية الزراعية بمصر, ولكن مع وجود جهاز رقابي قوي يتمثل قي لجنة الأمان الحيوي, وأكدوا أهمية أن نلحق بركب الدول المتقدمة في هذا المجال حتي يمكن بعد سنوات قليلة تحقيق الإكتفاء الذاتي لكثير من المحاصيل الإقتصادية, ومن أهمها القمح والذرة والفول, وعدم الخضوع لإحتكارات الشركات الأجنبية التي تكبلنا بقيود زمنية ومادية.
الدكتور محمد رمضان رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية النباتية بالمركز القومي للبحوث يؤكد أننا نحتاج إلي تطبيق تكنولوجيا الهندسة الوراثية الزراعية بسبب ما تواجهه الزراعة في مصر من تحديات ومشاكل تتمثل في الآفات والأمراض والظروف البيئية المعاكسة ونقص المياه وتآكل الأراضي الزراعية, إلي جانب التلوث البيئي والزيادة السكانية, ومن أكثر الصفات المطلوب نقلها في البذور هي تحملها مبيدات الحشائش ومقاومة الحشرات والفيروسات, بجانب إنتاج فواكه وخضراوات متأخرة النضج, مما يسمح بزيادة المرونة في الإنتاج والحصاد والتخزين, وبذلك تصبح المحاصيل المعدلة وراثيا المحملة بتلك الصفات ذات فائدة للمزارعين بسبب تقليل التكلفة وسهولة الإنتاج.
ويشير الدكتور محمد ثروت أستاذ البيوتكنولوجي بشعبة البحوث الزراعية والبيولوجية بالمركز القومي للبحوث إلي أنه تم وضع خطة استراتيجية بالمركز تهدف إلي زيادة غلة الفدان عن طريق الهندسة الوراثية في بعض المحاصيل الإقتصادية, من أهمها القمح والذرة والفول, ومن أهم الإبحاث التي أجريت بهذه الوحدة برئاسة الدكتور محمد رشاد إنتاج سلالات جديدة من القمح مقاومة للملوحة والجفاف, كما يجري إنتاج بطاطس معدلة وراثيا مقاومة لمرض العفن البني, وإنتاج نباتات الموز مقاومة للفيروسات, كماتم إنتاج نباتات فول مهندسة وراثيا ذات قيمة غذائية عالية.
لكن يشير الدكتور ثروت إلي أننا في مصر نواجه عقبات كثيرة للتقدم في مجال الهندسة الوراثية الزراعية, من أهمها ضعف التمويل, حيث تحتاج هذه الأبحاث إلي معامل مجهزة بإمكانيات وأجهزة متطورة كما نعاني من نقص الخبرات بسبب قلة الباحثين والدارسين في هذا المجال.
والمحاصيل المعدلة وراثيا, كما يقول الدكتور زكريا فؤاد استاذ مساعد بالشعبة الزراعية والبيولوجية بالمركز القومي للبحوث ورئيس الجمعية المصرية لشباب الباحثين يتم زراعتها بشكل موسع في العديد من دول العالم كالأرجنتين والصين والولايات المتحدة واسبانيا وجنوب افريقيا وغيرها من دول العالم, ويتم انتاجها عن طريق نقل جين أو أكثر ذي أهمية أقتصادية من كائن لآخر بصرف النظر عن درجة القرابة الوراثية بينهما, ومن أهم فوائد المحاصيل المعدلة وراثيا زيادة انتاجية المحاصيل الزراعية وخفض التكاليف الزراعية وانتاج محاصيل زراعية ذات قيمة نسبية عالية مثل انتاج محصول بطاطس ذي محتوي مرتفع من النشا, وانتاج محصول ذرة محتوي علي فاكسينات تؤخذ عن طريق الفم بديلا عن الفاكسينات التقليدية, وانتاج محصول ارز غني بالحديد و فيتامين( أ), وكذلك انتاج محاصيل زيوت آمنة صحيا مستخلصة من محاصيل مثل الكانولا وفول الصويا.
وحول المخاطر المحتملة للمحاصيل المعدلة وراثيا علي صحة المستهلك, أوضح الدكتور محمد رمضان أنها تتمثل في جينات مقاومة المضادات الحيوية, والتي تنقل مع الجين المرغوب نقله الي النبات أثناء تقنية التعديل الوراثي في المعمل وبذلك توجد هذه الجينات في النبات, وعندما يتغذي الانسان أو الحيوان علي هذه النباتات وبها جينات مقاومة المضادات الحيوية فيحتمل أن تنتقل هذه الجينات إلي البكتيريا الحية في معدة الأنسان أو الحيوان ويصعب القضاء عليها, وعندما يستخدم الانسان هذه المضادات لعلاج عارض صحيي, فلن تكون لهذه المضادات الحيوية أي فاعلية في علاج بعض الأمراض التي قد تصيبه.
ويضيف: إن هناك قلقا قد يهدد صحة الإنسان نتيجة بعض الجينات المأخوذة من الفيروسات وتنقل الي النبات المعدل وراثيا, وذلك في حالة فشل جهازنا الهضمي في الكسر الكامل للـDNA( الحمض النووي) المحول وراثيا والحامل للجين المنقول أو فشل في طردها في الفضلات, فان الـDNA الفيروسي قد يدخل خلايا الأمعاء أو تيار الدم, وينتقل إلي أجزاء عديدة من الجسم, وبمجرد دخوله خلية الأنسان فإنه يدمج نفسه في كروموسوماته ويجري وظائفه للتحويل الوراثي, أو قد يعيد ايقاظ الفيروسات غير النشطة في خلايا الأنسان ويولد أنواعا جديدة من الفيروسات أو يكون سببا في تطور السرطان. كما يحتمل أن تظهر أمراض الحساسية بعد تناول النباتات المعدلة وراثيا, نظرا لتخليق بروتينات جديدة داخل جسم الانسان.
ويؤكد الدكتور رمضان ضرورة تدعيم المراقبة للتأكد من أن أي منتج زراعي معدل وراثيا ليست له أضرار علي صحة الإنسان أو البيئة, ولابد قبل تداول البذور المعدلة وراثيا ودخولها حيز الاستخدام من توفير المعلومات الكافية حول الصفات المحورة واثارها المحتملة, مثل تعريف مواصفات الجينات وآثارها والمخاطر المتوقعة, ومن الضروري تزويد إدارات فحص التقاوي بمعامل مجهزة للكشف عن البذور المعدلة وراثيا, كذلك يجب توفير معامل مرجعية للأمان الحيوي في المعاهد البحثية, مع توفير صوب زراعية مجهزة تجهيزا خاصا ومحكمة ومعزولة لتقييم تلك النباتات.
ساحة النقاش